أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - بشاراه أحمد - قُتِلَ الْخَرَّاصُونَ (ج):















المزيد.....



قُتِلَ الْخَرَّاصُونَ (ج):


بشاراه أحمد

الحوار المتمدن-العدد: 5118 - 2016 / 3 / 30 - 08:47
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


أود في البداية أن أكرر وأكرر مرات عديدة ما قد أكدناه وكررناه عشرات المرات بأننا لا نكتب من أجل الكتابة عشقاً فيها أو تكسباً أو إستعراضاً,, وإنما نفعل ذلك من منطلق المسئولية التي قد لا يفهمها عنا من يجهل مقتضياتها ودواعيها الملزمة لنا أمام ربنا الذي لم يخلقنا عبثاً وعطلاً بلا مهمة في هذه الحياة الفانية, وقد يظن آخرون – من الذين نسوا الله فأنساهم أنفسهم – أننا ندافع عن ديننا الحنيف (المستغني عنا وعن المدافعين عنه) أو نُجمِّلُهُ بما ليس فيه كما يأفك الشواذ المختومون. أو يظن المغبونون بأننا نريد أن نسب ونشتم أو نسيء إلى أحد حتى إن بالغ في إساءتنا بغير وجه حق... كل ذلك تخرصات وأوهام وظنون ليس لديهم عليها دليل أو حجة أو برهان.

الإسلام مستهدف ومتربص به من كل المشبوهين التائهين الذين ضلوا, وأضلوا كثيراً, وضلوا عن سواء السبيل, لأنهم قصدوا الضلال قصداً, وسعوا إليه سعياً, وشغفوا به حباً وعشقاً فاستغنى الله عنهم, ومكر بهم فأضلهم, ثم ختم على كل مداركهم جزاءاً وفاقاً,, إنهم كانوا لا يرجون حساباً وكذبوا بآيات ربهم كذاباً,, وبعضهم قد يأسه الشيطان من رحمة الله وأوهمه بأن الله لن يغفر له, فصدق عدوه وأضاع على نفسة فرصة مراجعة النفس والفكر قبل فوات الأوارن بالغرغرة.

وبعضهم لم يقفوا عند هذا الحد, ويقنعوا بما إختاروه لأنفسهم بأنفسهم, بل شرعوا في إعلان الحرب المفتوحة ضد الإسلام والمسلمين بكل الوسائل التي لم يبلغها حتى وليهم إبليس الذي شاركوه وقاسموه اللعنة والمصير لا لشيء إلَّا لإهلاك أنفسهم وهم لا يشعرون. فتخصص بعضهم في المبالغة في الإساءة إلى كل ما هو خير وحق ممثلاً في الدين الإسلامي الحنيف الوحيد من بين الأديان الذي بقي وسيبقى إلى ما شاء الله تعالى له أن يبقى, ولكن لن يكون بعده دين أبداً.

نحن نقف في مناهضة ومجاهدة هؤلاء التعساء ليس لذواتهم أو لسلطانهم,,, فهم لا يعنون لنا شيئاً, ولن يضروا الله شيئاً. ولكن لنكشف سترهم وزيفهم للناس لنبطل سعيهم في إلحاق الضرر الفكري والوجداني بالبسطاء والعامة من الطيبين الصادقين الذين يريدون وجه الله تعالى فيشوش عليهم هؤلاء المرضى اليائسين من رحمة الله تعالى والحاسدين الذين يريدون أن يستوي بهم من لم ولن يستطيعوا اللحاق بهم في علياهم وهم قد بلغوا ما تحت الحضيض.

على الرغم من أن موضوعنا الأساسي كان في مواجهة ذلك الزنيم وشيخه تحت عنوان (رشيديات ضالة), وقد جاء في مواضيعهم ذكر لتلك الدكتورة المتناقضة مع نفسها وطبيتها, والتي لا تعرف ماذا تقول ولماذا!!! تحت عنوان (عندما يصير اللامعقول مألوفاً), ولكن المداخلات والتعليقات الكثيرة والملحة والهامة لم تترك لنا الخيار في أن نغطيها بقدر المستطاع. وكلما عالجنا نقطة تفرعت منها عدة نقاط, والغريب في الأمر يأتي التفريع والتوسيع من عين الذين يحتجون علينا من التطويل المزعوم, فمجرد طرح سؤال منهم يحمل مفاهيم خاطئة يحتم علينا أن نصحح تلك المفاهيم, ليس لهم أنفسهم – خاصة إذا كان السؤال مقصود منه إما التعجيز أو السخرية أو الإساءة – ولكن الرد يكون للقراء بصفة عامة, ويتحتم علينا أيضاً عرض أسئلتهم "بكامل نصها" ليتم الفهم وإختصاراً للوقت الذي يمكن أن يضيع في المغالطات واللجاجات. وفيما يلي سنعرض بعض النماذج لمثل هذه المداخلات المتناقضة من خلال تعليقات بعض القراء فيما يلي:

