أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محسن الطوخى - ملامح المنهج العلمي في القصة القصيرة - السبيل - للأديب المصري حمد عثمان














المزيد.....

ملامح المنهج العلمي في القصة القصيرة - السبيل - للأديب المصري حمد عثمان


محسن الطوخى

الحوار المتمدن-العدد: 5088 - 2016 / 2 / 28 - 00:51
المحور: الادب والفن
    


ملامح المنهج العلمي فى القصة القصيرة جداً
السبيل
للأديب المصري/ أحمد عثمان
السبيل, أو الطريق. أو المعرفة. أن تعرف مجازك إلي الحقيقة, لا يكفيك التدبر العقلى, فالحقيقة الصورية التى تعتمد على العقل لا تغنى عن الحقيقة التجريبية. يقول المريد لشيخه متهللاً: " غدوت مهيأ للمرور يامولانا ". لقد ظن أنه وقد أنفق عاماً فى التحري والإطلاع والبحث قد علم كل شىء عن المهاب الذي يسد المجاز. يبتسم الشيخ الوقور العارف, يطرق ضجراً من المريد, فهو يراه نموذجا متكرراً لإولئك الذين يرغبون فى الاجتياز دون أن يملكوا الولع والشغف الكافيلخوض مشاق التجربة, يرنون إلى الشاطىء البعيد, ويكتفون بالأماني, ويثقون ثقة كاذبة في أنهم مكتفون بإمكاناتهم العقلية. لكن الشيخ العارف يعلم بالتجربة مدى قصور العقل عن إدراك الحقيقة وحده مهما اعتمد على الأقوال والعلوم النظرية, ويعلم قيمة المنهج لبلوغ الغاية, فيدل المريد على أولى خطوات المنهج. " ماعَرَفْتَ شيئًا .. مايُغْني عِلْمُكَ عن عيْنِك .." . يرغب المريد في بلوغ حياة الرغد المقيمة خلف الحواجز الحاكمة, وعليه اجتياز البرزخ. ونصيحة شيخه تعني أن يعاين بنفسه على الواقع ذلك المهاب الذى يقطع الطريق نحو الغاية. يقترب بحذر, يدنو من المهاب بالقدر الذي يحقق له الأمان, لكن مارآه يحبس الأنفاس, ويملأ القلب بالرعب, فالمريدون يفوق عددهم الحصر, خلق كثير مابين مدبر ذعراً ورعباً من جهامة المهاب وسطوته, أو صريع بطشه, لكن القليليون يعبرون بسلام. للمرور شروط إذن وموجبات. يتأكد المريد من قصور معرفته وإدراكه إذ لم يجد في نفسه الجرأة التى تدفعه ليجرب اجتياز المجاز والتعرض لبطش المهاب. وهنا بالتحديد مفصل الحبكة, فتلك هى اللحظة الفاصلة التى كان على المريد فيها أن يواجه ذاته بلا رتوش. لحظة لا ينفع فيها إلا الصدق. فإن كان استطاع أن يخاتل شيخه ويظهر له غير مايقر فى قلبه, فقد أدرك أنه إزاء لحظة لا ينفع فيها إلا الصدق مع الذات, فيتقهقر مثقل الكاهل, يعود إلى شيخه كسيراً ليواصل المخاتلة: " راقبته, ماغمض لي جفن يامولانا " .. أما الشيخ الذي ضَجِرَ قبلاً, فيتولاه الأسى إذ أخفق المريد. والحنق لعلمه بأن المريد إنما يواصل المخاتلة. ويحاول أن يظهر الأمر علي غير وجهه الصحيح. وعبارة الشيخ " ياولدى ماعرفته حقاً, عد فتحقق " تتبدى حقيقة الأسى في عبارة ياولدى التى لم يستهل بها التوجيه في المرة الأولى, فقد كان لديه ساعتها أمل يرجوه في نجاح المريد. لكن المريد إذ عاد على نفس حاله من المكابرة, والمخاتلة, فقد غمر الأسى قلب الشيخ, نلمحه فى عبارة " ياولدي " ثم ينصحه .. " عد فتحقق " . وأري العبارة هى زبدة النص , وغاية التجربة , فلو أن المريد فهم عن شيخه لأدرك أن المراد هو نفسه وليس سواها . فالأمر كله متعلق بمواجة النفس, والصدق مع الذات, فكأنما الشيخ يطلب من المريد أن يتحقق من صدق غايته, واتساقه مع نفسه, بمعنى الإخلاص للهدف والغاية المرجوة .
نص عميق المغزى . جميل الصياغة . محكم العبارة. والأسلوب الرمزى الذى انتهجه الكاتب ساق النص إلى العمل على محورين. المحور الأول يعلى من قيمة المنهج العلمي فى التعامل مع القضايا, فنصيحة الشيخ تؤكد أن النظر العقلى لا يغنى عن التجربة العملية أو المعاينة " مايغنى علمك عن عينك ". أما المحور الثانى فيعلى من قيمة الصدق مع الذات لبلوغ الهدف والغاية, والصدق مع الذات يقتضى أن يعمل المرء على اكتساب المهارات الحقيقة التى تصلح كمعين على اجتياز المجاز. فاولئك الذين سقطوا صرعي ببطش المهاب ينقصهم بالضرورة شىء فى حوزة أولئك الذين نجحوا فى العبور بين يديه, ولا أظن ذلك الشىء إلا المعرفة الحقيقية التى تجلي ماهية الأمور, وتكسب المرء الخبرات الحقيقية اللازمة لمواجهة التجربة.
نص القصة
السبيل
.. عامٌ من المشقَّةِ أمضاهُ مابين الاطلاعِ والبحثِ والتَّقصِّي . ماترك شارِدَةً ولا وارِدَةً إلا ألَمَّ بها وتمثَّلها. عاد لشيْخِهِ مُتهلِّلاً، مُنتفِشًا يُبشِّرُه:
ــ غَدوْتُ مُهيَّاً للمرورِ يامولانا. علِمْتُ عنه كلَّ شئ.
تبسَّمَ الشيْخُ الوقورُ، ثم أطرقَ ضَجِرًا, وبصوته العميق:
ــ ماعَرَفْتَ شيئًا. مايُغْني عِلْمُكَ عن عيْنِك ..
تراجعَ الفتَى أسِفًا، ثم وَلَّى ولم يُعَقِّب. يَمَّمَ إلى البراحِ البعيد؛ عازِمًا الظفرَ بأسرارِ اجتيازِ ذلك البرزخِ المرصود؛ تَوْقًا إلى حياةِ الرَّغَدِ التي تمنَّى؛ تلك المُقيمةِ خلف الحواجزِ الحاكمة.
دنا مِنْهُ قدْرَ أمانِهِ ـ مُشْرَعَ العينين ـ يُتابعُ ذلك المُهاب الذى يسُّدُ المَجاز. يُحْصي حركاتَهُ وسكناتَه. زلْزَلَتْهُ زمْجَرتُه، واستكانَ لتراتيلِه .
الراغِبونَ لاينقطعون. خَلْقٌ كثيرٌ؛ مابين مُدْبرين ذُعْرًا، وصرْعَى نالهم بطشُه، ونَذْرٌ يسِيرٌ يعبُر.
مُثقلَ الكاهلِ عادَ لشيْخِهِ بالحَصادِ مُبشِّرًا:
ــ راقبْتُه. ماغَمَضَ لي جَفْنٌ يامولانا. يكادُ يقتُلُني العطش .
تململَ الشيخُ. انتابه الأسَى والحُنْقُ ـ في آن ـ وهو يُراجِعُه:
ــ ياولدي. ما عَرَفْتَهُ حقًا. عُدْ فتحقَّق، وإيَّاكَ أنْ يغْضَب ..
مُتَبرِّمًا عادَ أدراجَهُ. غُمَّ عليه. احتواهُ التِّيه، وتفرَّقت به السُّبل.



