|
خطايا حميد عثمان - الثانية / 4-8
خسرو حميد عثمان
كاتب
(Khasrow Hamid Othman)
الحوار المتمدن-العدد: 5070 - 2016 / 2 / 9 - 14:50
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
خطايا حميد عثمان - الثانية /4-8 لا أدري فيما إذا ما أقدم عليه حميد تجاه السركال كان بسبب تجاوز عمره العقلي لعمره الزمني، أو عمل انعكاسي، ذات طبيعة انتقامية بدائية، حصل نتيجة تراكم كم من المعلومات السلبية التي تجمعت في لاوعيه من خلال الأحاديث الدينية والدنيوية التي كان يسمعها عن واقع لا يمكن إحتماله الى الابد، عندما كان ملاعثمان يتحدث عنها مع اخويه وضيوفه في بيته في قرية پيرداود، حول مجمل المظالم والإهانات التي كانوا هم وبقية الفلاحين يرزحون تحتها. ولكن من خلال الوقوف على مسار الأحداث والمحطات التي مر بها ملا عثمان بعد إنتقاله إلى أربيل يتبين بعض ملامح أفكار ملا عثمان للخلاص أثناء مغادرته القرية باتجاه اربيل، حيث نرى بأنه لم يبدأ حياة هامشية في قعر مجتمع المدينة، في مدينة كانت عملية الإندماج فيها محدودة ومشروطة، تعتمد فلسفتها على الرضى بالتهميش أولاً ومن ثم الإحتواء التدريجي بدلاً من التفاعل، مدينة مغلقة بوجه الفلاحين الى حد ما أو غير جاذبة لهم لتحقيق طموحاتهم وأحلامهم، بسبب الأرث التأريخي للمدينة وتركيبتها الإجتماعية التي أثرت على تشكيلها، الى جانب توجهات الباب العالي في استانبول لقرون عديدة، عوامل العزلة بسبب الموقع الجغرافي للمدينة ، وكان ذلك سببا رئيسياً فى عدم إرتقاءها الى أن تصبح محطة لها أهميتها من المحطات التي كانت تشكل خطوط التجارة التي كانت تمر بالموصل - لم ترتقي أربيل من قضاء الى لواء إلا بعد تشكيل الدولة العراقية في ظل الانتداب البريطاني، قبل عقد من ا لأحداث التي نكتب عنها في هذه الحلقة. هكذا عندما إنتقل الملا عثمان، فجأة، من مجتمع فلاحي محكوم بعلاقات فيودالية الى حاضنة إجتماعية تتوزع على جماعات وشائجية تربط بين أعضاءها علاقات عضوية، كان عليه أن يختار له مكاناً ومن أين يبدأ، لم يكن ذلك غائباً عن حساباته، لهذا يختار مكاناً في محيط جامع الشيخ أبوبكر النقشبندي الذي كان يقع على الطرف الشمالي من محلة خانقاه، والمعروف في الوقت الحاضر بإسم وريثه الشيخ مصطفى النقشبندي، كمحطة أولى في رحلة اللاعودة من الريف، لم يكن إختياره هذا، في نظري، محض صدفة أو لعدم وجود بديل أخر، وانما لعدة اسباب: من الناحية الاجتماعية كان استمراراً لعلاقات كانت موجودة مع الشيخ مصطفى(1888-1986) م في الأساس، بدليل كانت تسمية حميد عند مجيئه الى الدنيا، في قرية پيرداود، بمباركة الشيخ مصطفى(كمال الدين ) نفسه حسبما سمعته من جدتي، وكذلك الخلفية الريفية للشيخ مصطفى وانعكاسه على تصرفاته، حيث فتح عينيه لأول مرة في قرية هرشم الواقعة شمال مدينة أربيل وإن المكانة الدينية لهذه العائلة جاءت بسبب اجتهاد الشيخ أبو بكر وترحاله من أجل التبحر في الأمور الدينية وتواصلَ إبنه الشيخ مصطفى مع هذا الارث والنهج. أما من الناحية الدينية كان توجه ملاعثمان المتمسك بتعاليم جده الأكبر" پيره باو" بالإضافه الى قناعاته الشخصية التي ظهرت بوضوح لاحقاً كموقفه من ارسال أولاده من البنين والبنات الى المدارس الرسمية