أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رائد الحواري - العنوان مفتاح المضمون في ديوان -ضجر الذئب- يوسف أبو لوز















المزيد.....

العنوان مفتاح المضمون في ديوان -ضجر الذئب- يوسف أبو لوز


رائد الحواري

الحوار المتمدن-العدد: 5149 - 2016 / 5 / 1 - 23:58
المحور: الادب والفن
    


العنوان مفتاح المضمون في ديوان "ضجر الذئب"
يوسف أبو لوز
هناك حالة اغتراب ملازمة لغالبية الشعراء العرب، وهي المحفز والباعث لإخراج ما في نفوسهم من مشاعر بشكل/بصيغة أدبية إن كانت قصة أو رواية أو قصيدة أو مسرحية أو نصوص نثرية، وهم غالبا ما يتجهون نحو المرأة أو الطبيعة أو الكتابة أو كل ما ذكر كوسيلة للخروج من المأزق الذي يمرون به، فهم غرباء في مجتمعهم، يعانون من العزلة، يرون الموت والتخلف يتفشى في المجتمع، فيعملون على قرع الجدران من خلال كتاباتهم، ورغم أن بعض تلك الكتابات تأخذ الصفة الشخصية، إلا أنها تحمل بين ثناياها البعد الاجتماعي/الوطني/القومي، فهم بطبيعتهم منتمون لواقعهم، وإلا لما كانوا بذاك الغضب الذي يلازمهم في كل وقت وفي كل مكان.
هذه سمات عامة لغالبية كتابنا/شعراءنا، في المنطقة العربية ،لكنهم يتباينون في استخدام اللغة، فلكلا منهم لغته الخاصة، واسلوبه المميز، وشكل تقديم القصيدة، لا أنكر بأن هناك بعض الكتابات التي تسبب لنا مزيد من الاحتقان، في وقت نحن بحاجة فيه إلى الراحة، والهروب من واقعنا الذي لم يعد يحتمل، فكثرة الضغط علينا جعلتنا نتجه نحو نصوص هادئة، ناعمة، لا تثيرنا/تستفزنا/تأجج مشاعرنا، بل تمنحنا الهدوء والسكينة، فنحن بحاجة إلى افيون/مخدر/مسكر لكي نستطيع التعايش مع الأحداث، وإلا سيكون مصرنا إلى مصح الأمراض النفسية.
"يوسف أبو لوز" انهى كتب ديوانه في عام 1992، في فترة ضياع البوصلة الفلسطينية، وبعد أن تم محاصرة العراق الذي بدأ يشكل خطرا على المصالح الامبريالية، فكان رد الغرب المعادي أن قام بتجميع أكثر من ثلاثين دولة وشن هجوما كاسحا على العراق، ومن ثم تمت محاصرته، وفي حينها لم يكن أحد يتوقع أن تتطور هذه الحرب بأن تقوم الامبريالية الامريكية المتحالفة مع الرجعية العربية باحتلال بغداد وسقوط ثاني عاصمة عربية بعد بيروت، التي سقطت بيد الاحتلال الاسرائيلي عام 1982، فأوضاعنا السياسية منذ بداية القرن العشرين إلى هذه الساعة ونحن نمر من كارثة إلى أخرى، وهذه الأوضاع تشكل حالة خصب للكتابة، شاعرنا يعبر عن غضبه من خلال استخدام مقاطع شعرية وأخرى نثرية في نفس النص كتعبير عما يعانيه، وكأنه بهذا الشكل يتمرد على شكل الكتابة، التي من المفترض أن تكون واضحة المعالم، فأكثر من نص كان يزاوج الشاعر بين النثر والشعر، كما هو الحال في "مجرة القتلى، سيرة ذاته، السدى، ضجر الذئب" فأول عمل قام به الشاعر يعبر فيه عن عدم انسجامه مع الواقع الجمع بين شكلين من الكتابة، الشعر والنثر، أما في يتعلق بالمضمون والمعاني، فهو يستخدم المرأة والطبيعة والكتابة كعالم خاصة يستطيع من خلاله أن يهرب من الواقع إلى الحلم، وهذا يعطي الشاعر صفة الكمال والتوازن، فهي يتعامل مع كافة المهدئات الطبيعة، ويجعلها قريبة منه بنفس المسافة، فلا يحابي عنصر/مسألة على أخرى.
"هو ذا نهار غامض
أرخى حباله في السهوب، ومال نحو البحر، فاهتجنا معا.
أنا والمياه، كأنني ذكر. كأن الماء أنثى لا ثياب لها سواي." ص9، فهنا كانت الطبيعة والمرأة والشاعر حاضرة، استخدام كلمة "سواي" تشير إلى حالة العزلة التي يعيشها الشاعر، فهو لا يريد/لا يجد أحد قريبا منه، من هنا وجدناه يستخدم الفردية المطلقة في التعامل مع الطبيعة والمرأة.
