|
هل تصلح الناقدة السينمائية ما أفسده المدير التلفزيوني؟..
بشار إبراهيم
الحوار المتمدن-العدد: 1384 - 2005 / 11 / 20 - 07:17
المحور:
الادب والفن
تبدو السينما السورية، من جهة، والتلفزيون العربي السوري، من جهة أخرى، على هيئة دائرتين لا تتقاطعان، منفصلتين، تماماً، لا يجمعهما جامع، ولا تتوسطهما مساحة مشتركة. وذلك على الرغم من عمل عدد من المخرجين السينمائيين في التلفزيون، وعمل عدد من رجالات التلفزيون في السينما!.. بداية، لا نعتقد أن السبب، في هذا التنافر، يكمن في افتراق التابعية، من حيث تبعية السينما لوزارة الثقافة، وتبعية التلفزيون لوزارة الإعلام. فمن المنطقي أن تتعاون الوزارات، في الحكومة الواحدة، وأن تتناغم الوزارات جميعها (والثقافة والإعلام في مقدمتها، طبعاً) على نحو هارموني، يحقّق النجاح، وينال الرضى.. كما لا نعتقد أن الأمر يعود إلى مواقف شخصية، فالموضوع ـ قطعاً ـ لا علاقة له بمسائل الحب أو الكراهية، ولا القبول أو النفور، ولا التنافس أو الغيرة.. بمقدار العلاقة بما هو مهني حرفي، من جهة، وتخطيط استراتيجي، من جهة أخرى!.. يضع الجميع في سياق عمل متكامل، يقوم كل تفصيل بأداء عمله على النحو المناسب، ووفق قدراته وإمكانياته، وبالتعاون مع التفصيل الآخر، الذي ينبغي أن يتكامل، ولا يتناقض، ولا يتضاد.. لم يغلق التلفزيون أبوابه أمام السينمائيين، فمنح بعضهم فرصة إعداد وتقديم البرامج المختصّة بالسينما، بدءاً من الرائد صلاح دهني (أمدّ الله في عمره)، والناقد رفيق أتاسي (رحمه الله)، وصولاً إلى الأستاذ محمد الأحمد (متَّعه الله بالصحة)، ومن تخلَّلهم، أو تعاون معهم، أو تلاهم، على الدرب، من طراز صويلح، ورهونجي، وأتاسي!.. ولم تغلق السينما أبوابها أمام من ينتسبون للتلفزيون، فمنحت بعضهم فرصة العمل في أفلامها، على الرغم من شعور الغبن الذي بقي يجيش في جوانح البعض ممن درسوا السينما أصلاً، ولكن كان من نصيبهم التعيين في التلفزيون.. (سحقاً للبيروقراطية).. الآن، ليس من الصعب أبداً الوصول إلى حالة تصالح ما بين السينما والتلفزيون في سوريا، خاصة بعد أن تسلَّمت الناقدة السينمائية ديانا جبور، مهمات مديرة التلفزيون. وحالة التصالح التي نقصدها لا تكتمل بمجرد تقديم برنامج، أو اثنين، يتناولان السينما، بشكل بروتوكولي، لا يختلف كثيراً عن البرامج الممنوحة للأيدي الماهرة، أو الشبيبة، أو الطلبة، أو المرأة، والطلائع، أو حتى حماة الديار، وسوا ربينا!.. التصالح بين السينما والتلفزيون، يمكن أن يتحقَّق في العديد من المجالات، وعلى غير مستوى، ترقى جميعها إلى إدراك أهمية السينما، وقدرتها على المساهمة في توطيد الهوية الوطنية، وتعزيز الحضور، على نحو عربي، وعالمي. لعل التصالح يبدأ من إعادة الاعتبار لقسم الإنتاج السينمائي، في التلفزيون العربي السوري، الذي أنه سبق أن حقّق العديد من الأفلام السينمائية التي وضعت اسم سوريا في أمكنة لا بد من الحضور فيها: هل نذكر فيلم «بعيداً عن الوطن» للمخرج قيس الزبيدي، عام 1969، وجائزة