أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد عمر يوسف القراعين - رواية بورسلان- والرّبيع العربيّ














المزيد.....

رواية بورسلان- والرّبيع العربيّ


محمد عمر يوسف القراعين

الحوار المتمدن-العدد: 5099 - 2016 / 3 / 10 - 00:20
المحور: الادب والفن
    


محمد عمر يوسف القراعين:
رواية بورسلان" والرّبيع العربيّ
عندما قرأت رواية "بورسلان" لأيمن عبوش والصادرة عن دار الجندي للنشر والتوزيع في القدس، تبادر لذهني هذا البيت من الشعر
أنى يكون أبا البرية آدم وأبوك والثقلان أنت محمد
والبيت يضرب مثلا على التعقيد المعنوي في البلاغة، لأن الأصل أن نقول: وأبوك محمد وأنت الثقلان. بعض الأفلام تبدأ بحكم قضائي تتسلسل الأحداث بعده، لتصل إلى نتيجة تبرر تنفيذ الحكم بالبراءة أو التجريم. أمّا في هذه الرّواية المعقدة، فالتّحقيق يستمر إلى ما لا نهاية، في ارتفاع وانخفاض، اعتقال وتحرير بالصدفة لقيام الثورة، إعادة اعتقال وإطلاق سراح لبطل ثوري يقود إلى منصب رفيع، وأخيرا إقامة جبرية مخففة، تؤدي في النّهاية إلى تصفية.
قد يكون ذلك الوزير، بطل أو موضع الحوارات، الذي جرى التحقيق معه بتهمة انتحال شخصية رجل بارز، أستاذا جامعيا، دكتورا في العلاج الطبيعي، ألحقوه بالمخابرات كوظيفة ثانية يكتب التقارير بحرفية، مصابا برهاب الارتياب، لديه انفصام بالشخصية، لأنه يكتب تقارير عن زملائه، يكره نفسه ورائحته النتنة، ويحلم بأن يخرج منها هاربا، وتركها في البيت مصابة بالأنفلوانزا، (دكتور جيكل ومستر هايد). ولكونه كتب تقريرا عن أحد المتنفذين، جاء مع زبانيته إلى شقة الدكتور، فأشبعه ضربا وحرّم عليه البقاء في المنطقة. هذا الاستفزاز جعله يلفق له تهمة اغتيال الرئيس، "إن الذبابة تدمي مقلة الأسد". ومن ناحية أخرى قد يكون كما صرح للمقدم فضل، أنه نشأ متشردا، لأن والده الظالم طرده من البيت، يتسول من الناس في الشوارع بلا إثباتات، بينما عاش أخوه التوأم مع والده، وصار على ما هو عليه، والصدفة جاءت به إلى بيت شقيقه الخاوي، يسأل عنه لا أكثر بعد غياب.
أحداث الرواية مرتبة لتركيبها على أي من الشخصيتين قتل وسرق الشيخ عزمي الذي يبيع الفول النابت، سواء كان توأم القيادي في الجهاز، الذي ألقي القبض عليه، وتم اعتقاله بسبب زيارته العفوية لبيت أخيه التوأم، أو أستاذ الجامعة المصاب بانفصام الشخصية والتخيلات، والمطرود من شقته، الذي رسم خطة اغتيال رئيس الدولة، وألصقها برجل السردين. المهم أن أحدهما عذب في السجن، وبقي رهن الاعتقال، إلى أن قامت الثورة، وهبّ الشباب لتطهير المعتقل، وفتح العنابر والزنازين، لأنّ الشعب يريد إسقاط النظام، فخرج من القبو محمولا فوق الأكتاف معتقلا سياسيا.

