أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمود كرم - ثقافة الأمنيات















المزيد.....

ثقافة الأمنيات


محمود كرم

الحوار المتمدن-العدد: 1387 - 2005 / 11 / 23 - 09:38
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


مـَن يـمـلـك زمـام الـحـاضـر يـمـلـك رهـان الـمـسـتـقـبـل ..

ومـَن لا يـمـلـك مـن مـسـتـلـزمـات الـحـاضـر شـيـئـا ً ولا مـن أدواتـه ولا آلـيـاتـه ، كـيـف لـه أن يـسـتـشـرف آفـاق الـمـسـتـقـبـل ويـراهـن عـلـى الـمـضـي فـيـه ..

فـي الـغـرب يـتـكـلـمـون عـن ( الـمـسـتـقـبـل ) وفـق أرقـام وأبـحـاث عـلـمـيـة وعـلـم مـتـخـصـص فـي قـراءة الآفـاق الـمـسـتـقـبـلـيـة ويـمـكـن لأي كـان أن يـتـابـع هـذا الـعـلـم ويـرصـده لأنـهـم يـمـلـكـون حـاضـرهـم بـمسـتـلـزمـاتـه وأدواتـه وآلـيـاتـه ..

أمـا أمـتـنـا الـعـربـيـة والاسـلامـيـة فـهـي ولله الـحـمـد غـارقـة فـي ثـقـافـة الأمـنـيـات الـعـِـذاب والـرغـبـات الـنـابـعـة مـن الـخـيـالات والأوهـام والـفـنـتـازيـا الـتـاريـخـيـة ..

ولا زلـنـا نـذهـبُ بـعـيـدا ً فـي الـخـيـالات والأوهـام إلـى الـتـمـنــّـي حـد الـرمـق مـا بـعـد الأخـيـر فـلـربـمـا قـد تـتـحـقـق يـومـا ً تـلـك الأمـنـيـات ولا ضـيـر مـن تـغـيـيـب الـعـقـل فـي دوامـة الـتـهـويـمـات الـتـي لا تـنـتـهـي أبـدا ً ..

ثـقـافـة الأمـنـيـات ثـقـافـة تـخـديـريـة ومـريـحـة للـعـقـل لا تـكـتـرث للـحـاضـر أبـدا ً ولا تـتـطـلــّـع للـمـسـتـقـبـل بـأدوات الـحـاضـر وغـارقـة فـي اسـتـيـلاد الـبـطـولات والانـجـازات مـن الأوهـام والـتـخـيــّلات ومـجـاهـل الـتـاريـخ ..

لـيـس مـهـمـا ً عـلـى الإطـلاق أن يـتـمـاهـى الـعـقـل مـع ضـرورات الـحـاضـر بـقـدر أن يـبـقـى أسـيـرا ً لـخـيـالات وتـخـيــّـلات وتـنـبـؤات بـالـغـة الـغـرابـة لا تـسـتـنـد إلا عـلـى أحـلام مـحـمـومـة بـهـوس الأمـنـيـات ..

ألـم يـكـن مـضـحـكـا ً أن نـسـمـع مـن ( خـبـراء ) الـفـضـائـيـات الـعـسـكـريـيـن ــ والـذيـن لم يـحـقـقـوا يـومـا ً نـصـرا ً فـي مـعـاركـهـم ــ أيـام حـرب تـحـريـر الـعـراق تـنـبـؤاتـهـم الـخـيـالـيـة الـمـهـووسـة بـثـقـافـة الأمـنـيـات عـن الـنـصـر الـعـسـكـري الـمـحـتـوم لـجـيـش الـبـعـث الـبـائـد عـلـى آلـة الـحـرب الأمـريـكـيـة ..

وراح أغـلـب الـمـثـقـفـيـن الـعـرب فـي تـلك الأيـام يـرددون وبـحـزم ٍ واثـق عـلـى أن عـراق صـدام حـسـيـن سـيـخـرج مـنـتـصـرا ً مـن الـحـرب وسـتـنـتـهـي أسـطـورة ( الامـبـريـالـيـة ) عـلـى يـد الـقـائـد الأوحـد الـضـرورة حـتـى أنـهـم نـافـسـوا بـتـنـبـؤاتـهـم تـنـبـؤات ( نـاسـا ) وكـالـة الـفـضـاء الأمـريـكـيـة ..

