|
وفاءاً للشهيد عادل كامل الربيعي
كمال يلدو
الحوار المتمدن-العدد: 5091 - 2016 / 3 / 2 - 03:23
المحور:
الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية
مَن سيتمكن يوما من حساب الجرائم التي اقترفها حزب البعث وصدام حسين بحق العراق والعراقيين....مَن؟ فكيف يُعقل أن يكون ثمن حمل فكر سياسي مخالف لفكر (الحزب القائد) القتل، أو التغييب، او الغربة او الحرمان والدمار؟ وأية احزاب تبرر لنفسها هذه الاعمال والجرائم الشنيعة بحق معارضيها؟ ألم يحن الوقت لنعي، ويعي العراقيين بأن وطنهم لن يتقدم ويتطور مالم تكون القاعدة فيه المساواة والعدالة والقانون، مالم يضع الحاكم قضية الشعب امامه قبل كل شئ، مالم يجري فصل الدين عن الدولة ويكون الشعب هو الحارس على التبادل السلمي للسلطة. نعم، أربعين عاماً من الغربة عن وطني الذي أحببته وضحينا من أجله، اربعين عاما وأولادي لم ينعموا بذلك الفضاء تحت هذه السماء الزرقاء ، العراق! جراح بعمق الالم وطول الليالي وحزن الاطفال، عسى أن تكون بذوراً لوطن الحالمين والعشاق والمحبين،وطن الموسيقى والمياه والشمس المشرقة، والقمر ساعة الغروب، وطن يجمعنا بين ذراعيه! ** ولد الشهيد عادل كامل الربيعي في مدينة الحلة في كانون الأول 1948، رغم إن عائلته تنحدر أصلاً من مدينة الكوت، لكن طبيعة عمل والده (نائب قائمقام) كانت سبباً في تنقلات العائلة. بعد أن انهى دراسته الابتدائية والمتوسطة والثانوية، دخل كلية التربية وتخرج من قسم البايولوجي عام 1970. عمل بعدها في سلك التدريس في الرمادي والحلة. حصل على زمالة دراسية للاتحاد السوفيتي عام 1975ونال شهادة الدكتوراه عام 1981، فيما ترجمت اطروحته الموسومة ـ تطبيع الخلايا السرطانية ـ الى اللغتين الانكليزية والالمانية في حينها، وعندما منحته الجامعة السوفيتية (هدية مالية لبحثه هذا) عاد وتبرع بها للجامعة عرفاناً على ما تسديه من خدمات له وللطلبة الاجانب. اقترن بالسيدة إنعام المهداوي عام 1976 في الاتحاد السوفيتي، وأنجبت له بنتان (سلام عادل، ونداء عادل) وولد واحد (علي عادل) ولو قدر له الحياة الآن لكان قد شهد (6) احفاد. بعد انتهاء دراسته وبسبب تصاعد موجة الارهاب في العراق، قصد سوريا عام 1982 حيث زاوج بين العمل الوظيفي والعمل الوطني ، ومات غدرا وهو على مشارف دمشق في طريق عودته من اللاذقية فجريوم 16 تشرين الأول عام 1987. تروي السيدة إنعام المهداوي فصولا كثيرة من سيرة الشهيد أبو سلام بالقول: نشأ في بيت وطني، فقد كان والده من محبي الزعيم قاسم (قاسمي) ، أما عمّه السيد محسن الربيعي، فقد كان من ضمن المقاومين لانقلاب 8 شباط في الكاظمية مع الشهيد حسن متروك، لكن الحادثة الابرز كانت في بداية الثورة وكان عمره (10 سنوات) حينما أرسل والده بيده رسالة وطلب منه تسليمها للزعيم، فذهب عادل ووقف امام باب وزارة الدفاع، وعندما جاءت سيارة (الزعيم) توجه للشباك وسلمها بيده. مع مرور السنين ازداد عنده الوعي الوطني فانخرط في العمل بإتحاد الطلبة العام واتحاد الشبيبة الديمقراطي، ولاحقا عمل مع المثقفين. اما اول تعارفي به (تكمل السيدة إنعام) : فقد كان في العام 1973 في عملنا الوطني، ثم توج ذلك بالزواج عام 1976 في موسكو، ولعل من الصدف أن يكون 24 آذار من هذا العام ذكرى مرور (40) سنة على ذاك اليوم. اما قضية السفر فلها حكاية أخرى، حيث بدأت مضايقات البعثيين له في سلك التدريس عام 75، وما كان من منفذ سوى اخراجه للخارج، وحدث ذلك دونما تخطيط مسبق، وأمام دهشة عائلتي التي كانت تفضل أن أتزوج وأكون بالقرب منهم، لكن للضرورة أحكام كما يقولون، فقررت السفر أنا أيضا، ومن حسن حظي أن أحصل على بعثة دراسية معه انجزتها بحصولي على شهادة الدكتوراه بالأدب الروسي عام 1982، أي بعد تخرجه بسنة واحدة. لقد كان شوقه كبير للعمل الوطني، وكان يريد الالتحاق بحركة الانصار التي بدأت في شمال العراق لمحاربة الدكتاتورية، لكن لسوء حظه، فقد وقف وضعه الصحي حائلاً دون ذلك، لكن عوّض عطشه ذاك بعمله في مساعدة العوائل العراقية في الشام والملتحقين الجدد بالأنصار وفي اللجنة التنفيذية لاتحاد الشبيبة الديمقراطي العراقي. في العام 1987 شارك في مهرجان عالمي بالعاصمة النمساوية ل (الشبيبة من اجل السلام)، ومهرجاناً آخراً في المانيا الديمقراطية، ووقتها (تكمل السيدة إنعام) كنتُ حاملاً بإبني ـ علي عادل ـ وبعيد النشاط إتصل بي وقال انه سيبقى هنك ثلاث أو اربعة أيام اضافية لمشاهدة معالم برلين الديمقراطية، لكنه وعلى غير عادته عاد في اليوم التالي الى الشام، وأحسست إن أمراً ما قد حدث! ورغم إنه قليل الكلام ولم يكن ليشغلني بهذه الامور، لكني علمتُ بأن جهات رسمية عراقية قد فاتحته بالعودة للعراق، وهددته أيضا! هذا الامر وصل للسلطات الالمانية التي سارعت الى اخراجه من هناك حفاظاً على سلامته. لم تمض حياتنا بشكلها الديناميكي الجميل كما كانت، فقد أصبح (عادل) أكثر قلقاً علينا، وصار يتفحص الوضع خارج البيت كثيرا، ويحتاط حذرا عند خروجه او عند خروجنا، أما أنا فقد كنت اشجعه واحاول أن لا (اُزيد الطين بلّة) كما يقولون، ومرت عدة أشهر وهو يشعر بأن عيونا ما تترصده، وهذا لم يكن مستبعداً من نظام تمكن من شراء الكثير من الذمم وبأبخس الاثمان بغية الانتقام من خصومه أو معارضيه. في يوم 14 تشرين أول 1987 كان قد لبى دعوة وجهتها له جهات رسمية بدعوة من الرئيس السوري (حافظ الأسد) لتشكيل لجنة تضم ( أطباء في الامرلااض النسائية، وأمراض الأطفال وباحثين من قسم البايولوجي) الى مدينة اللاذقية، وكانت هذه مناسبة له للالتقاء بزملائه هناك ايضا ومعرفة احتياجاتهم ونقل بعض اوراقهم الى الشام، وغادرها عائداً فجر السادس عشر من تشرين أول 1987 قاصدا دمشق، حيث حدث ما حدث على مشارف دمشق بينما كان هو في سيارة النقل، وقيل في حينها انه (حادث قضاء وقدر) بينما ذكرت لي الراحلة د.