لكن ما هي الظروف/الأوضاع/الحالة التي جعلت الشاعر يتجه نحو ذاته، يهرب من الواقع؟،
"
هو ذا نها غامض
هذي يداي
كل الذي حولي على قيد الرماد، ووحدهم قتلاي فروا من بساتين الجحيم.
... أفراسي مهياة لنهب الريح
فاتسعي كثيرا يا براري الله،
وتسعي علي
فلا أنا غزو عليك
ولا سلب الرمل. لكني أليف. دجنتني النار" ص9، ألفاظ "الجحيم، النار، الريح" تشير إلى الغضب الكامل في نفس الشاعر، فهو يمر بحالة غير سوية، حتى أنه عكس عدم سوية الواقع على الطبيعة فيقول:
"والسماء تصببت عرقا لأنك في ثياب الموت، دافئة
كما غجرية في الرقص، حاولت ارتواء
كان نصف الماء سنشف. قلت: أقطف زهرة. فتيبس" ص9، فهنا اجتمعت الطبيعة والمرأة لكن لتقديم مشهد سلبي، وهذه اشارة إلى الاغتراب/عدم الانسجام مع الواقع، فنعكس ذلك على العناصر الايجابية التي من المفترض أن تخفف من حدة الاحتقان عند الشاعر.
العنصر الثالث من المهدئات الكتابة، تحدث عنها قائلا:
" كل قصيدة منفى، وكل بناية جثمان من غابوا .. سلاما أيها الباقي. هنا حجل يحط على البيوت، وصبية ينسون شارعهم، هنا شجرة يطير مع الدخان إلى الجحيم" ص20، بهذا يكتمل حلقة الخناق على الشاعر، فلم تعد هناك مهدئات عنده، الطبيعة، والمرأة الكتابة، كلها أصبحت تعطي مدلولا اسود، تزيد من غربته.
ولهذه النظرة القامة والغارقة في السواد تبرير/اسباب، يوضحها الشاعر:
"هل ثمة امرأة ستدعونا إلى كأس؟
تعبنا من ضجيج الحرب
من وصف الحديقة وهي تهرع
باتجاه البحر
من نعي الرجال
كأنما يرمون للشعراء ياقوتا
لئلا تصدأ الكلمات" ص21، الانقلاب على الطبيعة والمرأة والكتابة ناتج عن الحروب الخاسرة، وما يتعبها من موت، وهذا ما جعل السواد هو سيد الموقف، فلا أفق ولا أمل، الشاعر يعترف بأن المحفز للكتابة المأساة/الضغط الذي يتعرض له، لكن حجم الضغط الواقع على كاهله جعل من الكتابة تأخذ اللون الأسود، وتزيد من الألم، فلا يرد هذه الكتابة الناتجة الخراب وعن موت الآخرين.
يؤكد لنا الشاعر موقفه من الكتابة المعتمدة على الموت والخراب فيول: "ولا تنظروا لؤلؤا من بحار الرماد
ولا زرقة أو محارة
ولا تنتظر من بني إشارة
مجرة قتلاك واضحة
والدماء منارة" ص24، فهنا الموت ليس طبيعيا، لكنه ناتج عن القتل، وهذا القتل يزيد المأساة قتامة، من خلال الدماء التي تسيل.
بعد هذا التفصيل يصاب الشاعر بحالة من عدم الاتزان، يفقد السيطرة على مشاعره، فيكون أقرب إلى المجنون، لكنه جنون عاقل، بمعنى يتكلم بكلمات غير منسقة، لكنها تخدم/توضح الحالة التي يمر بها الشاعر:
"وأشهد أن الكتابة هستيريا الغيم،... وأشهد أن الخطى ضلت الدروب، والماء، احمر، أحمر حتى الدم البشري، وأشهد أن فراعنة يقبلون فراعنة أوصياء ومستخلفين، وأشهد : لم تبقى نافذة دون نافورة من مناديل مبلولة بالدموع... يا طلاسم الرمل من يوقف الانحدار؟" ص25، حالة عدم الاتزان واضحة في المقاطع السابقة، الاستنجاد بالطلاسم دليل على وصول الشاعر إلى حالة الكفر بكل ما هو كائن، فلا مغيث ولا معين له.
بعد هذا الغضب المجنون، يستعيد الشاعر شيئا من توازنه وتبدا كلماته تأخذ شكل المنطق والعقلانية، فيحدثنا بهدوء عما يعانيه في قصيدة "سلالة":
"كل أبنائنا
قتلوا في الحروب الأخيرة
دون فتوح لنرجع من حيث جئنا
ودون مناف
لكي ننتهي لاجئين" ص67، استخدام لفظ "أبنائنا" يعطي مدلول التوحد مع الأخرين، وأيضا الهم الجمعي الذي يحمله الشاعر.
هناك علاقة واضحة بين عنوان الديوان والمضمون، فنجد الضجر، عدم الانسجام مع الواقع في غالبية النصوص/القصائد وهذا ما جعل العنوان يكون فاتحة لمحتوى الديوان، بحيث لا يتفاجأ المتلقي بسواد وقتامة النصوص.
الديوان من منشورات بيت الشعر، رام الله، فلسطين، الطبعة الثانية 2007.



