كفرت بتلك الدمى والادمية .....

عفراء خالد الحريري

الحوار المتمدن-العدد: 5104 - 2016 / 3 / 15 - 02:46
المحور: اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم
    

لم تتسع عدن ، كدمشق ، وصنعاء ، وبغداد ، وبيروت ، وتونس ، والجزائر، والرباط ،و طرابلس ، ....
ولم تزين ، ولم يعتنى بها ، ولم تحظى باهتمام أحد ، ولم ينعم اهلها بشواطئها ، وبحورها ، وأراضيها ومحاسنها أسوة بغيرهم ، عدن مدينة السلام لم تنعم بسلامها حتى مع نفسها مثل تلك المدن ...
كي تمعنون في إبادتها وإبادة أهلها ...، اغتيالات الطريق ، والاشتباكات المختلفة ، والمداهمات المزعومة ، والسيارات المفخخة ، وخلافات معاشيق ، والميناء ، ومعالم وآثار عدن ، وأكوام المتقاعدين المرمية على جوانب مكاتب البريد ، ومعاناة الكهرباء والماء والصرف الصحي والنظافة والفساد المستفحل في كل شيء ومعاناة الجرحى ...وغيرها مما أتخم عدن في آلمها وأوجاعها ، وتشقق صبرها .
وكل ذلك يتناوله الاعلام ، ثم يلف في وسائل التواصل الاجتماعي مثل العلكة بين مادحا وساخطا وغاضبا ومستهترا وصامت ، وحاشية الرئاسة والحكومة والاحزاب والمحافظة والامن مثل الاحجار الصماء التي لا ترى و لا تسمع ولا تتكلم ...، وفي ظل إهمال هؤلاء المسؤولين عنا بما يحدث ، إلا أن الاعلام مجتمعا يتفق على أن من يقوم بذلك هم " القاعدة " ، وآخر يتهم "عفاش والحوثة" ، ويتفاوت الاعلام في عدم اتفاقه بأن هذا الذي يحدث ضد المحافظ ومدير الامن بأشخاصهما وبعيدا عن مسؤوليتهما ، وفي إعلام أخر تكال التهم ضد كل من يحملهما – أي المحافظ ومدير الامن - المسؤولية ، وإعلام يطلب من التحالف للتدخل ومعالجة المشاكل ،،،،،،،وإلخ . وليت الامر ينتهي عند ذلك ، بل يمنعونك من أن تتساءل وتسأل ، وتطلب توضيح أو إدانة أو تصريح أو حتى كلمتين تطمأن بها أو تقلق منها ، لأنك أن فعلت فأنت خائن للقضية الجنوبية ، ومتامر على الجنوب ، بل وكافر، أنت أن أردت أن تعرف / فأنت كافر ، وإذا سألت / فأنت كافر ، وإذا أنتقذت سياسة الرئيس / فأنت كافر، وإذا طالبت الحكومة بالاستقالة / فأنت كافر، وإذا حملت مسؤولية ما يحدث في عدن للمحافظ ومدير الامن الحاليين / فأنت أكبر الكفرة / فأنت مشرك وكافر؟! في هذا جميعهم يتشابهون بأن من أراد السؤال عما يحدث في عدن معاناتها ومأساتها هو الكفر بعينه ، في هذا التكفير وحده يتشابه القاعدة و عفاش والحوثة وداعش والدولة الاسلامية والرئاسة والحكومة والاحزاب ومسؤولي المحافظة والمقاومة والحراك والتحالف والاعلام ...
فيا كل هؤلاء ..أني أقول لكم بعلو صوتي : أنا كافر ، نعم أنا كافر ، بعد جريمة ملجئ دار العجزة ، وعجزي طيلة الفترة عن السؤال عما يحدث في عدن ، و"عدن الروح أن كنتم لا تعلمون " ؟ وبحثي وترحالي في سطور كل ما تنشره المواقع الاخبارية والصحف ، في أحرف وسائل التواصل الاجتماعي " الفيس والواتس اب و تويتر ...,الخ "، وكلهم في تلك الاماكن يحللون ، يشتمون ، يسبون ، يتخاصمون ، يتفاضحون ، يهللون للأرباب لهادي وقومه ، لبحاح وحاشيته ، ويسبحون للمحافظ و بطولاته ، ويكبرون لمدير الامن وعنترياته ، ويحمدون الاصلاح وطهارته ويمجدون بقية الاحزاب وشطحاتها وفي الجانب الاخر من يتمسحون بحمد سيدهم الحوثي ، ويبتهلون لعفاش وقدراته الخارقة ، ويقدسون التحالف وقوته البائدة ...؟!
أنا كافر حين تمتهن كرامتي ، وتغتصب حقوقي ، وتغتال احلامي ، ويحبس صوتي ، وتمنع تساؤلاتي ، ويصادر رأيي ، وتكتم أنفاسي ، وترهن حياتي ، وتؤد ذكرياتي ، وتقتل شيخوختي ، وتدنس حرماتي ، والاسوء من ذلك أن يتحكم في تحديد ديانتي وعلاقتي بخالقي وصلتي به ويمنحني صك الغفران ويمتلك حق دخولي الى الجنة أو جهنم إنسان مثلي مثله لانه يمتلك العتاد والقوة والمال والبشر والمهدئات والمخدرات والمسكنات والمطهرات والشاصات والمدرعات والكلاشنكوفات والاليات والدراجات النارية وسيارات الاغتيالات والاعلام والاقلام المأجورة والمفحورة والمسحورة ، وربما عدة مناصب في السلطات ، وأنا لا امتلك شيء لأني مواطن ، ولأني مجرد مواطن فأنا لا شيء ، لا أستحق مدينة هادئة تنام وتصحو على غبطة موج البحر في فرحها وتنهيداته عند آلمها ...
سجل عندك أنا كافر، كافر بالبيانات التي ليس لها صدأ ، كافر باللجان التي لا تحقيقات فيها ، وكافر بالوقفات التي لا نتائج منها ، وكافر بالفعاليات التي تحفظ للتمويل بعد أرشفتها، كافر بكل تلك الدمى وتلك الادمية ....
أنت يا كل تلك الالهات أعلاه " مناة والعزة وهبل " ، ستتفرغ لي الان أقلامك المأجورة لتكتب عما أعلنته من كفر هنا، وتبحث لي عن ثغرة تخوين وتأمر وارتزاق ، ويتفرغ علماءك في الدين ليبدعون في صياغة فتوى تناسب كفري ، ويزج أسمي في قائمة التصفيات ، وقبل منها التهديد والترهيب والترغيب كي أعلن توبتي ، وأعلن أني تخليت عن إنسانيتي ... التي جعلتني أكفر بكل تلك الدمى والادمية .
من وحي جريمة ملجئ دار العجزة .

#عفراء_خالد_الحريري (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات