|
الموقف السوفيتي تجاه قيام اسرائيل، البراجماتية على حساب الأيديولوجيا
محمد خالد الدلكي
الحوار المتمدن-العدد: 5072 - 2016 / 2 / 11 - 19:22
المحور:
الإستعمار وتجارب التحرّر الوطني
كثيرا ما يتحامل البعض على الماركسيين معتمدين على حدث تاريخي عفا عنه الزمن الا و هو تصويت الاتحاد السوفيتي بتأييد قرار تقسيم فلسطين في حدود ال48، مشيرين إلى اتهام تافه مفاده تلاقي كل من الشيوعية و الصهيونية من حيث المصدر، و هذا الادعاء لا ينم الا عن جهل منقطع النظير بالماركسية، فقد اوضح لينين في مطلع القرن العشرين موقف الثورة العالمية من الحركة الصهيونية بوصفها مشروعا برجوازيا قوميا متصلا اتصالاً حيوياً باللوبي الصهيوني المتنفذ و المتحكم بالدرجة الأولى في صميم المنظومة الرأسمالية العالمية، و يستمر لينين بقوله حيث يشير إلى ان مشروعاً مماثلاً لن يؤدي الا لمزيد من الانقسام بين ابناء البروليتاريا العالمية. و هذا الشرح التام يؤكد على البعد الكلي بين كلا التيارين اي الشيوعية (الأممية)، و الصهيونية (القومية). و تستمر الإتهامات المبتذلة بقول المتحاملين على الماركسية بان الحركة الصهيونية تمتعت بطابع اشتراكي، و هنا نرد بان الحزب النازي بقيادة ادولف هتلر تميز بذات الطابع و لكن باطار قومي تماماً كالحركة الصهيونية، فنجد ان كلا التيارين الاشد عداءً للشيوعية يتشاركان ذات السمات التي انتجت مأساة الامم الاوروبية في حالة النازية، و الشعب الفلسطيني في حالة الصهيونية.
على العموم فبعد الحرب العالمية الثانية بدأت الامم المتحدة في النظر في الملف الصهيوني و اتخذت لاحقاً بعد جلاء الانجليز قرارا بتقسيم فلسطين، و المثير في الموضوع هو انه و بعد اقرار التقسيم و بموافقة الاتحاد السوفيتي فقد اعترفت الخارجية السوفيتية بالدولة الجديدة (اسرائيل) بعد ثلاثة أيام من قيامها، ناهيك عن تزويد السلاح لمنظمات الهاجاناه و الارجون و البالماخ و الشتيرن من تشيكوسلوفاكيا ضمن عملية (بالاك). ولكن مالذي قد يجعل دولا كالاتحاد السوفيتي و تشيكوسلوفاكيا و التي من المفترض ان تكون معادية للصهيونية و رافضة لمثل هذا القرار تدعم العصابات التي اغتصبت ارض فلسطين و هجرت اغلب شعبها و استوطنت مكانه؟؟ يجاوب احد ضباط المخابرات السوفيتية ال(كي جي بي) ليونيد ميدفيدكو ضمن مقابلة اجراها مع المذيع خالد الرشد ضمن برنامج رحلة في الذاكرة التي تقدمه قناة روسيا اليوم، بأن الاتحاد السوفيتي قد انتهج سياسة (اممية) و (مناهضة للاستعمار) تجاه دعمه لقرار تقسيم فلسطين، مشيراً إلى ان جميع البلدان التي شاركت في الحرب ضد اليهود هي دول تابعة هي و جيوشها بشكل مباشر لبريطانيا، بدليل قيادة الجنرالات الانجليز لجيوش الدول العربية المشاركة في حرب فلسطين، و عليه فقد املت القيادة السوفيتية بان تتشكل دولة اشتراكية في فلسطين تكون بؤرة للنضال ضد القوى الاستعمارية. و هنا اشير لان هذا الموقف هو موقف اولويته الدبلوماسية و ليس الدعم الجدي لقوى التحرر الوطني في البلدان العربية. و بالفعل و كما نوه لينين فقد اتخذت اسرائيل جانب