أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم - عصام شكري - فرنسا - اعتراض المحرومين العنيف و-الحثالة- البرجوازية















المزيد.....

فرنسا - اعتراض المحرومين العنيف و-الحثالة- البرجوازية


عصام شكري

الحوار المتمدن-العدد: 1381 - 2005 / 11 / 17 - 13:03
المحور: اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم
    


تخالها لوهلة مشاهد من فلسطين او امريكا الجنوبية او افريقيا او العراق.
ولكنها فرنسا. لقد اعلن عن اجراءات طوارئ في اكثر من 38 مركز حضري ومدينة ومن ضمنها باريس. وصرح رئيس الوزراء دومينيك دوفلبان " بان العنف الذي نشهده...غير مقبول وغير معذور". ووعد بان الدولة سترد بشكل حازم وعادل وبان الاولوية هي لاسترجاع النظام العام. وانتشرت اعمال العنف الى اكثر من 300 مدينة صغيرة وكبيرة في كل انحاء فرنسا محطمة اكثر من 4700 سيارة ( لحد كتابة هذا المقال) وتم اعتقال اكثر من 1200 شخص منذ 27 تشرين الاول الماضي. نصف المعتقلين تقل اعمارهم عن 18 سنة.

بدأت اعمال العنف في منطقة كليشي- سو- ديبواه في شمال شرق باريس حين قتل شابان بالصعقة الكهربائية عندما كانا يحاولان الهرب من الشرطة في احد المحطات الكهربائية. وقد كانت هذه الحادثة الشرارة التي ولدت اعمال العنف الهائلة وسرت موجة من الحقد والتمرد بين شباب الضواحي المحرومين من التعليم والعمل والكرامة والمهمشين في مناطق حضرية تعاني من الاهمال والجرائم والحجر عن المجتمع و اغلبهم من اصول عربية او افريقية من الجيل الثاني والثالث. لقد زاد من غضب الجماهير المحرومة تصريحات وزير الداخلية الفرنسي اليميني العنصرية نيكولا ساركوزي الذي وصف المحتجين ب"حثالة المجتمع" او القمامة.

وفي رده على الاحداث المتسارعة قال رئيس الوزراء ان الدولة كانت ستعطي مصاريف اكبر الى المؤسسات المجتمعية لرفع مستوى الابينة السكنية وتحسين المناهج التعليمية بما يتناسب مع الضواحي بتوفير برامج العمل التدريبية من عمر 14 سنة لهؤلاء الذين يفشلون في الدراسة ومنح دراسية لاولئك الذين ينجحون.

ومن الملقت للنظر ان منظمات الاسلام السياسي الرجعية المسيطرة على تجمعات المواطنين المهاجرين في ضواحي المدن والتجمعات الحضرية الفقيرة والتي تسمم حياة الشباب والطلبة بالعنصرية الاسلامية المضادة وتزيد من عزلتهم من خلال الادعاء بان لهم ثقافة اخرى وتقاليد وعادات مختلفة عن المجتمع الفرنسي وان عليهم عدم الاختلاط بالمجتمع، قد وقفت في هذه الاحداث تحديدا الى جانب الدولة وادانت تلك الاعمال ووصفتها بانها "غير متمدنة" في اشارة مثيرة للسخرية الى " احتمالية " تمدن تلك الحركات الاسلامية المتخلفة.

