دلور ميقري
الحوار المتمدن-العدد: 5094 - 2016 / 3 / 5 - 10:44
المحور:
الادب والفن
1
ركّب الكرد من " mend " سلسلة أسماء؛ مثل hunermend أي فنان. وعلى الأرجح، فهذه هي نفس المصدر اللاتيني " man "؛ التي ركبت منها أسماء عديدة؛ مثل polisman رجل الشرطة. ولكنّ " man " تستعمل في الكثير من اللغات الأوروبية بمعنى " المرء أو أحدهم ". بينما بالكردية تستعمل " mero " في هذه الحالة؛ وهي من اشتقاقات اسم الانسان merv.
كذلك ركّب الكرد ( والمجموعة الآرية الشرقية عموماً ) أسماء عديدة من " stan "وتعني المكان، الموطن: الغابة baxstan، الحديقة gulistan المقبرة goristan. والغريب، أن السويديين يستعملون كلمة " stan " بمعنى المدينة. وأيضاً ركبوا منها كلمة " gamla stan "؛ أي المدينة القديمة. إلا أنهم يستعملون مصدراً آخر، شبيه لفظاً " stad " فركبوا منه أيضاً أسماء أمكنة؛ مثل " verkstad " محل تصليح الآلات. أما مقابل كلمة " الموطن " في اللغات الآرية الغربية فهي " land "؛ كهولندا، انكلاند، دويتشلاند ( وأيضاً يُركب منها أسماء أمكنة: lekland مدينة الألعاب باللغة السويدية ). إنها شبيهة ولا شك بلاحقة " mend "، التي ذكرناها تواً بالنسبة لتركيب الأسماء بالكردية وغيرها من اللغات الآرية الشرقية. لأننا نلاحظ المرادفين stan, stad وقد تم ابدال النون بالدال؛ ويمكن على ذلك اقتراح الشبه بين stan, land بالمجموعتين الآريتين اللغويتين، الشرقية والغربية..؟
2
في اللغة العربية، ضمير المخاطب مختلف بين الرجل والمراة " أنتَ، أنتِ ". بينما في مجموعة اللغات الهندوأوروبية مشترك؛ ففي الكردية ( واللاتينية ) tu، وفي الجرمانية du، وفي السلافية ti. بالمجموعة المذكورة، لا داعي لتحديد الجنس في الأفعال. على سبيل المثال، فإن فعل " رَحَلَ " لا حاجة لتحديد الفاعل مذكراً أو مؤنثاً ( مثلاً بالكردية: chu ). أما بالعربية، فعلاوة على حرف التاء لتحديد المؤنث، يُضاف أيضاً التشكيل بعلامة السكون " رحلتْ ". إلا أن اللغة العربية لا تعوّل على المؤنث في الاسم، عندما يتعلق الأمر بالمهنة، بل تُذَكِّره: " تاجر "، " وزير "، " رئيس "، " زعيم ". أما الشواذ، مثل " ملكة "، " امبراطورة "، فإنه مستحدث وليس من أصل اللغة. طبعاً مع وجود حالات استثنائية، نجد فيها أن الغلبة للمؤنث: مثلاً، استعمال تاء التأنيث في أسماء الحيوان من الجنسين: " حيّة "، " شاة "، " سخلة ". وأيضاً في بعض الصفات: " رجلٌ رَبْعَة "، " دارٌ مُنيفَة ".
من جهة أخرى، نرى أن اللغة الكردية تأثرت بالعربية فيما يخص بعض التصاريف الاسمية. فالكرد، يستعملون كالعرب حرفَ الياء بنهاية الكلمة في نسب الشخص للمكان: diyarbekerli، wanli، suri، chini. إلا أنّ العربية الفصحى تضيف تشكيل الشدّة للياء: الحمصيّ، الدمشقيّ، المصريّ الخ. كذلك، تتميز اللغة العربية بغنى مرادفاتها، وخصوصاً لتمييز الجنس. فإنهم يقولون على سبيل المثال: لبوة ( لأنثى الأسد )، أتان ( لأنثى الحمار ). أما في الكردية، فإنهم يقولون لكلا الجنسين نفس الكلمة sher, ker. ولتحديد الأنثى، يضيفون عند الضرورة كلمة " مِيْ ": sher me ( اللبوة )، ker me ( الأتان ). وأيضاً، تُستعمل تاء التأنيث لبعض الصفات بالعربية: " طباخة " كمثال. بينما في اللغات الهندوأوروبية يجب أن يُضاف اسمَ الرجل لصفة " طباخ ": ففي المجموعة الجرمانية: cock man. في العربية، من الضروري تحديد الأنثى بحرف التاء في أحوال مثل: امرأة صالحة. أما في الكردية ( وبقية مجموعتها اللغوية ) فلا تتغير الصفة بتغيّر الجنس. بالنسبة لأسماء الإناث باللغة العربية، فإنّ أغلبها ينتهى بالألف المقصورة: ليلى، لبنى، نشوى، نجوى. بينما ينتهي اسم المؤنث بالكردية بحرف النون في معظم الأحيان: sherin, narin, sevin, evin. وفي أغلب اللغات الأوروبية يضاف حرف الألف للنون: kristina, valentina, karina, juzifina..
