أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - متعب أنزو - رؤية محرفة......عن علاقة الحدس باللوحة














المزيد.....

رؤية محرفة......عن علاقة الحدس باللوحة


متعب أنزو

الحوار المتمدن-العدد: 1385 - 2005 / 11 / 21 - 07:18
المحور: الادب والفن
    


للوهلة الأولى تبدو اللوحة الحداثية ذات ارتباط حتمي بظهور التيارات التحريفية في أشكال الفن بداية القرن الثامن عشر انطلاقاً من أوروبا، و تحديداً فرنسا حيث تبلورت فيما بعد و تسربت إلى معظم أرجاء العالم و كانت إحدى صور التغيير الحاصل في البنية الثقافية التي شكل الدادائيون ممثلين "بأندريه بروتون و بول إيلور" ذروتها الأدبية.
لكن بالنظر إلى التجارب المضافة على خط الاكتشاف البصري يبدو الأمر أبعد من ذلك بكثير، التجارب التي ذهبت باللوحة إلى ارتيادات تتحالف كلياً مع المفاهيم الجمالية التي أسست لها عهود الباروك و أعيد ترتيبها بفضل الأبحاث اللونية لبيكاسووماتيس وكاندينسكي من سبقهم من الانطباعيين ممثلين بمونية ورينوار وغيرهم .
هذه الارتيادات التي استبعدت سلفاً كل العناصر المتشكلة في حدود الرؤيا السابقة للعمل و عمدت إلى بعث العالم المختفي في الذاكرة في فضاء معتم يخلو حتى من الأكسجين، و هي ترتد بشكل قسري و مباشر إلى غويا و تحديداً إلى النزوات المحيدة في تاريخه التشكيلي و التي أرست مبدأ التعاطي مع مسخ الفكرة و الخط و اللون "الطريقة" التي استنتج غاياتها بحرفية بالغة فيما بعد التشكيلي "فرنسيس بيكون" و بكثير من التماسك .. مما أحل عليه لعنة رافقته طوال معارضه الأولى .
و تشير الدراسات التي أحاطت بالتاريخ التشكيلي لغوياً بأنه انتظر حتى الأربعين لكي يتم الاعتراف به كرسام مهم .
مما أحاله إلى أمراض مزيفة انتهت به إلى الانكفاء و الشلل و الصمم نتيجة لعمله المتواصل و تأثيرات الأتربة السامة التي كان يستخدمها في عمله .
و هو أنشأ إبان انزواءه في تنويعة الموت ما يربو على ثلاثمائة عمل تحت شاهد النزوات ووفق إيعازات الرؤى و الأحلام و التماعات اللاشعور و خرج وفقاً لأحاسيسه المشوهة و المضطربة بنتاج خلاق لم يتم الاعتراف به على هذا النحو إلا نهاية القرن التاسع عشر .
في السياق ذاته تشير كتابات هربرت ريد إلى الحساسية العالية و قيمها السحرية التي تتمتع بها أعمال "إيغون شيلي" و التي تألفها حتى الذائقة الفنية لحظة خروجها وإن تكثيفه للرؤيا في زوايا لم تكن معتادة في تاريخ الفن يشكل استدلالاً حيوياً للنتيجة القائلة " إنه لا يمكن عزل القراءة الروحية للأشياء في عمل فنان " .
في البداية لم يكن شيللي يتوقع كل هذا الإعراض عن تمارينه في تشخيص القبح و التي أعلنها بصورة بورتريهات مشوهة تماماً كما فعل "فرنسيس بيكون" مع خلاف التصورات و الأمزجة اللونية، و الذي عانى هو الآخر الإعراض ذاته في معارضه الأولى .
في المحاكاة التشكيلية التي قام بها الفنانين لاكتشافات القيمة الجمالية المضادة في مسخ النسب و الملكات اللونية المؤسسة على الذائقة الشمولية للفن و التي شكلت فعل موازي و منفصل لما قام به الانطباعيون من تحريفات للمعطى اللوني .
بقيت التوصيفات التي أطلقت في تعميم معنى القبح كقيمة مشروعة "توصيفات ناقصة" و مستهدفة في كثير من الأحيان و رغم ذلك قدمت باعتبارها مدخلاً إلى مساحات لم تكن في حساب التطور التشكيلي الذي صيغ في القرون الوسطى تحت سقف و عين البابوية اليقظة و أطرته فيما بعد الذائقة البرجوازية و التي لم تعتد هذا الانقلاب الحاد في نتاجات "فرنسيس بيكون" و"إيغون شيلي".
اليوم توصف هذه النتاجات الشاذة بأنها تعود بالمشهد الروحي إلى جذور مغيبة في نظرية التصوير و تخرج عن البيانات الانطباعية المغلفة بخاصية الحدس الذي يشكل في اعتبار الكثيرين "نزعة" أكثر منه استبصار .
إن السؤال حول ما إذا كانت هناك آلية معينة لخلق هذه الدراما البصرية الصادمة هو استهداف لا يحمل أي مسوغات لكنه سيحوذ مرجعيات واضحة في أبحاث "سعد يكن" التي تقوم بمجملها على مسخ القيمة و النسب و لكن وفق آليات مبرمجة خضعت لتراكم حدسي و ترتكز بشكل أساسي على حوامل الزمان و المكان و المحيط الحيوي الذي تتآلف عناصر اللوحة وفق فضاءه و دلالاته .
هذا السلوك الذي لم تكن له معالم أكيدة في النزوات التي لا تشكل أي مقاربة مع أعمال "سعد يكن" ، و بخلاف التصنيف لكل منها إلا أنها تتوحد في غايات الشكل النهائي للعمل بينما تشترك بورتريهات "سعد يكن" مع بورتريهات "بيكون" في كثير من المفاصل مع المبالغة لدى الأخير في إعادة ترتيب النسب بشكل مفزع و صارم و متقدم على الإنشاء الحدسي لدى الأول .
في العرض الأخير لأعماله في الأونيسكو تتأكد لدى "سعد يكن" حقائق البيئة كحامل منهجي مبيت لأعماله و هو يعي تماماً مفردات العمل بالقدر الذي يشكله كهاجس متنام لديه و إن المتجسد عنده هو مسرح الروح الذي يحتوي لحظة التصادم بين كل مؤلفات الشعور واللاشعور التي يحملها الإنسان في داخله و هو يتكىء على حرفية أخاذة في صناعة فضاء اللوحة لتشكيل موازي لخلق الشخوص المعاقة و المشلولة و بشكل لا يبدو و كأنه مضاف بقدر ما هو جوهري و كامن في عمق العمل .
و هو يعتبر مرجعية في التشكيل السوري و خلصت إلى تجارب كثيرة فيما بعد و لمعت بينها تجربة التشكيلي "سبهان آدم" الذي يشكل حالة نافرة ذات خصوصية في التشكيل السوري لعقد ما بعد التسعينات و هو متجاوز تماماً للخط الصوفي و المفردات التي يؤسس عليها "سعد يكن" لوحته و يرتد أكثر فأكثر إلى" إيغون شيلي" فيما يتعلق بالجسد المشوه و إلغاء الاهتمام بفضاء اللوحة مع اللوحة مع التأكيد على السلوك الفوضوي في العمل و التراكيب اللونية و الخطوط و التي تبدو في جانب منها ذات علاقة بانفعال غير مبرر لكن مرتبط بصفات سيكولوجية تلتزم أطراف حياته بمجملها ، مع العلم أن سبهان آدم يعمل وفق ذهنية عصابية غير واضحة المعالم و هي ذات المساحة التي انطلق منها "غويا" في النزوات مع خلاف التجربتين في الزمان و المكان .
في نهاية الأمر يشكل بعث الذاكرة في اللوحة غرض تشكيلي أساسي و يكتسب حضوراً مميزاً في الذائقة الآنية و إن شابته ارتجالات تقنية و لونية فهو يعتبر دلالة ذات مؤشرات في جانب مهم من حياة الإنسان .



