سلام قاسم
كاتب وإعلامي
(Salam Kasem)
الحوار المتمدن-العدد: 5113 - 2016 / 3 / 25 - 20:35
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
الفكر الأسلامي وبداية ظهور الأرهاب
الأرهاب معناه التخويف , والتخويف ليس بالضرورة ان يكون قتل , بل هو الأستعداد للعدو الذي يريد ان يهدد امن الوطن , وهذا الأستعداد هو لأرهابه , حتى لايكون امن البلد , لقمة سائغة له .والأسلام يحث على المحافظة على عرض المسلم ودمه وماله , لذلك فقد حرم الأسلام , القتل والسرقة والزنا وغيرها .
في الأونه الأخيرة ونتيجة للأعمال الأرهابية التي قامت بها بعض المنظمات المتطرفة , تم لصق تهمة الأرهاب بالأسلام , عبر حملات اعلامية منظمة , بينما الأرهاب هو ظاهرة عالمية وهو لاينسب الى دين معين , بل هو سلوك ناتج عن التطرف ( التطرف الديني ) كما ان هناك ارهاب اشد من التطرف الديني , هو ارهاب الدول , الذي لم يسلط عليه الضوء بشكل او اخر , مثلما يحصل في فلسطين , ومثلما حصل في العراق ايام حكم صدام ,والأرهاب الذي مارسته امريكا عند احتلالها للعراق , وما خلفه من ظهور حركات جهادية , تدعوا لمقارعة المحتل . واحتلال الدول الغربية , للدول العربية ونهبهم لخيراتها ومارافق هذا الأحتلال من اغتصاب وقتل وبطش , لذلك لو تعمقت دول مثل امريكا والدول الغربية في وصف الأرهاب , لأدانت نفسها بنفسها , نتيجة لما اقترفته بحق الشعوب الضعيفة التي احتلتها وعبثت بمقدراتها .
ربما يقول البعض ان بعض التصرفات الفردية لأشخاص لايمتون للأسلام بشيء , وقيامهم بأعمال ارهابية ,انما هو تصرف شخصي ,والأسلام بريء منهم , وهذا كلام فيه مغالطة كبيرة , اذ ان جميع المتطرفين الذين ينشرون الأرهاب في العالم اليوم هم من المسلمين , الذين يستندون في ارهابهم الى احاديث وأيات صريحة تحثهم على ذلك . وان تنظيم داعش ومن قبله تنظيم القاعدة هم مسلمين جميعهم , تجمعوا من جميع بقاع العالم , وهم يعتمدون على نصوص قرآنية وأحاديث نبوية صريحة , تحث على قتل المرتد , وكل من يخالف عقيدتهم , وعلى الأخص الشيعي , فهو بنظرهم كافر , سواء كان ذكر ام انثى بل حتى لو كان طفلا , والأمر الأخر حد السرقة , حيث يعاقب السارق في المرة الأولى بقطع يده اليمنى وفي المرة الثاني بقطع رجله اليسرى , وهذا موجود في النصوص الأسلامية التي يستند عليها داعش , والأمر الأخر معاقبة شارب الخمر بالجلد , وهو ايضا مذكور في النصوص القرآنية , اما ما يخص عقوبة الزاني والزانية فهي واضحة الرجم حتى الموت , اذا داعش لم يأتي بشيء جديد , بل انه يطبق التعاليم الأسلامية بحذافيرها .
لذا اصبح لازما علينا بل واجبا مراجعة النصوص التي تحث على الكراهية والقتل في الدين الأسلامي , خصوصا وأن من تلك النصوص قد نسخت , ومنها ايضا كانت تصلح لزمانها ولا تصلح لزماننا .
كما ان الأوان , قد حان , للرجوع الى البدايات الحقيقية للدين الأسلامي , عندما ظهر الأسلام في نجد , كان يدعو الى الموعظة الحسنة ( ادع الى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة) لم يكن يدعو للعنف او القتل , لذلك كانت دعوة الرسول محمد (ص) وحتى وفاته , الى الحق بالكلمة الطيبة , لم يحارب اليهود ولا النصارى الذين كانوا منتشرين في صحراء العرب , بل قال لكم دينكم ولنا ديننا .