مـاذا كـانـوا يـمـتـلـكـون هـؤلاء غـيـر الأوهـام والـخـيـالات والأمـنـيـات والـتـنـبـؤات الـحـالـمـة ..

لـم يـمـتـلـكـوا الـحـاضـر بـل كـانـوا يـمـنــّون الـنـفـسَ أن يـخـرج لـهـم ( صـلاح الـديـن ) مـن قـبـره حـيـا ً يـقـارع ( الـصـلـيـبـيـيـن ) ..

ولـم يـراعـوا بـتـنـبـؤاتـهـم الـبـطـولـيـة الـضـرر الـبـالـغ الـذي أصـاب الـنـفـسـيـة الـعـربـيـة الـغـارقـة بـثـقـافـة الـبـطـل الأوحـد ومـجـد الانـتـصـارات الـعـروبـيـة حـيـنـمـا تـبـددت خـيـالاتـهـم وأمـنـيـاتـهـم في الـرهـان عـلـى انـتـصـار بـطـلـهـم ( صـدام ) الـمـغـوار ..

الـتـرويـج لـثـقـافـة الأمـنـيـات يـتـطـلـب تـغـيـيـبـا ً كـامـلا ً للـعـقـل ومـا الـتـركـيـز الـدائـم عـلـى تـسـويـق ( نـظـريـة الـمـؤامـرة ) مـن قـِـبـل الـمـثـقـفـيـن الـعـروبـيـيـن والإسـلامـيـيـن لـيـس إلا تـعـطـيـلا ً للـعـقـل الـذي أصـبـح يـعـتـقـد أن مـشـاكـلـه وآفـاتـه لـيـس هـو الـسـبـب فـيـهـا إنـمـا يـُـرجـعـهـا للـقـدر وعـلـيـهـم أن يـسـتـسـلـمـوا لـه طـوال حـيـاتـهـم أو عـلـيـهـم فـقـط أن يـؤمـنـوا إيـمـانـا ً يـقـيـنـيـا ً بـظـهـور ( الـبـطـل ) مـن رحـم الـمـستـقـبـل لـيـنـقـذهـم مما هـم فـيـه مـن مـشـكـلات وويـلات ولـيـس مـهـمـا ً أن يـتـجـهـوا لـصـنـاعـة ( الـبـطـل ) مـن واقـعـهـم وحـاضـرهـم بـل لا بـد أن يـنـتـظـروه مـهـمـا طـال بـهـم الـزمـن لأنـه حـتـمـا ً سـيـخـرج لـهـم يـومـا ً لأن إيـمـانـهـم بـثـقـافـة الـتـخـيـلات الـفـنـتـازيـة لا يـشـوبـه الـشـك والـتـردد ..

وفـي مـقـابـل تـغـيـيـب الـعـقـل لا بـد أيـضـا ً مـن اسـتـثـارة الـمـشـاعـر والـعـواطـف لـتـكـتـمـل الـدائـرة الـحـالـمـة لـثـقـافـة الأمـنـيـات فـي الـمـخـيــّـلـة الـمـجـتـمـعـيـة ..

كـانـت الأمـنـيـة فـي تـجـلـيـاتـهـا ( الـرومـنـسـيـة ) الـتـي بـلـغـت ذروتـهـا الـكـامـلـة عـنـد الـقـومـيـيـن والإسـلامـيـيـن وعـنـد جـمـهـور الـدهـمـاء أن يـدفـعـوا بـالـشـعـب الـعـراقـي إلـى الـمـوت الأكـيـد فـي مـواجـهـة قـوات الـتـحـالـف فـقـط لـكـي يـحـقـق لـهـم الـعـراقـيـون أمـنـيـتـهـم ( الـنـشـوانـيـة ) الـعـارمـة بـهـزيـمـة ( أمـريـكـا ) ولـيـس مـهـمـا ً أن يـدفـع الـعـراقـيـون مـن أجـل ذلك أرواحـهـم ودمـائـهـم ..

والآن أمـنـيـتـهـم الـثـقـافـيـة أن يـسـود الـنـمـوذج ( الـزرقـاوي ) و ( الـظـواهـري ) بـلاد الـمـسـلـمـيـن لـيـتـحـقـق الـنـصـر الـمـؤزر عـلـى الـغـرب و( الـصـلـيـبـيـيـن ) واللـيـبـرالـيـيـن والـعـلـمـانـيـيـن ..