#محسن_الطوخى (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رحلة الحياة والموت فى نص محطات متعاقبة للأديب العراقي/ رعد ا ...
- فراشةِ البَوْح. نص يُطوِّع الزمان والمكان. للأديب الفلسطينى/ ...
- سياحة فى الدروب الوعرة لنص - الأدب القبيح- للأديب التونسى/ أ ...


المزيد.....




- رشيد مشهراوي: السينما وطن لا يستطيع أحد احتلاله بالنسبة للفل ...
- -هاري-الأمير المفقود-.. وثائقي جديد يثير الجدل قبل عرضه في أ ...
- -جزيرة العرائس- باستضافة موسكو لأول مرة
- -هواة الطوابع- الروسي يعرض في مهرجان القاهرة السينمائي
- عن فلسفة النبوغ الشعري وأسباب التردي.. كيف نعرف أصناف الشعرا ...
- -أجواء كانت مشحونة بالحيوية-.. صعود وهبوط السينما في المغرب ...
- الكوفية: حكاية قماش نسجت الهوية الفلسطينية منذ الثورة الكبرى ...
- رحيل الكوميدي المصري عادل الفار بعد صراع مع المرض
- -ثقوب-.. الفكرة وحدها لا تكفي لصنع فيلم سينمائي
- -قصتنا من دون تشفير-.. رحلة رونالدو في فيلم وثائقي


المزيد.....

- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محسن الطوخى - ملامح المنهج العلمي في القصة القصيرة - السبيل - للأديب المصري حمد عثمان