جاءنا الأخ أيدن حسين بأول تعليق له تحت عنوان: " تعليق1 " طرح فيه الأسئلة التالية:
(... تحية طيبة: اود ان اذكر لكم بعض المشاكل الموجودة في الاسلام:
1. الخلود في العذاب غير معقول ابدا,
2. حرية المعتقد .. كيف يمكن اجبار الناس على الاسلام ... الاجبار يغير الكافر الى منافق ليس الا,
3. الصلوات الخمسة غير مذكورة في القران .. مع ان الصلاة اعتبرتها الاحاديث اهم شيء .. حيث انها اول ما تحاسب به الميت في قبره,
4. حديث المعراج غير معقول ابدا .. حيث انه ذكر بعض الانبياء .. ونسى النبي نوح الذي هو من اولي العزم من الرسل .. فلم يذكر انه في اي سماء.
5. صلاة الله و ملئكته على الرسول .. لنفرض انها صحيحة .. لكن ما الداعي لذكرها في القران .. و ما مناسبة نزولها,
6. الاسلام دين وليس سياسة دولة .. الرسول استثناء .. حيث انه في تلك الحقبة لم يكن هناك دولة تدير شؤون المواطنين .. لذلك اخذ الرسول والخلفاء من بعده شؤون الدولة على عاتقهم,
7. جاء محمد بعد 700 سنة بعد المسيح .. و لم ياتي بعد محمد نبي اخر بالرغم من مرور 1400 سنة .. قصدي .. لماذا انقطعت النبوة بعد محمد .. ما ذنبنا نحن لكي نتخبط .. حيث لا نبي جديد يهدينا الى الصواب
8. هل هناك ادعية .. مهما كانت نوعها تحققت لحد الان .. كيف اذن نؤمن بالاية ان الله قريب يجيب دعوة الداعي.

قبل أن أجيب على هذه الأسئلة "من القرآن مباشرة", أود أن أذكر بأن الأخ أيدن حسين هو من أولئك الذين يحتجون علينا "بالتطويل", ولكن لو تمعن جيداً في أسئلته لأدرك أن الجواب المختصر عنها يلزمه مجلدات, فليته – على الأقل في ردنا عليها – أن لا يتبرم من التفصيل عندما يكون ضرورة لا يمكن تفاديها. فنقول وبالله التوفيق.

أولاً: هل هذه مشاكل موجودة في الاسلام حقاً وحقيقةً أم هي مشاكل لديه هو ويريد أن ينسبها إلى الإسلام بغير علم؟.
على أية حال,, نحن هنا سنثبت للجميع أن تلك التي قال عنها بانها مشاكل موجودة في الإسلام, نؤكد له ولغيره أن الإسلام ليس لديه مشاكل, وسنقيم الدليل على أنها مشاكل خاصة به وعليه أن يعالجها بعيداً عن الإسلام إن كانت لديه خصومة معه, أما إن نشد العلاج عنده "مخلصاً محتسباً" وجده كاملا شاملاً بإذن الله تعالى.

ثانياً: "الخلود في العذاب" الذي قال عنه (... غير معقول ابدا ...), لم يقل به بشر,, وإنما الذي قاله وحكم به هو الله تعالى, خالقه وخالق كل شيء, وهو الذي لا يسأل عما يفعل وهم يسألون, وحكمه نافذ. أما إن كان لديه في ذلك شك أو رأي, فأمامه أحد أمرين لا ثالث لهما:
1. إما أن يكون مكذباً به ورافضاً له, فلا مجال لعاقل حينئذ ألقول بأنه "غير معقول أو غير مقبول ابدا", إذ المنطق يقول بعدم إكتراثه له إن كان قصير المدى أو طويله, ولكن هذا التكذيب أو الشك لا ولن يغير الحكم الحتمي شاء أم أبى, ومجرد شكه أو تكذيبه أو رفضه لحكم الله يكون قد أوجبه على نفسه بالضرورة إلَّا أن يشاء الله رب العالمين.

2. أو أن يكون مصدقاً به, ولكنه مستصعباً له ففي هذه الحالة ليس له مجال من إنقاذ نفسه منه سوى قبوله ثم العمل على تفاديه لأن حكم الله عادل ولا يظلم الناس شيئاً, فإن شك في هذا ولم يسلم به إستحقه بحقه يوم لا ينفع مال ولا بنون إلَّا من أتى الله بقلب سليم, فالله تعالى لم يفرض عليه موجباته أو يقهره, لأنه قد وضع الخيارات واضحة مفصلة, ووضَّع لكل خيار تكلفته وسعره واضحاً, فمن إشترى خلود الجنة ودفع ثمنه ناله "برحمة الله", ومن إشترى خلود النار ودفع ثمنه ناله "بعدل الله" حيث الميزان, قال تعالى (الوزن يومئذ القسط), لا ظلم اليوم.

فمثلاً,, لو إشتريت سيارتك أو سترتك ودفعت ثمنها كاملاً ألا تصير بعد ذلك ملكاً مؤبداً لك, لا ينازعك فيها أحد إلَّا إذا وهبتها لغيرك بمحض إختيارك ورضاك؟؟؟
وليعلم العاقل, أن رد حكم الله عليه أو التشكيك فيه أو التبرم به أو منه يخرج صاحبه من ملة الإيمان إلى ملة الكفر الصريح حيث الخلود والعذاب المقيم.

