أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - أحمد عصيد - الأسباب الخمسة لعودة الصراع حول الهوية بعد أن حسم فيها الدستور ؟














المزيد.....

الأسباب الخمسة لعودة الصراع حول الهوية بعد أن حسم فيها الدستور ؟


أحمد عصيد

الحوار المتمدن-العدد: 5103 - 2016 / 3 / 14 - 18:31
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


ليس هناك أكثر عبثا من العودة إلى السجال في أمور تم حسمها بالتوافق بين المغاربة بعد عقود طويلة من النقاش العمومي والصراع الفكري والصدام الإيديولوجي والسياسي. إذ يقتضي الحسّ السليم أن يتجه الناس إلى المستقبل، عوض أن ينظروا إلى الوراء لإيقاظ نعرات ليسوا بحاجة إليها، بل إنها تتعارض مع الترسيخ الديمقراطي الذي يصبون إليه. ولكن من جانب آخر، إذا كان الناس قد عادوا إلى مناقشة أمور حسموها على الصعيد القانوني، أو ليس ذلك دليلا على وجود أعطاب ينبغي فحصها بإمعان وتداركها ؟
فما هي هذه الأسباب التي تجعل التصادم في موضوع الهوية يستمر رغم الدستور، ورغم ما يبدو أنه تطور في وعي المغاربة وترسانتهم القانونية ؟
إن السبب الأول في تقديري هو أن الهوية إشكال معقد لا يمكن الحسم فيه في وقت وجيز، خاصة وأنّ سنوات المقاربة الاختزالية ومخططات التنميط كانت طويلة وذات آثار فادحة على بنية الوعي والسلوك، وعلى نظرة المجتمع إلى نفسه وإلى الدولة، كما ترتب عن ذلك تشكل الكثير من الصور النمطية التي ترسّخت في أذهان الناس بسبب تأثير الترويض الإيديولوجي للسياسة الرسمية.
والسبب الثاني يعود إلى الطبيعة المزدوجة والمتناقضة للنص الدستوري نفسه، حيث تبدو بعض المضامين كما لو أنها غير محسومة بشكل قطعي، بل تترك لكل طرف إمكان التأويل وإعادة التأويل في اتجاهات أحيانا ما تكون متناقضة. ووحده التيار البراكماتي من يستطيع غضّ الطرف عن تناقضات الدستور الذي يبدو أنه يعكس دولة برأسين.
أما السبب الثالث والأكثر تأثيرا فهو التلكؤ في تفعيل مقتضيات الدستور، وإبقاؤها حبرا على ورق لأزيد من أربع سنوات ونصف، فعندما تقوم دولة ما بمراجعة دستورها فإنما تفعل ذلك من أجل الاستجابة لتحولات على صعيد الواقع المجتمعي وبنيات الدولة، وكذا على ضوء التجارب الجديدة، وبفعل الدروس التي تتعلمها الشعوب من عثراتها، لكن عندما يتم تعديل دستور ما ثم لا يعرف طريقه إلى التطبيق، فإن ما يحدث هو أشبه بإحداث ثقب في إناء يُراد ملؤه بالماء، وهو ما يفسر عودة التشكيك في المكتسبات، سواء من طرف الذين طالبوا بها وعملوا من أجل الوصول إليها، أو من قبَل الذين عارضوها وظلوا يتربصون بها، بسبب اعتقاد الطرفين معا بأن الدولة لا تريد في الواقع تحقيق تلك المكتسبات، فيسعى المناوئون لها إلى إجهاضها، ويعمل المطالبون بها على إعادة الترافع حولها من جديد كما لو أن التاريخ يعيد نفسه. وهذا ما يؤدي إلى إعادة الصراع من أساسه بشكل عبثي.
أما السبب الرابع فيعود إلى أن السلطة لا تؤمن بالتغيير بقدر ما تضع تاكيكات للتسويات الظرفية، وهذا ما يفسر أنها لا تعمل أبدا على التحسيس بالتطورات الحاصلة أو التعريف بالقوانين الجديدة، مما يخلق دائما هوة فاصلة بين الوعي العام وبين القوانين والتطورات التي يعرفها المسلسل البطيء للتحديث والدمقرطة، ويؤدي إلى ما نعاينه جميعا من تقدم القوانين في مقابل نكوصية الواقع. لقد كان تعديل مدونة الأسرة مثلا قبل أزيد من عشر سنوات أمرا إيجابيا وانتصارا للحق، لكن الدولة والحكومات المتعاقبة لم تبذل أي جهد من أجل جعل مكتسبات المدونة تيارا عاما مساهما في تغيير الذهنيات.
أما السبب الخامس فهو ولوج التيار الإسلامي المحافظ إلى مواقع تدبير الشأن العام بعد أحداث 2011، وهو عامل عرقلة تجلى بوضوح في السنوات الأخيرة، حيث عمل الحزب الذي يرأس الحكومة على تكريس نفس التوجهات التي تسعى إليها السلطة، أي على جعل مكتسبات الدستور فيما يخص الحريات والحقوق وثيقة شكلية مجمّدة، (ويتضح هذا التواطؤ بين السلطة والتيار الإسلامي في مسودة القانون الجنائي)، خاصة وأن الكثير من الالتزامات الرسمية للدولة بهذا الصدد ـ والتي لم تُحترم ـ لم تكن موضع رضا هذا التيار بقدر ما تحفظ عليها بطرق مختلفة، بعضها مباشر وبعضها بأساليب ملتوية.
هذه الأسباب الخمسة التي أوردناها تفسر أسباب تزايد التشنجات حول الأمازيغية والهوية الوطنية والمرأة وقضايا المساواة والمناصفة والحريات الفردية والقيم وحقوق الإنسان عامة، ولعلّ العاملين الأكثر أهمية في تصفية الأجواء حاليا وترشيد النقاش العمومي، هما الحسم في الاختيارات من أجل تفعيل الدستور، مع التحسيس والتوعية، إذ يمكنان معا من تغليب النظرة المستقبلية على الحسابات الظرفية الضيقة.



