أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالحسين الهنين - صَدّام الذي يعيش بيننا... متى نرسله إلى القبر؟















المزيد.....

صَدّام الذي يعيش بيننا... متى نرسله إلى القبر؟


عبدالحسين الهنين

الحوار المتمدن-العدد: 5095 - 2016 / 3 / 6 - 11:58
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


صَدّام الذي يعيش بيننا... متى نرسله إلى القبر؟


-;- عبدالحسين الهنين

لا زالت مناهج صدام وقراراته وتعليماته تدير دفة الاقتصاد والتعليم والصحافة وكل مفاصل الحياة في العراق، فحتى الذين كانوا يدعون معارضته قبل 2003 صدّعوا رؤوسنا بشعارات فارغة تتحدث عن بناء الدولة، فانهم حينما جلسوا على عرش صدام مجتمعين اثبتوا انهم معجبون بصدام وطريقة إدارته للدولة لكنهم كانوا يحسدونه على سلطته وجبروته، حيث لم يتخيل احد منهم نهاية حكم البعث لولا الغزو الاميركي المباشر .. كانوا يحلمون ان يصبحوا مكانه فقط ، ولما لم يتحقق لطرف واحد منهم ان يحكم جميع طبقات وطوائف الشعب تقسّموا الى "صدّامات" صغيرة فلكل واحد منهم جيشه الخاص ومربعه الرئاسي ومريدوه الذين يقبـّلون يديه بكرة وأصيلا.. انها طريقة الحكم بأدوات صدام القانونية والأمنية، والأخطر من ذلك طريقته في ادارة الثـروة والمال في العراق .


