محمد عبد المجيد
صحفي/كاتب
(Mohammad Abdelmaguid)
الحوار المتمدن-العدد: 1383 - 2005 / 11 / 19 - 15:34
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
مسكينٌ هذا الملك الخجول الذي يحاول أن يثبْت نَسَبَه للشعب وقربَه منه، فتأتي صورة والده الراحل من قبره، وتقف أمامه، وتكاد تنزل الفزع في قلبه.
محمد السادس ملك يسعى للتمرد على سلطة مستبدة أورثه إياها ديكتاتور المغرب الراحل الحسن الثاني، لكن رغبة الاستمرار عبيدا لدى قطاعات عريضة من الشعب المغربي تعرقل أي محاولة لتحريرهم يقوم بها الملك الشاب، فأربعة عقود سوداء تحت نير حكم واحد من أشد طغاة العصر قسوةً جعلت النفسَ المغربية تميل إلى سهولة الانقياد والانصياع لنائب الله على الأرض وأمير المؤمنين، ولو أمر كما فعل الملك عبد الله بن عبد العزيز بعدم الانحناء وتقبيل يده، فربما يحتج المغاربة لأن للاذلال مذاقا خاصا لا يعرفه إلا من قصمتْ المهانةُ ظَهْرَه لسنوات طويلة.
حاول محمد السادس الدخول من باحة الضمير فنزع جزءا من القداسة عن تاريخ والده وذلك في فتح باب الحديث المسهب عن السجون والمعتقلات والتعذيب
والفساد الذي ميّز سنوات حُكم الطاغية الحسن الثاني، لكن الحرس القديم دائما يقوم بمهمة حراسة روح الديكتاتور بعد رحيله، فمحاسبته ستنسحب على زبانيته وأعوانه وكلاب قصره الذين أذاقوا الشعب الويلات والتنكيل في سنوات السُخرة والاستعباد.
وقضايا المغرب لا حصر لها، ولن يعرف هذا البلد سلاما وأمنا قبل تفكيك أجهزة القمع التي ساهمت في فترة حكم الحسن الثاني في ايصال الوطن السجن إلى ما هو عليه الآن، أو إلى التِركة التي ورثَها محمد السادس.
إذا كان حلمُ كل المغاربة، مع استثناءات قليلة جدا، هو الهجرة بعيدا عن الوطن حتى لو انتهى بهم المطاف إلى سجن بالقرب من أحد الشواطيء الاسبانية أو الموت غرقا في مياه البحر الأبيض المتوسط الزرقاء، فإن الوضع المأساوي سيتضخم وقد ينفجر محدثا اضطرابات لا قِبَلَ للملك الشاب بالسيطرة عليها.لماذا لا يصارح محمد السادس أبناء شعبه بالثروة الحقيقة التي نهبها والده من أفواه المساكين طوال أربعين عاما؟
إذا كانت فعلا عشرين أو ثلاثين مليارا من الدولارات أو أكثر فليقم الملك المغربي بسحبها لانفاقها على شعبه، واعادتها لأصحابها.
كل الدلائل تشير إلى زهد محمد السادس في الحكم، بل تكاد تشير إلى رغبته رفع هذا القيد الملكي وتحريره من ثقل مهمة الحُكم وتمرده على روح الراحل المستبد الذي لم تكن علاقته به خلال فترة حكمه علاقة محبة دافئة وقناعة من ابن بعدالة حكم والده، لكن الحسن الثاني تعامل مع ابنه من منطلق أبوّة مفروضة عليه ، وأكاد أجزم بأن أحدهما لم يكن يحمل للآخر أي مشاعر مودة دافئة.
نشفق على محمد السادس ونخشى أن ينقلب تواضعه وخجله وزهده في الحكم إلى صناعة الطغاة الصغار من حوله ليتحول هو إلى دُمية تحركها أيدي اللاعبين الكبار.
فليتخلص الملك الشاب من آخر قيود والده وينهي دولة الاستخبارات، ومعها هذه العادة القبيحة والبذيئة في تقبيل يده، ويعيد للشعب ثروته، ويتخلص من بقايا حراس والده وزبانية حكمه ورؤوس الفساد.
محمد عبد المجيد
رئيس تحرير طائر الشمال
عضو اتحاد الصحفيين النرويجيين
http://www.tearalshmal1984.com
[email protected]
[email protected]
Fax: 0047+ 22492563
أوسلو النرويج
#محمد_عبد_المجيد (هاشتاغ)
Mohammad_Abdelmaguid#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