|
الفلسفة الاسلامية والايمان بالله !؟
سليم نصر الرقعي
مدون ليبي من اقليم برقة
(Salim Ragi)
الحوار المتمدن-العدد: 5068 - 2016 / 2 / 7 - 14:57
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
الفلسفة الاسلامية حالها حال الاجتهادات الفقهية المبنية على العقل والمسلمات الايمانية تظل ظنية اجتهادية ، فالفقه الاسلامي هو محاولات عقلية ظنية اجتهادية لفهم الشريعة واستنباط مقاصدها وقواعدها والاحكام العملية منها ، بينما الفلسفة الاسلامية هي محاولة اجتهادية ظنية لفهم العقيدة عن طريق البراهين العقلية والمنطقية لا الاكتفاء بالادلة النقلية وحدها ، هي محاولات في فهم الدين والدنيا والنفس والواقع وهذا الوجود الغريب العجيب في اطار المسلمات الايمانية والاستفادة من الكشوفات العلمية ، فالفيلسوف المسلم حينما يتطرق مثلا لمسألة وجود الله لا يطرحها من باب الشك او البحث عن الحقيقة فهو يؤمن ابتداء بوجود الله ايمانا قلبيا او على الاقل يصدق ذهنيا بذلك ربما بحكم التابعية لعائلة مسلمة ، ولكنه يبحث عن البراهين العقلية والفلسفية التي تثبت وجود الله وكذلك يبحث عن الصفات التي يوجبها العقل للخالق غير المخلوق ، الله تعالى الخالق و الموجود الأزلي الابدي بلا بداية ودون نهاية ، ويرد على شبهات الملحدين بالادلة العقلية والفلسفية والعلمية . *** في اعتقادي وتجربتي الايمانية ، كما كتبت ذات مرة ، ورغم أهمية ودور العقل في الدين والدنيا الا أن العقل ليس بمقدوره أن يوصلك لليقين التام في أية مسألة بل احيانا حتى في مسائل العلوم الطبيعية لا يقطع يقينا بصحة النظرية التي يستنبطها ويستنتجها من البراهين التي جمعها لتفسير ظاهرة طبيعية وقد يأتي لاحقا من يهدمها بنظرية علمية مغايرة ولهذا يظل اليقين في العلم كاليقين في الفلسفة والدين امر قلبي وجداني شخصي !!!! ، إن اقصى ما يمكن أن يقدمه لك العقل ، مع توافر الادلة وتعاضد البراهين ، هو ان يرجح بين أمرين على طريقة اغلب الظن ! ، اي يحكم بأن ذلك الرأي او التحليل او الاعتقاد او التفسير هو الامر الراجح عقليا ومنطقيا ثم يترك مسألة الايمان او عدم الايمان للقلب والوجدان ! ، فهي مسألة من خصائص القلب لا العقل . *** أنا شخصيا في تجربتي الايمانية بدأت بطرح ادلة وجود الله (أدلة الاثبات) وأدلة عدم وجوده (أدلة النفي) للمحاكمة العقلية بعد أن اعترتني شكوك في أن ايماني بالله ايمان وراثي مكتسب فقط بحكم الضرورة الاجتماعية والتنشئة الثقافية في عائلة مسلمة ، ولكن بعد استعراض أدلة الاثبات وادلة النفي رجح عقلي أدلة الاثبات فهي الاقوى والارجح عقلا وهي التفسير الاكثر معقولية ومنطقية لهذا الكون العجيب من التفسير الالحادي والعبثي القائم على قصة الصدفة ! ، ولكن عقلي الذي حملني الى بحر الايمان الواسع العميق توقف عند شاطئ هذا البحر وقال لي : ((هنا يا سيدي قد بلغت اقصى حدي وهذا اقصى ما يمكنني أن اقودك اليه وهذا كل ما عندي ، فلا تحملني ما لا أطيق !! ، وعليك الآن ان تخوض بحر الايمان بقلبك وحدك ، فإما أن تؤمن او لا تؤمن ذلك خيار قلبك ، فأنت اذا تقدمت اخترقت وتعمقت وأنا اذا تقدمت احترقت او غرقت !! ))، هكذا قال لي عقلي بعد كل ذلك البحث الفلسفي العقلي عن حقيقة الوجود وخالق وصانع هذا الوجود ! ، وهناك على الشاطئ توقف عقلي وتركني أخوض تجربة الايمان بقلبي لوحدي ! ، ومن