أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم - محمد أبيض - عندما تصبح العلمانية شكلاً آخر للديكتاتورية














المزيد.....


عندما تصبح العلمانية شكلاً آخر للديكتاتورية


محمد أبيض

الحوار المتمدن-العدد: 1386 - 2005 / 11 / 22 - 09:15
المحور: اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم
    


تسعى العلمانية، كنتاج للمجتمعات الراقية، إلى إيجاد نوع من التوافق و الانسجام بين أفراد المجتمع الغني و المتنوع، سياسياً و عرقياً و اثنياً. و قد كانت العلمانية -و ما زالت- تمثل حتى اليوم نموذجاً من أفضل النماذج التي يمكن أن تتوصل إليها البشرية في تقبل الآخر و مساواته مع بني جنسه دون تدخل عوامل طائفية أو سيطرة فئة طبقية أو شمولية سياسية أو دينية.

لفترة بسيطة فقط، كنت أظن أنه من المستحيل للعلمانية أن تترافق مع أي شكل من اشكال الديكتاتورية، أو الاستهتار بحقوق الإنسان، فهي قد ولدت من أجل حقوق الإنسان، و من أجل حريته.
إلا أن ما بدأه مجموعة من الشباب المظلومين في فرنسا، مهد العلمانية و حقوق الإنسان، طرح في ذهني العديد من الشكوك و التساؤلات. لقد زعزع مفاهيم و أقام مكانها مفاهيم أخرى، ربما ليس بشكل كامل و لكن بدرجة أو بأخرى.
كانت الضربة الأولى تلك العبارة التي أطلقها الثلاثي (الخطير)، شيراك و دوفليبان و ساركوزي، عندما قالوا: "إن الأولوية هي لإعادة النظام". و حتى هذه العبارة قد تبدو للوهلة الأولى مقنعة، إذ أنه لا أحد تنبه إلى هذا السؤال: كيف سيُعاد النظام؟. فقد يبدو من السخف أن تتكلم به أو تسأله في تلك البلاد المتخمة بالحرية. لكن ما فعله أسياد الديمقراطية هز كيان العلمانية. لقد اعادوا النظام بقانون قد تراكم فوقه الغبار حتى كاد يأكله، لقد اعادوا النظام بقانون يجسد العنصرية في اردئ حلتها، لقد أعادوه بالقانون الذي صمم خصيصاً لأجل العنصرية، ذلك القانون الذي صدر عام 1955 للتطبيق في المستعمرة الجزائرية الثائرة على فرنسا.
إن فرنسا اليوم تواجه الأسئلة التي لطالما تهربت من مواجهتها أو أجّلت لعقود الإجابة عليها، وتجد نفسها هذه الأيام أمام معضلة حل التناقض بين علمانيتها التي تفاخر بها، وواقع التمييز بين الفرنسيين على أساس لون البشرة أو المعتقد الديني أو الهوية الثقافية، وهي باعتبارها أكثر من أي بلد أوروبي آخر، لم يعرف تاريخها قبولاً حقيقياً للآخر، لم توضح بعد ماذا يعنيه شعار الاندماج لهؤلاء الفرنسيين الذين جلبتهم إلى فرنسا عهودها الاستعمارية، أو حاجتها إلى ما يسميه ساركوزي الهجرة الكبيرة قبل أربعين عاماً، والتي سوغها في حينه حاجة فرنسا بعد تحريرها من النازي إلى من يبنيها، حيث ساهم أجداد وآباء "ثائري اليوم" هؤلاء في بنائها، واليوم يكافئون بأن يحشروا في "غيتوات"، وبأن يجدوا أنفسهم في مواجهة أزمة هوية نتيجة للاندماج القسري الذي لا يعني سوى التذويب... والتهميش، والإهمال، وتراكم الإحساس بالمهانة، وتكرار عدم الإيفاء بالوعود المقطوعة قبيل الانتخابات...
ترى مالذي يريده فرنسيو الهجرة، أو مالذي دفع من وصفهم ساركوزي بالحثالة، والأوباش، ولصوص الضواحي، إلى تمرد الحرائق؟!
لا أحد يجادل في أنهم لا يريدون سوى الاندماج في مجتمعهم الذي استغل آبائهم بالأمس ويلفظهم اليوم ويحشرهم عبر التهميش والتعامل العنصري في "غيتوات" ضاقت بهم فتمردوا على حالهم المنسدة الأفق فيها، حيث أن ما ال50% من شبانهم هم عاطلون عن العمل، ومن بين هؤلاء من هم حملة إجازات الدكتوراه... يريدون من الجمهورية المتشدقة بمبادئها فقط أن تطبق مضمون شعارها أو شعار الثورة الفرنسية الأشهر: "الحرية، والإخاء، والمساواة"...

