|
لاهوت القوة وصناعة الفوضى
محمد السعدنى
الحوار المتمدن-العدد: 5090 - 2016 / 3 / 1 - 22:06
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
فى هذا الكون الذى نعيشه، قانون الطبيعة حتم، قانون الحياة إختيار، ومابين الحتم والإختيار يعيش الإنسان وتنمو أو تضمحل الدول، ويزدهر العالم أو يهدد بعضه بعضاً، فالكون لايعرف إلا التراتب والسببية والإنتظام لهذا هو مستقر ومستمر وقائم بما يحكمه من قانون حاسم قاطع يطبق على كل مكوناته ولا مناص لأحد منها الهروب من شروطه وقواطعه، كون ثابت لايعرف الفوضى ولايسمح بها، ومايمكن أن نتصوره من فوضى هنا أو هناك، إن هو إلا بسبب قصور الرؤية ومحدودية العلم لدينا، فما تتصوره أنت فوضى فى ظاهرة هنا أو حدث هناك فإنما يحكمه قانون الطبيعة الذى يسمح بقدر محدود مما يمكن إعتباره فى تصورنا القاصرفوضى، سميناه طبقاً لقانون العلم "إنتروبيا" التى جاءت الكلمة العامية "إستروبيا" تحويراً لها. وإذا ما زادت معدلات الإنتروبيا فى أى نظام فهذا إيذان بالخلل والتحلل والمرض وغوائل الطبيعة وتقلبات الأحوال. أما آفة البشر والمجتمعات والمؤسسات وحتى والدول والعالم تقع بسبب سوء الإختيار وما يمكن أن تسببه من فوضى وشواش. ولعلى حادثتك مرات فى هذا وأفضنا فى الشرح والتحليل، لكن ماذا نفعل فى بلادنا التى تخاصم فيها قوانا الفاعلة فى المجال العام قواعد العلم ومقتضيات الوعى، فتضيق لديهم زوايا الرؤية ويعاقرون الفشل الدائم المحبط بسوء الإختيار، فيؤسسون للفوضى أنما ولوا وجوههم ويشاغلون المجتمع ويشغلونه بتوافه الأمور ويزيدون كل يوم من معاملات الخلل والتسرب "الإنتروبيا" فتضيع طاقتنا فيما لاطائل من ورائه إلا الندم على الوقت المهدر والفرص الضائعة. إنها الغفلة والحمق، ولعله من سوء الطالع أن تشارك حكوماتنا ومسئولينا فى هذا بقدر غير قليل. فقد وسدوا الأمر لغير أهله، فطمع الذى فى قلبه مرض، وتطلع الرويبضة " الجهلاء من العامة يتحدثون فى أمر الأمة" إلى آفاق ومراتب ماكانوا بالغيها. عندما رخصت الدولة الوظيفة العامة ونزلت بمستواها، فقد تجرأ عليها وعلينا الحمقى والمغفلون، يفتون فيما لاعلم لهم به، كبرت كلمة تخرج من أفواههم، إن يقولون إلا كذبا. وراحوا يملئون الدنيا ضجيجاً وسفهاً ويشغلون الناس ويحرجون الدولة ويروجون للأباطيل بإدعاء المعرفة ويتطاولون فى البنيان ويمارسون الإبتزاز وقلة الأدب علنا ولانعلم كيف تسمح الدولة بمثل هذا الهراء الذى جعل الناس يتشككون فى صحة منطلقات أحدهم من الحمقى والمأفونين، الذى راح يستقوى بالعدو ويروج له ويتبجح ويمارس "لاهوت القوة" بأن يرد مواقفه المشبوهة للكتب السماوية ويستقوى بالأساطير التلمودية والصهيونية. أين الدولة من هذا الهراء؟ الذى وصل حداً أخطر من السكوت عليه. إنه يورط الدولة كلها، أجهزتها وإعلامها ومجلس نوابها، ويلعب فى عقول البسطاء ويدعى مافوق طاقته بكل الحمق ويسوق" العبط على الشيطنة" يبلبل الناس ويلبس عليهم أمورهم، وصل حد السفة إلى طلبه إنتخابات رئاسية مبكرة وحل مجلس النواب، ومقابلة سفير العدو وتوريط أجهزة الدولة ومؤسساتها ولى ذراع النظام كله فى تحد غير مقبول. وأنا لا أستعدى عليه الدولة التى نصب نفسه رئيساً مناوباً لها، لكنى أتساءل كيف تسمح دولتنا السنية بمثل هذا الهراء والسخف والمصغرة؟ حتى صار السؤال على ألسنة الخاصة قبل العامة، هل صحيح هو يفعل مايفعله بإس أجهزة الدولة وبالإتفاق معها؟ وإذ أستبعد هذا التخريج صعب التصديق، إلا أن صمت الدولة الذى نعرف ما أوقعها فيه من حرج، وما إدعاه بأنه أبلغ المخابرات العامة قبل مقابلة سفير العدو بأسبوع وأبلغ الأمن الوطنى قبلها بأربعة أيام، ووافقوا له وزاره السفير فى حراسة الداخلية، وأقسم على كتاب الله بأنه مطلوب منه أن يدمر فلان وفلان من الإعلاميين والصحفيين، إذا صح ذلك فهو أخطر من السكوت عليه، ومع تسليمنا بأن لمثل هذه الأجهزة رفيعة المستوى، خصوصاً المخابرات العامة، حسابات دقيقة لانعرفها، إلا أن من وافقه على ذلك وسمح له ينبغى أن تحاسبه الدولة، فقد سمح بمهزلة تخصم من قدر الدولة وتقزمها بل تجعلها أضحوكة إن سكتت، ويضعها فى مشكلة ومأزق إن تحركت. إنها الغفلة والحماقة، فالدول لاتصنع الفوضى، ولايمكن لمصر وأجهزتها أن تفعل هذا تحت أى اعتبار أوتبرير. إن الرجال الذين فكوا الحصار الدولى عن مصر، وحموا الحدود، وأمننا القومى ضد إرهاب الداخل والخارج، لايمكن أن يتصرفوا أبداً برعونة وخفة فهم لايهزلون فى مواقع الجد، وعليهم أن يعيدوا إثبات ذلك لكثيرين من الشعب بدأوا فى التشكك والذهول، فنحن فى كل الأحوال لانرتضى الظلم لصقور تحمى مصر وأمنها القومى، كذا لانحتمل ان يتشكك أحداً فيهم أو يتقول غيره بأن المخابرات تستخدم هذا الذى يحدث كبالونة إختبار لتبدأ فى موجة تطبيع مع إسرائيل، فلو صح ذلك السيناريو وكانت مصر بالفعل فى حاجة لبالونة إختبار، لما تم التنفيذ بكل هذا الهطل والعبط واللامسئولية. تحدثوا ياسادة وانقذوا جبهتنا الداخلية مما يتناوشها من حزن وخوف وأسى. فكيف تسمحون لمأفون أحمق ان يختطف الدولة والأجهزة والإعلام ومجلس النواب إلى هذا المنحدر الغريب، وتروج أبواقه الإعلامية لمخاطر قادمة وعطش لن يرحم وزراعة تبور ودولة تحاصر، ورموز تشوه وتاريخ يستباح ومستقبل يغتال. ولا تكتفوا بما فعله النائب المناضل كمال أحمد، فالتأديب بالأحذية ليس من مسئوليات الدول والمؤسسات. وبالتأكيد هو ليس مما يردع الحمقى والمغفلين. وفى ذلك قال جعفر بن محمد من حكماء العرب: "الأدب عند الأحمق كالماء فى أصول الحنظل كلما ازداد رياً زاد مرارة". وقال المأمون لهارون الرشيد عندما عاتبه على مقاطعة مجلسه: "لقد قلت لي يا أحمق، ولو قلت لي يا أرعن كان أسهل علي، فقال وما الفرق بينهما، قلت له الرعونة تتولد عن النساء فتلحق الرجل من طول صحبتهن فاذا فارقهن وصاحب فحول الرجال زالت عنه، وأما الحمق فانه غريزة"، وأنشد بعض الحكماء: "وعلاج الأبدان أيسر خطباً حين تعتل من علاج العقول". ياسادة المشهد لايسر إلا عدو، وصورته رغم مافيها من الأسى والأسف، لاتزال واعدة بكل الخير