الغرب الرأسمالي، بحكم سيطرة اللوبي الصهيوني على القرار السياسي و الاقتصادي فيها، و هنا اذ يحاول الاتحاد السوفيتي تدارك ما فعل، فقد قام نظام جديد في مصر بقيادة عبد الناصر و قد كان مناوئاً للغرب و ذو نزعة تقدمية كما قام نظام مماثل في سورية تكلل بالوحدة بين البلدين. و بناء على هذا التحالف الجديد بين القوى الاشتراكية و القومية، اتخذ السوفيت جانب القضية الفلسطينية و باشروا بتقديم الدعم الفني و الحربي لفصائل المقاومة. بل و انتشرت في الاتحاد السوفيتي موجة عارمة من معاداة الصهيونية لدرجة اتخاذ الحكومة السوفيتية الحيطة والحذر تجاه اليهود في الاتحاد السوفيتي حيث تم ابعادهم عن المناصب الحساسة و منعهم من الهجرة إلى فلسطين. و ضمن موجة العداء السوفيتي للصهيونية برز الكاتب السوفيتي (يوري ايفانوف)، و الذي اوضح و بمنتهى الدقة اساليب الصهيونية و المؤسسات و الدول التي تدعمها، واصفاً اسرائيل بكلب حراسة الاطماع الامبريالية في الشرق الأوسط الى جانب كل من ايران و تركيا.
ان وصف الماركسية بانها الوجه الاخر للصهيونية قياساً على موقف تاريخي محدد لهو قمة الفقر المعرفي و عاطفية الطرح، فلا احد ينكر دور المقاتلين الشيوعيين في مقاومة الاحتلال الإسرائيلي حتى اللحظة، بالاضافة للاختلاف الصارخ من ناحية الاساس النظري فلا اجد ما هو اسطع من الفرق بين الشوفينية الدينية الصهيونية، و الأممية الاشتراكية الشيوعية.
#محمد_خالد_الدلكي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
لماذا نحتاج إلى اممية خامسة؟؟
المزيد.....
-
جدّة إيطالية تكشف سرّ تحضير أفضل -باستا بوتانيسكا-
-
أحلام تبارك لقطر باليوم الوطني وتهنئ أولادها بهذه المناسبة
-
الكرملين يعلق على اغتيال الجنرال كيريلوف رئيس الحماية البيول
...
-
مصر.. تسجيلات صوتية تكشف جريمة مروعة
-
علييف يضع شرطين لأرمينيا لتوقيع اتفاقية السلام بين البلدين
-
حالات مرضية غامضة أثناء عرض في دار أوبرا بألمانيا
-
خاص RT: اجتماع بين ضباط الأمن العام اللبناني المسؤولين عن ال
...
-
منظمات بيئية تدق ناقوس الخطر وتحذر من مخاطر الفيضانات في بري
...
-
اكتشاف نجم -مصاب بالفواق- قد يساعد في فك رموز تطور الكون
-
3 فناجين من القهوة قد تحمي من داء السكري والجلطة الدماغية
المزيد.....
-
علاقة السيد - التابع مع الغرب
/ مازن كم الماز
-
روايات ما بعد الاستعمار وشتات جزر الكاريبي/ جزر الهند الغربي
...
/ أشرف إبراهيم زيدان
-
روايات المهاجرين من جنوب آسيا إلي انجلترا في زمن ما بعد الاس
...
/ أشرف إبراهيم زيدان
-
انتفاضة أفريل 1938 في تونس ضدّ الاحتلال الفرنسي
/ فاروق الصيّاحي
-
بين التحرر من الاستعمار والتحرر من الاستبداد. بحث في المصطلح
/ محمد علي مقلد
-
حرب التحرير في البانيا
/ محمد شيخو
-
التدخل الأوربي بإفريقيا جنوب الصحراء
/ خالد الكزولي
-
عن حدتو واليسار والحركة الوطنية بمصر
/ أحمد القصير
-
الأممية الثانية و المستعمرات .هنري لوزراي ترجمة معز الراجحي
/ معز الراجحي
-
البلشفية وقضايا الثورة الصينية
/ ستالين
المزيد.....
|