سقط صدام وأُعدم لكنه لا زال يعيش في طريقة تفكيرنا، فقوانينه وقراراته "الثورية" ما زالت تخيم على حياة الشعب، بل ان الطبقة السياسية تعتبرها بُنية صالحة للدولة وتصر على التعامل فيها، حتى ان غالبية من الشعب تعتبر صدام نموذجاً جيداً للحُكم فكانت بعض المطالبات المنفصمة عن العقل والحضارة وصلت بأن تُطالب بدكتاتور "عادل".
لم يتغير شيء في العراق، فشيوخ العشائر استبدلوا هويات صدام بأخرى بتوقيع القائد الضرورة (الديمقراطي)، وعندما استبدل بعملية قيصرية عام 2014 ، لم يستغرق تبديل هوساتهم لتناسب اسم القائد الجديد سوى أيام قليلة بينما ظلت أعلامهم وراياتهم التي ابتكرها صدام إبان التسعينيات نفسها وهي غالبا ما تكون رايات لدول افريقية مثل بوركينو فاسو او ساحل العاج أو غيرها من الدول الافريقية!!
المنظومة الامنية استنسخت طريقته في الفشل واعلان الهزائم على أنها انتصارات كبرى، ولو نظرت لكل الهزائم التي حدثت ومنها نكبة الموصل ستجد انها كانت لقادة وضباط يمتلىء تاريخهم بالهزائم التي لم يكن آخرها ( أم المعارك ) أو ( الحواسم ).. ضباط منكسرون ابدلوا ولاءهم لصدام بالقائد العام الجديد الذي منحهم الثروة والمال والجاه وتجاوز القانون !!
اقتصادنا الريعي هو نفسه برغم الثروة الهائلة ، فالحكومة تبيع النفط وتوزع حسب الاقرب ثم الاقرب وهو ما يهمنا اذ ان السياسة هي ( اقتصاد مركز ) ، والاقتصاد هو المحرك الاساس للسياسة والمجتمع ، ولم نفلح في بناء هويه اقتصادية حديثة برغم ان الدستور يلمح الى اصلاح الاقتصاد وفق اسس حديثة ، والسبب ان نفس الديناصورات القديمة ذات الفكر الشمولي الحاقد على القطاع الخاص لا زالت تدير دفة الاقتصاد العراقي، بينما اقتصاد السوق يولد شعباً حراً مشاركاً في انتاج الدخل ويحاسب السلطة ماليا لأنه مصدر المال ولذلك ينتج شعبا يمكنه ان يقوم بملايين الاكتشافات التي تجعل من النمو الاقتصادي امرا يسيرا. لذا فالحرية الاقتصادية التي هي اهم سمات اقتصاد السوق تعتبر امرا حاسما في انجاز الكرامة الانسانية للجميع ، فهل نستطيع ان نكون أحرارا في ظل اقتصاد ريعي لا ينتج إلا عبيدا لدى السلطة ؟ وهل يمكن ان نكتشف مشاريع رابحة لنشارك في انتاج الدخل ليصبح لنا الحق في أن نمارس حقنا كأحرار وليس رعايا نفكر بطريقة القطيع؟
تتحدث المادة 25 من الدستور العراقي عن إصلاح الاقتصاد وفق أسس حديثة ( تكفل الدولة اصلاح الاقتصاد العراقي وفق اسسٍ اقتصاديةٍ حديثة وبما يضمن استثمار كامل موارده، وتنويع مصادره، وتشجيع القطاع الخاص وتنميته)، وهي مادة عائمة يمكن ان تفسر بطرق مختلفة ، فالإسلامي يمكن أن يدعي أن المقصود بالأسس الحديثة ما جاء في كتاب السيد محمد باقر الصدر (اقتصادنا) ويمكن لليساري أن يدعي إن المقصود بالأسس الحديثة هو ما جاء في كتاب (رأس المال) لكارل ماركس ، أما الليبراليون أمثالي فسوف يصرُّون على إن الأسس الحديثة هي الليبرالية الاقتصادية وتحديدا اقتصاد السوق الحر، وقد يستعينون بكتب كثيرة ليس أوحدها ( ثروة الأمم ) لآدم سميث اضافة الى التجارب العالمية الناجحة التي جعلت من كاتب كبير مثل(فرانسيس فوكوياما ) ان يقول إن الليبرالية هي النظام الأصلح للحياة بحسب كتابه ( نهاية التاريخ والانسان الأخير ).
في اعتقادي الشخصي إننا بحاجة لتفكيك وإجابة بعض الأسئلة منها:
كيف نبدأ ؟ وكيف نقلب معادلة الاقتصاد في العراق لصالح التنمية ؟ وكيف نواجه معارضة الشارع لبعض الإصلاحات المؤلمة ؟ مَن الفريق الذي يكتب الاصلاحات ؟ وهل الشعارات العريضة لبعض مراهقي السياسة تصلح لرتق الفتق الكبير الذي أحدثته الادارة الفاشلة والفاسدة للأموال ؟ ولهذا فإني أظن أننا بحاجة الى فعل سريع لأن وضعنا لا يحتمل الانتظار أكثر ، فالإصلاح ليس قرارا فرديا كما يحاول السيد العبادي أن يقوم به بطريقة التصريحات، او كما فعل السيد مقتدى الصدر في جمع نخبة من المثقفين ذوي التاريخ اليساري ليسميهم ( لجنة اختيار الوزراء) وكأن مشكلتنا هي كيفية اختيار الاشخاص. وقد يذكرنا المشهد بالتبرير الذي قدمه اليسار العراقي حينما تحالف مع البعث في بداية السبعينيات من القرن الماضي (صدام بورجوازي صغير سيذوب في احضان البروليتاريا) . إذاً صدام موجود حتى في عقل مَن يدّعي الاصلاح أيضا .
إننا بحاجة الى حزمة إجراءات سريعة وشاملة وجذرية تكون على شكل قانون واحد يمكن تسميته ( الإصلاح الاقتصادي ) لكي يصوّت عليه مجلس النواب ليكون نافذاً. القانون سيكون تعبيرا عما جاء في المادة 25 من الدستور العراقي، ولابد ان يكون قانونا شاملا وواسعا، والفرصة سانحة له الآن بسبب وجود ضغط شعبي تسانده المرجعية الدينية العليا حيث يمكن نيل مباركتها قبل إرسال القانون إلى البرلمان ليكون قويا وإجباريا، ويمكن ان نحوّل تراجع اسعار النفط الى فرصة كبيرة للإصلاح بعد الانتهاء من هزيمة الارهاب لنبدأ مرحلة جديدة ومفصلية من تاريخ العراق، هي مرحلة تفكيك النظام الريعي واعتماد فرص للتنمية الحقيقية تستند الى الاكتشاف لفرص جديدة لا توفرها سوى حرية اقتصادية كاملة تضمن كرامة الانسان المتحرر من ضرع الدولة النفطي ، الفاعل والمشارك في بناء البلاد .
القيد الحقيقي الذي يعيق الاصلاح هو ان الطبقة السياسية والمجتمع على حد سواء أسرى لشخوص مستهلكة تجيد استخدام التزويق اللفظي، لكنهم لا يدركون ما يجري في العالم من تغيرات جوهرية كبيرة ، فغالبا ما يُشار الى شخصيات أُبعدت وأخرى تم تقريبها، لكن الملاحظ ان الجميع لا يعرف إلا شخصية واحدة او اثنتين وهذا جزء من طبيعة الشخصية العراقية التي تربط كل شيء بفرد، سواء على المستوى السياسي او الاقتصادي بينما ترتبط شعوب العالم بطبيعة النظام السياسي او الاقتصادي ومحاولة ايجاد افضل المعايير والانظمة للتقدم والنجاح لأن الفرد مرتبط بعمر وظيفي معين ولا يمكن الاعتماد عليه الى الابد مهما كانت علميته وخبرته، ناهيك عن ان بعض الاسماء التي تُمتدح يوميا هي جزء من فشل السياسات الحكومية وبعضهم ابتدع الآليات الفاسدة المعتمدة في مفاصل الدولة المالية والنقدية .
ما نسميهم الخبراء قد يكونون هم السبب في ما نحن فيه ، آراء كلاسيكية كثيرة ومختلفة لكنها اسيرة لتفسيرات ساذجة لن تصل الى فهم ما يجري في العالم من تغيرات دراماتيكية لحظة بلحظة .. آراء نسمعها من ديناصورات تربعوا على صدر القرار في مؤسسات الدولة العراقية، اغلبهم ذوو ميول يسارية ومعجبون بتجارب بسيطة وبدائية ويعتبرونها مثالا لهم في التعامل الاقتصادي. وتمثل هذه الآراء فهماً مغلوطاً لما يجري في العالم والعراق، هذا اذا سلمنا بحسن نية ونزاهة هذه الديناصورات الاليفة.
لدينا نوعان من الديناصورات ، الاول هم السياسيون الذين لم يقدموا شيئا حسنا واحدا للعراق ويحاولون الان ركوب الموجة وتحسين صورتهم بشعارات المعاداة لأميركا التي استهلكت بمرافقة مثقفين كبار لم يغادروا مرحلة الطفولة اليسارية بعد، والنوع الثاني هو مَن يسمونهم ( الخبراء ) الذين وضعتهم الاقدار وخدمهم ارتباطهم بالبعث سابقا والاحزاب الحاكمة الان لاحقا ليكونوا في مركز القرار وليغلقوا الابواب أمام كل فكرة او شخصية مجددة وشجاعة.
جثة صَدّام دُفِنت، فمتى نرسل مناهجه إلى القبر ؟



