طوني سماحة
الحوار المتمدن-العدد: 5116 - 2016 / 3 / 28 - 18:05
المحور:
الادب والفن
أما يكفي أيها السيف دماءٌ
وعبيد وإماءٌ؟
أما يكفي اغتصابٌ
وآلام وعذابٌ؟
أما يكفي ذلّ ودموع،
واكتئاب، عطش وجوع؟
في قريتي، يا سيف، بيتي
وما فيه من ذكرياتي،
طفولتي،
أخي، أختي،
أبي، أمي،
جدي، جدتي.
بيتي، يا سيف، صار للنار طعاما!
في بيتي، يا سيف، تاريخي
فيه أمسي، فيه عمري،
فيه أحلامي،
أفراحي وخيبتي،
كتابي ومسطرتي،
وعلى جدرانه رسوماتي.
في الأمس أتوا
جحافلا، قوافلا،
من الأرض أتوا،
من البحر أتوا،
من السماء هبطوا،
مثل أسراب الجراد،
مدججين بالعتاد،
ملتحفين بالسواد،
بالليل وبالرماد،
بالعشرات، بالمئات وبالآلاف،
زرعوا قريتي بارودا ونارا،
فجروا مدرستي،
أحرقوا بيتي،
مزّقوا كتبي
وداسوا على رسوماتي،
ثم مارسوا الفحشاء على تختي.
ركلوا لعبتي الصغيرة،
ظنوها امرأة... طفلة...
اقتلعوا عينيها،
أكلوا وجنتيها،
شتموها ورقصوا على جثتها البريئة.
قرّروا أن يحجّبوا الشمس لأنها مؤنث،
والأنثى تغريهم،
تخرج الحيوان من أهوائهم،
تجعلهم يثورون... مثل الثور يثورون،
تجعلهم يرتجفون،
يرتعدون، يرتعشون،
يضطربون، ويتزلزلون.
لكن الشمس صديقتي،
وكيف لي أن أحيا إن هم حجبوا الشمس؟
الشمس والدتي،
الشمس جدتي،
أختي ومعلمتي،
رفيقتي وجارتي،
الشمس نوري وحبيبتي.
أما يكفي، أيها السيف، أنك سلبتني الماضي؟
دع لي من العمر حاضري، مستقبلي،
لا تلوّثه بالدم،
أو بالحقد أو بالجهل.
دعني، يا سيف، استعيد لعبتي،
في بيتي،
في الحيّ الصغير، في قريتي.
دعني أركض لمدرستي صباحا،
لبيت جدتي أو رفيقتي،
دعني ألعب، وأضحك،
وأبكي، وأشتاق،
وأنام في حضن والدتي.
أما يكفي أيها السيف دماء؟
#طوني_سماحة (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