|
أسئلة ليست من إنشائي
عزة رجب
شاعرة وقاصّة ورائية
(Azza Ragab Samhod)
الحوار المتمدن-العدد: 5101 - 2016 / 3 / 12 - 21:37
المحور:
الادب والفن
أسئلة ليستْ من إنشائي!
سأغزلُ بالدمع حباتٍ لؤلؤيةٍ، تنظم من عقد القصائد أهازيج فرحٍ ليبية، أنا الواقفة على بيت القصيد... متجردة مني ـ لا من الشعر ـ صاعدة الروح فوق مؤتلق العذوبة، وماء النثر ـ متى بلغتُ ذروة المدى أعدتُ تصفيف الكلم في زخات الحلم، ورفعتُ رفَّات الهواء نحو نجوم ظلَّ نظرها صاعداً للسماء، تحني رأسها للقمر، كلما تقرَّب منها بأقباس ضوء، تقدمتْ منه زُلفى، وأحرقتْ أجنحة الفراشات كرمى عينه، وصرَّحت له بالدخول، فلما دخل محراب القصيدة، جردته من نور وجهه، وجعلته يخصف عليه من أوراق الشعر حتى بات ليلة بين أحضانها.
سأكتب أيقونات عشق، وأنثر من أريج دمعي زخات عطر ليبية الهوى، أبعثر كياني بيني وبينك طوال مسافة الوصول، وللجهات الأربع أقددُ من منديل الريح قبلات شهية الندى، رطبة الذكر باسمك، محلاة بأحمر وردي، ومحملة بأشواق حنين، ترفل فوق غربال الانتظار ضوء الشمس، تشده شعاعاً وراء شعاع، حتى تمسك أقباس النور، ثم ترميك بشذرات الشعر عشقا وراء عشق.
ما بها ليبيا تبكي مآقي الدمع مثل مآقي حبيبتك؟ لا أراني الله فيها جرحاً، يبكيها ويبكيك في عتمة الغياب، رأيتها تدمي الروح، ونبض وريدها غارق في الاختلاف، أليست جميلة حين غازلتها يد أبو التاريخ هيرودوت فأكثر عنها جميل الكلام، أليست تبدو صبية، في عيون الطامعين، حتى ليكاد النزق يلتهم جسد العذراء، والشاطيء المقابل يزحف بروية نحو رمالها، وتحت أقدامها!
لي فيك الكثير، من روح تصبرتْ الفقد، وحتى نخاع العظم أكتبُ تاريخي، في أرشيفك المخبأ بذاكرة ضوئي المتسربل من أفياء نورك العميق، هنالك عند كل ذكرى، عند كل زاوية، عند كل حرف، ثمة فتاة، وحيدة، تحتفي ببياض الملح وحدها، تغتسلُ من لهيب العشق بماء برنيق، فإذا فار قلبها بناره، أوجزتْ الأشتياق في بكاء، وألقتْ ظلها إليك، وتخلتْ عن الإنس، وسكنت لجدار، لعلها تهدأ إليه.
ما سر هذا الصوان الذي يجذبني إليه حين أفتقدك؟ وياعجبي من الركون إليه، في دفء الكلمات قد نجد من يتلقفنا، لكننا لن نجد من يبعث في أرواحنا السكينة، تلك الكلمة المسالمة، الوادعة، تترفقُ بنا متى شعرنا بالضياع، متى قادنا الاشتياق لوجه بعثره حنين المسافة، متى أطلَّ علينا من نافذة الذكرى بقينا أسرى بلا احتلال، سقطنا موتى وصرعى الانتظار، دفنَّا أشواق الوجد تحت تراب القلب وترجمت الدمعة كل شيء.
ما ضرهم لو بحثتُ عنك، ووجدتك أمامي، بلا تعب، وبلا عتاب يرتسم على وجهي؟ وما ضرهم لو ناديتك فأتيت بسرعة الضوء ـ و ألقيت لي بكفِّ صديق، وذكرت لي ملمات ألمتْ بك، وبشائر فرح أحاطت بحديقتك الغناء؟ ماضرها الحياة لو ابتسمتْ، وضحكتْ لنا ملء شدقيها، وأناخت ْ برحال الإرهاق والنصب عنا، هنالك ثمة أغانٍ في البوح تقبع في قلبي وددتُ لو قلتها لك، وهنا في عمقي ثمة صرير يؤزني، يقرصني، ليدعوني لأن أصرخ، غير أنها صرخة غصَّت في كلمات كثيرة، أوجزها صمتي في إيماءات لا مبالية.