نزيهة الدليمي التي شاهدت جثته بأن :( الثقب الموجود في جسمه ناتج عن كاتم صوت) وليس شيئاً آخراً. هذه كانت تلك الساعات التي مازالت تعيش معي ومع ابنائي لليوم. وبعد أن أبلغتني الجهات الرسمية بالحادث حوالي الساعة السابعة مساءاً، جرت مراسم التشييع والدفن في اليوم التالي ابتدأ من مستشفى تشرين العسكري حتى مثواه الاخير، وكان حقاً تشييعاً مهيباً يليق حقاً بإنسان مناضل ومبدئي مثل عادل (أبو سلام). لم يبخل علينا رفاق الشهيد بمحبتهم ، حيث ساعدونا لمدة عام كامل بعيد رحليه، ولعلي هنا اُثبت شكري وتقديري الى الاستاذ (زياد الشطي) وزير الصحة السوري آنذاك، الذي ساعد في تعيني استاذة في كلية الآداب بجامعة دمشق منذ 1 أيلول 1988 حتى موعد مغادرتنا الشام لاجئين الى هولندا عام 1996. لم تكن مهمة تنشأة بنتان وولد في الغربة بالأمر الهين والسهل عليّ ، لكنني تحملتها بكل شرف وإفتخار، لشخصي أنا، ولرفيق حياتي (ابو سلام) ولأبنائي وللأفكار السامية التي جمعتنا! نعم ، عملتُ وشقيتُ حتى أوفر لهم حنانا مركبا بالأب والأم وآمل ان أكون قد وفقتُ معهم في مسيرتي ومسيرتهم. ولعلي هنا أقول، بأن بذور محبة الوطن والمبادئ السامية لي ولوالدهم لم تسقط على أرض جرداء (رغم المنغصات وعوادي الزمن وحال العراق الصعب) لكنهم نشأوا على محبتها والاعتزاز بها، وهذا مبعث فخر اضافي لي. لقد خسر العراق طاقة خلاقة ومبدعة في حقل كان يمكن أن يفيد البشرية كلها، فالذين عرفوا "أبو سلام" عرفوا به انساناً ذكيا محبا للعلم ومواضباً عليه، ولعلي هنا اشير بكل فخر وأعتزاز لمستوى ابنائي العلمي ، حيث إن "إبنتي الكبرى سلام عادل" حصلت على درجة الدكتوراه وهي مدرسة جامعية، و"أبنتي الوسطى نداء عادل" طبيبة، و"أبني الرائع علي عادل" حصل على شهادة في ميكانيك السيارات، وكم أنا سعيدة بهم، وبأبنائهم (أحفادي) ، وأتمنى لهم اجمل الاعوام وأحلى مستقبل. وتنهي السيدة إنعام المهداوي كلامها بالقول: رغم كل انشغالات العائلة والابناء والاحفاد، فإني لا اتلكأ في تأدية واجبي الوطني والانساني، العراقي والهولندي، حيث أحضر واساهم في نشاطات رابطة المرأة العراقية، واشارك في ما متوفر من مناسبات وطنية واممية للدفاع عن حقوق المرأة، او بالعمل متطوعة لمساعدة اللاجئين الجدد بالترجمة على الأقل، وكذلك في فعاليات مجلس البلدية المحلي. أما لوطني الغالي، للعراق الذي احببناه وبذلنا شبابنا له، فلا أظن ان امراً سيغيره قبل أن تقوم انتفاضة شعبية عارمة تكنس كل هؤلاء العنصريين والطائفين والحقودين، اعداء الانسان والانسانية، ولن تستقيم الحياة قبل أن تقوم على انقاضهم الدولة المدنية الديمقراطية العادلة، ويتحقق شعارنا العتيد، شعاري وشعار الشهيد زوجي وأبنائي سلام ونداء وعلي عادل في : وطن حر وشعب سعيد!
