أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - يارا عيسى - عن الحب ج 1















المزيد.....


عن الحب ج 1


يارا عيسى

الحوار المتمدن-العدد: 5132 - 2016 / 4 / 13 - 09:05
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


سأتحدث عن القضية الساحرة من الدرجة الأولي ، تلك التي تتمتع بأجمل بريق وأرق شعور وأنقي وأعذب ما أتت به الحياة ، هي روح الحياة وجوهر الإنسان لتميزه بها دون غيره ، إنها لا تفرق في إقتحامها بين الجاد والعبثي ، أو العالم والجاهل ، أو العابد والعاصي ، أو الرجل والمرأة ، إنها تقتحم قلوبنا بلا إستئذان ونحن من أمرها ضعفاء لا حيلة لنا حتي تتغلغل في أعماقنا ودواخلنا فنشعر بالضعف الممزوج بالسعادة العارمة والهيام الساحر الممتع والشعور الذي لا يوصف والذي يفهمه الآن ويشعر به من يقرأ تلك الكلمات ويتذكر أجمل اللحظات التي طبعت في ذهنه من إقتحامها شغاف قلبه ، إنها سعادة إلتقائنا بأكبر جزء من ذاتنا ، فهل الحب إلا ( أنس ) بشقيق روح فيشعر ( الإنسان ) ب(إنسانيته ) و(يأنس) بإلتقائه بها ؟! ، إن هذا الإجتياح هو إحتياج آدمي أصيل ومن يستغني عنه بالقوة فلن يزد إلا ضعف واضطراب نفسي وشعور بالنقص فيعود معتذرا إلي ذلك المهيمن الذي لا يعرف الهزيمة ويتذوق من الحب جرعات .
الحب أحد ألوان الإنسانية التي جادت بها الطبيعة كهدية لنا واعتذار عن باقي أفاعيلها ، الحب أجمل صدفة صنعتها الحياة ، وأولي بنا أن نفهمه من جميع جوانبه ، فدعونا نفهم ( إحدي ) معاني تلك القضية التي لم يسلم من الإهتمام بها كبار الفلاسفة وعلماء النفس حتي علماء الطب العضوي المادي منذ قديم الأزل .
وقد تعمدت ذكر كلمة ( إحدي ) معاني القضية لأن قضية الحب متشابكة ومتداخلة وشديدة التعقيد ، لأنها قضية شخصية بشرية متعلقة بشخصيات البشر الهائلة الأعداد ، فكل شخصية بشرية تختلف في تفاصيلها عن الشخصية الأخري وتعتبر محصلة لعوامل متداخلة متباينة من البيئة والمجتمع والمدرسة والدين والنشأة والظروف المادية والنفسية والصحية والجسدية وثقافة الأهل وأحداث الزمن وما إلي ذلك من مختلف الظروف التي لم ولن يشترك فيها بالتمام اثنان علي وجه الأرض ، فينتج ملايين الشخصيات التي يعيش كل منها الحب برؤية معينة وسيكولوجية معينة .
بالطبع قد تتفق مجموعات من الشخصيات في اتجاه واحد أو رؤية واحدة في الحب أو معايشته بنفس الطريقة ولكن تبقي التعددية هي الصفة السائدة في تلك القضية البشرية الشخصية ، وأعتقد أن هذا هو سر تعقيد القضية وحيرة العلماء والفلاسفة في فهمها وأن يصبح الحب لديهم لغزا حتي أنهم يتسائلون ويحتارون فيما بينهم عن " معني الحب " .
أي أن أسباب وأشكال ومعاني الحب كثيرة ومتعددة وتعكس أشكال الإتجاهات البشرية والشخصية ، لكني أعتقد أن الأساس الأكبر والقاعدة الأولي التي يرتكز عليها الحب المثالي أو قصة الحب الخيالية التي قلما تتكررهو التفاهم والإتفاق العقلي والإتفاق في المنطق والنظرة للحياة ، مهما بلغت قصة الحب الذروة والمثالية وأصبحت أسطورة تتناقلها الأجيال ، بل إنها لم تنجح وتستمر إطلاقا وتصل للذروة وتصبح أسطورة إلا بإتفاق عقلي بين الطرفين سواء أدركوا ذلك أم لا .
التفاهم هو الوقود الذي يعطي للحب قابلية الإستمرار بنجاح ، هو الممر الذي يعبر عليه الحبيبان المشكلات والعراقيل ويصلون الي الهدية الخيالية والحياة الجميلة التي يهديها لهم الحب .
إنني لا أستطيع تخيل عبلة حبيبة عنترة ابن شداد بشخصية تختلف عنه أو منطق غير منطقه أو فلسفة في الحياة تعارض فلسفته ، فنقطة إنجاذبهما هي في الأساس نقطة إتفاقهما العقلي – وإن لم يحللوا ذلك – وإن إكتفي المشاهد للقصة بذكر كلمة " روح واحدة " لوصف الحبيبين وتعبيره عن مدي شعوره بإرتباطهما معا ، فتفسير تلك الكلمة العفوية المترددة كثيرا في وصف كل حبيبين متجانسين أنه علي الأدق " عقل واحد ومنطق واحد " ، فالبداية في العقل والأسبقية للمنطق والتفاهم المنطقي ، فكيف لشىء علي هذا الشكل من الترابط والإنسجام والإستمرار يبني علي غير العقل والمنطق ويكتب له البقاء علي قيد الحياة والإستمرار ، العقل أساس متين وقوي ويصلح لأن يبن فوقه ما يكتب له صلاحية البقاء والإستمرار ، العقل من المعقول أي " المربوط " والمعني اللفظي له يوحي بالمعني المشارإليه من المتانة والقوة ومن ثم الإستمرار .