ويرى العديد من المراقبين بان ما حدث هو اعنف اظطرابات تشهدها فرنسا منذ ثورة الطلاب العام 1986 وان ذلك يشير الى خلل في نموذج النظام المتبع في فرنسا والقائم على فكرة صهر الجاليات بدلا مما يسمى الحفاظ على الخصائص الثقافية للمهاجرين او ما يعرف بقانون النسبية الثقافية. الا ان الامر ليس كذلك. ان حرمان الجماهير المهاجرة والتمييز ضدها من جهة وابقاءها معزولة ومطوقة وخاضعة لارادة القوى الدينية الاسلامية المحلية من جهة اخرى اصبحت ظاهرة راسخة من ظواهر سياسة الحكومات البرجوازية الغربية وخاصة ضد جماهير العمال المهاجرة. ان البرجوازية الفرنسية اليوم وفي تجاذباتها مع قوى الاسلام السياسي داخل المجتمع الفرنسي تمارس سياسة عنصرية تؤدي الى عزل الملايين من الشباب من ابناء المهاجرين في كيتوات منفية ومعزولة ( تجمعات فقيرة معزولة ثقافيا واجتماعيا). وهي في هذا تتواطئ مع قوى الاسلام السياسي . تلك السياسة اليمنية الرجعية ليست سياسة خاطئة او غير موفقة بل هي في الاساس جوهر تعامل البرجوازية الغربية مع ظاهرة الاسلام السياسي في ظل النظام العالمي الجديد. تلك الظاهرة تشابه سياسة الدول الغربية ازاء الجماهير القاطنة في الدول المبتلاة بالاسلام. ان جوهر تلك السياسة هو الاتكال على قوى الدين الرجعية واطلاق العنان لها لتقرر مصير الجماهير الخاضعة لسطوتها. انها سياسة تمييزية وذات معيار مزودج. انتهازية وغير انسانية.

الامر لا يتعلق بفشل النظام السائد في فرنسا ( كنظام ثقافي مطبق على المهاجرين) مقارنة بالانظمة الاخرى السائدة في الغرب. الامر يتعلق بالسياسة العميقة الجذور للحكومات الغربية والتي تعتمد على عزل تلك التجمعات وحصرها داخل حدود ثقافاتها المزعومة ( كبتوات بؤس اجتماعي وثقافي في نفس الوقت). ان الحرمان الاقتصادي والاجتماعي في فرنسا هو جزء من سياسة العزل تلك. ان فرق فرنسا عن بقية دول الغرب في هذا المجال تكمن في حدة العزل والحرمان وحدة تطبيق سياسة العزل الاجتماعي ghettoization.

الامر سببه الحرمان. سبب الحرمان هو البرجوازية. اما العلمانية و المساواة القانونية بين المواطنين فليس له علاقة او مسؤولة عن تلك الظاهرة كما يحاول بعض اليمينيين من الطرفين الايحاء. فلو كانت هنالك علمانية مطبقة حقا في فرنسا لما تم عزل وتهميش هذه القطاعات الواسعة من البشر وتركت تعيش في اسوأ الظروف وتحت رحمة رجال الدين وشيوخ الجوامع والملالي وقوى الرجعية. ان سياسة البرجوازية الغربية ازاء المهاجرين ومنها البرجوازية الفرنسية والتيارات اليمينية الحاكمة والتي تدعى " النسبية الثقافية" ادت الى عزل الملايين من العمال المهاجرين العرب والافارقة في تجمعات حضرية مزرية وبائسة وتفتقر الى الشروط الانسانية من جهة ومعاملة الشرطة الفرنسية العنصرية غير الانسانية للشباب العاطل عن العمل قد ادى الى تلك الاحداث الناقمة والعنيفة. ان العنف واحراق الممتلكات العامة هي نتائج للا انسانية النظام الرأسمالي ووحشيته ومعاداته للمساواة. انها رد فعل الجماهير العنيف على اللامساواة واللاعدالة والتمييز الرأسمالي.

اذا كان من نظام يجب مقاضاته ومحاسبته فهو النظام الرأسمالي الوحشي غير الانساني الذي يحرم الملايين من البشر ويحصرها في تجمعات منفية ومهملة ومليئة بالبؤس والبطالة وانعدام الفرص ومحاصرة بزعماء الاسلام السياسي بينما ينعم البرجوازيون بكل الخيرات التي يوفرها ويالسخرية نفس هؤلاء العمال وابناءهم وبناتهم من عملهم وكدحهم.

ان من يستحق كلمة الحثالة هم البرجوازيون المتنعمون والمترفون على حساب كدح وشقاء العمال سيئي الحظ والمحرومين من الاحساس بانسانيتهم والمظطرين يوميا الى عرض سلعتهم الوحيدة على البرجوازيين لبيعها بالنقود – قوة عملهم، جهدهم وانسانيتهم الجريحة.