وبعد ان اشتد امر المسلمين في نجد والحجاز , شكل الرسول محمد (ص ) دولته ,دولة الأسلام المبنية على العدل والمساوات , وبعد وفاته , قام الخلفاء من بعده بنشر الأسلام انطلاقا من تحرير العراق المحتل من قبل الفرس , والشام المحتل من قبل الروم ,
وبعد قيام دولة بني امية , انتشرت الفتوحات الأسلامية بحد السيف , وكان ظاهرها يدعو لنشر الأسلام , بينما هي في الحقيقة غزوات لتحقيق غنائم ومكاسب مادية , وكانت وسيلتهم لنشر الأسلام تعتمد على ثلاث نقاط :
اولا – الدخول في الأسلام
ثانيا- دفع الجزية
ثالثا- القتل
من هذا يتضح لنا جليا ان الأسلام في بداياته , كدين يرفض الأرهاب , بل يرفض رفظا قاطعا استخدام القوى في نشر الدين الأسلامي , وان الأنسان حر الأرادة في اختيار دينه وطريقة حياته ( لا اكراه في الدين ) , والأسلام يحرم قتل النفس بدون وجه حق , هذا هو الأسلام الحقيقي , جميع البشر فيه محترمون .
لكن للأسف ظهور بعض الحركات المتطرفة , التي تهدد حياة البشر وهي للأسف منتمية للفكر الأسلامي , تستمد تعاليمها من نصوص قد نسخت فيما مضى , او قيلت في سياقها , وهي لا تمت لحاضرنا بشيء , نراها تهدد هذه الدولة او تلك , وخصوصا الدول الغربية لكثرة الخلايا النائمة فيها , فهي تسعى وللأسف لتثبيت تهمة الأرهاب ولصقها في الدين الأسلامي , من خلال خطف الرهائن الأوربيين وغيرهم , واعتماد اساليب وحشية في القتل ( الحرق والذبح مثلا ) اساليب مهينة ومقززة , والغاية منها , اخافة العدو على حد ادعائهم .
كما ان المجاميع الأرهابية انطلقت من الأرهاب الداخلي للدول العربية ( العراق وسوريا ومصر وليبيا ) الى ارهاب الدول الأوربية , مما حدا بدول العالم الى تشكيل تحالف ستراتيجي لمكافحة الأرهاب , والذي هو في اساسه ارهاب الجماعات الأسلامية التكفيرية
وتم ايجاد تعريف للأرهاب من قبل لجنة الأرهاب الدولي (بأنه عمل عنف خطير أو التهديد به، يصدر من فرد سواء كان يعمل بمفرده، أو بالاشتراك مع أفراد آخرين، ويوجه ضد الأشخاص أو المنظمات أو الأمكنة أو النقل أو أفراد الجمهور العام بهدف تقويض علاقات الصداقة بين الدول أو المواطنين، كما أن التآمر أو محاولة ارتكاب أو الاشتراك أو التحريض على ارتكاب الجرائم السابقة يشكل جريمة إرهاب دولي )
تفجيرات بروكسل الأخيرة , لاتقل خطورة عن تفجيرات بغداد وسوريا ومصر , فجميعها تفجيرات ارهابية , الفاعل فيها واحد , هو المنظمات الأرهابية الأسلامية المتطرفة دينيا والمظللة عقائديا , ومن الواضح ان تصاعد العمليات الأرهابية , ضد الأهداف المدنية سواء في داخل وطننا العربي او في خارجه , وتصعيد تلك العمليات الى مستوى وحشي قذر , ماهو الى نتاج واضح لفكر متطرف , لأشخاص شاذين سلوكيا , لايميزون في ارهابهم بين طفل او رجل , ولابين شاب وكهل , ولابين رجل وأمرأة , ولابين مدني او عسكري , المهم لديهم ايقاع عدد اكبر في الخسائر بالأرواح البشرية البريئة .
ان ظهور تنظيم داعش في العراق وسورية ومحاولته احياء الخلافة الأسلامية , وأقامة دولتهم بالحديد والنار , والمتابع لهذا التنظيم الوحشي يجده , اكثر التنظيمات الأسلامية تطرفا وعنفا وقتلا , وقد تبنى هذا التنظيم الفكر السلفي الجهادي , الذي اسسه ابو مصعب الزرقاوي في العراق , معتمدا على الأستقطاب الطائفي من خلال تكفيره للأخر , وهو يعتمد خطابا دينيا متعصبا موجها الى الطائفة السنية , الذي وجد له فيها حواضن للأرهاب .
