أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم - محمد عبد المجيد - المواد الأولية لصناعة الطاغية














المزيد.....


المواد الأولية لصناعة الطاغية


محمد عبد المجيد
صحفي/كاتب

(Mohammad Abdelmaguid)


الحوار المتمدن-العدد: 5133 - 2016 / 4 / 15 - 02:47
المحور: اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم
    



صناعةُ الطاغية هي الشيء الوحيد الذي يشترك فيه الصانع والمصنوع بنفس القدْر!
أنت لست في حاجة ملحة إلى كثير من المواد الأولية، ويكفي أن تبدأ بزراعة مشاعر الخوف في قلبك، وتقوم بتغذيتها، وتخفيها أو تُظهرها، وتضيف إليها من خيالات الرعب أصنافا متعددة حتى يضطرب كيانك، وترتعد فرائصك، وتهتز شعيرات جسدك، ويطاردك الأرق، وتهاجمك الكوابيس، وحينئذ فمجرد وصول عملاق أو سفاح أو حمار إلى القصر لا يحتاج بعدها إلا إلى ثلة من الأوامر والنواهي لتجد نفسك في وضع الخنوع والاستسلام ولو كنت في أحد البروج المشيدة.
الطاغية كالكلب يشم رائحة رعاياه الخائفين كأن أكواخهم التصقت بقصره، وقد لا يحتاج إلى حاسة الشم ففي اليوم الأول له يكون قد التف حوله حواريوه ومريدوه ومبررو صفعاته على القفا، والممسكون بسوطه، وهم يتكاثرون عدداً، وقسوة، والغريب أن مشاعر الخوف لديهم تعادل نظيرتها لدى أفراد الشعب، والفارق الوحيد أن الأولى ترويها السادية والثانية تحافظ عليها المازوخية.
والطاغية يفغر فاه من الدهشة عندما يرى الناس تتسابق لنيل رضاه حتى قبل أن يلوح بسوطه، وإذا استرجعت الأيام الأولى له وقارنتها بسنوات لاحقة ستشاهد أن الخط البياني للعبودية الجماهيرية يرتفع متجهاً إلى العبودية الطوعية.
يقف ستالين في شرفة قصره ويلقي خطابه الذي تسري كلماته محدثة قشعريرة في مستمعيه ولو كانوا بالملايين، فإذا توقف نظر كل فرد في القطيع حوله خشية أن تلتقطه عيون تعلم من أصحابها أن من يتوقف أولا عن التصفيق ففيه روح تمرد لم يأت وقت انفجارها بعد.
كان هتلر وجوبلز، وزير إعلامه، يتبادلان نفس الدور في لذة الخطابة، فتتأرنب أعلى الرؤس ولو كانت قيادات النازية، ثم يلعب جوبلز نفس دور الفرد الصفر أمام فوهرره.
الاستبداد الطغياني مدٌّ وجزر، سكين ووردة، صفعة وقُبْلة، لكن بقدْر لا يعرف حدودَه إلا الطاغية نفسه، فإذا تأملت وجه ديكتاتور وهو يصافح جنرالا ظننت أنه سيقطع رقبته، فإنْ ربتَ على كتف جندي بسيط يحمل بؤس الريف، تجده كأنه سيعانقه من فرط التواضع.
بعض الطغاة من شدة الرهبة يوحون إليك أن الكون كله محشور في أدمغتهم، علما وثقافة ومعرفة ودهاء، لكن الحقيقة عكس هذا تماما، فالامبراطور الاثيوبي الأسبق هيلاسلاسي مشكوك في معرفته القراءة والكتابة، وكان هناك مُلــَـقـِّـن يقترب منه كلما مسَّه موقف حرج، والعقيد معمر القذافي كان حالة لا شبيه بها من التهريج والتخلف والقدرة على السيطرة على شعبه كلما تضاعفت حماقاته الفكرية، فتتباين وتلتقي، تتقاطع وتتصادم تصرفاته لكنها تصب في النهاية في خدمة هذه العلاقة المتناقضة والغريبة.
كلما توغلت السلطة في لعب دور الاستبداد أضحى كف الأولى ملتصقا بقفا الثانية، وأصبحت اللذة جزءًا من الألم مما يطيل عُمر المستبد وأوجاع الشعب.
راقب جيدًا قسمات وجوه حاشية المستبد وهو يلقي كلمته أو خطابه، تجد أنهم يبتسمون إذا ابتسم، ويقهقهون إذا ضحك، ويزأرون إذا غضب استعدادًا لأوامره أن ينهشوا لحم خصومه.
علاقة من نوع السهل المعقد، إذا دخل المستبد القصر لا يخرج منه، وإذا خرج الشعب من الكوخ أعيد إليه.
إذا دخل الحمار القصر جعلوه فيلسوف عصره، وإذا ارتابت الرعية في ذكائه أسكتتها الحاشية.
ليس كل زعيم حماراً، معاذ الله أن أكون من الظالمين، ولكن كل حمار يمكن بسهولة ويُسر أن يصبح زعيماً!
محمد عبد المجيد
طائر الشمال
أوسلو في 14 ابريل 2016