#عصام_شكري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- استراتيجية الهروب - Exit Strategy
- فتوى الشيخ زلماي
- الغرب والاسلام السياسي بمواجهة الجماهير
- مريم نمازي تفوز بجائزة اروين الاولى - علمانية العام
- المجتمع المدني والعلمانية جبهة اساسية للصراع الطبقي في المجت ...
- انهم يخططون لرواندا جديدة في العراق حول دستور الدولة الفيدرا ...
- اليســار الغربي: تفجيرات لنـــدن وخرافة معاداة الامبريالية
- الى: الهيئة التحضيرية للجنة العراقية من اجل دستور ديمقراطي ح ...
- مشروع أمريكا في العراق من مجتمع المواطنة الى مجتمع المذاهب و ...
- الاناء بما فيه ينضحُ - حول تطاول الاسلاميين على حرية التعبير ...
- الجمعية الوطنية - جمعية الخصخصة ونهب العمال وزرع المذهبية وح ...
- كيف نتذكر جريمة حلبجة؟
- تقاسم المغانم - حول التمسك بالفيدرالية والصراع الرجعي بين قو ...
- تحرر المرأة بين النسوية الاشتراكية، والمعتذرة للاسلام السياس ...
- في 8 آذار يوم المرأة العالمي - تحية من القلب لكل النساء عاش ...
- السيد حميد موسى سكرتير اللجنة المركزية للحزب الشيوعي العراقي ...
- نشجب تطاولات - المرجعية الشيعية- على العلمانية والحقوق المدن ...
- اللعبة الأمريكية
- هنا الوردة ، ارقص هنا !! - - تعقيب على نداء عاجل الى رفاقي ي ...
- سؤآل برسم الجواب - رد قصير على مقالة السيد رياض العصري


المزيد.....




- الحزب الحاكم في كوريا الجنوبية: إعلان الأحكام العرفية وحالة ...
- عقوبات أميركية على 35 كيانا لمساعدة إيران في نقل -النفط غير ...
- كيف أدت الحروب في المنطقة العربية إلى زيادة أعداد ذوي الإعاق ...
- لماذا تمثل سيطرة المعارضة على حلب -نكسة كبيرة- للأسد وإيران؟ ...
- مام شليمون رابما (قائد المئة)
- مؤتمــر، وحفـل، عراقيان، في العاصمة التشيكية
- مصادر ميدانية: استقرار الوضع في دير الزور بعد اشتباكات عنيفة ...
- إعلام: الولايات المتحدة وألمانيا تخشيان دعوة أوكرانيا إلى -ا ...
- نتنياهو: نحن في وقف لاطلاق النار وليس وقف للحرب في لبنان ونن ...
- وزير لبناني يحدد هدف إسرائيل من خروقاتها لاتفاق وقف النار وي ...


المزيد.....

- قراءة ماركس لنمط الإنتاج الآسيوي وأشكال الملكية في الهند / زهير الخويلدي
- مشاركة الأحزاب الشيوعية في الحكومة: طريقة لخروج الرأسمالية م ... / دلير زنكنة
- عشتار الفصول:14000 قراءات في اللغة العربية والمسيحيون العرب ... / اسحق قومي
- الديمقراطية الغربية من الداخل / دلير زنكنة
- يسار 2023 .. مواجهة اليمين المتطرف والتضامن مع نضال الشعب ال ... / رشيد غويلب
- من الأوروشيوعية إلى المشاركة في الحكومات البرجوازية / دلير زنكنة
- تنازلات الراسمالية الأميركية للعمال و الفقراء بسبب وجود الإت ... / دلير زنكنة
- تنازلات الراسمالية الأميركية للعمال و الفقراء بسبب وجود الإت ... / دلير زنكنة
- عَمَّا يسمى -المنصة العالمية المناهضة للإمبريالية- و تموضعها ... / الحزب الشيوعي اليوناني
- الازمة المتعددة والتحديات التي تواجه اليسار * / رشيد غويلب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم - عصام شكري - فرنسا - اعتراض المحرومين العنيف و-الحثالة- البرجوازية