الغريب في القضية أن قصة الحب الناجحة المستمرة تأخذ طابع الحب بطبيعته الخيالية الحالمة الهادئة الهائمة ، فكيف تصل إلي تلك النتيجة المعنوية من المقدمة المادية التي ذكرناها التي هي " التفاهم والإتفاق العقلي " وأقول أن هذا هو التحليل الفعلي للقضية لو دققنا النظر ، فالعقل أولا والتفاهم أولا ، فإن وجد التفاهم والإتفاق العقلي بين الطرفين إستطاعت قصة الحب بسهولة الوصول إلي بر الأمان وكتب لها النجاة ، أما الحب الذي لم يبن علي إتفاق عقلي بين الطرفين فهو حب أهوج متسرع متعجل للمشاعر عبثي فوضوي خادع ، لا يلبث أن تصيبه الهشاشة من جميع جوانبه شيئا فشيئا ، فيحاول الحبيبين إنقاذ البقية الباقية من قصة الحب الجميلة والحفاظ علي بقايا الحب وآثاره إلا أنه مع ذلك ستتعثر سلاسة الحب ويخلو من إنسيابيته وتمتلىء العلاقة بالثغرات وتصبح محاولاتهما في ملء الفراغات عبثية لا تنسجم مع الحب لأنهما كمن يرقع الحرير بالصوف فهم يملئون الثغرات في العلاقة بينهم بالتجاهل أوالتنازل عن غير اقتناع أو عدم الرضا أو التساهل أو المساومة في العلاقة وهي أمور تستدعي القلق الذي يناقض تماما معني الحب والشعور معه بالأمان .
إن أول نقطة إختلاف بين الأشخاص هي أول فجوة تتكون بينهم ، فالإختلافات بين البشر هي أول ما يزعزع العلاقات ويهدد إستمرارها ويزيزل كيانها ، إن الدراسات النفسية والإجتماعية التي تجري علي الأطفال الإنطوائيين أو الغيرمقربين لأبويهم يشيرون فيها إلي قلة أحاديثهم مع الأبوين منذ الصغر ففقد الطفل جزء كبير من التفاهم مع أهله الذين لم يسمعونه ويحاولون التفاهم معه والإقتراب منه ، فإختار الطفل العزلة والحديث مع نفسه لأنه شعر معهم بالغربة ، والغربة شعور مقلق يتنافي مع الحب ، لذلك يصبح من الصعب علي هذا الطفل الحديث بسهولة مرة أخري إلي أهلة ومحاولة مصادقتهم ، قد يلجأ إلي صديق أو حبيب يبحث فيه عن الجزء الذي فقده في العلاقة مع أبوية وهو في الواقع جزء عاطفي ، ففقد الطفل للتفاهم مع أبوية هو في الحقيقة فقد لجزء من الحب . وكذلك الحال مع الأشخاص الإنطوائيين أو حتي بعض المرضي النفسيين ، فيقول أحد أطباء المرض النفسي أن كثير من المرضي يكون بالنسبة لهم الإستماع جزء كبير من العلاج ، فهذا هو الشخص الذي فقد التفاهم وفقد بالطبع معه الحب .
في العلاقات الإجتماعية وأجواء الصداقات يقولون " الطيور علي أشكالها تقع " فتنجح علاقة الصديقين المتفقين في الشخصية والأسلوب ويشعران بالإنسجام معا لأنهما متفاهمان متفقان في المنطق والرؤية العقلية فتخلو العلاقة مما يعيق إسترسالها وإستمرارها .
إن بذرة التفاهم والإتفاق بين حبيبين جديرة ومؤهلة لخلق قصة حب رائعة مستمرة لأنه لن يعيق مجري الحب عائق ويمنعه من إسترساله ، فالتفاهم هو المقوم الأول والأهم لنجاح العلاقة وخلوها من التردد والثغرات والفجوات وما يهدد إستمرارها ، التفاهم والإتفاق العقلي هو خير نواة لأفضل قصة حب ، وهو الطريق الأكثر سيادة ووضوح ، ولكن قضية الحب في نظر الغالبية لغزا محيرا لإختلاف الشكل الكبير بين المقدمة والخاتمة التي تؤول إليها أي بين الإتفاق العقلي والتفاهم بين الطرفين ثم قصة حبة رائعة جميلة ، وهذا الإختلاف الشكلي يعطي إيحاء خاطئا بعدم الربط بين السبب والمسبب ويرفض المفكر الإعتراف بذلك السبب الأول الذي يبدو غريبا ومتناقضا .
ويبقي أن نقول أن هذا السبب ليس هو الأوحد في تلك القضية المتشابكة ولا يقتصر عنده الحب ولا شرطا أن تنجح العلاقة وتصل للخاتمة الجميلة من تلك المقدمة التي ذكرناها ، وذلك لتشابك القضية البشرية ، ولكن هذا تفسيرا وتوضيحا علي الأغلب يجب أن يؤخذ في الإعتبار . فالبداية العاطفية في التفاهم العقلي والإتفاق المنطقي أولا.