3
حرف النفي ne، يُستعمل كثيراً في تركيب الكلمات الكردية، مثل nexwesh ( مريض )، neyar ( عدو ). وهذا حال اللغات الهندوأوروبية، عموماً. فالسويدية تستعمل حرف النفي ( o ) في تركيب العديد من الكلمات؛ مثل otrevlig ( جَلِف ) olycklig ( حَزين ). بينما العربية لا تعتمد على التركيب، بسبب غناها بالمفردات ومرادفاتها. فإن كلمة " مريض "، على سبيل المثال، تتعدد مرادفاتها بهذه اللغة: سَقِيم، عَلِيل، مُتَوَعِّك، مُدْنَف، مُضْنى، مُنْهَك. ولكن، في اللغة العربية توجد حالة وحيدة لاستعمال حرف النفي ( لا ) في تركيب كلمة جديدة. سَنَجِدُها، بحَسَب علماء اللغة، في الفعل الناقص " لَيْسَ ". فإن هذا الفعل مركّب من إضافة " لا " إلى كلمة " أيْسَ " ثم جرى لفظها تخفيفاً " ليس ". وكما يقول العربُ: " ائتِ به من حيثُ أيْسَ وليسَ "؛ أيْ من حيث يكون ولا يكون. وإذاً فإن " أيس "، هي الدالة على فعل الكينونة باللغة العربية. الغريب، أنها شبيهة لمثيلتها في اللاتينية والسنسكريتية والإغريقية والفارسية: est، مثلما أنها تختلف نوعاً مع المجموعة الجرمانية: are. أما بالكردية، فإنّ ma, man هي فعل الكينونة وتستعمل بعد إدغامها وتخفيفها في لاحقة مثل هذه الجملة: ez kurdim ( أنا كردي ).
من ناحية أخرى، فثمة أمثلة باللغة الكردية تُفيد بإعتماد تركيب بعض كلماتها على مفردات عربية. ككلمة dewlemend، وتعني: غني أو وجيه. وقد أضيفَ فيها الكلمة العربية " دولة " إلى " مند " الكردية. هذه الأخيرة، سبقَ لي في منشور آخر أن قارنتها باللاحقة man المستعملة في اللغات الأوروبية؛ مثل polisman. كمرادف لكلمة " عائلة "، يستعمل الكردُ كلمة malbat. وهيَ مركبة من كلمتين كرديتين: mal ( بيت ) ـ bat ( الأب ). فهذه الأخيرة، على رأيي البسيط، هيَ على الأغلب تحوير اسم الأب: bav, bab. الغريب، أنهم في اللغة العبرية أيضاً يقولون " بيت الأب " بمعنى " العائلة ". إلا أنّ هذا، بطبيعة الحال، لا يعني بأن اللغة العربية كلها كلمات أصيلة. فإنها استعارت الكثير من الكلمات الأجنبية، التي هي بالأصل مركّبة. ككلمة " فلسفة "، التي صُرّفتْ إلى أفعال: فلسَفَ، يُفلسِفُ، تفلسَفَ. مع أنها، كما هو معروف، كلمة يونانية مركّبة: حُبّ الحكمة. كلمة teknik اللاتينية، يقال أنها عُرّبت إلى " تقنية ". ولكنها تُذكّرنا بفعل " أتقن " باللغة العربية، حيث ورد بالقرآن الكريم في سورة النمل آية 88: " صُنْعَ اللهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ ".
#دلور_ميقري (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