ماهر عدنان قنديل
الحوار المتمدن-العدد: 5099 - 2016 / 3 / 10 - 20:57
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
هل تنظيم الدولة بهجومه على "بنقردان" التونسية يبحث عن "القيروان"؟ الإجابة بنعم على هذا السؤال هو ما ذهب إليه بعض المحللين والمختصين في الشؤون الجهادية، وهذا ما قرأته، مثلاً، لأحد المختصين الموريتانيين على أحد المواقع عندما شرح بإستفاضة أن التنظيم يستهدف منطقة "بنقردان" للوصول والسيطرة على ولاية "القيروان"..
هنا أجد نفسي أختلف كلياً مع هذا الطرح، رغم إتفاقي في شئ واحد وهو أن "ولاية القيروان" تمثل ما تمثله من أهمية في التاريخ الإسلامي.. لكن بحكم دراساتي للتنظيم، وبالتعمق قليلاً في الفكر الجهادي الخاص لتنظيم الدولة المستلهم بالأساس وبنسبة كبيرة من تنظيرات الشيخ "أبو مصعب السوري" والشيخ "أبو العلاء العفري القادولي" نجد أن من أبجديات التنظيم خاصةً في منطقة شمال إفريقيا هي السير على خط أفقي وليس السير على خط عرضي، والخط الأفقي في شمال إفريقيا هو النظر أفقياً نحو الشمال (أوروبا) أولى من النظر عرضياً نحو بقية دول المغرب العربي كأولويات، ما عدا وجود بعض الأولويات للتنظيم بمهاجمة مملكة المغرب الأقصى والثأر منها بسبب هجماتها المتتالية على التنظيم في العراق وهذا التيار الثأري يتقدمه داخل التنظيم "أبو العلاء العفري القادولي" قبل وفاته وبعض القادة الأخرين وهذا ما تجاهله كذلك على ما يبدو الأخ الموريتاني.. وهذا، عكس النظريات المتبعة للتنظيم في الشرق الأوسط حيث الأبجديات هناك تنطلق من مبدأ "العدو القريب" أولى بالجهاد ضده من "العدو البعيد" فالدائرة هناك تتوسع شيئاً فشيئاً لتصل إلى العدو الأبعد أو ما يسمى في الأبجديات بالتكتيك "الحلزوني" الذي يتجعد شيئاً فشيئاً حتى يتوسع ليمس نقاطاً أبعد..
أما في شمال إفريقيا، القريبة جغرافياً من أوروبا، فالأبجديات تنطلق بصورة كلية من مبادئ الجهادي "أبو مصعب السوري" الذي يرى أن أوروبا حلقة الغرب الأضعف التي يجب مهاجمتها وإنهاكها، ولذلك معظم الهجمات الكبرى التي حصلت سابقاً في أوروبا، سوى في "مدريد" أو "لندن" أو "باريس" مؤخراً، قام بها أشخاص مفتونين بفكرة "أبو مصعب السوري"..
أما إذا حاولنا تطبيق نظرية "القيروان" على أرض الواقع.. وتبدأ المسيرة من "بنقردان"، سنجد أن الطريق من "بنقردان" إلى "القيروان" تتوسطه مدينة "قابس" ومدينة "قبلي" الكبيرة جغرافياً، وفي حال السيطرة على "قابس" أو "قبلي" من طرف التنظيم، يصبح الطريق مُعبد للوصول إلى القيروان من خلال إتجاهين:
أولُهُما: الطريق الصحراوي الشاق؛ وثانيهُما: الطريق البحري الساحلي على مدينة "صفاقس" وهو الأسهل إستراتيجياً وتكتيكياً للتنظيم، لأنه يوفر الإمدادت البحرية من الساحل..
لكن، في حال إختيار طريق "صفاقس" البحري والسير به، يصبح واقعياً ونظرياً الوصول إلى "مالطا" أو ما يسمى "ولاية صقلية" أسهل بكثير للتنظيم من الوصول إلى "القيروان"، خصوصاَ أن "مالطا" التي تقع على نفس الخط العرضي مع "القيروان" تحذوها مياه بحرية دولية كبيرة غير مراقبة بكثرة، عكس ما يترتب على محاولات الوصول إلى "ولاية القيروان" وما يتخلله المرور عبر طريق زئبقى يتوزع على طوله وعرضه "البوليس" والعسكر التونسي بكل أسلحته ولوجيستياته.. وهذا ما أغفله البعض على ما يبدو..
#ماهر_عدنان_قنديل (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