#يارا_عيسى (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- جوهر الخلاف في قضية المرأة
- قيمة المبدأ
- الحقيقة تنصر ذاتها


المزيد.....




- لأول مرة منذ 9 أشهر.. شاهد إجلاء مرضى فلسطينيين عبر معبر رفح ...
- السيسي لترمب.. لا لتهجير الفلسطينيين
- نتنياهو يتوجه إلى الولايات المتحدة ليكون أول رئيس يلتقي ترام ...
- -د ب أ-: منظمة الشباب التابعة لحزب -البديل من أجل ألمانيا- ت ...
- صربيا.. المحتجون يغلقون الجسور عبر نهر الدانوب في مدينة نوفي ...
- اكتمال تثبيت قلب مفاعل الوحدة الثالثة في محطة -أكويو- النووي ...
- بعد سحب منتجات كوكاكولا مؤخرا.. إليكم تأثيراتها على الجسم!
- هل تعاني من حرقة المعدة أو الارتجاع بعد شرب القهوة؟.. إليك ا ...
- مشاهد للقاء الأسير الإسرائيلي الأمريكي كيث سيغال مع بناته
- ظاهرة غامضة تتسبب في سقوط شعر جماعي لسكان إحدى ولايات الهند ...


المزيد.....

- حوار مع صديقي الشات (ج ب ت) / أحمد التاوتي
- قتل الأب عند دوستويفسكي / محمود الصباغ
- العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا ... / محمد احمد الغريب عبدربه
- تداولية المسؤولية الأخلاقية / زهير الخويلدي
- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي
- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني
- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي
- حقوق الإنسان من منظور نقدي / محمد الهلالي وخديجة رياضي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - يارا عيسى - عن الحب ج 1