وحضوره في إجتماعات اللجنة التحضيرية لمنظمة أنصار السلام في بغداد ودخوله السجن على اثر ذلك، بالإضافة الى حثه الفلاحين علناً على عدم جواز تقدم الهدايا العينية والهبات الى الشيوخ ورجال الدين في الوقت الذي هم و عوائلهم واطفالهم بأمس الحاجة اليها كل ذلك جعله أن يكون أقرب الى نهج الشيخ مصطفى من نهج غيره. وفي ظل هذه الظروف بدأ حميد بالتعرف على أجواء الجامع وحضور صلات الجماعة وحلقات الذكر الى جانب تعليمه في مدرسة الأولى للبنين التي لم تمضي على تأسيسها إلا سنوات قليلة. العيش في فضاءين مختلفين وفي ظل ثقافتين لم تكن تجمع بينهما إلا مشتركات قليلة، وبعد سنوات من هذه الازدواجية يتمرد حميد مرة أخرى عن اجواء الجامع وحلقات الذكر فجأة، لكي يتفاعل كلياً مع ما كانت تقدمها المدرسة من فكر وسياسة بأشكال مختلفة. كانت عملية إنتقال من حاضنة مختلطة دنيوية- دينية الى حاضنة مدنية بدأت بالنشوء رويداً رويداً إبتداءً من فتح المدارس الرسمية أبوابها والتي كانت تختلف مناهجها وأهدافها وتوجهات القائمين على التعليم فيها عن المناهج التي كانت متبعة منذ قرون في عدد من المدارس الدينية التي كانت تدار من قبل عوائل معينة. جدير بالذكر كانت المدارس الرسمية الموجودة، عندئذ، مدرستين للبنين ولم تفتح مدرسة للبنات إلا في سنة 1936 في الوقت الذي كانت الجوامع والتكيات منتشرة في جميع انحاء اربيل، ففي محلة خانقاه وحدها كانت الطريقة القادرية تُثبت حضورها خلال تكية شيخ عبدالكريم و مسجد الشيخ عبدالله قطب المدار القادري المشهور ب (شيخ الله)، أما الطريقة النقشبندية كان كل من جامع خانقاه الخالدية و مسجد شيخ ابو بكر (غياث الدين) النقشبندي مراكز لها. لمعرفة أوجه الخلاف بين الطريقتين القادرية والنقشبندية نقتبس مقاطع من تحقيق صحفي نشرته جريدة الاتحاد الاماراتية بتأريخ 8 نوفمبر 2007 : (التصوف بين القادرية والنقشبندية، فرسان العشق الإلهي في حضرة الحبيب)*: القادرية: (الطريقة القادرية وتسمى أيضا الجيلانية نسبة إلى مؤسسها الشيخ عبدالقادر الجيلاني المتوفي سنة 561 هـ. وانتشرت هذه الطريقة الصوفية في كردستان على يد البرزنجة وهم أوائل من نشروا هذه الطريقة في منطقة السليمانية، وكذلك الشيوخ الطلبانيون من الأسرة الطلبانية ومقرهم في مدينة كركوك وأطرافها. ومن أشهر أعلام الطريقة القادرية في كردستان العلامة الكردي الكبير الشيخ معروف النودهي البرزنجي (1752 - 1838م) مرشد الطريقة القادرية في كردستان في القرن التاسع .) النقشبندية: (مؤسس الطريقة النقشبندية هو الشيخ بهاء الدين محمد بن البخاري الملقب بشاه نقشبند الذي ولد سنة 1389 ميلادية. و نقشبند كلمة فارسية تعني مهنة النقش على القماش. وأدخل الطريقة النقشبندية إلى كردستان الشيخ خالد الجاف الذي ولد في منطقة قرّداغ سنة 1779 ميلادية، وهو من عشيرة الجاف الكردية، حيث كانت الطريقة القادرية قد وصلت إلى ذروة ازدهارها في كردستان. وتعتمد النقشبندية ثلاث طرق للوصول إلى المراد وهي الدوام على الذكر القلبي والمراقبة وطاعة المرشد. ومن رموز الشيوخ النقشبندية الشيخ أحمد سردار سركه لويي، والشيخ محمد عثمان سراج الدين النقشبندي المتوفي سنة 1997 وله آلاف المريدين في إيران وتركيا ودول أخرى.)
