ظاهر عبدالله علوان
الحوار المتمدن-العدد: 5150 - 2016 / 5 / 2 - 09:44
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
تقويم السياسة العامة
إن معنى التقويم جاء من اصل كلمة قويم اي المعتدل والحسن القامة وجمعها قوام.
أما التقييم فجاء معناه من اصل كلمة قيم بمعنى من يتولى أمر الجمهور عليه, وقيم القوم الذي يقوم بشأنهم ويسوس أمرهم.
أما عملية تقويم السياسة العامة فيقصد بها إتباع أساليب بحث موضوعية علمية دقيقة في دراسة النتائج وآثار السياسات والبرامج التي تنفذها الحكومة والحكم على مدى نجاحها في تحقيق الأهداف المنشودة.
إن عملية التقويم تنطوي على تحليل لمختلف مراحل برامج السياسة العامة من حيث مدى ملائمتها, كفائتها, فعاليتها, وقبولها لدى جميع الأطراف المعنية.
تأتي مرحلة التقويم بعد مرحلة التحليل وتوصف بأنها مرحلة بيان عما إذا كانت السياسة العامة جديرة بالتنفيذ أو الاستمرار.
هناك عدة مستويات لعملية التقويم منها: التقويم على مستوى الآثار التي تركتها السياسة العامة وتتولى السلطة التنفيذية عملية التقويم باعتبارها المسؤولة عن التنفيذ دون إن يعني ذلك استبعاد دور خارج الحدود الرسمية للدولة كالأحزاب السياسية وجماعات الضغط والمصالح.
إن المشاركين في عملية التقويم هم:
أولا – أجهزة و مؤسسات حكومية وتشمل على :
•السُلطة التشريعية وما يتبع لها من أجهزة ولجان, وهي صاحبة الحق والمسؤولية على مراقبة وتقويم أداء الجهاز التنفيذي.
•السُلطة التنفيذية و الأجهزة التابعة لها, إذ تقوم بعملية تقويم مستمر لمستوى الأداء المتحقق مقارنة بالأهداف المطلوبة.
ثانياً – أجهزة و مؤسسات غير حكومية( جماعات الضغط العام والمصالح, أحزاب المعارضة في النظم الآخذة بالتعددية الحزبية, الصحف وشبكات الإعلام المرئية والمسموعة).
ثالثاً – المواطن الواعي في المجتمعات لديمقراطية الذي يهمه الحكم على اداء الحكومة في حل المشكلات التي تواجهها بصفة خاصة.
إن اشتراك هذه الأجهزة الحكومية وغير الحكومية في تقويم العمل الحكومي لا يعني إنها جميعا تتبع أسلوبا واحدا للتقويم بل تتفاوت الأساليب المتبعة.
هناك صعوبات تتسم بها عملية التقويم منها:
- صعوبات مادية : إذ أنها مكلفة من ناحية الجهد والوقت والمال.
- صعوبة تحديد الأهداف السياسية والجماعات المستهدفة والآثار المرغوبة.
- هناك أهداف مرغوبة ذات طابع اجتماعي لا يمكن قياسها بسهولة قد تكمن آثارها ونتائجها لفترة زمنية طويلة.
أهداف تقويم السياسة العامة
تشتمل الأهداف التي تتمحور حولها وظيفة التقويم على التالي:-
- الأهداف السياسية : ويهتم التقويم بقياس مدى النجاح في تحقيق عدالة توزيع الثروة.
- الأهداف البيروقراطية: ويركز التقويم على إجراءات التنفيذ ومدى النجاح الذي يحققه الجهاز التنفيذي عند ممارسة وظيفته.
- الأهداف الموضوعية : ويهتم التقويم بموضوع السياسة العامة وأهدافها وقياس مدى نجاح البديل الذي أقره المشرع في تحقيق الهدف الذي يريده، ولهذه الأهداف مجالات عديدة منها (نجاح السياسة العامة في تقديم الحلول للمشكلة, قياس الآثار و النتائج وتأثيرها على البيئة السياسية).
ان النجاح و الفشل لأي من الأهداف السابق ذكرها ليس نجاحاً مطلقاً أو فشلاً مطلقاً، فقد تكشف نتائج التقويم عن أن السياسة العامة حققت نجاحاً في أهدافها السياسية ولم تحرز نجاحاً في الجوانب الموضوعية, وقد يتحقق للسياسة العامة نجاحاً بيروقراطياً ولا يتحقق لها النجاح في أهدافها السياسة .
