|
أديب في الجنة (50) * الملك لقمان في ضيافة الإمبراطور الإله !
محمود شاهين
روائي
(Mahmoud Shahin)
الحوار المتمدن-العدد: 5091 - 2016 / 3 / 2 - 03:22
المحور:
الادب والفن
أديب في الجنة (50) * الملك لقمان في ضيافة الإمبراطور الإله ! لم يتوقع الملك لقمان أن يدعوه الإمبراطور الشنوتي إلى جلسة حوار وحفل غداء بعد أن أخبره الكاهن بقصة الملك الضيف القادم من الفضاء والذي يحمل رؤية قد تغني العقيدة الشنوتية . وكان الكاهن قد قدم للإمبراطور كممثل أعلى وأوحد للعقيدة ملخصاً وافياً للحوار الذي دار بينه وبين الملك . جرى حفل استقبال مهيب للملك وحاشيته رفعت فيه الأعلام البيض في عاصمة الدولة بناء على التشاور مع الملك لقمان ، وعزفت فيه الموسيقى لحنا كونيا ً إضافة إلى اللحن الوطني للدولة ، وأدت التحية للملك ثلة من حرس الشرف الإمبراطوري .. وانطلق الموكب بالملك والإمبراطور من المطار عبر شارع طويل يوصل إلى القصر الإمبراطوري وسط حشود من الجماهير المرحبة بالإمبراطور وضيفه الملك وحاشيته رافعة الأعلام البيض وملوحة بها عند مرور الموكب من أمامها وسط تلويح الإمبراطور وضيفه الملك وقرينته الملكة والإمبراطورة . جرى الحوار بعد انتهاء حفل الغداء الذي كانت الأسماك المنوعة والمشروبات المحلية من عناصره الأساسية . ابتدأ الإمبراطور الحوار بأصعب الأسئلة وأعقدها كما توقع الملك لقمان: - هل ترون جلالتكم أن للوجود علة أوغاية وهل وجد بفعل موجد من خارجه أم أنه أوجد نفسه بنفسه ؟! فوجئ الإمبراطور بالسرعة التي أجاب بها الملك لقمان مما يشير إلى أنه فكر في الأمر من قبل : - احتمال وجود موجد من خارج الوجود البدئي احتمال لا يتقبله العقل المستند إلى المنطق والعلم ، أي إلى الفلسفة والعلوم معا ، ففي هذه الحال يكون الموجد موجودا في العدم وأوجد وجودا من العدم . وهذه مسألة لا يتقبلها العقل ، كون العدم يعني أللاشيء. فالإحتمال الممكن هو أن الوجود البدئي بدأ منذ الأزل في هيولى بدئية أوجدت نفسها بنفسها لنفسها، وتطورت ذاتيا عبر تفاعلات وتحولات استغرقت مليارات السنين وعلى الأرجح قرابة أربعة عشر مليارا من السنين كما يرى العلم . بغض النظر عن دقة الرقم في تحديد عمر هذه الهيولى ، فقد يكون أكثر من ذلك . ولو أننا انتقلنا إلى العلة،وأنا افضل استعمال مفردة الغاية سنطرح احتمالين : الإحتمال الأول : أن تكون هذه الهيولى تحمل غاية غفلة في ذاتها لا تدرك ما هي ، وإذا أردت أن أضرب مثلا يقارب المسألة سأضرب مثلا بطفل يلعب بالألوان دون أن يدرك أنه سيكون رساما سيبدع عالما جميلا في مستقبل عمره . الإحتمال الثاني : هو أن الغاية لدى هذه الهيولى قد نجمت فيما بعد ، وبعد تفاعلات فيها ربما دامت لملايين السنين ، وقد تكون الغاية التي وجدت هي الغاية الغفلة التي تحدثت عنها في الفقرة السابقة ، والتي استغرق تطورها مليارات السنين لتصبح غاية تريد شيئا ما وليكن خلقا لكنها تجهل كيف يكون الخلق وعلى أي شكل سيكون . وفي الإحتمالين الأول والثاني سنطرح تساؤلا رغم أنني أرجح الإحتمال الأول : إذا كان عمر الوجود ( الكون ) أربعة عشر مليارسنة أو أكثر ولم تنشأ الحياة إلا منذ قرابة خمسمائة مليون سنة ،ولم يتجاوز عمر الإنسان العاقل منها بضعة آلاف محدودة من السنين ،وأن الإنسان العقلاني ( أي الإنسان الذي يفكر بمنطق فلسفي أقرب إلى العلم ) لم يتجاوز عمره ألفين وستمائة عام على الأكثر -إذا اعتبرنا بدء التفكيرالفلسفي فكرا أقرب إلى العلم - أما الإنسان العقلاني العلماني المتخلص تماما من الفكر المثالي والعقائدي الديني فقد لا يزيد عمره على ثلاثمائة عام ،وهو حسب أمة الأرض بداية عصر أطلق عليه عصر التنوير الأوروبي .