|
نوايا النواب المعتصمين. ..محاولة للفهم
محمد جمعة عباس
الحوار المتمدن-العدد: 5137 - 2016 / 4 / 19 - 23:49
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
يمتلئ الشارع العراقي الحقيقي والافتراضي (الفيسبوك خاصة) بأسئلة تتعلق بموقف النواب المعتصمين ونواياهم الحقيقية. في البوستات السابقة (المربع الرمادي، المالكي و حركة النواب ) قدمت مقاربة براغماتية لكيفية التعامل مع موقف النواب..مقاربة لا تهتم بنواياهم، بل بفعلهم النيابي واحتمالات الربح والخسارة التي سيجنيها الشعب من هذا الفعل ووصلت إلى نتيجة مفادها أن الموقف الأكثر قرباً من مصالحنا كشعب هو أن ندعم النواب المعتصمين في حركتهم، أو في الأقل أن لا ننتقدهم. في هذا البوست، سأحاول أن أقدم محاولة لفهم نوايا النواب المعتصمين. هذه المحاولة مجرد اجتهاد قد يكون مصيباً أو مخطئاً. تعتمد هذه المقاربة على عدة مبادئ وهي كالآتي: ١-;-. إن الفعل البشري لشخص واحد عادة ما يكون نتيجة لأكثر من دافع motive وإن من التعسف محاولة إرجاع الفعل الإنساني إلى دافع واحد، إذ إن مزيج الدوافع ينتج من تفاعل صفات الشخصية (العاطفية أو المزاجية، والمعرفية، والسلوكية) مع الظروف المحيطة بها. ٢-;-. إن صعوبة تفسير فعل الشخص الواحد بدافع واحد تزداد حين ينتقل مستوى التحليل إلى فهم دوافع مجموعة من الناس (كتلة النواب المعتصمين هنا) ذلك أن هناك الآن عاملاً آخر يدخل في المعادلة، وهو العامل الاجتماعي من جهة التفاعل ما بين النواب والتفاعل بين النوايا المختلفة. ٣-;-. الإنسان بشكل عام يميل إلى وصف الآخر بصفات ثابتة، فنصف فلان بأنه جيد وآخر بأنه سيئ ويشمل هذا الوصف نيات، أو دوافع ذلك الشخص. وعادة ما يعمم هذا الوصف على معظم أفعال ذلك الشخص. منشأ هذه الظاهرة هو أن الإنسان بحاجة ضرورية إلى تصنيف الأشياء، أو الظواهر categorisation ، لأن ذلك يسهل التعامل معها. الدماغ البشري لا يرتاح لعدم اليقين (عدم إعطاء صفات، أو دوافع ثابتة في مثلنا هنا) لأن ذلك يعني أن الدماغ البشري سيحتاج إلى وقت أكبر في معالجة المعلومات information processing ومعنى ذلك صرف طاقة بايولوجية أكبر. ولذلك من السهل على الإنسان أن يصف فلان من الناس بأنه سيئ على الدوام وبالتالي التعامل معه على هذا الأساس. في حين الواقع يثبت أن هذا الإطلاق في الوصف عادة ما يكون غير صحيح، وإن الإنسان مزيج من الأفعال (والنيات) الجيدة والسيئة. على أساس هذه المبادئ، اعتقد من الممكن أن نقدم مجموعة من الدوافع motives أو النوايا التي كانت السبب في فعل النواب. بعض هذه الدوافع تنطبق بشكل أكبر على نائب معين أكثر من غيره، وسيختلف عدد الدوافع من نائب لآخر. الدوافع هي كالآتي: ١-;-. تمرد على رؤساء الكتل: اعتقد أن هذا دافع محوري وافهمه كالآتي..