لنرجع الى الوراء قليلا , لنبحث في جذور هذا الفكر الشاذ والمتعصب دينيا , سنجد انه يستمد من فتاويه الى مايسمى بشيخ الأسلام ابن تيمية (661-728م) ورغم مرور عدة قرون على وفاته , الى ان فتاويه مازال لها صدى مدوي , لدى الطائفة السنية , حتى انقسمت الى قسمين , انصاره يعتبرونه مجددا للدين , وخصومه يصفون فكره بالغلو والتشدد , بل يتهمونه بنشر الفكر المتطرف للأرهاب , ويعتبر ابن تيمية , صاحب اكبر تأثير من خلال فكره الجهادي , على الجماعات الجهادية السلفية , حتى جاء محمد ابن عبد الوهاب بعد ستة قرون من وفات ابن تيمية , ليؤسس للعقيدة الوهابية , حيث يعتبر ابن تيمية الأب الروحي لها , مروجين للفكر الجهادي , كأسلوب لأعادة قيام الدولة الأسلامية .
ان من يجيد قراءة التأريخ , سوف يجد ان انتشار الوهابية في القرن التاسع عشر , واتباعها للعنف في نشر هذا الفكر بعد تعاونها مع آل سعود لفرض وجودها , هو التشابه التام بينها وبين تنظيم داعش الأرهابي , فأن مايشهده العراق من تدمير للمساجد والحسينيات الشيعية وللمزارات والقبور , والأثار ومراقد الأنبياء , ومن محاكمات متخلفة تسمى شرعية , نجد ان اساسها هو الفكر الوهابي الذي قام بقتل البشر وتدمير مقابر اهل البيت وصحابة الرسول, وقد تبنى آل سعود المذهب الوهابي التكفيري مذهبا رسميا للدولة منذ اكثر من 100 عام , شعارهم ( المذهب والسيف ) مدعومين من القوى الكبرى ( امريكا وبريطانيا ).
من كل هذا يتضح لنا مايلي , ان الفكر الأسلامي الحق , يدعو الى المحبة والتسامح , رغم انه نشأ في بيئة قاسية ( الصحراء العربية ), لكن بعد ان قامت الفتوحات الأسلامية على يد الدولة الأموية , انتشرت عمليات القتل , في الشعوب التي استعمرتها الدولة الأموية , بحد السيف , ثم ظهور ابن تيمية وفكره الجهادي , وظهور محمد ابن عبد الوهاب , بالتعاون مع آل سعود , وتأسيسهم لمملكة السعودية, والمساهمة في نشر الفكر الوهابي المتطرف , لينتج لنا هذا الفكر جميع التنظيمات الأرهابية المجرمة , مثل تنظيم القاعدة وداعش والنصرة وبوكو حرام وغيرها , من التنظيمات الأرهابية والتي هي جميعها مصدرها ,هذا الفكرالسلفي , والمال السعودي , بعد اكتشاف البترول في الصحراء العربية , والتعاون التام بين كل من بريطانيا وامريكا واسرائيل مع عائلة آل سعود , لنشر الأرهاب في العالم , وليصطبغ بصبغة الأسلام .
اليوم اصبح لزاما على العالم , كشف هذا الفكر الضال , والمتعاونين معه , من افراد ودول ومنظمات , لأن خطره اصبح واضحا وجسيما على كل شعوب العالم .وعلى جميع علماء المسلمين سواء في الأزهر او في النجف او في قم , البحث عن مشتركات تجمعهم , والقيام بأعادة انتاج الفكر الأسلامي وفق رؤية جديدة , تعيده الى ايام انطلاقته , عندما كان يدعوا للتسامح ونبذ الكراهية , فأن اختلاف علماء المسلمين , يسهل ظهور حركات ارهابية , ويكون صداها اوسع , مثلما حصل ويحصل اليوم .
سلام قاسم
#سلام_قاسم (هاشتاغ)
Salam_Kasem#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