ولكن الرياح لا تجري دائما كما تشتهي السفن، فبعد أن استعاد بطاقته الشخصية، وعمل محاسبا في مطعم أعيد إلى المعتقل، على أنه من رجال العهد البائد، كان شارك في قمع مظاهرات حصلت قبل سنوات، إلى أن تم إخراجه على يد مرجي باشا رئيس الحزب المعارض، كمعتقل منسي في أقبية النظام البائد، على أن يلتحق بالحزب. عين وزيرا للتعليم العالي، وتمرغ في النعمة إلى أن دارت الدوائر وشنت الصحافة حملة شرسة ضده، واتهم بانتحال شخصية رجل بارز، كانت تمّت تصفيته حسب معلومات جهاز المخابرات، ففرضت عليه إقامة جبرية، ومن ثم التخلص منه. لا يصح إلا الصحيح حتى في الزمن الرديء، والبورسلان كالخزف سهل الانكسار.
قصة الرواية مشوقة مع تعقيداتها، وبمقدار ما هي مسلية، إلا أنها رمزية هادفة، تحاول لملمة صور تنطلق مما حدث حولنا في زمن ما أطلق عليه الربيع العربي، مع الفرق بيت توقيت الخيال والواقع، الذي خرج فيه الشباب الثائر في أربع دول عربية، ينادون أن الشعب يريد إسقاط النظام، ممّا أدّى إلى سقوط رؤساء، وتطهير سجون لأنها تشير إلى قهر النظام السابق أو البائد. المعتقلون عادة يخرجون إلى سدّة الحكم، إذا كانت تدعمهم أحزاب كما حدث مع وزيرنا، لذلك لم يكن الوضع في روايتنا استثناء، "والثورة تأكل أبناءها" لم يأت هذا التعبير اعتباطا، فالمنتصر على حق، والمهزوم هو الخائن. مظاهرات الشباب واعتصاماتهم في الميادين أسقطت زين العابدين في تونس، ومبارك ومرسي في مصر؛ لأن الجيش كان عنصرا هامّا، حيث تخلى عنهم، فيما لم تنجح الثورة في سوريا وليبيا، لأنّ الجيش ظل مع النظام.
الرواية تبسط الأمور حين تشير إلى الوضع قبل الثورة، وكيف أن الرؤساء يبدأون أوّل الأمر صادقين ونزيهين، ولكن الحاشية تحول الدولة إلى إقطاعية تديرها العائلة وبعض المحظيين، كأن الرؤساء مغلوبون على أمرهم. كما يصف الكاتب التعذيب في السّجون أيام العهد البائد، والعهد الجديد قد يصبح بائدا له سوءاته، فرضا الناس غاية لا تدرك، والناس يرحبون بفرصة انفراج تتيح لهم التعبير، وإبداء الرأي، فالكلّ يُنظر. تدور الحلقة، وتتصارع الأحزاب وتتم التسويات حتى لا تسيء فهمهم الدولة حامية الديموقراطية، ممّا يشير إلى التدخلات الخارجية العالمية والإقليمية التي حولت الربيع العربي إلى نقمة.
وأخيرا تركز الرواية على انتهازية الحزب المعارض، الذي جاء رئيسه من الخارج، وركب موجة الثورة واختار دمية تخدم فترة مرحلية، ليحرقها ويصفيها إذا فقدت لمعانها، والحجة جاهزة يعزوها لمؤامرة داخلية، أو عملية جماعة متطرفة، ويمكن إلهاء الناس بملهاة جديدة. هذا يظهر الوجه السيء للأحزاب، وهو الرائج مع الأسف عند الناس، فهل الحال دائما هكذا؟ في حين أن أحزاب تونس أظهرت الوجه المشرق، عندما اتفق النهضة ونداء تونس على المشاركة، وعدم الاستئثار بالسلطة، فقادوا السفينة إلى بر الأمان.



#محمد_عمر_يوسف_القراعين (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تأمّلات فيصلية ومنابع الفكر
- البلاد العجيبة والخيال المطلوب
- قراءة في رواية-الهروب-لسليم دبور
- رواية -فانتازيا- لسمير الجندي
- رواية-رولا- والمجتمع الذّكوريّ
- رواية-يقظة حالمة-ووصف الأحاسيس
- رواية غفرانك قلبي- والتّمسّك بالأرض
- زمن وضحة وبداية التّنوير
- سأحاولكِ مرة أخرى ....أنا جنونك - ريتا عودة


المزيد.....




- بعد 6 سنوات من وفاة زوجته.. رحيل سيناريست مصري شهير بأزمة قل ...
- بعد -فيلم نتفليكس المرعب- عمدة باريس تسبح لتبديد الخوف
- أسبوع النشر بموسكو يستقطب اهتمام كتاب وناشرين مصريين (فيديو) ...
- تحت مجهر الأدب السويسري: دور المساعدات الإنسانية في أفريقيا ...
- قبيل أولمبياد باريس.. فيلم يهدد بخطر -السين نهر الدم-
- ليس في أمريكا بل ببلد خليجي.. مصور يوثق شغف خيالة بثقافة رعا ...
- جاهزين يا أطفال؟.. اضبط تردد قناة سبيس تون على القمر نايل وع ...
- ثبت الآن”.. تردد قناة ناشونال جيوغرافيك National Geographic ...
- المزيد من الـ -Minions- قادمون في فيلم جديد
- موسم أصيلة الثقافي يعيد قراءة تاريخ المغرب من خلال نقوشه الص ...


المزيد.....

- الرفيق أبو خمرة والشيخ ابو نهدة / محمد الهلالي
- أسواق الحقيقة / محمد الهلالي
- نظرية التداخلات الأجناسية في رواية كل من عليها خان للسيد ح ... / روباش عليمة
- خواطر الشيطان / عدنان رضوان
- إتقان الذات / عدنان رضوان
- الكتابة المسرحية للأطفال بين الواقع والتجريب أعمال السيد ... / الويزة جبابلية
- تمثلات التجريب في المسرح العربي : السيد حافظ أنموذجاً / عبدالستار عبد ثابت البيضاني
- الصراع الدرامى فى مسرح السيد حافظ التجريبى مسرحية بوابة الم ... / محمد السيد عبدالعاطي دحريجة
- سأُحاولُكِ مرَّة أُخرى/ ديوان / ريتا عودة
- أنا جنونُكَ--- مجموعة قصصيّة / ريتا عودة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد عمر يوسف القراعين - رواية بورسلان- والرّبيع العربيّ