محرز راشدي
الحوار المتمدن-العدد: 5104 - 2016 / 3 / 15 - 00:35
المحور:
الادب والفن
إنّ الخربشة على أبواب المراحيض وعلى الجدران والطّاولات هي لون من الكتابة الهامشيّة أو المهمّشة الّتي لا يُحتفى بها في الفضاءات الرّسمية، بل لا يُعترف بها أصلا، وتُعتبر من المحظور. والموضوعات المحرّمة عادة هي الدّين والجنس والسّياسة، أي الأقانيم الثّلاثة المقدّسة. ويتحايل الواحد من الكتّاب حينما يخوض في هذه المسائل بأن يجنح إلى التّرميز اضطرارا وأسلوبا من أساليب التّقيّة والتّخفّي.
فالخربشات بلغة التّحليل النّفسي هي تسريب للمقموع وإفضاء بالممنوع اللّفظي على سبيل التّجديف، والإفصاح عن عنف ضديد. هي بحث الإنسان المتحجّب عن مفاتيح سجنه بكافة الطّرق، إنّه ضرب من الكفر بالأب في صيغة الجمع وبمعنى الرّمز، وكتابة متوحّشة تأبى التّهذيب والتّرويض، وترفض المساحيق والقفّازات. وهي ملفوظات نيّئة تناهض السجلات اللغوية المطبوخة. إنّها مصالحة مع الوعي الباطن، واعتراف بأحقّية المنطقة المظلمة في التّعبير والتّصويت. هي الهامشيّ في مقابل الرّسميّ، واللاوعي في مكافحة الوعي، والظّلال في مواجهة النّور النّهاريّ. الخربشة هي ذلك الأنا المتعدّد، المتلوّن، المتنوّع...هي المعنى السّديميّ، العمائيّ وقد طفح به الكيل وتشكّل في تجلّيات كلاميّة عنيفة وهوجاء ولكنّه ارتأى أن يكون...ولو عسفا وقسرا.
#محرز_راشدي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