**الذكر الطيب والدائم للشهيد الراحل عادل كامل الربيعي **مواساتنا لزوجته الغالية إنعام المهداوي وبناته سلام عادل و نداء عادل وإبنه علي عادل **العار لنظام القتلة البعثي والمأجورين العاملين معه بأمل تقديمهم للعدالة يوما
كمال يلدو آذار 2016
#كمال_يلدو (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
وفاءاً للشهيد النصير خليل توما متى (سليم مانكيشي)
-
وفاءاً للشهيد رياض أحمد صالح
-
بعد نصف مليون قراءة، شكراً للحوار المتمدن وشكراً للقراء الكر
...
-
وفاءاً للشهيد عابد يوسف مرادو
-
سلاماً للقائد الانصاري توما القس (أبو نضال)
-
وفاءاً للشهيد صبري الياس حنا دكَالي ( جندو)
-
مع الرباع العراقي زهير إيليا منصور، الحائز على لقب أقوى رجل
...
-
عن فلم - بيشمركَة مرة اخرى- مع النصير وردا بيلاتي (ملازم أبو
...
-
سلاماً للقائد الأنصاري نجيب حنا عتو ( حمه سعيد أبو جنان)
-
وفاءاً للشهيد النصير فرانسو ميّا (أبو حسن)
-
الطبيبة العراقية مونا حنا عتيشا، تنقذ حياة آلاف الأطفال في
...
-
وفاءاً للشهيد حكمت كيكا صادق تومي
-
القائد الأنصاري دنخا شمعون البازي (أبو باز)، بعد التحية
-
رعاية التلاميذ النازحين في برنامج TEACH
-
وفاءاً للشهيد النصير رافد اسحق حنونا (حكمت)
-
الناشط والأكاديمي سعد سلوم يرى (نصف الكأس المملوء) في محاضرت
...
-
ليلة الأحتفال بذكرى الموسيقار -صالح الكويتي- في ديترويت
-
وفاءاً للشهيد سالم أيوب حنا رمّو(هيتو)
-
وفاءاً للشهيد النصير لازار ميخو (أبو نصير)
-
لقاء مع الناشطة المدنية من مدينة تورنتو إيمان بكتاش وحملات د
...
المزيد.....
-
النسخة الإليكترونية من جريدة النهج الديمقراطي العدد 583
-
تشيليك: إسرائيل كانت تستثمر في حزب العمال الكردستاني وتعوّل
...
-
في الذكرى الرابعة عشرة لاندلاع الثورة التونسية: ما أشبه اليو
...
-
التصريح الصحفي للجبهة المغربية ضد قانوني الإضراب والتقاعد خل
...
-
السلطات المحلية بأكادير تواصل تضييقها وحصارها على النهج الدي
...
-
الصين.. تنفيذ حكم الإعدام بحق مسؤول رفيع سابق في الحزب الشيو
...
-
بابا نويل الفقراء: مبادرة إنسانية في ضواحي بوينس آيرس
-
محاولة لفرض التطبيع.. الأحزاب الشيوعية العربية تدين العدوان
...
-
المحرر السياسي لطريق الشعب: توجهات مثيرة للقلق
-
القتل الجماعي من أجل -حماية البيئة-: ما هي الفاشية البيئية؟
...
المزيد.....
-
سلام عادل- سيرة مناضل - الجزء الاول
/ ثمينة ناجي يوسف & نزار خالد
-
سلام عادل -سیرة مناضل-
/ ثمینة یوسف
-
سلام عادل- سيرة مناضل
/ ثمينة ناجي يوسف
-
قناديل مندائية
/ فائز الحيدر
-
قناديل شيوعية عراقية / الجزءالثاني
/ خالد حسين سلطان
-
الحرب الأهلية الإسبانية والمصير الغامض للمتطوعين الفلسطينيين
...
/ نعيم ناصر
-
حياة شرارة الثائرة الصامتة
/ خالد حسين سلطان
-
ملف صور الشهداء الجزء الاول 250 صورة لشهداء الحركة اليساري
...
/ خالد حسين سلطان
-
قناديل شيوعية عراقية / الجزء الاول
/ خالد حسين سلطان
-
نظرات حول مفهوم مابعد الامبريالية - هارى ماكدوف
/ سعيد العليمى
المزيد.....
|