|
دستور الثورة وحق المواطن فى حياة آمنة
كريمة الحفناوى
الحوار المتمدن-العدد: 5086 - 2016 / 2 / 26 - 01:39
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
"العدل قليل والظلم أكثر، لكن الأمل كبير والله أكبر. شهيد لقمة العيش محمد دربكة". تلك الكلمات تقرؤها فى لوحة تم تعليقها على باب سرادق عزاء الشاب "العريس" محمد عادل شهيد لقمة العيش بالدرب الأحمر الذى أغتالته رصاصة الغدر التى انطلقت من السلاح الميرى لرقيب أول شرطة من قوة النقل والمواصلات بمنطقة باب الخلق على بعد سبعين مترا من مديرية أمن القاهرة، والتى التف حولها المواطنون يهتفون ضد الإرهاب وضد الإخوان عند محاولة تفجيرها منذ نحو عامين فى 24 يناير 2014. ارتفعت حناجرهم بالهتاف وقتها: "لا إله إلا الله الإخوان أعداء الله" وكان من بين المواطنين محمد عادل وزملاؤه من الشباب. هذا الشاب المصرى هتف ضد العنف والإرهاب. كان يحلم بالاستقرار والأمن والأمان، يحلم كغيره من الشباب بالبيت والعروسة والبنين والبنات. لكن الحلم لم يتحقق. خرج زملاؤه يحملون نعشه هاتفين هذه المرة أمام مديرية الأمن "لا إله إلا الله الداخلية عدو الله". اغتال حلمه واغتال جسده شرطى دوره الأساسى حفظ الأمن الشخصى للمواطنين والممتلكات ونشر الأمن والأمان فى ربوع الوطن. قال رقيب الشرطة القاتل فى التحقيق معه كما ورد بجريدة الأهرام وعدد من الصحف: "قلت له أننى شرطة ومابدفعش لقاء أى خدمة لى، فرفض ولم يخف. هددته بسلاحى الميرى فلم يخف. نرفزنى فقتلته". ياسادة يامسئولين، ياحكام، يانواب، يا أهالى مصر الكرام، هل عرف وتعلّم ودرس هذا الشرطى وزملاؤه أن دوره حماية أمن المواطن وليس إذلال المواطن والاعتداء عليه وامتهان كرامته وقتله؟ هل قرأ هذا الشرطى وزملاؤه المادة 206 من الدستور المصرى "الشرطة هيئة مدنية نظامية فى خدمة الشعب، وولاؤها له، وتكفل للمواطنين الطمأنينة والأمن وتسهر على حفظ النظام العام والآداب العامة وتلتزم بما يفرضه الدستور والقانون من واجبات، واحترام حقوق الإنسان وحرياته الاساسية. وتكفل الدولة أداء أعضاء هيئة الشرطة لواجباتهم، وينظم القانون الضمانات الكفيلة بذلك"؟ هل قرأ هذا الشرطى وزملاؤه من الأمناء والضباط وكبار رجال وزارة الداخلية المادة 59 من الدستور المصرى "الحياة الآمنة حق لكل إنسان، وتلتزم الدولة بتوفير الأمن والطمأنينة لمواطنيها ولكل مقيم على أراضيها"؟ هل قال له قادته وهم يعدونه ليكون شرطيا ليقوم بواجباته أن المادة 60 من الدستور المصرى تنص على "لجسد الإنسان حرمة، والاعتداء عليه أو تشويهه، أو التمثيل به جريمة يعاقب عليها القانون"؟ ألم يسمع هذا الشرطى أو يقرأ عن أن الله قد حرم قتل النفس إلا بالحق؟ هذا الشرطى ومعه الكثيرون تربوا فى السنوات السابقة أيام نظام المخلوع مبارك على أن الشرطة دورها حماية النظام القائم على حساب حماية أمن المجتمع. تربى ومعه الكثيرون على عقيدة الفساد والاستبداد. تربى على أن أفراد الشرطة أنصاف آلهة، وعلى أنهم السادة وأن الشعب كله عبيد. هذا الشرطى وزملاؤه تربوا على الاستعانة بالمسجلين خطر والبلطجية لترهيب وترويع المواطنين وفرض الإتاوات على الباعة الجائلين ومواقف السرفيس وأصحاب المحلات. هذا الشرطى تربى على أن تطبيق القانون على الضعيف الذى ليس له ظهر، وليس على القوى، أى أن عقيدته لا تعرف أن "المواطنون أمام القانون سواء" ولم يعش فى دولة القانون ودولة العدل، ولم يعرف أن العدل أساس الملك، وأن الدولة التى ينخر سوس الظلم والفساد والقمع والاستبداد فى مفاصل أجهزتها تنهار فوق رؤوس الجميع. فى أثناء ثورة يناير المجيدة كانت أحد المطالب الأساسية فى ميدان التحرير تطهير مؤسسات الدولة وعلى رأسها وزارة الداخلية، وتم تقديم عدد من التصورات من قبل كثير من الخبراء والحقوقيين عن كيفية إعادة هيكلة الشرطة وإعادة صياغة العقيدة الأمنية على أساس عدم انتهاك حرية وكرامة المواطن، وإعادة