سيلوس العراقي
الحوار المتمدن-العدد: 5083 - 2016 / 2 / 23 - 19:08
المحور:
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
مثلما هو معروف ومنذ أزمنة قديمة، فأنه خلال كلّ سنة هناك انقلابين للشمس: أولهما الانقلاب الشمسي الشتوي الذي يحدث في 21/22 تشرين الثاني ديسمبر، والثاني الانقلاب الصيفي الذي يحدث في 21 حزيران.
في أيام الانقلاب الشتوي كان يحتفل الرومان بكرنفالٍ ـ عيد ساتورن ـ تقام فيه الولائم وتعدّ الأكلات وحفلات الرقص وتبادل الهدايا، وكان يوم 25 ديسمبر تشرين الثاني خلاصة له.
ويُعتقد، استنادًا الى التاريخ والتقويم الروماني، أنه منذ النصف الثاني من القرن الأول قبل الميلاد، تمّ تحديد يوم هذا العيد الروماني الكبير للاله ساتورن خلال حكم الامبراطور دوميتسيان (أو دوميتيان) ليكون في 25 ديسمبر.
ومنذ تحوّل الامبراطورية الرومانية الى المسيحية بعد عام 312 ميلادية باهتداء الامبراطور قسطنطين، بدأ تحويل (معمودية) عدد من الأعياد الرومانية القديمة لتصبح أعيادًا مسيحية، ومن ضمن هذه الأعياد تمّ اعتبار 25 ديسمبر تاريخًا ثابتًا كعيدٍ لميلاد يسوع المسيح. علمًا بأنه يتزامن أو يأتي بعد عيد الأنوار (الخانوكا أو الحانوكا) اليهودي.
والجدير بالذكر وما يدعو للغرابة والتأمل، أنّ يوم 25 ديسمبر باعتباره ميلادًا للمسيح لم يتم إعتباره اليوم الأول من التقويم الميلادي السنوي الذي يعتبر تقويمًا رسميًا عالميًا..
لكن تمّ اختيار يومًا آخر ليكون رأسًا وبدءًا للسنة الميلادية، وهو 1 كانون الثاني.
فالى ماذا يرمز هذا اليوم ليتمّ اعتباره رأسًا للسنة الميلادية ؟
في الحقيقة أن هذا اليوم هو يوم يهوديٌّ بامتياز، لأنه يتبع التقليد اليهوديّ وليس الروماني.
فبحسب التقليد اليهودي يقامُ حفل وطقس ختان المولود الجديد وإعطاءه اسمًا في اليوم الثامن من مولده:
"وفي اليوم الثامن يُختَن المولود" لاويين 12: 3
"ولما بلغ الطفل يومه الثامن جاءوا ليختنوه وأرادوا أن يسموه زكريا باسم ابيه" انجيل لوقا 1: 59
"ولما بلغ الطفل يومه الثامن وهو يوم ختانه سمّي يسوع" انجيل لوقا 2: 21
فتم اعتباره يومًا لبدء السنة الميلادية لتكون سنة يهودية ـ مسيحية بامتياز ولتأكيد يهودية يسوع، وبناءً على هذا من الممكن أن تسمى السنة "الميلادية" بالسنة "الختانية" ليكون معناها وتسميتها أكثر دقة. وكأن رأس كلّ سنة جديدة هو تذكارٌ واستمرارٌ للعهد الذي قطعه الله مع ابراهيم وموسى وشعبهما إلى الأبد.
وحين يكون يوم 25 ديسمبر يومًا لعيد ذكرى ميلاد يسوع يحتفل فيه غالبية المسيحيين (فقط) في العالم، يكون يوم الأول من كانون الثاني ـ يناير يومًا لعيد ختانه، كذكرى تؤكد على أنه يهوديّ يحتفل العالم بأكمله بذكرى يوم ختانه، ليصبح عيدًا عالميًا.
#سيلوس_العراقي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