أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم - حسام تيمور - إدارة التوحّش و توحّش الإدارة














المزيد.....

إدارة التوحّش و توحّش الإدارة


حسام تيمور

الحوار المتمدن-العدد: 5120 - 2016 / 4 / 1 - 00:23
المحور: اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم
    


جبروت الأسرة سواء الصغيرة أو الكبيرة و استبدادها أكبر بكثير من جبروت الدولة و استبدادها, و المُجتمع المُستبد المتشدد أكبر ضمانة لاستمرارية السلطة المستبدة و إعادة إنتاجها بأشكال و صيغ مختلفة, خصوصا في المُجتمعات المتخلفة التي تتوطد فيها الروابط الأسرية و النزعات القبلية و يطول فيها ارتباط الأبناء بالأسرة لعدة أسباب أهمها البطالة و انعدام التعويض عنها و طبيعة الأعراف و التقاليد.
فعندما يُنظّر من يُسمّون أنفسهم محاربي التوحش الإمبريالي-الرأسمالي الجديد, و غطائه الإيديولوجي المتمثل في مرحلة "ما بعد الحداثة", عندما يُنظرون لمحاربة هذا المد الإمبريالي بحمولاته الايديولوجية المُحيلة حسب زعمهم على تفكيك الروابط الأسرية و إشاعة الفردانية الأنانية و الانحلال و الشذوذ و الكلبيّة.., و من ثم تفكيك النظام المجتمعي و السياسي و إضعاف الدولة و تبخيس دورها..., فإنهم يضعون أنفسهم بطريقة أو بأخرى في خدمة نفس المشروع الامبريالي و لكن بنسخة أشد بشاعة تحيل على الاستعباد التام المُزدوج!! حيث تقضي مقاومة هذا التوحش و غطائه الإيديولوجي بالضرورة النزوع إلى الدّين و التديّن كشكل من أشكال التمترس و الاختباء خلف الأسوار, و التشبّث بالأسرة و روابطها و المُجتمع و ضوابطه و بإدارة الدولة بشكل عام!! الدولة الخاضعة لنفس المشروع الامبريالي, لكن بإيديولوجيات أخرى هي نفس ما يريدون به مقاومة المد الدّخيل, من الدين و التدين الذي يعطي للحاكم و كهنته صفة الإطلاقية في ممارسة الاستبداد, إلى الأسرة التي صارت مؤسسة لإنتاج العبيد و تكريس مُجتمع العبوديّة, لصالح الرأسمال و الأبناك و مافيات العقار و سماسرة الدين و التعليم و التّوظيف. إنها بنية جهنّميّة لا يأتيها الباطل من أي مكان!! فكم من مناضل صلب وجد نفسه مُجبرا على الاستسلام بسبب تهديده في أسرته أو خوفه من خسارة مصدر رزقه, و كم من أب يُلقّن أبنائه الطاعة و الانصياع للدولة و النظام و المُجتمع حرصا على مستقبلهم في وسط لا يرحم, و أكثر توشحا من التوحش الرأسمالي المزعوم!!
إن ردة الفعل هاته تُجاه بعبع التوحش الامبريالي و مخططاته المزعومة التي يحيكها متآمرون تحت الظلام بأقنعة كالماسونية و الصهيونية العالمية و النظام العالمي الجديد الذي بشّر به جورج بوش الأب في خطابه الشهير, لهي خير دليل على مأزقنا التاريخي و فشلنا الذريع في مجاراة ركب الحضارة و مواجهة أسباب تخلفنا الحقيقية. و هي على كل حال ليست إلا إعادة لنفس أسباب سقوطنا في براثن الأقوياء الذين لا يرحمون ضعيفا و لا يوقرون شيخا هرما. فمن السهل القول بأن جهاز الاستشراق الأمريكي الضخم و مخابراته الثقافية هو المسؤول عن تصريف الفوضى الخلاقة في أوطاننا عن طريق ترويج تأويلات مُغرضة للعقيدة و الشريعة الإسلامية. لكن الصعب و المرفوض سياسيا و مُجتمعيا من طرف أنظمة تحكم بنفس الدين, و قطيع يائس مهزوم يجد فيه عزاءه, الصعب هو القول بأن تجليات هذه المؤامرة تعود لمحمد و صحابته, و أنْ لا فرق بين دولة محمد و التّابعين و دولة "داعش" التي يُبشّر بها حديث نبوي صحيح يُقرّ به الأزهر و يعتبره فرضا على كل مُسلم و وعدا إلاهيا لا يُخلف!! و إذا كان الغرب المُتآمر يراهن على الفوضى من أجل إحقاق النظام و تحييد كل عناصر الخطر و المنافسة, فإن هؤلاء يراهنون على "الاستقرار" في ظل التخلف و الوصاية الاستبدادية الرّجعية العميلة لنفس الغرب و المسخّرة من قبله. فإذا كانت وصية محمود درويش الخالدة "أمريكا هي الطاعون و الطاعون أمريكا" مبنية على وعي عميق بالعدو الخارجي, فإن للعدو الداخلي دورا أهم في ما نعيشه اليوم, و هذا العدو هو نحن, تاريخنا, ديننا, تراثنا, موروثاتنا الثقافية, و أخيرا حبّنا, لعار التاريخ, كما سماه "هيجل" العرب "عبد الله القصيمي".
إن الغباء كما عرّفه لنا "إينشطاين", هو إعادة نفس التّجربة بنفس العناصر و في نفس الظروف مع انتظار نتائج مُختلفة, و نحن الآن في أمس الحاجة لإعادة النظر في كل شيء, نُظمنا القيمية, موروثاتنا الثقافية, نظرتنا للحب, الأسرة, الزواج, العمل, الدين,السياسة, الاقتصاد, الدولة, كخطوة أولى في درب التخلص من العدو الداخلي الذي يحكُمنا بديننا و ثقافتنا و ممارساتنا و أخلاقنا, و يُقدّمنا على طبق من ذهب لموائد الاستغلال و الاستعمار الغربي الامبريالي الصهيوني!!
إن النموذج المُجتمعي الغربي رغم مساوئه, فهو يظل أقل بشاعة من اغتصاب مزدوج!! تقوده الامبريالية بالريموت كنترول, و يجتهد فيه الحاكم بأمرها داخليا, حسب جشعه و مصالحه و حتى عُقده النفسية و حالته المزاجية و نزواته الشخصية..,و في انتظار صحوة شاملة قد تأتي أو لا تأتي, أريحونا من التهافت و المزايدات الرّخيصة...
يبقى أن نشير ختاما إلى أن نهاية شاعرنا الكبير محمود درويش, صاحب مقولة "أمريكا هي الطاعون و الطاعون أمريكا", كانت على سرير مُستشفى أمريكي لجأ إليه طلبا للعلاج!!