فحسب هذه الرؤية ندرك أن الغاية المثلى من الوجود لم تبلغ ذروتها بعد وأن أحدا لا يعرف ما هي بالضبط وما هو الكمال وكيف سيكون ،وهذا يعني أن البشرية ما تزال ناقصة ، وأن الطاقة السارية في الكون ما تزال ناقصة أيضا ، ولم تبلغ ذروة تطورها . وإذا جاز لي أن أطرح تصوري للغاية من الوجود ، وبشكل خاص وجود الإنسان ، فإنني أقول إن الغاية من وجود الإنسان هي أن يكون موجدا بدوره ، وبتعبير مجازي ، أي أن يكون خالقا ليكتمل الوجود به ، وإن شئت الغاية المثلى لوجوده ، فهي ليست إلا إقامة الحضارة الإنسانية وتحقيق قيم الخير والحق والعدل والجمال . وللأسف يبدو لي أن الإنسان ما يزال بعيدا كل البعد عن هذا الفهم . آمل أن أكون قد أجبت على تساؤل جلالتكم . شكر الإمبراطور الملك لهذه الإجابة الفائضة وتساءل مجددا : - هل تعتبرون أن هذه الهيولى البدئية بحد ذاتها تعبر عن ألوهية ما او تعتبر تجسيدا لها وبالتالي أن كل ما نشأ عنها يمكن اعتباره ألوهة ؟! أدرك الملك لقمان خطورة السؤال خاصة وأن الإمبراطور يعتبر نفسه بمثابة إله حسب معتقده : - ليست مشكلة لدي على الإطلاق في أن تكون الهيولى البدئية ألوهة، ويكون الوجود برمته هو الألوهة وأن الألوهة لا تنزه إلا بمفردة لغوية هي : الله ، أو الكامي ، أو جاد ، أو التاو ، أو براهمان ،أو حتى بوذا ، المشكلة لدي ما هي الألوهة وكيف نفهمها ،وهل هي خارج المادة والطاقة أم أنها من صلبها . في كوكبنا الأرضي ثمة معتقدات تفهم الألوهة على أنها منزهة عن الوجود ،وأنها تحاسب وتعاقب ولديها جنة ونار ، الأولى للمؤمنين والثانية للكفرة والملحدين ،وينبغي التسليم بقضائها وقدرها ،وطاعة شرائعها والصلاة لها كل يوم أكثر من مرة ! ابتسم الإمبراطور وهو يتساءل : - تقصد نارا يحرق فيها الله البشر غير المؤمنين به ؟ - أجل جلالتك ،والمعذب فيها لا يموت ويظل يحترق إلى الأبد ، وكلما احترق جلده أو دماغه استبدل بجلد ودماغ جديدين لإدامة عملية الحرق ! لم يصدق الإمبراطور ما سمعه ، فتساءل عن مكافأة المؤمنين في الجنة وما فيها من نعم : - كل ما يتمناه المؤمن من نعم لم تتوفر له في الحياة الدنيا بدءا بلحم الطيور والظباء مرورا بأجمل الحوريات وانتهاء بالقصور الفخمة للمؤمنين ، طبعا مع الخلود وعدم العمل ، فالمؤمن يتمتع بالطعام والشراب والنساء ولا شيء غير ذلك عليه أن يفعله ، حتى العبادة ترفع عنه ! وهنا مازح الإمبراطور الملك قائلا : - من سوء حظنا أننا أنا وأنت لسنا مؤمنين ! وثنى الملك على المزحة بقوله : - أمر مؤسف جلالتك ! وهنا شعر الإمبراطور أنه أثقل على الملك بسؤاله الذي تضمن شقين ، ولم يتوقع أن تكون الإجابة مطولة إلى هذا الحد . قال: - أظن أنني أثقلت عليكم وتحتاجون إلى راحة . وقد نحتاج إلى لقاءات كثيرة إذا كانت كل إجابة على سؤال ستستغرق هذا الوقت ! تفضلوا وحاشيتكم إلى قصر الضيافة . فأهلا ومرحبا بكم في بلدكم ! *****
#محمود_شاهين (هاشتاغ)
Mahmoud_Shahin#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
أديب في الجنة (49) * الالوهة مادة وطاقة !!!