ثالثاً: قولك,, (... حرية المعتقد .. كيف يمكن اجبار الناس على الاسلام ... الاجبار يغير الكافر الى منافق ليس الا...).
نعم,, هذه حقيقة لا ريب فيها ونؤيدك فيها تماماً من هذه الناحية, ولكن!!! من ذا الذي رسخ في مفهومك أن الإسلام "ربَّاً وكتاباً, ونبياً" قد أجبر أحداً عليه؟؟؟ ..... إذ أن إجبار الناس على إعتناق الإسلام مخالفة صريحة لله ولكتابه تعالى وسنة رسوله الكريم. والشاهد على ذلك هو القرآن الكريم نفسه,, فالله تعالى لم يجعل لنبيه الكريم, بل ولا لأي من أنبيائه سلطاناً ليجبر به الكافرين على الإيمان به, فلو أعملت فكرك قليلاً لأدركت أن الله تعالى لو أراد أن يقهر الناس على عبادته والإيمان به لما احتاج لإرسال أنبياء ولا رسل من البشر والملائكة وغيرهم ولما خلق لهم ملكة الإختيار أصلاً. ولكنه خلق فيهم النقائض لأن مراده إبتلاءهم فخلق فيهم وألهمهم مقتضيات ذلك الإبتلاء وأوضح لهم كل كبيرة وصغيرة وتركهم للإختيار الحر.

بلا شك فإن الإجبار لا يأتي - في أفضل أحواله - سوى بالنفاق والمنافقين المردة, الذين هم أسوأ بكثير من الكفار أنفسهم, لأنه كفر خفي مدعوم بالغبن والتربص وحب الإنتقام. فالإسلام يستحيل أن يجبر أحداً على إعتناقه أو يقبل من أحد إجبار غيره عليه؟ ..... يجب الوقوف طويلاً عند هذه النقطة وبلورتها لأنها الفارقة بين الحق والباطل,, وتذكر أن هناك سورة كاملة إسمها (المنافقون), يحذر الله نبيه الكريم منهم قال فيها: (إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ قَالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ 1), فلا تصدقهم, لأنهم: (اتَّخَذُوا أَيْمَانَهُمْ جُنَّةً فَصَدُّوا عَن سَبِيلِ اللَّهِ إِنَّهُمْ سَاءَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ 2), (ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا فَطُبِعَ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لَا يَفْقَهُونَ 3).

فبين له ان ظاهرهم خادع, وقولهم مخادع حتى لا ينخدع بهم, قال: (وَإِذَا رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أَجْسَامُهُمْ وَإِن يَقُولُوا تَسْمَعْ لِقَوْلِهِمْ كَأَنَّهُمْ خُشُبٌ مُّسَنَّدَةٌ يَحْسَبُونَ كُلَّ صَيْحَةٍ عَلَيْهِمْ هُمُ الْعَدُوُّ فَاحْذَرْهُمْ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ 4), علامات نفاقهم وخداعهم ظاهرة: (وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا يَسْتَغْفِرْ لَكُمْ رَسُولُ اللَّهِ لَوَّوْا رُءُوسَهُمْ وَرَأَيْتَهُمْ يَصُدُّونَ وَهُم مُّسْتَكْبِرُونَ 5), فهؤلاء المنافقين لا تشغل نفسك بهم, لأن الله لن يرضى عنهم أبداً: (سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَسْتَغْفَرْتَ لَهُمْ أَمْ لَمْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ لَن يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ 6). فكيف يصل إلى فكر عاقل إحتمالية إجبار الإسلام لأحد من الناس فيوسع بذلك دائرة المحظور وهم المنافقون الذين أختصهم الله بالدرك الأسفل من النار؟؟؟

وبالنسبة لكل الأنبياء والرسل, لم يجبر أحد منهم قومه الكافرين المعاندين على الإيمان والطاعة أبداً, بل كانت مهمتهم التبليغ, والنصح, والخوف عليهم من العذاب لا أكثر, فمثلاً.
1. هذا نبي الله ورسوله نوح قال الله عنه في سورة الأعراف: (لَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ فَقَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ « إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ » 59), فقال لهم مهمتي: (« أُبَلِّغُكُمْ رِسَالَاتِ رَبِّي » « وَأَنصَحُ لَكُمْ » - وَأَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ 62), وقال له: (أَوَعَجِبْتُمْ أَن جَاءَكُمْ ذِكْرٌ مِّن رَّبِّكُمْ عَلَى رَجُلٍ مِّنكُمْ - « لِيُنذِرَكُمْ » « وَلِتَتَّقُوا » « وَلَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ » 62)؟؟؟

لم يجبر أحداً أو يوبخه أو يؤنبه أو يهدده,, بل وقف عند البلاغ فقط, قال: (... أُبَلِّغُكُمْ رِسَالَاتِ رَبِّي ...), والنصح لهم: (... وَأَنصَحُ لَكُمْ ...), و التأكيد لهم على صدقه في الخوف عليهم: (... إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ), ثم توضيح حجته (... وَأَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ). هذا كل شيء.