إن "فرنسا الجريحة" (كما يسميها دوفليبان) قد وجهت ضربة إلى علمانيتها و مبادئها، و ربما إلى العلمانية العالمية كله، و هي احدى النماذج التي يضرب بها المثل في الحرية و الديمقراطية في كل انحاء المعمورة.
إن فرنسا التي صوتت بكلمة (لا) للدستور الأوربي، خوفاً من تبعات الاندماج فيه، لا اعتقد أنها يوماً، ستسمح لمهاجريها، الذين تصر على لفظهم، أن يندمجوا في مجتمعها.
لقد صرح رومانو برودي (مفوض الاتحاد الأوربي) أن انتشار الحالة الفرنسية إلى باقي أوربا هي مسألة وقت ليس إلا. لا أعرف ما الذي سيحصل في العلمانية العالمية إذا انتشرت هذه الظاهرة إلى باقي الدول الأوربية، و خاصة بريطانيا، أعرق حضارة ديمقراطية علمانية. إذا سقطت بريطانيا فسيقط معها صنم العلمانية، و اعتقد أنه بعد ذلك ستأفل شمس العلمانية عن البشرية إلى غير رجعة، و سنعود مرة أخرى الى مستنقع ملوث بدناءة البشرية أشد خطورة من المجتمعات الدينية القروسطية، سنعود إلى مجتمع اللادينية الديكتاتوري، و نهدم ما بنته البشرية بعلمانية كانت يوماً هي المكان الأمثل لنمو الإبداع و الفكر الخلاق.
لن اكون متشائماً، و لكن لن انظر بعين واحدة، يجب ان نرى كل الحقيقية و ليس نصفها...
لقد ضربت فرنسا العلمانية بعرض الحائط، و ضربتنا معها، فهل ستكمل علينا بريطانيا و باقي أوربا أم تكون تلك كبوة جواد؟...



#محمد_أبيض (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بعيداً عن الإسلام و من أجله


المزيد.....




- قد لا تصدق.. فيديو يوثق طفل بعمر 3 سنوات ينقذ جدته المصابة
- مستشار ألمانيا المقبل يواجه طريقًا وعرًا لتعديل سياسة -كبح ا ...
- اندلاع النيران في محرك طائرة تابعة للخطوط الجوية الأمريكية ع ...
- الموحدون الدروز في سوريا وتحديات العلاقة مع السلطة الجديدة
- أمريكا وإسرائيل تتطلعان إلى أفريقيا لإعادة توطين غزاويين
- موريتانيا.. حبس ناشط سياسي بتهمة -إهانة- رئيس الجمهورية
- مترو موسكو يحدّث أسطول قطاراته (فيديو)
- تايلاند تحتفل باليوم الوطني للفيل (فيديو)
- اختتام مناورات -الحزام الأمني البحري 2025- بين روسيا والصين ...
- القارة القطبية الجنوبية تفقد 16 مليون كيلومتر مربع من الجليد ...


المزيد.....

- قراءة ماركس لنمط الإنتاج الآسيوي وأشكال الملكية في الهند / زهير الخويلدي
- مشاركة الأحزاب الشيوعية في الحكومة: طريقة لخروج الرأسمالية م ... / دلير زنكنة
- عشتار الفصول:14000 قراءات في اللغة العربية والمسيحيون العرب ... / اسحق قومي
- الديمقراطية الغربية من الداخل / دلير زنكنة
- يسار 2023 .. مواجهة اليمين المتطرف والتضامن مع نضال الشعب ال ... / رشيد غويلب
- من الأوروشيوعية إلى المشاركة في الحكومات البرجوازية / دلير زنكنة
- تنازلات الراسمالية الأميركية للعمال و الفقراء بسبب وجود الإت ... / دلير زنكنة
- تنازلات الراسمالية الأميركية للعمال و الفقراء بسبب وجود الإت ... / دلير زنكنة
- عَمَّا يسمى -المنصة العالمية المناهضة للإمبريالية- و تموضعها ... / الحزب الشيوعي اليوناني
- الازمة المتعددة والتحديات التي تواجه اليسار * / رشيد غويلب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم - محمد أبيض - عندما تصبح العلمانية شكلاً آخر للديكتاتورية