#أحمد_عصيد (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هل العنف ضدّ المرأة من تعاليم الإسلام ؟
- معنى احترام الآخر
- ما الذي ينبغي مراجعته في مناهج ومقررات التربية الدينية ؟
- السعودية / إيران، هل دقت ساعة الحقيقة ؟
- معنى أنّ -الأمازيغية مسؤولية وطنية لجميع المغاربة-
- لا يجوز تأويل الدستور المغربي تأويلا يجهض مكتسباته
- التدين والنزعة الانتحارية
- رئيس حكومة فوق الدستور ؟!
- واقع اللغات في الإحصاء الرسمي
- -الحداثة- بأثر رجعي
- المفكر والبهلوان
- صلاة الاستعراض
- لماذا يسيء المحافظون استعمال حريتهم ؟
- جرائم الشرف سلوك وحشي مضاد للعقل وللحضارة
- من يرفض تقنين الإجهاض عليه تقديم الحلول العملية
- الاعتدال المتطرف أو التطرف المعتدل
- الإساءة للأديان ليست مبدأ ديمقراطيا وإلحاق الأذى بالغير ليس ...
- بعض المسكوت عنه في النقاش حول الإرهاب
- ناقوس الخطر الذي دُق في أنكولا
- على هامش المنتدى العالمي لحقوق الإنسان -الوطنية- ليست هي الت ...


المزيد.....




- اُعتبرت إدانته انتصارًا لحركة -MeToo-.. ماذا تعني إعادة محاك ...
- الحرب الأهلية في السودان تدخل عامها الثالث… نزيف أرواح متواص ...
- فيديو متداول لاكتشاف قاذفات أمريكية شبحية في الأجواء الإيران ...
- الإليزيه: استدعاء السفير الفرنسي في الجزائر وطرد 12 من موظف ...
- إطلالة محمد رمضان وجدل -بدلة الرقص- في مهرجان -كوتشيلا-.. ما ...
- هل كشفت فيديوهات الصينيين التكلفة الفعلية للماركات الفاخرة؟ ...
- مطرب يقسم اليمنيين بأغنيته -غني معانا-.. ما القصة؟
- لقطات حصرية من الفاشر المحاصرة وسكانها يوثقون لبي بي سي صراع ...
- كيف جلب -بيع- جنسية الدومينيكا مليار دولار للدولة؟
- غزة.. موت ينتشر وأرض تضيق


المزيد.....

- فهم حضارة العالم المعاصر / د. لبيب سلطان
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 1/3 / عبد الرحمان النوضة
- سلطة غير شرعية مواجهة تحديات عصرنا- / نعوم تشومسكي
- العولمة المتوحشة / فلاح أمين الرهيمي
- أمريكا وأوروبا: ملامح علاقات جديدة في عالم متحوّل (النص الكا ... / جيلاني الهمامي
- قراءة جديدة للتاريخ المبكر للاسلام / شريف عبد الرزاق
- الفاشية الجديدة وصعود اليمين المتطرف / هاشم نعمة
- كتاب: هل الربيع العربي ثورة؟ / محمد علي مقلد
- أحزاب اللّه - بحث في إيديولوجيات الأحزاب الشمولية / محمد علي مقلد
- النص الكامل لمقابلة سيرغي لافروف مع ثلاثة مدونين أمريكان / زياد الزبيدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - أحمد عصيد - الأسباب الخمسة لعودة الصراع حول الهوية بعد أن حسم فيها الدستور ؟