(ويقول الشيخ محمد الخيلاني شيخ تكية الخيلاني القادرية في أربيل إن الذكر عند القادرية ذكر علني أما عند النقشبندية فهو سري، وكل من الطريقتين على حق لأنهما يبتغيان الله في أذكارهما. ومن آداب الذكر في الطريقة القادرية أنهم يذكرون الله قياماً وقعوداً عملاً بقوله تعالى: الذين يذكرون الله قياماً وقعوداً وعلى جنوبهم.." .) * (http://www.alittihad.ae/details.php?id=151344&y=2007&article=full)
#خسرو_حميد_عثمان (هاشتاغ)
Khasrow_Hamid_Othman#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
خطايا حميد عثمان - الثانية /4-7
-
خطايا حميد عثمان- الثانية/4-6
-
خطايا حميد عثمان - الثانية / 4-5
-
خطايا حميد عثمان - الثانية / 4-4
-
خطايا حميد عثمان - الثانية / 4-3
-
خطايا حميد عثمان - الخطيئة الثانية /4-2
-
-خطايا حميد عثمان - الخطيئة الثانية /4-1
-
-خطايا حميد عثمان - الخطيئة الثانية -4
-
-خطايا حميد عثمان - الخطيئة الثانية /3-2
-
-خطايا حميد عثمان - الخطيئة الثانية /3-1
-
-خطايا حميد عثمان - الخطيئة الثانية /3
-
- خطايا حميد عثمان - الخطيئة الثانية /2
-
-خطايا حميد عثمان - الخطيئة الثانية
-
- خطايا حميد عثمان - 1
-
اللي بيزمر ما بيخبيش دقنة
-
ناصر بدلاً من كاظم!
-
عودة إلى دراسة كرونولوجيا صعود حسين أحمد الرضي (سلام عادل) ف
...
-
اليوم يشبه البارحة تماماً ، كما يتراءى لي
-
أفضل وقت لزراعة شجرة كان منذ 20 سنة (2)
-
أفضل وقت لزراعة شجرة كان منذ 20 سنة (1)
المزيد.....
-
السعودية تعدم مواطنا ويمنيين بسبب جرائم إرهابية
-
الكرملين: استخدام ستورم شادو تصعيد خطر
-
معلمة تعنف طفلة وتثير جدلا في مصر
-
طرائف وأسئلة محرجة وغناء في تعداد العراق السكاني
-
أوكرانيا تستخدم صواريخ غربية لضرب عمق روسيا، كيف سيغير ذلك ا
...
-
في مذكرات ميركل ـ ترامب -مفتون- بالقادة السلطويين
-
طائرة روسية خاصة تجلي مواطني روسيا وبيلاروس من بيروت إلى موس
...
-
السفير الروسي في لندن: بريطانيا أصبحت متورطة بشكل مباشر في ا
...
-
قصف على تدمر.. إسرائيل توسع بنك أهدافها
-
لتنشيط قطاع السياحة.. الجزائر تقيم النسخة السادسة من المهرجا
...
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|