أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - محمود العكري - نيتشه: سقراط الحكيم 3














المزيد.....

نيتشه: سقراط الحكيم 3


محمود العكري

الحوار المتمدن-العدد: 5081 - 2016 / 2 / 21 - 20:05
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


و يكمل نيتشه تحليله في الكشف عن حقيقة الفيلسوف و الكاتب المسرحي المتحالفان و يستمر بالتنقيب في حياتهما الأخيرة، ليستنتج أن كل من سقراط و يوربيدس قد تفطنا إلى الخطأ الكبير الذي اقترفاه. لكن هذا التفطن مثلما يحدث في معظم المسرحيات جاء متأخرا، و يتجلى ذلك من خلال مسرحية يوربيدس الأخيرة المسماة " عابدات باخوس " حيث قام بتصحيح الأخطاء التي سبق أن إرتكبها في المسرحيات السابقة، إذ إسترجع توظيف كل الخصائص الديونيسيوسية للمأساة. و هذا أيضا ما حدث مع سقراط في أيامه الأخيرة حيث كان يتغنى بموسيقى ديونيسيوس ، و يستشهد بشعراء المأساة عندما كان ينتظر موته في السجن قائلا " ... فها هو يناديني صوت القدر على حد قول شاعر المأساة، و لابد أن أجرع السم عما قريب ".
نستنتج إذن أنه بداية من عصر سقراط قد تم رسم خط القطيعة مع العصر الذي كان يمثل أرقى مراحل اليونان الأقوياء، و ذلك من خلال الذنب الذي اقترفه سقراط و الذي يتمثل في معاداة الفن باعتباره التجسيد القوي للنظرة التراجيدية للحياة.
بعد أن وضحنا طبيعة العلاقة الازدواجية بين كل من سقراط الحكيم و يوربيدس الشاعر من خلال تحالفهما للقضاء على التراجيديا، سننتقل إلى تناول شخصية سقراط من حيث هي ذاتها:
يتناول نيتشه السقراطية من حيث هي في ذاتها فيقول " بالغريزة فقط " : بهذه العبارة نمس قلب النزعة السقراطية، و بها تدين السقراطية الفن الموجود مثلما تدين الأخلاق الموجودة. و يضيف قائلا " و نحن نجد مفتاحا لشخصية سقراط في الظاهرة العجيبة المعروفة " " بالروح الحارس لسقراط ". ففي ظروف خاصة حينما كان عقله يتردد، كان يجد تأييدا مؤكدا من صوت إلهي يكلمه في مثل هذه اللحظة و حينها يأتيه هذا الصوت لينهاه عما يقدم عليه .
و في هذه الظروف غير السوية تماما تظهر الحكمة الغريزية فقط لتمنع المعرفة الواعية من حين لآخر هذا على حين أن الغريزة في كل إنسان منتج تكون قوة خلاقة إيجابية و يكون الوعي قوة نقدية ناهية. و لكن في سقراط أصبحت الغريزة قوة نقدية و أصبح الوعي خالقا. فسقراط في حقيقة الأمر كائن مشوه تنقصه أي نزعة صوفية و على ذلك يمكن اعتباره نموذجا لنقص النزعة الصوفية. فقد تضخمت فيه الطبيعة المنطقية بإفراط مثلما تنمو الحكمة الغريزية في الصوفي. و هكذا يذهب نيتشه إلى أن الصوت الذي كان يسمعه سقراط هو صوت " الغريزة " و ليس صوت " الإله "، فسقراط في نظر نيتشه إنسان غير سوي و كائن مشوه ناقص لأن " العقل " لعب في حياته الدور الذي يجب أن تلعبه " الغريزة ".
و يتابع نيتشه هجومه على النزعة المنطقية عند سقراط مشيرا إلى محاورات أفلاطون و دور سقراط فيها كبطل جدلي، و ذلك ليؤكد نيتشه على العنصر التفاؤلي الذي ينطوي عليه الجدل و الذي يتعارض مع التراجيديا " من ذا الذي يمكن أن يخطئ العنصر التفاؤلي في طبيعة الجدل، الذي يحتفل بالنصر مع كل نتيجة يستنتجها و يستطيع أن يتنفس فقط في وعي و وضوح بارد "، و يتضح لنا من خلال هذا القول أن نيتشه يوحد بين المنطق و الجدل من خلال النظر إلى السقراطية باعتبارها جدلا متفائلا و باعتبارها كذلك السبب المباشر في موت التراجيديا، فيقول " إن المبادئ السقراطية القائلة بأن الفضيلة معرفة، و أن الإنسان يخطئ فقط نتيجة جهله، و أن الإنسان الفاضل هو الإنسان السعيد. في هذه الأشكال الثلاثة للنزعة التفاؤلية يكمن موت التراجيديا " .



#محمود_العكري (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نيتشه: سقراط الحكيم 2
- نيتشه: سقراط الحكيم
- إلى متى!
- اللعبة الملعونة
- عين اللعبة
- لعنة آلهة الحب
- - نسيان - 1 .. قصة قصيرة من أربع أجزاء
- - نسيان - .. 2
- - نسيان - .. 3
- - نسيان - .. 4
- توقف هنيهة!
- مريض نفساني
- حكم مستبد
- مهزلة
- هوية على المحك
- نيتشه وحكمة الإغريق الأولى.. 3
- نيتشه وحكمة الإغريق الأولى.. 2
- نيتشه وحكمة الإغريق الأولى


المزيد.....




- كييف.. على دقات ساعة موسكو وواشنطن
- رغم الحرب والحصار.. خان يونس تتشبث بالحياة
- -سأقتل نفسي قبل أن أعود إليهم-... محاولة هروب يائسة لضحايا ش ...
- حماس تعلن فقدان الاتصال مع محتجزي الإسرائيلي-الأمريكي عيدان ...
- قطر وروسيا.. تعزيز التعاون إقليميا ودوليا
- ناشطون لبنانيون يرسلون 6 أطنان من المساعدات الإنسانية إلى دو ...
- البيت الأبيض: كرة الرسوم الجمركية في ملعب الصين
- هل تتجه علاقات الجزائر وفرنسا للقطيعة؟
- موسكو: غالبية أوروبا تعارض نشر قوات سلام
- أزمة صاعدة بين حكومة نتنياهو والشاباك


المزيد.....

- سور القرآن الكريم تحليل سوسيولوجي / محمود محمد رياض عبدالعال
- -تحولات ظاهرة التضامن الاجتماعي بالمجتمع القروي: التويزة نمو ... / ياسين احمادون وفاطمة البكاري
- المتعقرط - أربعون يوماً من الخلوة / حسنين آل دايخ
- حوار مع صديقي الشات (ج ب ت) / أحمد التاوتي
- قتل الأب عند دوستويفسكي / محمود الصباغ
- العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا ... / محمد احمد الغريب عبدربه
- تداولية المسؤولية الأخلاقية / زهير الخويلدي
- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - محمود العكري - نيتشه: سقراط الحكيم 3