الحمامة الفضية في مهرجان لايبزيغ 1969، أم نذكر فيلم «نحن بخير» للمخرج فيصل الياسري عام 1970، وجائزة الحمامة الفضية في لايبزيغ 1970، أم نذكر فيلم «مشروع الفرات» للمخرج عمر أميرلاي، والجائزة الذهبية في مهرجان لايبزيغ عام 1970. أم نذكر فيلم «القنيطرة 74» للمخرج محمد ملص، عام 1977، وفيلم «الدجاج» للمخرج عمر أميرلاي عام 1977، وما نالاه من حظوة وتقدير؟!.. بل، هل ترانا ننسى أفلام خالد حماده، وصلاح دهني، وأمين البني، وهيثم حقي، ونبيل المالح، وأمل حنا، ومحمد الرفاعي، وصميم الشريف، وغنام غنام؟.. وغيرهم، ممن شكلوا تفاصيل أساسية في اللوحة السينمائية السورية، بأفلامهم التي أنتجها التلفزيون، وارتقت إلى مستويات ملفتة، على المستوى الفني، في حين لم تفلت انشغالها بالتفاصيل الراهنة، كلٌّ في وقتها، للواقع السوري، من حيث قضاياه، وأسئلته، ومطامحه، وأحلامه.. ربما مضى ذلك الوقت الذي كان فيه التلفزيون العربي السوري شريكاً أساسياً، وفاعلاً حاضراً، في تحقيق بناء المشهد السينمائي السوري. وعلى الرغم مما يتناثر من أخبار حول أفلام يحققها معدّون من طراز عماد نداف، أو سمر يزبك.. أو ينفذها مخرجون أمثال علي سفر، أو فراس كيلاني.. إلا أن الثابت في الأمر يقول إن التلفزيون العربي السوري لم يعد شريكاً مساهماً في العملية السينمائية، على الأقل كما كان يفعل قبل قرابة ثلاثين عاماً!.. المؤسف في الأمر، طبعاً، أن المرء بات يمكن له أن يرى، في كل دورة من مهرجان دمشق السينمائي الدولي، تلك الزيارات المهنية، الخجولة، التي يقوم بها طاقم مُوفد من التلفزيون العربي السوري، بكاميرا ومذيعة حسناء، وغايته العليا أن يصوّر مجموعة من المقابلات مع عدد من مشاهير النجوم السينمائيين، خاصة نجوم السينما المصرية، أولاً وأساساً، ويمرّ عفو الخاطر على بعض النجوم السوريين، من ممثلين أو ممثلات، ومخرجين.. ودون أن يأبه أبداً، للنقاد، أو الكتاب، أو المهتمين.. التلفزيون العربي السوري، بات منذ سنوات، متشوّفاً للقاء مع بعض النجوم اللامعين، تماماً كأولئك البسطاء، من أهلنا عامة الشعب، الذين أكثر ما يهمهم في مهرجان دمشق السينمائي، رؤية النجوم المعروفين، والنجمات البارعات، والتقاط الصور الشخصية بجانبهم، في أحسن الأحوال!.. الآن، وإذ تقف على رأس التلفزيون العربي السوري، ناقدة سينمائية، لها في مجال النقد السينمائي صولات وجولات، ولها من أحلام السينمائيين الكثير من النصيب، هي الأستاذة الناقدة ديانا جبور، هل لنا أن نتساءل عما إذا كانت الناقدة السينمائية تستطيع إصلاح ما أفسده المدير التلفزيوني!.. وبالتالي تساهم في أن يعود التلفزيون العربي السوري إلى دائرة الفعل في العملية السينمائية السورية: 1- إنتاجاً: عبر إعادة الروح إلى قسم السينما في التلفزيون، أو إنشاء قطاع جديد للإنتاج السينمائي في التلفزيون، بحيث يقوم باحتضان، ودعم التجارب السينمائية السورية الطامحة.. كما يتولّى تمويل التجارب المستقلة، الجادة، والمُقترحة من السينمائيين الشباب السوريين. على غرار ما تفعله معظم المحطات التلفزيونية العالمية. 