جدلية الانسان- الحرية

جاسم الصغير

الحوار المتمدن-العدد: 1384 - 2005 / 11 / 20 - 09:56
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    

لقد كان لمفهوم الحرية freedom جوهرا وكينونة دورا كبيرا ورائعا جدال في تجسيد التلازم والتفاعل بين الإنسان الحر ومفهوم الحرية هذا المبدأ العظيم الذي جسدت من خلاله الإنسانية الفعاليات والمنجزات الكبيرة ، ولقد حديث طويل عنها ومن هنا ما الحرية ، ما كينونتها . لقد أختلفت البشرية حول معناها ودلالتها ولم تتفق على معنى محدد وهذا أمر طبيعي لأن الحرية فضاء كبير تنهل منه البشرية وتستمد منه إمداداتها الفكرية وفي الحقيقة توجد معاني عدة لمفهوم الحرية .
((فالحرية بالمعنى البيولوجي عد الإرغام والقسر ، والأبيقورية تعني أن الإنسان حراً بحيث لا يكون هناك قيد على رغباته والحرية من الناحية النفسية هي القدرة على الاختيار بين عدة أشياء أو حلول أو احتمالات ، والحرية كموقف إنساني هي فعل حر وتغيير ، ويؤمن الفيلسوف ياسبرز وسارتر بهذا المفهوم للحرية وأن الإنسان يصنع حريته أو ينتزع حريته بنفسه وهذا الانتزاع هو يقظة وانتباه في الوعي)) .
(موسوعة الهلال الاشتراكية – دار الهلال – جمهورية مصر العربية-191) .
إن الحرية فعل خلاق تبعث في الإنسانالارادة والمشاعر وزيادة في الوعي تتجسد عبر الممارسات سواء الفكرية أو الإنسانية معبراً عنها من خلال الالتزام الفكري أياً كانت صورته التي يعبر عنها من خلاله أن مفهوم الحرية هو دالة فكرية لا يمكن نكرانها أو تجاوزها وهو على عكس ما قال به بعض الفلاسفة المتشائمين الذين نكروا وجوده :
((وهم يؤكدون أن الحرية وهم ، مثل الفيلسوف شوبنهور وبيل وهوبر ولدانتك ، يقولون أن الإنسان فريسة وهم اسمه الحرية)) .
(نفس المصدر السابق-192)
إن الحرية ذلك المنجز الإنساني العميق والذي انبثق من ممارساته الإنسان الحر الذي يعد الحرية هي الوجود والوجود هو الحرية وإنجاز تفاعل وصيرورة مستمرة للانتقال من مرحلة أدنى إلى مرحلى أعلى وأكثر تقدمية ، لأن الحرية (التي تشكل منظومة الحقوق الإنسانية هي التعريف الذي نسبته الفلسفة الحديثة للإنسان فالإنسان عند ديكارت هو كائن الاختيار الحر وهو ملكة الحرية عند كانت ، كما أن الفيلسوف هيغل يعتبر أن حرية التفكير والقرار هي السمة الأساسية المميزة للإنسان في العصور الحديثة وأن الحق في الحرية الذاتية يشكل النقطة الحاسمة والمركزية التي تجسد اختلاف الأزمنة الحديثة عن العصور القديمة كما اعتبر جان جاك روسو الحرية صفة أساسية للإنسان وقعأً غير قابل للسلب وغير قابل للتصرف) .
(محمد سبيلا – الفلسفة الحديثة ومفهوم حقوق الإنسان – مجلة النور عدد163/164 -11) .
لقد كان التفاعل بين الإنسان الحر والحرية منذ انبثاق الحياة على الكرة الأرضية صعوداً على الأزمنة الحديثة ، ولقد تجسدت أروع صور الحرية في الأوقات والازمنة التي شهدت أوضاع استبدادية فاشستية ، وكيف جسّد الإنسان الحر صوراً رائعة عن التضحية بكل شيء في سبيل حريته ، يقول الأديب الفرنسي أندريه جيد وبعد معاناتهم من اهوال الحرب العالمية الثانية وماتركته الحكومات الكونيالية كالنازية والفاشية على الذات الفردية والاجتماعية في شأن ذلك (لقد عشنا دائماً في الماضي في تحفظ وانصياعاً للقوانين ، تباً للقوانين مرحباً بالحرية) ويقول الفيلسوف الوجودي الفرنسي جان بول سارتر ان الانسان محكوم بالحرية إن الحرية ومعانيها التي تنبثق من ممارستها الطويلة مستوعبة الواقع ومتفاعلة مع التجديد هي إحدى المعاني الإنسانية والتي تبغي خلق أو ايجاد وسط إنساني ملائم ، يقول الأستاذ محمد صهيب شريف أن الحرية هي ذلك الفضاء الذي تتفاعل فيه كل القيم الانسانية وهي التي تنشد احترام كرامة الإنسان والاهتمام برفاهيته وتطوره الشامل وخلق الظروف الملائمة للحياة وقد نشأت نشوءاً تلقائياً خلال الصراعات الشعبية ضد الاستغلال ومن خلال هذا المفهوم حاول ممثلوه أن يصححوا نقائض المجتمع القائم وأن يغيروا أخلاقياته وأساليبه وسياساته وأسلوبه في الحياة بنشر آراء في الخير والعدالة ويكمن أساس هذا المفهوم التنويري بأن الوعي يلعب الدور الحاسم في تطور المجتمع لذلك أن الحرية هي مفهوم أصبح يمثل أحد معالم الفكر في العصر الحديث وهو حاجة روحية ضرورية جداً وليست حاجة كمالية يلجأ إليها الإنسان وقتما يشاء ويتركها وقتما يشاء بل هي المرتكز الأساسي لأي نهوض حضاري سواء كان على مستوى الفرد أو المجتمع ولأنها جوهر كل تغيير حقيقي يبغي الارتقاء نحو الأفضل وإيجاد ملامح مجتمع أكثر إنسانية واستيعاب منجزات الحياة ومفاهيم العصر والتي هي ملك للجميع بفعل انتشار القيم الإنسانية والتي جاءت من خلال إنجازات التاريخ البشري الانساني وانجازاته التي جاءت من خلال نضاله الطويل وهذه المفاهيم ومنها مفهوم الحرية والذي هو في تفاعل دائم مع باقي مفاهيم الإنسانية يقول الاستاذ عياض بن عاشور ان الحرية تتمثل في السعي الى الوصول الى اسقاط جل القيود التي تكبل الفكر الابداعي سواء في ميدان الفلسفة او العلم او الفن او الدين اي اخراج الفكر كفكر عن الضوابط والحدود المسلطة على السلوكالجماعي المتمثل فيالاخلاق او الاحكام التشريعيةذلكم هومبدأ الحرية العظيم

#جاسم_الصغير (هاشتاغ)      

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات