|
عذرا يا مليكتي ..
صادق محمد عبدالكريم الدبش
الحوار المتمدن-العدد: 5081 - 2016 / 2 / 21 - 20:06
المحور:
الادب والفن
عذرا يا مليكتي ... لم أذكر أِسْمُكِ يا غاليتي . أبكتني مفرداتك يا جميلة الحسناوات ... ! كلما يتخطى الزمن خطوة !... والعمر يجر أذياله رويدا رويدا !... كمن ينتظر وصول القاطرة الى المحطة الأخيرة .. لينفض عن كاهله متاعب رحلته هذه .. بكل شئ فيها !... اليسير .. والسهل الممتنع !... الجميل ورونقه وبهائه !... وقبل هذا وذاك !... هناك وما بقيتْ من العمر بَقية !... أناس قد دخلوا لُِسرادِق النفس ومكنونات الروح والعقل !... من دون تخطيط ولا تنظيم ولا أستشارة أو أستأذان !... هؤلاء هم معين الحياة الذي لا ينضب ..! وحدهم من زرع الأمل في النفوس ، ومن حملوا ذاكرة الزمن وتفاصيل عبثه ومجرياته .. أنتي غاليتي عندما تجدين مشترك مع أنسان ربما لم تلتقيه ولم تكلميه !... ولم تسعفكِ الحياة بأن تدخلي لأعماقه وتتعرفي على مكنوناته وكارزميته !... فقد تلتقيه في موقف باص !... أو في رحلة في قطار أو عربة أو طائرة !... أو حتى عبر رسائل قد أَضَلَتْ طريقها ووصلت اليكِ عن طريق الخطأ !.. أوعبر وسائل أخرى لم تكوني على موعد معها . تَجِدينَ هناك ما يشدكِ أليه من مُحَفِزات ومشاعر وأحاسيس قد صنعها وبلورها وصاغها حدث غير محسوس ، فتخرج متكاملة في فحواها وجوهرها !.. فَيَضَعُكِ في مقدمة العربة التي أستقلها !.. فتسيروا سوية من دون أن تشعري ولو للحضة واحدة بأن الذي حدث لم يكن عابرا أو أستثنائا وغير مألوف !.. فيوحي لكِ عَقْلُكِ الباطن !..وكأن كل شئ كان طبيعيا ويسير وفق السياق العام . بغداد هي ليست بناء جامد وأزقة وشوارع وأديرة ومساجد وحانات ومراقص ومسارح وأبنية !.. كما هي بهرز وأزقتها وما تحمله ذاكرتي عبر السبعين عام ، و التي لم تغادرني تلكم المدينتين الخالدتين !.... ولم تقتلعها عوادي الأيام وَمَرارات الحياة ومشاغلها ومغرياتها !... بقيت راسخة عميقة مُتَسَمْرَة في ذاتي الأنسانية ، كأي كائن مفكر ، وبطبيعتي متمرد ورافض لكل المغريات التي ربما لو طاوَعَتْها نفسي !ّ.. لأصبحت شئ مختلف عما أكون عليه اليوم !.. ولست أسف ولا نادما على ذلك . كذلك الناس .. أفراد وجماعات !.. فهم مختلفون في أغلب مكوناتهم وسجاياهم ودرجة تأثيرهم على نفسي كفرد.. ونفوس الأخرين !... وهذا التلازم والتمازج والأقتراب لحد التلاحم والأندماج اللاشعوري مع ميكانزم هذا وميكانزم ذاك !.. فَتَُخْلَقُ خصوصيتكِ في هذا الترابط الروحي والذي لايمكنه الأنفصام والتباعد ، او التنافر والأغتراب . علاقتي بالمكان والزمان والأنسان !.. هو ما جُبِلْتُ عليهِ وحَمَلْتُ وزرأثقاله !. لم أستطع نفض هذا عن كاهلي !... أو بالحقيقة ، لا توجد نية ولا رغبة في الخروج والتغريد في الفضاء الأخر !.. وهو قدر مقدر على ذاتي ، وهنا لا أقصد بأن هناك قوة قد رسمت لي هذا القدر بمعنى الميتافيزيقيا !..لا ، أنما نتيجة المتغيرات والتنقل والأغتراب ، والتطور الذهني والمعرفي وغير ذلك !.. وعليي أن أتعايش مع حقيقة هذه المفردات الثلاثة ( الزمان والمكان والأنسان ) .. وأقول بأننا لسنا في حل عن حقيقة تكويننا الفسيولوجي النفسي (علم الفسيولوجيا، وهو العلم الذي يدرس العلاقة بين السلوك والأعضاء من أجل إيجاد تفسير فسيولوجي أو عضوي للسلوك الإنساني.) ، وسِيْكُولُوجيّ والتي تعني (علم النفس" هو العلم الذي يدرس الوظائف العقلية والسلوك . و يهتم علماء النفس (السايكولوجيين) بدراسة الشخصية ،العاطفة ،السلوك، الادراك ، و العلاقات بين الاشخاص ، ولن نكن خارج كارزميتنا وتكوراتها وصقلها وخروجها !.. لترسم نموذج خاص لشخصيتنا !.. قَبِلْنا بها !... أَمْ لم نَقْبَل ؟.. رَفَضَها الأخرون !.. أو قَبلُوها !... لأننا لسنا بناء جامدا يمكننا تغييره أذا لم يعجبنا تصميمه !؟.. لكننا يمكننا أن نجمل بعض من معالم شخصيتنا !.. ولكن لايمكن وبأي حال من الأحوال هدم كل شئ فينا لنعيد بناء شخصيتنا ، وبالطريقة التي نرغبها كما يفعل البناء والمهندس ! أعود الى هذه المفردات المحفورة في عمق مكنونات شخصيتي !.. رغبت في ذلك أم أبيت !.. فكل شئ في هذه الحفر والنتوئات لي فيها حدث وسكن وقصة !... أحب أشياء قد لا تستهوي أذواق الأخرين .. وتربطني علاقة حميمية بأناس هم ليسوا في الخطوط الأولى من سلم حياتي اليومية هنا ؟.. وربما حتى لم يكونوا من الدرجة الثانية والثالثة !... ولكن تراني أحملهم في ذاكرتي في حللي وترحالي !... الراحلين منهم !.. أو مَنْ منهم مازال على قيد الحياة !.. وهذا الخاص يبقى يعيش في ذاتنا الأنسانية ، وليس دائما يكون معروف للأخرين المقربين منا !.... أو في أغلب الأحيان يكون مجهولا حتى لأقرب المُقَرَبون . هذا الذي أبكاني !.. وبما أدليتي به سيدتي الكريمة والطيبة والغالية على نفسي وعقلي . محبتي لكل حيز ببغداد !... وأقول لا مَسًكِ الشر يابغداد !.. ولا نالت منكِ عوادي الأيام !.. أعشقكِ مثل ما أنتي وكما يقول بدر شاكر السياب ( وتقول كلمات القصيدة : الشمس أجمل في بلادي من سواها والظلام حتى الظلام هناك أجمل, فهو يحتضن العراق واحسرتاه, متى أنام فاحس أن على الوسادة من ليلك الصيفي طلا فيه عطرك يا عراق؟ بين القرى المتهيبات خطاي والمدن الغريبة غنيت تربتك الحبيبة" ) . ولحبيبة الأهل والشجر وديالى وخريسان .. لأريج عطرها ومباهج مروجها الخضراء وبساتينها التي كانت مورقة خضلة غناء !.. واليوم نحن في مقتبل الربيع .. كان يلفها حزام مخضوضر فتان بأزهار أشجاره وقداح برتقاله وعبق طَلْعَ نخيله وعذوبة مياه نهريه الخالدين .. ديالى وخريسان ... ولو كُنْتُ جَوْاداً في الوصف ورسم الصورة الحقيقية لمدينتي بهرزالحبيبة ... وأهلها وهم في نشوة في هذا الفصل الربيعي !.. يغمرهم ألق وفرح ونشوة وشذى الربيع !.. وهم في غمرة العمل طول اليوم وعلى مدار السنة !.. منهمكين في أصلاح وتزيين وسقاء وحرث وتسميد وتنظيف هذه الجنان الخلابة ، والباعثة للخير والنماء وللحياة !.. واليوم تحولت هذه البساتين الى أثر بعد عين !!، نتيجة للأهمال المتعمد من قبل النظام الطائفي الذي يحكم عراق اليوم ، والذي أدى الى خسارة مالكي هذه البساتين التي كانت لا تقدر بثمن !!..وأمست اليوم لا تساوي شئ !.. والذي يتحمل مسؤولية هذه الخسائر الفادحة هو النظام والحكومة المحلية في المحافظة !.. ومن حق أصحابي هذه الأملاك رفع دعوى قضائية على الحكومتين المحلية والفيدرالية ، لتسببهم بموتها وقطع المياه عنها وحتى ساعة كتابة هذا المقال . أقول لهذه المدينة ولأهلها النجباء .. أحبكم على مدار الأيام والأشهر والسنين ، وأنتم بذاكرتي تعيشون .. وأحمل لكم البشر والمودة والعرفان . وهناك أناس هم أقرب للقلب وللعقل .. محفورة صورهم في نغمات النفس وشَجَنَها !.. هم صفو الحياة وزينتها وألقها !.. وهم غذاء النفس والعقل والروح .. كل القبولات أليهم .. وأقترب منهم لأحتضن صدورهم الدافئة وقلوبهم النظيفة والمليئة بالحب والعاطفة والعبق والسمو .. أستميحكم العذر وأحتضن سكناتكم وشجن نفوسكم الراقية والمُؤْنِسَة للنفس .. لأنكم أنتم من له الحق في هذا الوصف!.. أنكم من أَنْسَنَ الحياة وجعل لها طعم ومعنى .. أحبكم يا أغلى الحبايب .. أنتم الذين تََكَلَمْتُ عنكم وضَرَبْتُ لكم الأمثال .. أنتم من أَنَسَنيِ في غُربتي .. في يقضتي والمنام ... عشت لكم وعلى أمل اللقاء ثانية بهاماتكم !.. حتى وأن لم تتح لي فرصة أحتضانكم وتقبيل وجناتكم عند قدومي لبهرز الخير والسلام !... أعْذُروني !.. وأنا أمنحكم مبررات اللقاء عن بعد ..أحبكم وبشوق عارم متسامر مع ذكراكم وهواكم الباعث للأمل وللحياة . صادق محمد عبد الكريم الدبش 21/2/2016 م
#صادق_محمد_عبدالكريم_الدبش (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
دردشة مع جلاسي .. وما جن ليلي والسهاد !..
-
من وردة .. ترسلها لعاشقي الحياة !
-
هل من سبيل للدخول الى عوالمها ؟
-
للأمل .. للحياة .. أليكِ ..
-
للطائر المحلق في سماوات الكون ..
-
يوم الحب .. او عيد الحب ..
-
نحتفل معكم وبكم !..
-
14 شباط 1949 م راسخ في ذاكرة القوى الخيرة العراقية .
-
تظاهرات ذيقار هذا اليوم ؟؟!!!
-
الوالدين في عقولنا ونفوسنا ..
-
سْوالفْ الليل الحزين !!..
-
قصة مثل وحكمة ...
-
أَواعْدَكْ.. بأَلْوَعَدْ .. وْأَسْكيكْ.. ياكَمونْ
-
هل معقول هذا ..؟ .
-
الثامن من شباط .. يوم أسود في حياة العراق وشعبه . الجزء الثا
...
-
رسالة الى من ليس لهم دين ولا قيم ولا ضمير !
-
الثامن من شباط 1963 م .. يوم أسود في حياة العراق وشعبه .
-
في يوم شتائي مع غانية في القطار !..
-
أليهم ولسموهم ورفعتهم ... للضحايا الشيوعيين أكتب .
-
بيع ممتلكات الدولة !!؟
المزيد.....
-
-كأنك يا أبو زيد ما غزيت-.. فنانون سجلوا حضورهم في دمشق وغاد
...
-
أطفالهم لا يتحدثون العربية.. سوريون عائدون من تركيا يواجهون
...
-
بين القنابل والكتب.. آثار الحرب على الطلاب اللبنانيين
-
بعد جماهير بايرن ميونخ.. هجوم جديد على الخليفي بـ-اللغة العر
...
-
دراسة: الأطفال يتعلمون اللغة في وقت أبكر مما كنا نعتقد
-
-الخرطوم-..فيلم وثائقي يرصد معاناة الحرب في السودان
-
-الشارقة للفنون- تعلن الفائزين بمنحة إنتاج الأفلام القصيرة
-
فيلم -الحائط الرابع-: القوة السامية للفن في زمن الحرب
-
أول ناد غنائي للرجال فقط في تونس يعالج الضغوط بالموسيقى
-
إصدارات جديدة للكاتب العراقي مجيد الكفائي
المزيد.....
-
مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل
/ كاظم حسن سعيد
-
نظرات نقدية في تجربة السيد حافظ الإبداعية 111
/ مصطفى رمضاني
-
جحيم المعتقلات في العراق كتاب كامل
/ كاظم حسن سعيد
-
رضاب سام
/ سجاد حسن عواد
-
اللغة الشعرية في رواية كابتشينو ل السيد حافظ - 110
/ وردة عطابي - إشراق عماري
-
تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين
/ محمد دوير
-
مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب-
/ جلال نعيم
-
التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ
/ عبد الكريم برشيد
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
المزيد.....
|