والنصر القريب، وأرى فى الصورة كما قال الفاجومى الكبير أحمد فؤاد نجم: رفاق مسيرة عسيرة و صورة حشد و مواكب ف عيون صبية بهية عليها الكلمة والمعنى والليل جزاير جزاير يمد البحر يفنيها والفجر شعلة ح تعلا وعمر الموج ما يطويها والشط باين مداين عليها الشمس طوافة ايدك فى ايدنا ساعدنا دي مهما الموجة تتعافى بالعزم ساعة جماعة وبالإنصاف نخطيها مصر يا امّة يا سفينة مهما كان البحر عاتي فلاحينيك ملاحينيك يزعقوا للريح يواتي اللى ع الدفة صنايعي واللى ع المجداف زناتي و اللى فوق الصاري كاشف كل ماضي و كل آتي عقدتين والتالته تابتة تركبي الموجة العفية توصلي بر السلامة معجبانية و صبية.. يا بهية مصر لاتزال عفية تعرف طريقها، ولن تسمح بزيادة "الإنتروبيا" فالدولة أبداً لاتصنع الفوضى.
#محمد_السعدنى (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
مصر وإفريقيا: الصورة والإطار
-
مهام الرئيس وتوجهاته لايحددها الفاشيون
-
الشباب والدولة: الفيل والعميان
-
د. حسين مؤنس وإدارة عموم الزير
-
مجلس النواب وبيان الحكومة
-
مصر فى حرب وجود فانتبهوا: كلام للشعب ونوابه
-
السعودية - إيران: فخ أمريكى
-
هؤلاء الإعلاميون الجهلة: أولى بهم أن يكملوا تعليمهم
-
شيزوفرينيا الحرب على داعش: لعل السيسى لا يستجيب لعبدالمنعم س
...
-
كارثة إختيار الأقل كفاءة
-
أزمة حقيقية أم تمثيلية محكمة؟ من يلعب بالنواب والحكومة؟
-
مصر والسعودية والمشهد الدولى المرتبك
-
من أنشودة مالك بن نبى إلى حملة أولاند : ياجنرال لست فى الميد
...
-
باريس: موهبة النور ومحنة الظلام
-
هواة فى مواقع السلطة
-
الكاتب المأزوم والأفكار -العميطة-
-
روسيا تحت قصف البروباجندا الأمريكية
-
فلا تكونوا شوكة فى خاصرة الوطن
-
السيسى والسفر عبر الزمن
-
الإتحاف والإنباء عن الحكومة والوزراء- السيسى فى اجتماع الجمع
...
المزيد.....
-
تصعيد روسي في شرق أوكرانيا: اشتباكات عنيفة قرب بوكروفسك وتدم
...
-
روبيو يلتقي نتانياهو واسرائيل تتسلم شحنة القنابل الثقيلة
-
مئات يزورون قبرالمعارض نافالني في الذكرى السنوية الأولى لوفا
...
-
السيسي يلتقي ولي العهد الأردني في القاهرة
-
بعد حلب وإدلب.. الشرع في اللاذقية للمرة الأولى منذ تنصيبه
-
إيمان ثم أمينة.. ولادة الحفيدة الثانية للملك الأردني (صور)
-
السعودية تعلق على الأحداث في لبنان
-
إسرائيل تتسلم شحنة من القنابل الثقيلة الأمريكية بعد موافقة إ
...
-
حوار حصري مع فرانس24: وزير الخارجية السوداني يؤكد غياب قوات
...
-
واشنطن وطوكيو وسول تتعهد بالحزم لنزع نووي كوريا الشمالية
المزيد.....
-
الخروج للنهار (كتاب الموتى)
/ شريف الصيفي
-
قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا
...
/ صلاح محمد عبد العاطي
-
لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي
/ غسان مكارم
-
إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي-
...
/ محمد حسن خليل
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
المزيد.....
|