بناء جهاز الأمن الوطنى، مع خضوع هذه الأجهزة الأمنية للرقابة من قبل المجلس القومى لحقوق الإنسان وأجهزة الرقابة والتفتيش داخل وزارة الداخلية، وقد عرضت وقتها الأمم المتحدة المساعدة فى هذه المهمة بما لها من خبرة فى إعادة بناء أجهزة الشرطة فى أوروبا الشرقية بعد انهيارها، ولكن الدولة لم تسمع لأحد. وحينما خرج الشعب المصرى فى 30 يونيو لإسقاط نظام الإخوان الفاشى الدموى واستردت مصر وبدأ التصالح التدريجى بين الشعب والشرطة وخرجت الملايين أيضا فى 26 يوليو 2013 لتفويض النظام فى فض اعتصامى رابعة والنهضة والتصدى للاعتداء على الأرواح والمنشآت والحفاظ على أمن المواطن وأمن المجتمع، حينما خرجت هذه الملايين لتعطى هذا التفويض وتقف نصيرا للشرطة والجيش لحماية البلاد، خرجت تزود عن بلادها وعن استقرار بلادها وعن أمن وكرامة المصريين الذين هتفوا بالعيش والحرية والعدالة الاجتماعية والكرامة الإنسانية. إن الشعب المصرى يقدر تضحيات جنوده من الجيش والشرطة واستشهادهم للدفاع عن أمن الوطن، ويصبر على المعاناة، ويربط الأحزمة على البطون الخاوية، ولكن للصبر حدود. والصبر على الجوع لا يعنى االخنوع للذل والقمع الذى عاد مع ممارسات العديد من أفراد الشرطة فى الفترة الأخيرة. إن الشعب العظيم لن يتنازل عن كرامته وعن حرياته التى انتزعها بفضل تضحيات شهداء ثورتى يناير ويونيو. لن يقايض شعبنا أمنه بحريته كرامته. إن العدالة الناجزة مع تخصيص دوائر متفرغة لقضايا القتل والفساد ونهب المال العام، وسرعة المحاكمات وتنفيذ العقوبة سيكون أساسا لتبريد النار المشتعلة فى صدور أهالى الشهداء وأهالى المجنى عليهم فى كافة القضايا الجنائية. سيكون أساسا لتخفيف احتقان وغضب الشعب المصرى. احذروا غضب الشعب المصرى واتقوا شر الحليم إذا غضب. دكتورة كريمة الحفناوى
#كريمة_الحفناوى (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
دستور الثورة وكرامة المواطن والطبيب
-
دستور الثورة وحق المصريين فى الصحة
-
احتفالية ثورة يناير فى قصر ثقافة منشية ناصر
-
دستور الثورة والحقوق الاقتصادية والاجتماعية
-
عام مضى وعام جديد 3
-
عام مضى وعام جديد 2
-
عام مضى وعام جديد 1
-
غطاء قانونى لإهانة وإذلال المرأة المصرية 2
-
غطاء قانونى لإهانة وإذلال المرأة المصرية
-
حول الانتخابات البرلمانية 4
-
القوافل التنويرية للثقافة الجماهيرية
-
المجمع الإعلامى بالإسماعيلية والانتخابات البرلمانية
-
حول المرحلة الأولى من الانتخابات البرلمانية 3
-
حول المرحلة الأولى من الانتخابات البرلمانية
-
فلنتعلم من هذا الشعب العظيم
-
الثقافة الجماهيرية والمرأة الريفية
-
حول الانتخابات البرلمانية فى مصر
-
الصورة الحالية فى الانتخابات البرلمانية
-
عودة -روح- المسرح المصرى
-
من فقراء شعب مصر إلى رئيس وزراء مصر
المزيد.....
-
ترامب يهدد بفرض رسوم جمركية.. كيف يؤثر ذلك على المستهلك؟
-
تيم حسن بمسلسل -تحت سابع أرض- في رمضان
-
السيسي يهنئ أحمد الشرع على توليه رئاسة سوريا.. ماذا قال؟
-
-الثوب والغترة أو الشماغ-.. إلزام طلاب المدارس الثانوية السع
...
-
تظاهرات شعبية قبالة معبر رفح المصري
-
اختراق خطير تكشفه -واتساب-: برنامج قرصنة إسرائيلي استهدف هوا
...
-
البرلمان الألماني يرفض قانون الهجرة وسط جدلٍ سياسيٍ حاد
-
الرئيس المصري: نهنئ أحمد الشرع لتوليه رئاسة سوريا خلال الم
...
-
إسرائيل.. تخلي حماس عن السلاح أو الحرب
-
زكريا الزبيدي يتحدث لـRT عن ظروف اعتقاله
المزيد.....
-
الخروج للنهار (كتاب الموتى)
/ شريف الصيفي
-
قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا
...
/ صلاح محمد عبد العاطي
-
لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي
/ غسان مكارم
-
إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي-
...
/ محمد حسن خليل
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
المزيد.....
|