منذ ١-;-٣-;- سنة كانت السياسة الداخلية العراقية محصورة بعدد صغير جداً من الشخصيات وهم رؤساء الكتل، وكان النواب إلى درجة كبيرة جدا مجرد تابعيين للرؤساء ومتلقين للأوامر. هذه العلاقة بين رؤساء الكتل وأعضائها كانت مفهومة إلى حد ما في بداية التغيير، والكاريزما والأهمية التي أعطيت للرؤساء والتي تم إدامتها عبر الشد الطائفي، ولكن ما كان لها أن تستمر إلى ما لانهاية بعد أن تكبر ثقة النائب بنفسه ويصبح من الصعب عليه أن يحقق الرضا النفسي الداخلي لاسيما بعد ازدياد الطموح السياسي ومع انخفاض كاريزما الرؤساء مع الوقت، والتعامل اليومي معه ومع انخفاض الشد الطائفي إلى حد ما أو برؤية نتائجه الكارثية ( داعش مثلاً). يبدو أن توقيع وثيقة (الشرف) بمعزل عن النواب وتجاهلهم لعب دوراً أساسياً في بعث هذا الدافع. ٢-;-. دافع المنفعة السياسية الشخصية العامة (المستقبل السياسي للنائب). هذا الدفاع مرتبط إلى حد ما بحركة الشارع في الأشهر الماضية والتي أوصلت بعضاً منهم إلى الاستنتاج أن استمرار تأثيرهم السياسي، يستدعي تغييراً في الفعل نحو الفعل الوطني لا الطائفي، لأن ذلك يتماشى مع حركة الشارع. ٣-;-. الدافع الوطني: إن من الصعب جداً ومن غير العدل افتراض أن جميع النواب يبحثون عن مصالحهم الشخصية، والطائفية فقط. ثمة بالتأكيد نوايا وطنية لدى بعضهم، ويؤلمهم ما يحصل للمواطن العراقي، ويريد أن يرى غداً أفضل. هذا العامل، أو الدافع مثل غيره من الدوافع متحرك، ويتغير مع الظروف المحيطة ومنها حركة الشارع التي بثت نوعاً من الإحساس الوطني، وكذلك التأثر بخطابات وأفعال النواب المعتصمين الآخرين. ٤-;-. دافع المنفعة الشخصية الخاصة، وهنا يكون لدى النائب هدفاً سياسياً محدداً مثل إسقاط شخصيات معينة في العملية السياسية، لأسباب مختلفة (نزاع، وتنافس، وكره...). هل كان هناك فعل منظم وراء جميع ما جرى؟ ليست لدي معطيات لأقدم إجابة محددة، ولكن من متابعتي لما حصل لا اعتقد ذلك. يبدو أن الحركة بدأت بالنائب أحمد الجبوري، ومن ثم أصبحت مثل كرة الثلج التي تكبر في طريقها، يدفعها مزيج من النوايا أعلاه. بل إنني اعتقد أن حتى هذه النوايا تتغير مع الوقت، ومع كبر الحركة، واستجابة الشارع لها، ونأمل أن يكبر دافعها الوطني، ويصبح الأهم منها.
#محمد_جمعة_عباس (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
مجموعة قيادة المظاهرات...التشكيل والتحديات
-
ملاحظات حول مقال الاستاذ قاسم حسين صالح (السادية والماسوشية
...
المزيد.....
-
رغم تحذير الجيش الإسرائيلي.. لبنانيون يبدأون بالعودة لمناطقه
...
-
مسؤول استخباراتي إسرائيلي سابق: وقف إطلاق النار اختبار للبنا
...
-
الداخلية الكويتية تعلن ضبط مواطن ووافد سوري ضمن تشكيل عصابي
...
-
مصر: اتفاق وقف إطلاق النار مع لبنان يجب أن يكون توطئة لوقف إ
...
-
ما هي أبرز بنود اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل ولبنان؟
-
بسبب تكلفة اختيار المقعد.. شركات طيران تحقق أرباحا بالمليارا
...
-
خبير ألماني: -الإسلامويّون- يفضلون استخدام السكاكين في اعتدا
...
-
تحديد علامة رئيسية للاضطراب النفسي
-
الرقابة الروسية تحذر من خطورة تفشي فيروس -نورو-
-
مسؤول كبير في -حماس-: الحركة مستعدة للتوصل إلى اتفاق بعد -وق
...
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|