قد ينصب التقويم على واحد او اكثر من مجموعتين من العناصر:
الأولى: تنطوي على مضمون السياسة العامة وخطط وبرامج العمل المنفذة لها.
الثانية: تتضمن الإجراءات التي اتبعت في رسم السياسة العامة بغض النظر عن مضمونها.
إن عملية التقويم يمكن رصدها داخل حركة السياسة العامة عبر ثلاث مراحل هي:
أولا: تقويم عملية صنع السياسة العامة
إن التقويم في هذه المرحلة ينصب على مدى كفاءة وفاعلية وقدرة عملية صنع السياسة العامة, إذ يزود التقويم صناع القرار بالمعلومات الضرورية ويقلل من تحيزهم وقد يقررون إعادة صنع السياسة العامة.
إن النشاط التقويمي سوف يكون له مردود على تطوير صنع السياسة واختيار البدائل, اي إن النشاط التقويمي يكون مدخلا في عملية صنع السياسات والذي يشمل :الاستجابة, العدالة, المساواة, التوازن بين القوى, المعلومات التي تعتبر مدخل في عملية صنع السياسات على اعتبار ان نوعية وكمية مصداقية المعلومات المتوفرة تؤثر على فعالية السياسات.
ثانيا: تقويم عملية تنفيذ السياسة العامة
إن عملية التقويم تنصب على إجراءات التنفيذ أو تطبيق السياسة العامة, كما إنها لا تشتمل على تقويم المخرجات بعد دخولها حيز التنفيذ بل قبل التنفيذ, إذ إن عملية صنع السياسة العامة لها مخرجات ينبغي تقويمها قبل تنفيذها.
كما إن عملية التقويم قد تنصب على أداء الجهاز الإداري نفسه من قبل جهات أخرى للحكم على مدى التزامه بإتباع الخطط والبرامج المرسومة والتحقق من فعالية سياسات العمل الحكومي, ومدى النجاح في حل المشكلة العامة, وقياس آثار تنفيذ السياسة العامة على البيئة الاجتماعية ككل.
ثالثا: تقويم آثار السياسة العامة
نقصد بتقويم الآثار هو التقويم الذي يتم بعد التنفيذ لكي تحدث مخرجات السياسة العامة آثارها على المجتمع, ويتم في مراحل مختلفة طالما السياسة العامة لم تعط نتائجها.
يمكن تقسيم آثار السياسة العامة إلى:
- الآثار التي تترتب على إقرار سياسة معينة ووضعها موضع التنفيذ وهي:
• المخرجات التي تتخذ شكل وظائف, خدمات...الخ.
• آثار معينة على المواطنين المعنيين بهذه السياسة.
• رد فعل على تطبيق السياسة العامة على الموطنين عامة وهو ما يعبر عنه بالرأي العام.
- آثار متعمدة (مقصودة) وأخرى غير مقصودة فالنتائج المقصودة واضحة تظهر في أهداف وخطط العمل التنفيذي,لكن قد تقصد الحكومة تحقيق أهداف غير معلنة ولهذا يجب أن يأخذ التقويم هذا النوع من الأهداف في الاعتبار.
رابعا: تقويم الأداء
إن عملية تقويم الأداء ليست عملية مستقلة وإنما هي مرحلة من مراحل العملية الإدارية والتي تتكون من (التخطيط والتنظيم والرقابة والمتابعة ) ثم مرحلة التقويم للكفاءة عن طريق مقارنة الأداء الفعلي للفترة مع الأداء المخطط لنفس الفترة وبالتالي فان تقويم الأداء ليست هدفا وإنما وسيلة لقياس كفاءة الأداء من اجل تحقيق الأهداف.
تخدم عملية تقويم الأداء جهات متعددة:
- تخدم رجل السياسة من خلال ما تمده بالبيانات التي تمكنه من تحديد أوضاع القطاعات المختلفة.
- تخدم رجل التخطيط إذ تساعده في وضع الخطط المتكاملة والمتناسقة.
#ظاهر_عبدالله_علوان (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