2. ثم تلاه نبي الله هود, قال تعالى عنه: (وَإِلَى عَادٍ أَخَاهُمْ هُودًا قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ أَفَلَا تَتَّقُونَ 65), فعارضوه ووصفوه بالسفه والكذب,,,: (قَالَ يَا قَوْمِ لَيْسَ بِي سَفَاهَةٌ وَلَكِنِّي رَسُولٌ مِّن رَّبِّ الْعَالَمِينَ 67), مهمتي محصورة في أمر محدد: (« أُبَلِّغُكُمْ رِسَالَاتِ رَبِّي » « وَأَنَا لَكُمْ نَاصِحٌ أَمِينٌ » 68). أيضاً لم يجبر أحداً أو يوبخه أو يؤنبه أو يهدده أو يرد على الإساءة بالمثل,, بل وقف عند البلاغ فقط فقال: (... أُبَلِّغُكُمْ رِسَالَاتِ رَبِّي ...), ثم النصح لهم: (... وَأَنَا لَكُمْ نَاصِحٌ أَمِينٌ). ولم يزد على ذلك شيئاً.

3. وهذا نبي الله صالح بعده أُرسل إلى قومه ثمود, قال الله فيه: (وَإِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحًا قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ قَدْ جَاءَتْكُم بَيِّنَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ هَذِهِ نَاقَةُ اللَّهِ لَكُمْ آيَةً فَذَرُوهَا تَأْكُلْ فِي أَرْضِ اللَّهِ وَلَا تَمَسُّوهَا بِسُوءٍ فَيَأْخُذَكُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ 73), ولكنهم لم يصدقوه, وناهضوه وإنتصر عليهم إبليس فغواهم: (فَعَقَرُوا النَّاقَةَ وَعَتَوْا عَنْ أَمْرِ رَبِّهِمْ وَقَالُوا يَا صَالِحُ ائْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِن كُنتَ مِنَ الْمُرْسَلِينَ 77), فتولى الله أمرهم بنفسه ولم يكلف أحداً بالعذاب دونه, قال: (فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دَارِهِمْ جَاثِمِينَ 78).

لم يجبرهم نبي الله صالح على عبادة الله, وإنما نصحهم فقط, وقدم لهم البينة والبرهان على صدق ما حذرهم منه, وأكد لهم حرصة على نجاتهم من العذاب المحدق بهم,, ولكنهم كذبوه وناهضوه وتحدوه وسخروا منه,,, فلم يرد عليهم بالمثل, بل أنهى الله مهمته عند هذا الحد فكان رد الله عليهم مباشرة بالعذاب الذي كذبوا به رسوله فأصبحوا في دارهم جاثمين.

4. وهذا نبي الله لوط مع قومه الفاسدين المفسدين, قال تعالى عنه: (وَلُوطًا إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُم بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِّنَ الْعَالَمِينَ 80), فكذبوه وناهضوه وأعنتوه, قال في ذلك: (وَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلَّا أَن قَالُوا أَخْرِجُوهُم مِّن قَرْيَتِكُمْ إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ 81). فلم يقاتلهم أو يقابل سوءهم بمثله, بل تولى الله تعالى شأنهم فكانوا من الهالكين.

5. وهذا نبي الله شعيباً أرسله الله لقومه آل مدين, فقال تعالى عنه: (وَإِلَى مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْبًا قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ قَدْ جَاءَتْكُم بَيِّنَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ فَأَوْفُوا الْكَيْلَ وَالْمِيزَانَ وَلَا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ وَلَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلَاحِهَا ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ 85), فلم يستجيبوا له, فلما يئس منهم وعلم أن أمرهم قد حسم عند ربهم وأن العذاب آتيهم لا محالة, قال تعالى عنه: (فَتَوَلَّى عَنْهُمْ وَقَالَ يَا قَوْمِ لَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ رِسَالَاتِ رَبِّي وَنَصَحْتُ لَكُمْ فَكَيْفَ آسَى عَلَى قَوْمٍ كَافِرِينَ 93). فلم يجبر أحد على الإيمان أو يقهره أو يحاربه أو يرد على إساءته وتطاوله بالمثل, بل حصر دوره في التبليغ والنصح والتحذير خوفاً عليهم. وتولى ربهم شأنهم فحسم أمرهم بنفسه, فهو لا يحتاج إلى معين أو وكيل عنه.

6. قال تعالى: (ثُمَّ بَعَثْنَا مِن بَعْدِهِم مُّوسَى بِآيَاتِنَا إِلَى فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ فَظَلَمُوا بِهَا فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ 103), لم يقاتلهم موسى أو يعلن الحرب عليهم, بل: (قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ اسْتَعِينُوا بِاللَّهِ وَاصْبِرُوا إِنَّ الْأَرْضَ لِلَّهِ يُورِثُهَا مَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ 128). فموسى عليه السلام لم يقاتل فرعون ولا آله,, بل ركز فقط على الخروج ببني إسرائيل وإنقاذهم من الإضطهاد والقهر الذي كانوا يلقونه من هؤلاء الجبارين, وعندما تبعهم فرعون وجنوده محاولاً اللحاق بهم تولى الله أمرهم فأغرقهم في اليم ونجى موسى وقومه من شرهم.

7. ثم جاء دور أمة محمد الخاتم الأمين, قال تعالى عنهم: (الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِندَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنجِيلِ يَأْمُرُهُم بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلَالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنزِلَ مَعَهُ أُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ 157). فكان دوره مثل إخوانه الذين سبقوه في النبوة والرسالة, التبليغ, والنصح, والخوف عليهم من تبعة الكفر من عذاب أدنى والعذاب الأكبر.

