كامي بزيع
الحوار المتمدن-العدد: 5073 - 2016 / 2 / 13 - 16:41
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
منذ اللحظة التي يزغ فيها الشعور بالذات بدأ ذاك الانفصال بين الانسان والكون. لم يعد مرتبطا بهذا الكل، بل اصبح يبتعد معتبرا نفسه انه الكل.
ان فقدان ذلك الحس العميف بالكينونة يعود الى غلبة الشعور بالذات، او الذاتية.
ان مفاهيم "انا" و"لي" هي التي تعزز الذات لكنها بالوقت عينه تزيد من غربة الانسان وعزلته.
لم يسقط الانسان صريع التعاسة والدمار الا بعد ان ضل طريقه، وتملكه الجهل، نتيجة تضخم هذه الذاتية ومحاولة اشباعها. فالذات بكل ماتولده من شهوات واحاسيس ومشاعر وافكار هي التي سرقت حرية الانسان الاساسية.
الذات لم تكن لتنوجد الا في الجسد، ولهذا فهي تسعى لتلبية حاجات ورغبات هذا الجسد.
ان الذات التي تنشغل بمتطلبات الجسد ورغباته مثل الصحة والمتعة والثروة والراحة والحب وغيرها الكثير، لا يعود لديها الوقت وسط لهاثها في تحقيق هذه الاهداف المادية ان تلتفت الى البعد الاخر من الوجود او الكينونة، لا بل تصبح مقتنعة بان البعد المادي هو المدى الابعد لها.
ان الذين ليس لديهم حاسة الذات " انا " ونظيرتها (الميول) لا يعرفون الشهوة ولا الغضب. فهم لا يقهرون. ان المقيد باحساس الذات " انا" وبتكييف العقل، حتى لو كان يعتبر رجل عظيم او رجل رفيع التعليم، يمكن ان يغلبه طفل. في الواقع، مفاهيم "انا" و "لي" هي اوعية للحزن والعذاب. والذي يتكيف عقله يمكن التغلب عليه بسهولة: في غياب هذا التكييف حتى البرغشة تصبح خالدة (لا تموت)، يقول فاشيستا في تعالميه الى راما.
ويستدعي الشعور بالذاتية التشوش في العقل، والذي بدوره يسمح بنشوء المشاعر "هذا لي" و "هذا جسدي" . فيصبح الانسان متعلقا جدا بالاكل والشرب واللبس والنوم. وتعطيه الاشياء شعورا بالمتعة ولكنها تسرق منه حريته. ومع خسارة الحرية، تذهب الشجاعة ويحل محلها الخوف والقلق وتسيطر على الانسان فكرة الموت.
من يتحرر من الانانية والذاتية يتحرر من دورة الحياة والموت!.
من يسعى لمعرفة جوهره الطبيعي كوعي نقي، سيتحرر من الانانية. كل المظاهر المادية للحياة الزائفة ليست شيئاً اكثر من لعبة جهل وخداع.
الجأ الى كبح الذات وتخلى عن الذاتية، ستعرف الحقيقة، ذاتك السامية الجوهرية.
#كامي_بزيع (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