الأمجد أحمد إيلاهي
الحوار المتمدن-العدد: 5069 - 2016 / 2 / 8 - 23:11
المحور:
الادب والفن
رسالة الى كارلا (2)
مساء الخير يا كارلا ،يا سرب الحمام الهائم فوق بيتنا القديم. يا فرحة الأطفال في المطر الخفيف (عرس الذيب) .
تساءلتُ ما كانَ يمكنُ أن أكونَ لولا أنّي أحبُّكِ. شيء مختلفٌ ،ربما كنتُ سأصيرُ غيمةً في شتاء جبليٍّ أو حبَّات نبقٍ في يد طفل عائد من مدرسة خلف تلال بعيدة .
.ثم فكرتُ أنّي بمجرّد أن أشتاق اليك هو بمثابة المعجزة . النّاس لا يشتاقونَ يا كارلا بل يوهمونَ أنفسهم بذلك . أنا الآن مُشرّدٌ بلا وطن ولا كأس. كالشّعرِ تمامًا وأحبّكِ .
أكتبُ لكِ حتّى لا تزدحمَ عروقي بالكلمات . أكتبُ حتّى تعرفي أنّ الصحراء قاسية قسوتي على نفسي . أكتبُ حتى يلينَ الهجيرُ وهو يلمس وجوه العابرين . وأنتِ تقرئين لي حتّى تبتسمي بلا تكلفة . تبتسمين امتلاءً بالمعنى المضمّن كالرسائل في الكتاب المدرسي .
أكتبُ وحَوْلي اصفرارٌ حارقٌ، كالقصائد في زمان الجاهليّة. وحولي الرمال تدفّقت كالانهيار. وأنا أراكِ أخضرُ من غصن زيتونٍ في يدي . لاشيء يشبه الحبَّ مُطلقًا . والمُطلقُ جزء صغيرٌ من الحبّ في نهايات الحكاية.
مازال بي حزنٌ الجبال البعيدة وصيحة وعلٍ في السفح تحاصرهُ القنابل . بي حضنُ أمي يحرقُ خافقي ودمعة لأبي شقّت خدّه مثل الفرات .. الله يا كارلا ما أقسى الحياة ..
لهذا فقط سأحبُّكِ أكثر ، لتزهرَ الأشجار قبل أوانها و تنمو الحشائش عند المحارق وفوق المشانق وفي كلّ صوبٍ.. أحبّك حتى ترانا النّوارس فلا تفزعُ من منظر العاشقين. أحبّكِ حتى يعودَ الرّصاص الى مخزنِ الجيش معتذرا عن كل طفل وعن كل أمّ وعن كلّ من روّعته المناظرُ زمن الخراب. أحبّكِ حتى اذا ما نوت شرّا تعودُ أيادي العذاب .
أحبّك وأشتاق وأكتبُ، لأسباب أخرى بلا فائدة. مادامت النّاسُ لا ترعوي لمشهد طفلٍ بلا رغيف وتركعُ لمن يملكُ نصف المدينة.
#الأمجد_أحمد_إيلاهي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