قال الله تعالى له:
- في سورة الغاشية, نافياً عن رسوله الخاتم أن يكون مصيطراً على الناس, وحدد له مهمته تحديداً, قال له: (فَذَكِّرْ إِنَّمَا أَنتَ مُذَكِّرٌ 21), (لَّسْتَ عَلَيْهِم بِمُصَيْطِرٍ 22), وهذا نص صريح له بأنه لا يملك أي صيطرة على الناس, ومهمته فقط "التذكير" ثم تركهم لإختيارهم لأنفسهم.

- ثم نفى عنه – في عدة سور - أن يكون وكيلاً عن الناس فقال له في سورة الشورى: (وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِن دُونِهِ أَوْلِيَاءَ اللَّهُ حَفِيظٌ عَلَيْهِمْ «« وَمَا أَنتَ عَلَيْهِم بِوَكِيلٍ 6), وفي سورة الأنعام قال له: (وَكَذَّبَ بِهِ قَوْمُكَ وَهُوَ الْحَقُّ قُل لَّسْتُ عَلَيْكُم بِوَكِيلٍ »» 66), وقال له: (وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكُوا « وَمَا جَعَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا » «« وَمَا أَنتَ عَلَيْهِم بِوَكِيلٍ »» 107). وقال له في سورة يونس: (قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُمُ الْحَقُّ مِن رَّبِّكُمْ فَمَنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَن ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا «« وَمَا أَنَا عَلَيْكُم بِوَكِيلٍ »» 108). وفي سورة الإسراء قال له: (رَّبُّكُمْ أَعْلَمُ بِكُمْ إِن يَشَأْ يَرْحَمْكُمْ أَوْ إِن يَشَأْ يُعَذِّبْكُمْ «« وَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ وَكِيلًا »» 54). وفي سورة الفرقان قال له: (أَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ «« أَفَأَنتَ تَكُونُ عَلَيْهِ وَكِيلًا »» 43). وفي سورة الزمر قال له: (إِنَّا أَنزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ لِلنَّاسِ بِالْحَقِّ فَمَنِ اهْتَدَى فَلِنَفْسِهِ وَمَن ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا «« وَمَا أَنتَ عَلَيْهِم بِوَكِيلٍ »» 41).

- ثم نفى عنه أن يكون حفيظاً على الناس, فقال له في سورة النساء: (مَّن يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ وَمَن تَوَلَّى «« فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا »» 80). وفي سورة الأنعام قال له: (قَدْ جَاءَكُم بَصَائِرُ مِن رَّبِّكُمْ فَمَنْ أَبْصَرَ فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ عَمِيَ فَعَلَيْهَا «« وَمَا أَنَا عَلَيْكُم بِحَفِيظٍ »» 104). وفي سورة هود قال له: (بَقِيَّتُ اللَّهِ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ «« وَمَا أَنَا عَلَيْكُم بِحَفِيظٍ »» 86). وفي سورة الشورى قال له: (فَإِنْ أَعْرَضُوا «« فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا »» إِنْ عَلَيْكَ إِلَّا الْبَلَاغُ وَإِنَّا إِذَا أَذَقْنَا الْإِنسَانَ مِنَّا رَحْمَةً فَرِحَ بِهَا وَإِن تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ فَإِنَّ الْإِنسَانَ كَفُورٌ 48).

إذاً, فالقرآن يشهد ويؤكد عشرات المرات أن نبيه الخاتم ليس مصيطراً على الناس, ولا وكيلاً عليهم, لا حفيظاً. فهو فقط "بشير ونذير" بين يديه عذاب شديد ورحمة واسعة.

رابعاً: قولك (... الصلوات الخمسة غير مذكورة في القران .. مع ان الصلاة اعتبرتها الاحاديث اهم شيء .. حيث انها اول ما تحاسب به الميت في قبره ...). نقول لك وبالله التوفيق:
1. هل توجد في القرآن تفاصيل للطريقة العملية التطبيقية لأي من ألعبادات حتى يفصل في الصلاة؟ ..... فقد ترك الله هذه التفاصيل العملية التطبيقية للنبي كي يعلمها للناس كما علمه الله كيفية أدائها, وقال للناس في سورة الأحزاب: (لَّقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا 21). وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم (صلوا كما رأيتموني أصلي). وقد فرضت الصلاة عليه مباشرة من ربه في المعراج وليست وحياً كباقي التكاليف.

وقال تعالى في الصلاة في القرآن بالتذكير والتعميم بإقامتها وربطها بالزكاة والطاعة. ففي سورة البقرة قال: (وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ 43). وفي سورة النور قال: (وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ 56). وفي سورة النساء قال: (فَإِذَا قَضَيْتُمُ الصَّلَاةَ فَاذْكُرُوا اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِكُمْ فَإِذَا اطْمَأْنَنتُمْ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَّوْقُوتًا 103).

خامساً: قولك (... حديث المعراج غير معقول ابدا .. حيث انه ذكر بعض الانبياء .. ونسى النبي نوح الذي هو من اولي العزم من الرسل .. فلم يذكر انه في اي سماء ...). نقول فيه وبالله التوفيق:
1. القول بالنسبان في الوحي والقرآن يدل على السفه والجهالة,, فالله لا يضل ولا ينسى, ونبيه الخاتم لا ينطق عن الهوى إن هو إلَّا وحي يوحى,, ينزله الله تعالى مباشرة على قبله فيطبع هناك كما نزل والدليل قوله تعالى له: (سنقرؤك فلا تنسى).