-
في الوعي الديني ! شاهينيات ( 1170)
-
أديب في الجنة (48) * آلهة بلا حدود !
-
أديب في الجنة (47) * مهرجان القضيب المقدس !
-
أديب في الجنة ( 46) * الله على المسرح السماوي!
-
لن أموت جوعا ولن أتشرد أكثر مما تشردت !!
-
الخالق والفهم البشري ! شاهينيات ( 1168)
-
تخاطر مع حبيبتي الشمس ! شاهينيات (1167)
-
أديب في الجنة (45) * نسور لقمانية تنفذ أحكام القضاء!
-
أديب في الجنة (44) * منطق الظاهر ومنطق الباطن في فلسفة عقيدة
...
-
ذكريات اللون والكلام ! همس إلى لون تفيأ ظلال المطر!!
-
أديب في الجنة (43) * اعترافات رهبانية وفظائع عقائدية !
-
أديب في الجنة (42) * قوانين طبيعية وطموحات لقمانية !!
-
أديب في الجنة (41) * الأنوناكي والطوبى التي لا يعرف الكهنة م
...
-
ساعة مع الله !
-
الدين والعقل البشري! شاهينيات 1163
-
أديب في الجنة (40) * العشاء في بحر معلق في السماء !
-
أديب في الجنة (39) * قوانين خارقة وإعجازية !
-
أديب في الجنة (38) * انقلاب تكنولوجي ينتج إلها تكنولوجيا !!
-
أديب في الجنة (37) * غيرة ملكية وحديقة محلقة في الفضاء !
المزيد.....
-
الفلسطينية لينا خلف تفاحة تفوز بجائزة الكتاب الوطني للشعر
-
يفوز بيرسيفال إيفرت بجائزة الكتاب الوطني للرواية
-
معروف الدواليبي.. الشيخ الأحمر الذي لا يحب العسكر ولا يحبه ا
...
-
نائب أوكراني يكشف مسرحية زيلينسكي الفاشلة أمام البرلمان بعد
...
-
مايكروسوفت تطلق تطبيقا جديدا للترجمة الفورية
-
مصر.. اقتحام مكتب المخرج الشهير خالد يوسف ومطالبته بفيلم عن
...
-
محامي -الطلياني- يؤكد القبض عليه في مصر بسبب أفلام إباحية
-
فنان مصري ينفعل على منظمي مهرجان -القاهرة السينمائي- لمنعه م
...
-
ختام فعاليات مهرجان القاهرة السينمائي بتكريم الأفلام الفلسطي
...
-
القاهرة السينمائي يختتم دورته الـ45.. إليكم الأفلام المتوجة
...
المزيد.....
-
التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ
/ عبد الكريم برشيد
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
-
السيد حافظ أيقونة دراما الطفل
/ د. أحمد محمود أحمد سعيد
-
اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ
/ صبرينة نصري نجود نصري
المزيد.....
|