بشرى رسوان
الحوار المتمدن-العدد: 5127 - 2016 / 4 / 8 - 20:29
المحور:
الادب والفن
سأولد عما قريب ..سوف أولد لأول مرة .. سوف أبصر نور الشمس ..وسوف أعرف ما معنى أن تكون كائنا حيا في الهواء الطلق.
اسمي تان أو أنطوان أو أناكرسيس لا أهمية لذلك الآن... سوف أولد ثلاثة مرات .. في السادسة عشر من عمري سوف يقطعون لساني.. لكن لا شيء سيمنعني من سرد حكايتي لنهايتها ٬-;- لا شيء ..ولا أحد يمكنه ذلك
سأحيا .. سأموت .. ثم سأولد من جديد .. سوف أعيش أفراحا و أتراحا ..سوف أطوف العالم عدة مرات ..حكايتي ستبدأ من مدغشقر على جزيرة صغيرة اسمها نوزي - بورا أو سانت ماري كما يطلق عليها الأوروبيون جزيرة بموقع مثالي على ساحل طريق الهند.. من هناك سأبدأ رحلتي و إلى هناك سأعود في كل نهاية .
الآن أنا دافئ في بطن أمي ..مطوي كتلك الورقة الغامضة بجوف قلادتها التي تطوق عنقها ..أنا الآن أنمو صرت بحجم حبة الفاصولياء .. قلبي أشبه بالنتوء ..عيوني بارزة .. شفاهي لم ترسما بعد ..و عاجز عن سماع أي ضجيج حولي .. لكن أمي تكلمني .. تروي لي قصصا عني عنها و عن أسلافنا .. تحدثني على طريقتها بصوتها الداخلي الخافت.. صوت صامت و مائع يجري كالدم في أوردتي.
أنا ملاجاشي فرنسي جامايكي روسي... كلها دفعة واحدة ٬-;- أنا من العالم أجمع أو أنا من اللامكان ٬-;-أنا فقط هنا موجود في البطن ٬-;- أكبر .. أنام ..أتغذى على هذا الصوت و هذا الدم.
أحيانا أشعر برعشة في جسد أمي فتخبرني ما يدور في الخارج تقول أن أبي اليوم اصطاد سلحفاة سلحفاة كبيرة في الحقيقة أجهل للآن معنى سلحفاة ﺇ-;-لا أنها تصفها بأنها حيوان أثقل من والدي .. له أربعة أقدام .. زعانف.. وصدفة كبيرة تغطي ظهره .. صدفة بنية ببقع صفراء و خضراء ..و أحاول في غير ملل التخمين ما تعنيه كلمة زعانف
تخبرني أنه بفضل هذه السلحفاة يستطيع الانسان الحصول على اللحم للتغذية ٬-;-الدهن لصناعة الزيت .. الصدفة لصناعة أشياء جميلة .. لكن هذه أهداها إياها وهي الآن تحبسها في قفص خشبي مخافة أن تفر .. أتخيل السلحفاة الآن تنتظر ليل نهار أن يفتح باب سجنها٬-;- مثلما أنتظر ولادتي
نص من رواية الحيوات الثلاث ل أنطوان أناكرسيس/ ألكس كوسو
#بشرى_رسوان (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