2. لاحظ أنك أنت نفسك قلت (... ذُكر بعض الأنبياء ...), ولم يذكرهم كلهم وعدد الواجب معرفتهم خمسة وعشرون نبياً ورسولاً, فما دام أنه جاء ذكر البعض ولم يذكر البعض الآخر يصبح القول بعدم المعقولية شأن خاص بك وبفكره وقدراتك, وليس ملزماً للشرع بتحقيق أهواء ومعتقدات الأفراد والجماعات.

سادساً: قولك,, (... صلاة الله و ملئكته على الرسول .. لنفرض انها صحيحة .. لكن ما الداعي لذكرها في القران .. و ما مناسبة نزولها ...), نقول في ذلك وبالله التوفيق:
1. لا مجال هنا للقول " لنفرض " أو نعتقد,,, فهذا سفه بغير علم, ومن قصده إستخفافاً أو سخرية يكون قد سفه نفسه وأوبقها ولكنه لن يضر الله شيئاً ولن يستطيع أن يغمط رسوله قدره.

2. النبي محمد ليس كسائر البشر, إذ أن له خصوصية وتميز خاص عن غيره وثَّقَهُ الله تعالى في كل كتبه وأعلم بها كل رسله. والملاحظ أن خطاب الله تعالى له مختلف عن خطابه لباقي الرسل والأنبياء. فكل الأنبياء بدءاً من آدم عليه السلام وحتى عيسى بن مريم عليه السلام يذكرهم الله ويخاطبهم بإسمائهم المجردة (يا آدم, يا نوح, يا إبراهيم, يا زكريا, يا يحي, يا عيسى بن مريم), ما عدا النبي الخاتم محمد لا يذكره بإسمه المجرد إطلاقاً,, إذ لم يتفق أن جاء ذكر لإسمه بآية في القرآن كله (يا محمد),, فيأتي دائماً (يا أيها النبي, يا أيها الرسول, محمد رسول الله,,,).

3. كل الذي أنزله إلى الرسل قبله كان قد "أوصاهم به" ما عدا النبي الخاتم محمد فقد "أوحى له بكل ما أوصى به الرسل والأنبياء الذين جاءوا قبله بالإضافة إلى ما اختصه به ليكون للعالمين نبياً ورسولاً وشاهداً ومبشراً ونذيراً. قال تعالى في سورة الشورى: (شَرَعَ لَكُم مِّنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا - «« وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ »» - وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ كَبُرَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ مَا تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ اللَّهُ يَجْتَبِي إِلَيْهِ مَن يَشَاءُ وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَن يُنِيبُ 13), (وَمَا تَفَرَّقُوا إِلَّا مِن بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ وَلَوْلَا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِن رَّبِّكَ إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى لَّقُضِيَ بَيْنَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ أُورِثُوا الْكِتَابَ مِن بَعْدِهِمْ لَفِي شَكٍّ مِّنْهُ مُرِيبٍ 14), (فَلِذَلِكَ فَادْعُ وَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ وَقُلْ آمَنتُ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ مِن كِتَابٍ وَأُمِرْتُ لِأَعْدِلَ بَيْنَكُمُ اللَّهُ رَبُّنَا وَرَبُّكُمْ لَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ لَا حُجَّةَ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ اللَّهُ يَجْمَعُ بَيْنَنَا وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ 15).

وقد حذر الله المؤمنين من رفع أصواتهم فوق صوت النبي محمد, ولا يدعوه بإسمه كما يدعوا بعضهم بعضاً,, قال تعالى لهم في سورة الحجرات: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا «« لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ »» « وَلَا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ » أَن تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنتُمْ لَا تَشْعُرُونَ 2), وقد إمتدح الذين يغضون أصواتهم عند رسول الله, وبشرهم بالأجر العظيم, قال: (إِنَّ الَّذِينَ يَغُضُّونَ أَصْوَاتَهُمْ عِندَ رَسُولِ اللَّهِ - أُولَئِكَ الَّذِينَ امْتَحَنَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ لِلتَّقْوَى - «« لَهُم مَّغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ عَظِيمٌ »» 3), وذم الذين ينادون رسول الله من وراء الحجرات بصورة مزعج لرسول الله, قال عنهم: (إِنَّ الَّذِينَ يُنَادُونَكَ مِن وَرَاءِ الْحُجُرَاتِ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ 4), فكان الأجدى لهم إنتظارك حتى تخرج إليهم, قال: (وَلَوْ أَنَّهُمْ صَبَرُوا حَتَّى تَخْرُجَ إِلَيْهِمْ لَكَانَ خَيْرًا لَّهُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ 5).

4. إذاً هذا النبي له مقام وقدر خاص عند ربه, فأراد الله تعالى أن يؤكد للمؤمنين به هذه الحقيقة فأمرهم بأن يخصوا نبيه ورسوله الخاتم بما خصه ربه به وملائكته المقربين, فقال لهم في سورة الأحزاب: (إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا 56), فهذا حقه عليهم. وربط ذلك الحق الواجب عليهم مباشرة بالإيمان وجعله شرط أساسي له, قال: (إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا مُّهِينًا 57).