#متعب_أنزو (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- فن الأفكار ..ثلاث مشاهد منصبة في دمشق
- حوار مع التشكيليي العراقي هاني مظهر
- حوار فني مع الشاعرة اللاتينية أستري دي لوس ريوس
- يوسف عبدلكي


المزيد.....




- الكوفية: حكاية قماش نسجت الهوية الفلسطينية منذ الثورة الكبرى ...
- رحيل الكوميدي المصري عادل الفار بعد صراع مع المرض
- -ثقوب-.. الفكرة وحدها لا تكفي لصنع فيلم سينمائي
- -قصتنا من دون تشفير-.. رحلة رونالدو في فيلم وثائقي
- مصر.. وفاة الفنان عادل الفار والكشف عن لحظات حياته الأخيرة
- فيلم -سلمى- يوجه تحية للراحل عبداللطيف عبدالحميد من القاهرة ...
- جيل -زد- والأدب.. كاتب مغربي يتحدث عن تجربته في تيك توك وفيس ...
- أدبه ما زال حاضرا.. 51 عاما على رحيل تيسير السبول
- طالبان تحظر هذه الأعمال الأدبية..وتلاحق صور الكائنات الحية
- ظاهرة الدروس الخصوصية.. ترسيخ للفوارق الاجتماعية والثقافية ف ...


المزيد.....

- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - متعب أنزو - رؤية محرفة......عن علاقة الحدس باللوحة