زكريا كردي
باحث في الفلسفة
(Zakaria Kurdi)
الحوار المتمدن-العدد: 5128 - 2016 / 4 / 9 - 08:43
المحور:
الادب والفن
كثير من اللاجئين الذين عرفتهم هنا في المهجر ، يستغربون ويستهجنون التصرفات الشائنة لبعض اللاجئين الآخرين، والتي قد تصل أحياناً لدرجة من الإستفزاز والصفاقة التي تغيظ الحليم ..
والسلوكيات التي قد تُشعرُ المرء بالحنق والغضب الشديدين، مثل الفظاظة في ردَّات الفعل و السلوك ، والتعبير غير المهذب مع العاملين في المؤسسات الهولندية الخيرية ، والردُّ باستهزاء وسخرية على المواطنين الهولنديين العاديين، أو الغمز واللمز من تصرفات الشرطة الهولندية الوديعة.. في كل الظروف ..
من المؤلم أن تصل السفاهة ببعض من هؤلاء اللاجئين الجهلة إلى درجة الإستهزاء بنمط حياة الهولنديين العقلاني والمستقر، الذي يتبدى في محبتهم الواضحة لوطنهم و العمل على كل ماهو خير له ، وفلا يلتفتون مطلقاً إلى السخرية التي يتشدق بها المهاجرين من العوالم المتخلفة عنهم ، جراء إلتزامهم الصريح بالقانون عن رضى وقناعة، ( كالوقوف على اشارة المرور رغم ان الطريق خالٍ ) ..
وغالباً ما تراهم باسمين في وجوه الغرباء ، وبالذات حين يعلق هؤلاء اللاجئون الجوعى عليهم خاصة وعلى الأوربيين عامة ، بألفاظ بذيئة وسلبية للغاية، أقلّها أنهم قوم بلا شرَف ولا أخلاق ..
والحق أن بعضاً من هؤلاء اللاجئين يستنكرون على أقرانهم تفكيرهم المتخلف هذا ، وسلوكياتهم المشينة تلك، بل وربما ترى هذا البعض المستنكر لا يطيقون العيش أو الاقتراب من أهليهم أوأبناء جلدتهم ، وقد تراهم يبحثون عن أية فرصة للإبتعاد عن أبناء وطنه من الحثالات التي يراها هنا معه في المهجر، وكثيراً ما يستغربون مدى الصبر والسعة لقدرة التحمّل عند الهولنديين على هكذا تصرفات مشينة ، على هكذا كائنات قادمة من القرون الوسطى ..
وتسمع لسان حالهم يقول : لو أنني كنت بديلا عن هذا الهولندي لسجنتهم أو لرميتهم خارج بلدي فوراً، أو لأرسلتهم من حيث أتوا .. على الأقل ..أو .. أو .. الخ .
الحق ، إن قلة من هؤلاء اللاجئين الذين قطعوا الفيافي والبحار ، يعلمون أنه الحب الحقيقي وسلطة الحب الإنسانية هي المهيمنة على جوانح القلوب هنا في أوروبا ، وهي وحدها تغلبت على سلوك وحياة هؤلاء الأوربيين ، فحملوا بذلك السلام إلى بلدانهم ومجتمعاتهم .. وهذا الحب هو بالذات ما يفتقده بالضبط - هؤلاء اللاجئين القادمين من العصور الوسطى .. كي تنعم نفوسهم بالسلام وينعم من يعايشهم بالأمن ..
وللحديث بقية ..
#زكريا_كردي (هاشتاغ)
Zakaria_Kurdi#
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