ما دعاك للغياب عني أيها الفرح، أيها الوجه الواقع بين الظل والضوء، أتوسلك ألا تحدثني عن كارل ماركس وعقله مثقوب من بدعة كسادنا العقلي، ولاتحدثني عن أفلاطون وهو واقع في حيرةٍ بين صداقة الحق، وصداقة أرسطو، ولاتحدثني عن كانط وهو يقول دعوها تمشي للفرح، ولا تبحثوا أسباب الفقد، ولاتحدثني عن الحتمية التاريخية للحزن، كي لا يصرخ بي آينشتاين متعللاً بالنسبية، وحتى لا أفقد وجهك حين أشتاقك، حدثني عن ريكور حين يتحفني ويهزني للعمق، ويقول لي أنت ياحبيبتي في تاريخي، وسردي، ووجودي، وزماني، نعم اروِ قلبي برواء العقل، فأنا لستُ أنثى ترضيها سهولة المقولات، ولست أنطق عن هوى الحكايات، ولست أكابر بروحي عن سائر المخلوقات! لكني حين أستكشفُ يروقني تحسس الملامح قبل أن أقرأ ألباب الموجودات.
هاهي زليخة يوسف تُطل علينا... ما جزاء من غاب عن حبيبته؟ سوى السجن لسنين بين جفنيها، والحبس الانفرادي في قلبها العميق، ًوالامتناع عن ملاقاة الناس، والبقاء في جوع لها طوال ماغاب من سنين، دعني لعزيز زمانه أحتكم إليه فيك، أيها النخيل المتطاول في الغياب، ودع تفاحة خضراء حاضرة بيني وبينك، لنكتب سواء نظرية واقعة بين نيوتن وآينشتاين، فللجاذبية حكاية ثالثة، تقرؤها العيون المتعبة من السهر، والأهداب المغلقة من حديث الشوق، والجفون الملقاة على كاهل الليل، والقلوب التي أذاقها الحنين ويلات الفراق، وصولات السنين، ورباط الوريد للوريد مشدودٌ بأوتار عشق لا يمــوت.
بنغازي 2015
للمتابعة
http://smraaa.blogspot.com
#عزة_رجب (هاشتاغ)
Azza_Ragab_Samhod#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
مقاطع متمردة لنصِّ كافرٍ
-
ربة البيت إنسانة !
-
آخر ملكات السماء !
-
أشياء المنضدة !
-
وحيداً مثلي !
-
الجزء الباقي من ظلي !
-
للبحر بابان .....
-
الخروج عن النَّص (2) العلمانيون... من التناص في النَّص القرآ
...
-
الخروج عن النَّص الجزء الأول: النَّص القرآني من تشييعه إلى ع
...
-
العالم -يتجندر- مناقشة أفكار في الحريات العامة
-
عن الطفلة باريس !
-
الشكل والجوهر!!
-
أتجردُ !!
-
أتكحَّلُ بغيابك !
-
أسئلةٌ على حافةِ نافذةٍ مُشرعة!!
-
أُنثى عادية
-
لنعترف أن كل شيء يبدو جاهلياً !!!
-
كلماتٌ ماقبل البسملة !!
-
ماقبلَ الرحيلِ دمعةٌ !
-
يا أنت !!
المزيد.....
-
الموصل تحتضن مهرجان بابلون للأفلام الوثائقية للمرة الثانية
-
متى وكيف يبدأ تعليم أطفالك فنون الطهي؟
-
فنان أمريكي شهير يكشف عن مثليته الجنسية
-
موسكو.. انطلاق أيام الثقافة البحرينية
-
مسلسل الطائر الرفراف الحلقة 84 مترجمة بجودة عالية قصة عشق
-
إبراهيم نصر الله: عمر الرجال أطول من الإمبراطوريات
-
الفلسطينية لينا خلف تفاحة تفوز بجائزة الكتاب الوطني للشعر
-
يفوز بيرسيفال إيفرت بجائزة الكتاب الوطني للرواية
-
معروف الدواليبي.. الشيخ الأحمر الذي لا يحب العسكر ولا يحبه ا
...
-
نائب أوكراني يكشف مسرحية زيلينسكي الفاشلة أمام البرلمان بعد
...
المزيد.....
-
التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ
/ عبد الكريم برشيد
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
-
السيد حافظ أيقونة دراما الطفل
/ د. أحمد محمود أحمد سعيد
-
اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ
/ صبرينة نصري نجود نصري
المزيد.....
|