أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - أحمد الخميسي - صياد الأرواح














المزيد.....


صياد الأرواح


أحمد الخميسي

الحوار المتمدن-العدد: 5147 - 2016 / 4 / 29 - 00:58
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


صنف د. أحمد عكاشة الاكتئاب بصفته أكبر ثاني مرض في العالم، ويبلغ عدد المصابين به في مصر أكثر من مليون ونصف مليون إنسان، بينما يعاني منه في العالم خمسمائة مليون نسمة. والاكتئاب حصيلة تفاعل معقد بين عوامل اجتماعية ونفسية وبيولوجية ( بعضها وراثي) تؤدي في تفاعلها للشعور بالتشاؤم، واليأس، والاستغراق في نوبات حزن تطول أو تقصر والعجز عن العمل والاحساس بالانهاك المستمر وغير ذلك. والمؤكد أن الاكتئاب يصطاد أرواح ضحاياه من بين أصحاب النفوس المرهفة، لذلك أمسى " بروزاك" العقار الشهير المضاد للاكتئاب صديقا دائما للشعراء والكتاب والفنانين. قيل إن الاكتئاب قاد سعاد حسني للانتحار، وخيم فترة على روح صلاح جاهين، ومن قبل سقطت مي زيادة صريعة لذلك المرض، وعبد الرحمن شكري،وصلاح عبد الصبور، بل إن تحليل شخصية عمر الحمزاوي في رواية الشحاذ يؤكد تعرض نجيب محفوظ لهذه الحالة التي وصفها محفوظ بدقة شخص خبر الحالة بنفسه. وشهد تاريخ الأدب العالمي حالات مماثلة أشهرها: كاتب القصة العبقري إدجار آلان بو، وموباسان، وجوجول الروسي، وألبير كامو، وأرنست همنجواى الذي تلقى علاجا نفسيا طويلا قبل انتحاره، والرسام فان جوخ ، والموسيقار العالمي شتراوس والموسيقار رحمانينوف الذي أهدى أجمل مقطوعاته الموسيقية إلي طبيبه المعالج . وقد بينت إحدى التجارب العلمية التي أجريت على مجموعة من المبدعين أن 74% منهم مصابون باكتئاب، مما دفع البعض للقول بأن ثمة صلة وثيقة بين الابداع والاضطراب النفسي. لكن دراسات أخرى تؤكد شيئا آخر، أن نسبة المصابين بذلك المرض بين المبدعين لا تزيد عن نسبتها بين الناس غير المبدعين، ووفقا لدراسة قام بها " هافيلوك آليس" يتضح أن عدد من يوصف بالمرضى - ألف حالة مبدعة - لا يتجاوز 44 شخصا أي بنسبة أقل من خمسة بالمئة. ويمضي د. عبد الستار إبراهيم أبعد من ذلك في كتابه " الحكمة الضائعة" إذ يؤكد أن المرض النفسي ليس مصدرا للابداع، بل سببا من أسباب عرقلة الابداع، وأن معظم الأدباء العظام كتبوا أفضل أعمالهم وهم في أفضل صحة نفسية، بل إن الاستغراق في النشاط الإبداعي هو بحد ذاته علاج نفسي. بهذا الصدد أتذكر ما كتبه جراهام جرين من أن " الكتابة أسلوب من أساليب العلاج". لكن يظل الاكتئاب صياد أرواح يسعى لاصطياد أرواح الفنانين، وأرواح غيرهم، وإذا كان المبدعون يستطيعون أن يجدوا شفاءهم في الابداع، فما الذي يملكه لنفسه مواطن بسيط؟ ليس مبدعا؟ لكنه سقط صريعا بيدي الاكتئاب، صياد الأرواح، القاتل الخفي، غير المرئي، الذي يغير كيمياء المخ، ويسري سرا إلي الأعصاب والبدن؟. في قصته " الراهب الأسود " قال الكاتب العظيم أنطون تشيخوف عن اقتراب شخصية قصته من حافة الجنون" تحركت ذرات في المخ"، وكان ذلك مذهلا علميا وأدبيا حينذاك. تتحرك ذرات كثيرة لأسباب مركبة، اجتماعية ونفسية وبيولوجية، وعادة ما يصف الأطباء الحبوب والأدوية لمحاصرة ما هو بيولوجي ونفسي، لكن أحدا لا يصف دواء ناجعا للأسباب الاجتماعية الكثيرة التي يمشي في عتمتها صياد الأرواح، ليطلق سهامه في الليل على الأرواح التي تتألم مما يجرى حولها.
د. أحمد الخميسي. كاتب مصري



#أحمد_الخميسي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عدمية وخراب الأدب الصهيوني
- لحظات لن يغغر فيها الوطن الصمت .. حول جزيرتي صنافير وتيران
- تمثال للأم الشجاعة
- علاء الديب .. شجن الوحدة والاغتراب
- طوب علينا يارب
- حاكموا الوزير أو أفرجوا عن أطفال المسيحيين
- من تنوير العقل إلي تنوير الشعور
- يهدمون بيت أحمد رامي في القاهرة!
- الشاي والناس
- من الذي يتجرأ على تعديل نجيب محفوظ ؟!
- نوبة عباس الطرابيلي
- آليونا - قصة قصيرة
- معرض الكتاب .. تنوير لا يصل لمستحقيه !
- المسيحي الذي قرأ الفاتحة لأجل الوطن !
- التعريب .. خطوتان إلي الأمام
- الدفتر الكبير .. فن الكراهية
- عيد ميلاد شيماء الصباغ
- وثائق التمويل الأجنبي السري لمنظمات مصرية
- من أجل حريةالصحفيين
- يوم اللغة العربية .. هل أننا نقول ما لانفهمه ؟


المزيد.....




- تصعيد روسي في شرق أوكرانيا: اشتباكات عنيفة قرب بوكروفسك وتدم ...
- روبيو يلتقي نتانياهو واسرائيل تتسلم شحنة القنابل الثقيلة
- مئات يزورون قبرالمعارض نافالني في الذكرى السنوية الأولى لوفا ...
- السيسي يلتقي ولي العهد الأردني في القاهرة
- بعد حلب وإدلب.. الشرع في اللاذقية للمرة الأولى منذ تنصيبه
- إيمان ثم أمينة.. ولادة الحفيدة الثانية للملك الأردني (صور)
- السعودية تعلق على الأحداث في لبنان
- إسرائيل تتسلم شحنة من القنابل الثقيلة الأمريكية بعد موافقة إ ...
- حوار حصري مع فرانس24: وزير الخارجية السوداني يؤكد غياب قوات ...
- واشنطن وطوكيو وسول تتعهد بالحزم لنزع نووي كوريا الشمالية


المزيد.....

- الخروج للنهار (كتاب الموتى) / شريف الصيفي
- قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا ... / صلاح محمد عبد العاطي
- لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي / غسان مكارم
- إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي- ... / محمد حسن خليل
- المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024 / غازي الصوراني
- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - أحمد الخميسي - صياد الأرواح