#حسام_تيمور (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المخابرات المغربية لا تنام, وهم أم حقيقة؟
- المخابرات المغربية التي لا تنام, وهم أم حقيقة؟
- قضية الصحراء الغربية جزء من مشروع التحرر الوطني الحقيقي الشا ...
- استعمالات الإرهاب في المغرب
- الارهاب و الكباب, أو المفاضلة بين الإرهاب و الاستبداد!!
- في زمن التهافت النضالي
- مظفر النواب و مكر التاريخ!!
- الاقتصاد المغربي, بين الهيمنة المَلكية و التبعية للإمبريالية
- حول دعوة السيسي لزيارة المغرب
- سأحتفل بعيد الحب!!
- حول قضية الأساتذة المتدربين بالمغرب
- في زمن الدعارة السياسية المغربية
- فصل المقال, فيما بين المغرب و الكيان الصهيوني من اتصال
- في ذكرى رحيل عبد الكريم الخطابي
- المغرب.., ملكية تزدهر و شعب يضمحل!!
- لماذا لا يكفر الأزهر -داعش-؟
- وهم الاستقرار في المغرب
- تضامنا مع الكاتبة المصرية فاطمة ناعوت
- في ورطة النظام المغربي
- المغرب و العهد الجديد, أكذوبة صدقها العبيد!!


المزيد.....




- سارة نتنياهو تتهم الجيش بمحاولة تنظيم انقلاب عسكري ضد زوجها ...
- كوريا الجنوبية.. ارتفاع عدد القتلى إلى 23 شخصا في أحد أسوأ ح ...
- .بالفيديو.. مراسم تسليم مفتاح الكعبة المشرفة للشيخ عبدالوهاب ...
- نجم عالمي شهير يصفع يد معجب يحاول لمس ذراعه (فيديو)
- غالانت لأوستين: إيران أكبر خطر على العالم مستقبلا
- الأسباب المحتملة للشعور بالتعب معظم الوقت
- روسيا تحوّل صاروخ -توبول – إم- الاستراتيجي إلى صاروخ فضائي م ...
- سياسي بريطاني يحمّل رئيس الوزراء الأسبق بوريس جونسون مسؤولية ...
- جوليان أسانج يقر بذنبه والمحكمة تأمره بتدمير المعلومات على م ...
- أسانج يقر بالذنب أمام محكمة أميركية تمهيدا لإطلاق سراحه


المزيد.....

- عشتار الفصول:14000 قراءات في اللغة العربية والمسيحيون العرب ... / اسحق قومي
- الديمقراطية الغربية من الداخل / دلير زنكنة
- يسار 2023 .. مواجهة اليمين المتطرف والتضامن مع نضال الشعب ال ... / رشيد غويلب
- من الأوروشيوعية إلى المشاركة في الحكومات البرجوازية / دلير زنكنة
- تنازلات الراسمالية الأميركية للعمال و الفقراء بسبب وجود الإت ... / دلير زنكنة
- تنازلات الراسمالية الأميركية للعمال و الفقراء بسبب وجود الإت ... / دلير زنكنة
- عَمَّا يسمى -المنصة العالمية المناهضة للإمبريالية- و تموضعها ... / الحزب الشيوعي اليوناني
- الازمة المتعددة والتحديات التي تواجه اليسار * / رشيد غويلب
- سلافوي جيجيك، مهرج بلاط الرأسمالية / دلير زنكنة
- أبناء -ناصر- يلقنون البروفيسور الصهيوني درسا في جامعة ادنبره / سمير الأمير


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم - حسام تيمور - إدارة التوحّش و توحّش الإدارة