2- عرضاً: عبر منح السينما السورية فرصة حقيقية للتعرّف على جمهورها، وتعريف الجمهور بها، والكفّ عن الاكتفاء بالبرامج البروتوكولية، الجامدة، التي لا يراها أحد، إذ لا تثير فيه نوازع محبة، أو معرفة.. فلا هي تضيء ذاكرة من مضوا، من أعلام ومبدعين، على درب السينما السورية، ولا هي تحاور من يبنون، بدأب، حال السينما السورية، اليوم. 3- تفاعلاً: من خلال عدم الاكتفاء بالزيارة المهنية (اقرأ: الممتهنة) إلى مهرجان دمشق السينمائي الدولي، تلك الزيارة التي يقوم بها نفر من عاملي التلفزيوني، مذيعين أو مذيعات، معدين أو معدات، مصورين أو مصورات، فيذوبون أمام سحر هذا النجم، أو تلك النجمة، ويذهلون عن كل شيء، كُرمى عيونهم الناعسة!.. مهرجان دمشق السينمائي الدولي، ليس مهرجاناً للسياحة والسفر، ولا فرصة لمصافحة هذا النجم، أو تلك، ولا مناسبة للالتقاط الصور معه، أو معها، فقط!.. إنه فضلاً عن كل ذلك، فرصة للمعرفة والتعارف، للثقافة والتثاقف.. والتلفزيون العربي السوري معنيّ تماماً بأن يجعل الشأن الثقافي مادة إعلامية، والشأن الإعلامي مادة ثقافية.. على الأقل أيام مهرجان دمشق السينمائي الدولي.. وأن يعيد بناء جسر العلاقة مع السينما، في كل وقت.. وحتى يتحقق ذلك، لا عزاء لنقاد السينما في سوريا، ونحن نرى أبواب التلفزيون موصدة في وجوههم!..
#بشار_إبراهيم (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
في «القارورة» لديانا الجيرودي.. «بضع حكايات» عن المرأة والحر
...
-
قبلتان.. على اسم برهان علوية
-
عن المخرج جان شمعون
-
عبد الله المحيسن والسينما السعودية
-
عن فيلم «الجنة الآن» للمخرج هاني أبو أسعد
المزيد.....
-
-أرسيف- تعلن ترتيب الجامعات العربية حسب معامل التأثير والاست
...
-
“قناة ATV والفجر“ مسلسل قيامة عثمان الموسم السادس الحلقة 168
...
-
مستوطنة إسرائيلية: قصف غزة موسيقى تطرب أذني
-
“وأخير بعد غياب أسبوعين” عودة عرض مسلسل المؤسس عثمان الحلقة
...
-
من هو الفنان المصري الراحل حسن يوسف؟
-
الليلادي .. المؤسس عثمان ح168 الموسم 3 على قناة atv وعلى الم
...
-
أوليفيا رودريغو تستعيد اللحظة -المرعبة- عندما سقطت في حفرة ع
...
-
الأديب الإيطالي باولو فاليزيو.. عن رواية -مملكة الألم- وأشعا
...
-
سوريا.. من الأحياء القديمة إلى فنون الطب الصيني
-
وفاة الفنان المصري حسن يوسف
المزيد.....
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
-
السيد حافظ أيقونة دراما الطفل
/ د. أحمد محمود أحمد سعيد
-
اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ
/ صبرينة نصري نجود نصري
-
ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو
...
/ السيد حافظ
-
السيد حافظ أيقونة دراما الطفل
/ أحمد محمود أحمد سعيد
-
إيقاعات متفردة على هامش روايات الكاتب السيد حافظ
/ منى عارف
-
الخلاص - يا زمن الكلمة... الخوف الكلمة... الموت يا زمن ال
...
/ السيد حافظ
المزيد.....
|