#رائد_الحواري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تأثير النت
- التراث الديني والشعبي في رواية -ملاك القرصة الأخيرة- سعيد نو ...
- توضيح حول كتاب -الحرب الأهلية في صدر الإسلام- عمر أبو النصر
- فرح
- تجاوز المألوف في ديوان -أحلام السنونوة- علاء الدين كاتبة
- عبث الفعل في ديوان -مقفى بالرماة- محمد لافي
- لعادية في ديوان -أوراق من ذاكرة المسفر- أمجد محمد سعيد
- نقد النقد في كتاب -ملامح السرد المعاصر- فراس حج محمد
- نبل الشاعر في ديوان -صاحب الشأن- منصور الريكان
- -حوار مع فراس حج محمد- حاوره رائد الحواري
- الصراع والتوازن في ديوان -قنص متواصل- عمر أبو الهيجاء
- المرأة هي الملاذ في مجموعة -السيف والسفينة- عبد الرحمن مجيد ...
- المندى والمخاطب في ديوان -قبس- عبسى الرومي
- المنادى والمخاطب في ديوان -قبس- عيسى الرومي
- خراب فلسطين
- قتامة النص في ديوان -كأني أدحرج المجرات- عثمان حسين
- ثقل الواقع على النص في ديوان -أجنحة للإقلاع- أمينة العدوان-
- اليهودي والفلسطيني في رواية -دارة متالون- نهاد توفيق عباسي ا ...
- هيفاء وخليلي وأنا
- -بنية الخطاب في الرواية النسائية الفلسطينية- حفيظة أحمد


المزيد.....




- بشعار -العالم في كتاب-.. انطلاق معرض الكويت الدولي للكتاب في ...
- -الشتاء الأبدي- الروسي يعرض في القاهرة (فيديو)
- حفل إطلاق كتاب -رَحِم العالم.. أمومة عابرة للحدود- للناقدة ش ...
- انطلاق فعاليات معرض الكويت الدولي للكتاب 2024
- -سرقة قلادة أم كلثوم الذهبية في مصر-.. حفيدة كوكب الشرق تكشف ...
- -مأساة خلف الكواليس- .. الكشف عن سبب وفاة -طرزان-
- -موجز تاريخ الحرب- كما يسطره المؤرخ العسكري غوين داير
- شاهد ما حدث للمثل الكوميدي جاي لينو بعد سقوطه من أعلى تلة
- حرب الانتقام.. مسلسل قيامة عثمان الحلقة 171 مترجمة على موقع ...
- تركيا.. اكتشاف تميمة تشير إلى قصة محظورة عن النبي سليمان وهو ...


المزيد.....

- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رائد الحواري - العنوان مفتاح المضمون في ديوان -ضجر الذئب- يوسف أبو لوز