سابعاً قولك: (... الاسلام دين وليس سياسة دولة .. الرسول استثناء .. حيث انه في تلك الحقبة لم يكن هناك دولة تدير شؤون المواطنين .. لذلك اخذ الرسول والخلفاء من بعده شؤون الدولة على عاتقهم ...). نقول لك في ذلك وبالله التوفيق:
1. ما هي الدولة إبتداءاً, وما هي مقوماتها ومقتضياتها ومكوناتها؟؟؟ ..... يجب تحديد ذلك أولاً قبل الحكم على الإسلام إن كان بناءه بناء دولة أم هناك بناء للدولة أكمل وأشمل منه, عندها سيتضح للإنسان انه ظلم نفسه بأن تحرى الدولة الكاملة في غيره.

2. بما أن الدولة هي تجمع سياسي يؤسس كيانا ذا اختصاص سيادي في نطاق إقليمي محدد ويمارس السلطة عبر منظومة من المؤسسات الدائمة, و أن العناصر الأساسية لأي دولة هي (حكومة وشعب وإقليم، ثم سيادة معترف بها)، وذات شخصية قانونية دولية... فإن الإسلام هو الأجدر بها عن غيره مطلقاً. وحتى لا نعطي فرصة للمغالطات والتمحكات فإننا سنخصص موضوعاً كاملاً نفند فيه ونفصل ما أجملناه ولخصناه هنا, إ شاء الله وبقي في العمر فسحة لذلك.

ثامناً, قولك: (... جاء محمد بعد 700 سنة بعد المسيح .. و لم ياتِ بعد محمد نبي اخر بالرغم من مرور 1400 سنة .. قصدي .. لماذا انقطعت النبوة بعد محمد .. ما ذنبنا نحن لكي نتخبط .. حيث لا نبي جديد يهدينا الى الصواب ...). نقول له في ذلك وبالله التوفيق:
1. أنت الذي قد إخترت لنفسك التخبط بنفسك, أما الذين يتدبرون القرآن ويتأسون بسنة رسول الله الخاتم الأمين, يعلمون تماماً أن الله تعالى قد كتب على البشر الإستقرار بأن أنزل لهم كتاباً جامعاً دائماً يستوي عنده كل البشر وجعلهم بين قسطين بينهما معايير العدل والإنصاف وحرية الإختيار مع الوعي الكامل بكل كبيرة وصغيرة تعنيهم في حيواتهم. فقد ضمن الله لهم ذلك في الدنيا بأن أمرهم "بإقامة الوزن بالقسط" ونهاهم عن إخسار الميزان. وضمن لهم ذلك في الآخرة وطمأنهم بقوله "الوزن يومئذ القسط" لا ظلم اليوم.

2. الواقع أنه لن يأتي بعد محمد لا نبي ولا رسول حتى لو مر على بعثه ملايين السنين, قال تعالى في سورة المائدة (الدستور الدائم للمؤمنين), المادة الثالثة,, قال فيها: (حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ وَالْمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ إِلَّا مَا ذَكَّيْتُمْ وَمَا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ وَأَن تَسْتَقْسِمُوا بِالْأَزْلَامِ ذَلِكُمْ فِسْقٌ الْيَوْمَ يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِن دِينِكُمْ فَلَا تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِ - «« الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا »» - فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لِّإِثْمٍ فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ 3). وذلك بعد أن ضَمَّنَ هذا الدين كل إحتياجات البشر والرد على كل تساؤلاتهم إلى أن تقوم الساعة,, إذاً ما الحاجة لنبي أو رسول يأتي بعد ذلك؟ وبماذا سيأتي إضافة للكمال الذي أكده الله تعالى؟؟؟

3. أما قولك (... لماذا انقطعت النبوة بعد محمد ...), فهذا ظنك الذي لا برهان لك عليه, لأنك أنت الذي إنقطعت عن النبوة بإختيارك, مع انها موجودة وبكر فتية أمام ناظريك لا تبلى ولا تفنى ولا تشيخ, ولكنك إرتضيت لنفسك الغفلة فكان لك ما إرتضيت.

4. لذا فإن قولك (... ما ذنبنا نحن لكي نتخبط .. حيث لا نبي جديد يهدينا الى الصواب ...), الذنب أنك أدخلت نفسك في هذا التخبط لأنك إتبعت غواية الشيطان فسخر منك وإرتضيت أنت منه ذلك بإستسلام وخنوع. فالآن كن عملياً,, وأذكر شيئاً واحداً تحتاج فيه لهداية ولم تجدها في الإسلام كتاباً وسنة!!! (هذا تحدي), فإن لم تجد شيئاً "ولن تجد", عليك مراجعة نفسك قبل إتهام غيرك.

تاسعاً, قولك: (... هل هناك ادعية .. مهما كانت نوعها تحققت لحد الان .. كيف اذن نؤمن بالاية ان الله قريب يجيب دعوة الداعي...). نقول له في ذلك:
1. فلنفهم أولاً قوله تعالى في سورة البقرة: (وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ 186). فالشرط هو أن يكون السائل من عباده المؤمنين الذي يفردوه بالدعاء ولا يرجوا غيره أو معه أحد. وهذا لا يتأتى إلَّا عن إيمان صادق مخلص لله تعالى.