#عبدالحسين_الهنين (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- معاقبة اردوكان دون تركيا
- المرض الهولندي (Dutch Disease) صار عراقيا بامتياز
- النفط مقابل البناء
- التجربة الايرانية
- السياسة النفطية , والدخول في نفق مظلم
- الفوضى الخلاقة


المزيد.....




- ماذا وجد مصور داخل قرية مهجورة في السعودية؟
- أردوغان يستذكر سلطانين عثمانيين -بالدفاع عن فلسطين- ويوجه دع ...
- الأمن الباكستاني يعتقل اثنين من كبار قادة -طالبان باكستان-
- كينيا: لماذا اقتحم الشباب برلمان البلاد؟
- ملاعب أوروبية.. شغب وعنف وقتيل ضمن الضحايا
- صربيا – كرواتيا – ألبانيا.. يورو 2024 مسرحا للنعرات القومية! ...
- حلف الناتو يعلن تعيين الهولندي مارك روته أميناً عاماً جديداً ...
- قتلى وجرحى بقصف إسرائيلي على رفح و-كتائب الأقصى- تستهدف تجم ...
- الجزائر تجهز مستشفيات ميدانية لغزة
- الاعتراف بفلسطين.. جدل في انتخابات فرنسا


المزيد.....

- تأملات في كتاب (راتب شعبو): قصة حزب العمل الشيوعي في سوريا 1 ... / نصار يحيى
- الكتاب الأول / مقاربات ورؤى / في عرين البوتقة // في مسار الت ... / عيسى بن ضيف الله حداد
- هواجس ثقافية 188 / آرام كربيت
- قبو الثلاثين / السماح عبد الله
- والتر رودني: السلطة للشعب لا للديكتاتور / وليد الخشاب
- ورقات من دفاتر ناظم العربي - الكتاب الأول / بشير الحامدي
- ورقات من دفترناظم العربي - الكتاب الأول / بشير الحامدي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالحسين الهنين - صَدّام الذي يعيش بيننا... متى نرسله إلى القبر؟