وذهـبـت ثـقـافـة الأمـنـيـات بـهـم إلـى الـحـد الـذي كـانـوا يـتـمـنـون أن تـعـيـد ( الـفـلـوجـة ) الـعـراقـيـة لـهـم مـجـد الـخـلافـة الإسـلامـيـة الـمـنـدثـرة والـبـعـض مـنـهـم كـان يـتـحـسـر عـلـى أن واحـدة مـن المـعـارك الـحـربـيـة الـتـي لـم يـنـتـصـر فـيـهـا ( صـلاح الـديـن ) عـلـى الـصـلـيـبـيـيـن فـكـانـت الـسـبـب الـيـوم فـي انـتـصـار ( أمـريـكـا ) فـي الـعـراق وأفـغـانـسـتـان ومـن ثـم ّ تـسـيــّـدهـا الـعـالـم ..

ولا بـد مـن تـحـريـك مـكـنـونـات الإثـارات الـعـاطـفـيـة الـتـراثـيـة والـتـاريـخـيـة فـي بـعـديـهـا الـقـومـي والإسـلامـي ومـا أكـثـرهـا فـي تـراكـمـات الـذهـنـيـة الـعـربـيـة والإسـلامـيـة لإعـطـاء ثـقـافـة الأمـنـيـات زخـمـا ً مـضـاعـفـا ً لـتـجـلــّـي روح الـمـقـاومـة والـصـمـود فـي مـعـركـة تـحـريـر الأمـة مـن بـراثـن الاسـتـعـمـار والامـبـريـالـيـة والـعـولـمـة والـصـهـيـونـيـة وهـيـمـنـة الـغـرب الـكـافـر ..

والـيـوم تـركـز ثـقـافـة الأمـنـيـات فـي أشـد تـجـلـيـاتـهـا الـمـرحـلـيـة الـراهـنـة عـلـى اسـتـحـضـار الـمـوروثـات الـسـيـاسـيـة والـديـنـيـة للـتـدلـيـل عـلـى أن مـشـاريـع الإصـلاح يـجـب أن تـنـبـع مـن الـداخـل ..




#محمود_كرم (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الهويات القاتلة
- الفكر الحر


المزيد.....




- الإليزيه يعلن استدعاء السفير لدى الجزائر و-طرد 12 موظفا- في ...
- المغرب يواجه الجفاف: انخفاض حاد في محصول القمح بنسبة 43% مقا ...
- كيف رد نتنياهو ونجله دعوة ماكرون إلى إقامة دولة فلسطينية؟
- أمير الكويت ورقصة العرضة في استقبال السيسي
- الرئيس اللبناني: نسعى إلى -حصر السلاح بيد الدولة- هذا العام ...
- مشاركة عزاء للرفيقتين رؤى وأشرقت داود بوفاة والدتهما
- ويتكوف: الاتفاق بشروط الولايات المتحدة يعني وقف إيران تخصيب ...
- ترامب: مزارعونا هم ضحايا الحرب التجارية مع الصين
- مصر.. أزمة سوهاج تتصاعد والنيابة تحقق في تسريب فيديو المسؤول ...
- نائب رئيس لجنة الدفاع والأمن الروسية يزور الجزائر


المزيد.....

- فهم حضارة العالم المعاصر / د. لبيب سلطان
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 1/3 / عبد الرحمان النوضة
- سلطة غير شرعية مواجهة تحديات عصرنا- / نعوم تشومسكي
- العولمة المتوحشة / فلاح أمين الرهيمي
- أمريكا وأوروبا: ملامح علاقات جديدة في عالم متحوّل (النص الكا ... / جيلاني الهمامي
- قراءة جديدة للتاريخ المبكر للاسلام / شريف عبد الرزاق
- الفاشية الجديدة وصعود اليمين المتطرف / هاشم نعمة
- كتاب: هل الربيع العربي ثورة؟ / محمد علي مقلد
- أحزاب اللّه - بحث في إيديولوجيات الأحزاب الشمولية / محمد علي مقلد
- النص الكامل لمقابلة سيرغي لافروف مع ثلاثة مدونين أمريكان / زياد الزبيدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمود كرم - ثقافة الأمنيات