2. لم يسأل أحد من عباد الله الصالحين ربهم شيئاً إلَّا إستجاب له على الفور. ليس ذلك فحسب,, بل أيضاً المضطر الذي يعلم أن الحل لن يكون إلَّا من الله ولا يطلب من أحد غيره أجابه حتى لو كان فاسقاً. وكذلك المظلوم.
- نوع عليه السلام, قال: (وَقَالَ نُوحٌ رَّبِّ لَا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّارًا 26), فإستجاب له على الفور ولم يذر على الأرض من الكافرين دياراً.
- يوسف عليه السلام: (قَالَ رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ وَإِلَّا تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ أَصْبُ إِلَيْهِنَّ وَأَكُن مِّنَ الْجَاهِلِينَ 33) فاستجاب له على الفور, قال: (فَاسْتَجَابَ لَهُ رَبُّهُ فَصَرَفَ عَنْهُ كَيْدَهُنَّ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ 34).
- إمرأة عمران الصالحة, سألت الله النبوة من حملها, فلما تمخض عن أنثى طلبته من الله حفيداً من إبنتها مريم, فاستجاب لها فكان أن إصطفى مريم مرتين بينهما تطهير, ثم أعطاها مسألتها (نبوة, ورسالة, وكتاب, ومن الصالحين) في شخص واحد خلقه كخلق آدم بدون أب, فكان المسيح عيسى بن مريم عليه السلام.
- زكريا, طلب من لدن الله ولياً, وقد بين أنه بكل المعايير ليس أهلاً لذلك, فقط وهن العظم منه, وإشتعل الرأس شيباً فلن ترضى به إمرأة بها خصوبة, وكانت إمرأته عاقراً, فأعطاه يحي عليه السلام, لم يجعل له من قبل سمياً.
- وإمرأة فرعون قالت رب ابن لي عندك بيتاً في الجنة, فبنا لها ونجاها من فرعون.
- عيسى عليه السلام طلب من ربه أن ينزل عليهم مائدة من السماء,, فأنزلها عليهم.
- محمد الخاتم, دعى على إبن أبي لهب بأن يسلط عليه كلب من كلابه, فإفترسه الأسد وقد أحاط به القوم خوفاً عليه من دعوة رسول الله فلم يغنوا عنه من الله شيئاً.

3. ولقد جربنا نحن بأنفسنا ذلك عشرات وعشرات المرات لم نسأل الله تعالى فيها مسألتنا إلَّا رأينا الإستجابة (من حيث لا نحتسب, ومهما كانت المسالة) والله على ما أقول شهيد.

لا يزال للموضوع من بقية باقية

تحية طيبة للقراء

بشاراه أحمد



#بشاراه_أحمد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قُتِلَ الْخَرَّاصُونَ (ب):
- قُتِلَ الْخَرَّاصُونَ (أ):
- عندما يصير اللامعقول مألوفاً (تصحيح مفاهيم - « ه »):
- عندما يصير اللامعقول مألوفاً (تصحيح مفاهيم - « ج »):
- عندما يصير اللامعقول مألوفاً (تصحيح مفاهيم - « ب »):
- عندما يصير اللامعقول مألوفاً (تصحيح مفاهيم - « أ »):
- عندما يصير اللامعقول مألوفاً (C):
- عندما يصير اللامعقول مألوفاً (B):
- عندما يصير اللامعقول مألوفاً (A):
- ميتافيزيقا بيداويدية:
- تعليقات: قُتِلَ الْخَرَّاصُونَ ..... نتيجة غير منظورة:
- قُتِلَ الْخَرَّاصُونَ:
- رَشِيْدِيَّاتٌ ضَالَّةٌ, لا تَرْشُدُ 2 ( خاتمة):
- رَشِيْدِيَّاتٌ ضَالَّةٌ, لا تَرْشُدُ 2 ( ج ):
- رَشِيْدِيَّاتٌ ضَالَّةٌ, لا تَرْشُدُ 2 ( ب ):
- وقفة تأمل .... وتقويم:
- رَشِيْدِيَّاتٌ ضَالَّةٌ, لا تَرْشُدُ 2 (- أ -):
- رَشِيْدِيَّاتٍ ضَالَّةٌ, لا تَرْشُدُ (1):
- الإسلام والعنصرية وجه لوجه (جزء ثاني عشر):
- الإسلام والعنصرية وجه لوجه (جزء 11):


المزيد.....




- آموس هوكشتاين.. قبعة أميركية تُخفي قلنسوة يهودية
- دراسة: السلوك المتقلب للمدير يقوض الروح المعنوية لدى موظفيه ...
- في ظل تزايد التوتر المذهبي والديني ..هجوم يودي بحياة 14 شخصا ...
- المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه ...
- عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
- مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال ...
- الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي ...
- ثبتها فوراً لأطفالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات ...
- الجنائية الدولية تسجن قياديا سابقا في أنصار الدين بمالي
- نزع سلاح حزب الله والتوترات الطائفية في لبنان.. شاهد ما قاله ...


المزيد.....

- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - بشاراه أحمد - قُتِلَ الْخَرَّاصُونَ (ج):