#محمد_عبد_المجيد (هاشتاغ)       Mohammad_Abdelmaguid#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- من عاش زمن أم كلثوم فقد عاش الدهر كله!
- رسالة مفتوحة لرئيس لا يسمع!
- الإعدام أو الرجم أو الجلد لفاطمة ناعوت!
- هل مصرُ ماتزال عربية؟
- خرافة نسخ الثورة!
- الديمقراطية البيضاء و.. الاستبداد الأسمر!
- باريس لا تحترق!
- تنشيط أمْ منشطات؟ الرقص في شرم الشيخ!
- عقولنا ألسنتنا ..الرجم في الحالتين!
- إعادةُ تصنيع الزمن الجميل!
- نور الشريف .. مرة أخرى!
- رحيل سوّاق الأتوبيس!
- رسالة عشق لميدان!
- مراجعة مؤقتة لموقفي من الأردن!
- إذا كنتم تحبّون مصرَ فقاطعوا صحافتَها!
- من فضلك لا تقرأ، فالجهل معرفة!
- البراءة لمدة عشرين عاماً!
- اضحك فرئيسك يبتسم!
- الصراخ وحده لا يكفي!
- عبثية الحُكم على السلطة و .. تبرئة المال!


المزيد.....




- إيلون ماسك يصف محاربا قديما بـ -الخائن- والأخير يرد بسخرية.. ...
- سفير القاهرة في مجلس الاتحاد الروسي: -لن ننسى ما فعلته روسيا ...
- العواقب النفسية المتأخرة لدى الشباب بسبب إجراءات الإغلاق
- جنود أوكرانيون يؤكدون فقدان خطوط الإمداد في كورسك
- السيناتور -الخائن- ينتقد وقف المساعدات العسكرية والاستخبارات ...
- جباروف: قرغيزستان تدرس إمكانية استعادة رئيس البلاد الأسبق با ...
- بوتين يقترح تحديد -يوم المجد العسكري- في التاسع من أغسطس
- زاخاروفا: الاتصالات بين موسكو وواشنطن أصبحت كثيفة
- من هو ديوك بوكان الثالث ولماذا عينه ترامب سفيرا جديدا لواشنط ...
- هل تتجه سوريا لتجريم إنكار جرائم الأسد؟


المزيد.....

- قراءة ماركس لنمط الإنتاج الآسيوي وأشكال الملكية في الهند / زهير الخويلدي
- مشاركة الأحزاب الشيوعية في الحكومة: طريقة لخروج الرأسمالية م ... / دلير زنكنة
- عشتار الفصول:14000 قراءات في اللغة العربية والمسيحيون العرب ... / اسحق قومي
- الديمقراطية الغربية من الداخل / دلير زنكنة
- يسار 2023 .. مواجهة اليمين المتطرف والتضامن مع نضال الشعب ال ... / رشيد غويلب
- من الأوروشيوعية إلى المشاركة في الحكومات البرجوازية / دلير زنكنة
- تنازلات الراسمالية الأميركية للعمال و الفقراء بسبب وجود الإت ... / دلير زنكنة
- تنازلات الراسمالية الأميركية للعمال و الفقراء بسبب وجود الإت ... / دلير زنكنة
- عَمَّا يسمى -المنصة العالمية المناهضة للإمبريالية- و تموضعها ... / الحزب الشيوعي اليوناني
- الازمة المتعددة والتحديات التي تواجه اليسار * / رشيد غويلب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم - محمد عبد المجيد - المواد الأولية لصناعة الطاغية