أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد جيجاك - المثقف سنكلوز - 2 -














المزيد.....


المثقف سنكلوز - 2 -


محمد جيجاك

الحوار المتمدن-العدد: 5133 - 2016 / 4 / 14 - 14:00
المحور: الادب والفن
    


المثقف سنكلوز
- 2 -

محمد جيجاك

التمس القارئ دموع سنكلوز تنضح من الكلمات التي بها يصفُ صور الأطفال تحت أنقاض القصف الأخير لبلدته التي هرب منها حين احتاجت ثقافته لتخطي محنتها. كتب شعراً، كتب نثراً، كتب مقالاً سياساً أتخمها بعبارات توبيخية شديدة اللهجة بحق القادة السياسيين والعسكريين المحلين والعالمين. تلقى سيلاً عارماً من المديح على نقاء مشاعره الإنسانية، بتعابير متباينة وتدرّجات في ركاكة اللغة، حيث الأغلبية الساحقة من المعلّقين لا يجيدون القراءة والكتابة، لكنهم يشعرون بألم مشاعر الاستاذ سنكلوز. مع هطول الظلام في أول المساء كبس زر جرس الخَدم المثبت تحت طاولة الكمبيوتر، دخلت زوجته بعد طرقها الباب والاستئذان بالدخول، لم يشأ أن يقطع تأمله للصور المؤلمة على الشاشة أمامه، أمرها دون أن يلتفت إليها:
-أحضري لي كأس نبيذ مع المكسرات
- لكن أنت لم تأكل شيء منذ الصباح
- فقدتُ شهيتي وأنا أتابع هذه الصور الفظيعة لأطفال بلدي
أحضرت الزوجة ليتر النبيذ الأحمر مع صحن صغير من اللوز مع بضع رسائل مفتوحة من البريد اليومي وقالت:
- هل من أموامر أخرى استاذ سنكلوز ؟
لا تستغربوا أن تنادي زوجة زوجها بلفظة الاستاذ قبل نطق اسمه، حتى أولاده إن صادفهم أحد وسألهم أولاد من أنتم؟ ردّوا بنبرة واحدة بفخر واعتزاز " أولاد الاستاذ سنكلوز". نطق كلمة استاذ في العائلة فرض وليس سنة. في أول اسبوع من وطأه بلد اللجوء التقى بصديق قديم لم يره منذ قبل أن يضاف كلمة الاستاذ لاسمه كوحدة لا تتجزأ، صاح به فرحاً:
- كيف الحال سنكلوز؟ بعد زمان سنلتقي صدفة ونتعاون على تنظيف مطبخ الكامب، تصور يا رجل كم العالم صغير !
نظر إليه سنكلوز مغتاظاً، كتم حنقه من سذاجة صديقه المنسي، قائلاً في نفسه " من أين ظهر لي هذا الصعلوك؟ يبدو أنه لم يسمع بالمكانة الاجتماعية التي أشغلها الآن !" ابتسم بمرارة وجامل صديقه ببضع عبارات عابرة. في المساء كتب منشوراً طويلاً على صفحته الفيس بوك شارحاً فضائل العادات والتقاليد المتحلية بالقيم والأخلاق، لا سيما بند احترام الكبير سناً والكبير عقلاً، وختم المقال بتوضيح مبدع "من أسباب عدم نيل شعبنا الحرية هو الحطّ من مكانة عظماء هذه الأمة ".
تناول الرسائل وسأل زوجته عن فحوى كل رسالة طالما هو لا يفهم اللغة الألمانية، شرحت الزوجة حسبما قالت لها الجارة العراقية القديمة في لجوئها:
- هذه للتبرع لمكافحة مرض الايبولا
رما سنكلوز الرسالة جانباً باستهتار
- وهذه ؟
- للتبرع لأطفال أنغولا
مزقها ورماها أيضاً في سلّة المهملات تحت الطاولة
- وهذه التي عليها صور امرأة زنجية تُرضع ابنها ؟
- هذه للتبرع لجنوب السودان
شعر بالحمق، وقال مستغرباً مستهجناً :
- ألا توجد رسالة تبرع لأطفال سورية ؟
ابتسمت الزوجة وقالت بمكر :
- ان كنت ترغب بالتبرع لأطفال بلدك فلست بحاجة لرسالة
حدّق في وجه زوجته قرأ في عينيها نفاقه الطافح، أمرها بالخروج واغلاق بالباب خلفها:
- اكتمِ شغب الأولاد، لدي لقاء مباشر على السكايب مع قناة تلفزيونية



#محمد_جيجاك (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المثقف سنكلوز - 2 -
- مثقف سنكلوز
- ميلانيا
- حيز واسع من الهشاشة
- وحي برائحة العفن
- وحي برائحة العَفَن


المزيد.....




- وصف مصر: كنز نابليون العلمي الذي كشف أسرار الفراعنة
- سوريا.. انتفاضة طلابية و-جلسة سرية- في المعهد العالي للفنون ...
- العراق.. نقابة الفنانين تتخذ عدة إجراءات ضد فنانة شهيرة بينه ...
- إعلان القائمة القصيرة للجائزة العالمية للرواية العربية 2025 ...
- بينالي الفنون الإسلامية : مخطوطات نادرة في منتدى المدار
- ذكريات عمّان على الجدران.. أكثر من ألف -آرمة- تؤرخ نشأة مجتم ...
- سباق سيارات بين صخور العلا بالسعودية؟ فنانة تتخيل كيف سيبدو ...
- معرض 1-54 في مراكش: منصة عالمية للفنانين الأفارقة
- الكويتية نجمة إدريس تفوز بجائزة الملتقى للقصة القصيرة العربي ...
- -نيويورك تايمز-: تغير موقف الولايات المتحدة تجاه أوروبا يشبه ...


المزيد.....

- نحبّكِ يا نعيمة: (شهادات إنسانيّة وإبداعيّة بأقلام مَنْ عاصر ... / د. سناء الشعلان
- أدركها النسيان / سناء شعلان
- مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- نظرات نقدية في تجربة السيد حافظ الإبداعية 111 / مصطفى رمضاني
- جحيم المعتقلات في العراق كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- رضاب سام / سجاد حسن عواد
- اللغة الشعرية في رواية كابتشينو ل السيد حافظ - 110 / وردة عطابي - إشراق عماري
- تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين / محمد دوير
- مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب- / جلال نعيم
- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد جيجاك - المثقف سنكلوز - 2 -