المعلوم أن اليقين هو أعلى درجات الايمان وهو لا يتحقق الا بالدخول في علاقة وتجربة شخصية ومباشرة مع الله سبحانه وتعالى من خلال الدعاء والمناجاة والعبادة ، ومن خلال الذنب والندم والتوبة ، ومن خلال النسيان والتذكر ، حتى يستشعر المرء في قلبه طعم الايمان الى ان يبلغ درجة اليقين اذا تطورت صلته الشخصية التعبدية بالله تعالى حتى ليشعر كأن الله هو أبوه الذي يرعاه ويطعمه ويسقيه واذا مرض هو يشفيه واذا حزن مد يده يطبطب على كتفه يواسيه !! ، هذا الشعور برعاية الله اليومية والمباشرة هو علامة من علامات اليقين القلبي بوجود الله وربوبيته والوهيته ، فحدود العقل والفلسفة والعلم محدودة ولهذا ، وللوصول الى اليقين والحصول عليه لابد من الدخول في علاقة شخصية بالله واتصال وجودي وجداني شخصي مستمر بالله تعالى اي ممارسة التجربة الروحية الايمانية التي تقوي الصلة بالله تعالى ، ثم مع التجربة التعبدية تتعمق الصلة بالله ويسمو المؤمن في معارج الايمان اذا تمكن من التغلب على حيتان القرش الفتاكة التي تجوب اعماق بحر الايمان والا لفتكت به وبايمانه والقته في بحر الظلمات والشكوك والضياع ! ، ظلمات بعضها فوق بعض حتى اذا اخرج يده لا يكاد يراها ! ، ولا منقذ له عندئذ ولا مرشد ولا معين الا الله رب العالمين ، قال تعالى : ( قل ما يعبأ بكم ربي لولا دعاؤكم ) وقال : (( وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ ۖ-;- أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ ۖ-;- فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ)) ، وقال : ((قل ياعبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا إنه هو الغفور الرحيم)).. صدق الله العظيم . والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته . ************* سليم الرقعي 28 ربيع الثاني 1437 هجري/عربي/قمري 7 فبراير 2016 ميلادي/غربي/شمسي
#سليم_نصر_الرقعي (هاشتاغ)
Salim_Ragi#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
العلمانية ليست هي الحل !؟
-
الفرق بين المفكر السياسي والمتخصص في العلوم السياسية!؟
-
فتش عن الاقتصاد !؟
-
جدلية الحي والميت !؟
-
داعش ضريبة الفشل العربي العظيم!؟
-
تجربة الموت !؟
-
الأنا والأنا الأخرى!؟؟
-
حينما تتنازل عن أحلامك الرومانسية !؟
-
الرأسمالية لم تستنفد أغراضها التاريخية بعد !؟
-
الانسان بين مشكل المعاش ومشكل الوجود!؟
-
مشكلة العقل !؟
-
داعش صناعة خارجية أم نبتة داخلية محلية!؟
-
مشكلة الوعي والارادة !؟
-
الصادق النيهوم وكولن ولسون واللامنتمي!؟
-
تطور البشرية بين منحنى التقدم ومنحنى الرقي!؟
-
يوم فقدت رشدي !؟
-
الأدب والفن ملح الحياة ولكن ...!؟
-
بين مشروعاتهم ومشروعنا مرة أخرى!؟
-
النهضة والاشتراكية بين موسى والعقاد!؟
-
الغرب والاخوان..محاولة للغهم!؟
المزيد.....
-
بعد استخدامه في أوكرانيا لأول مرة.. لماذا أثار صاروخ -أوريشن
...
-
مراسلتنا في لبنان: غارات إسرائيلية تستهدف مناطق عدة في ضاحية
...
-
انتشال جثة شاب سعودي من البحر في إيطاليا
-
أوربان يدعو نتنياهو لزيارة هنغاريا وسط انقسام أوروبي بشأن مذ
...
-
الرئيس المصري يبحث مع رئيس وزراء إسبانيا الوضع في الشرق الأو
...
-
-يينها موقعان عسكريان على قمة جبل الشيخ-.. -حزب الله- ينفذ 2
...
-
الرئيس الصيني يزور المغرب ويلتقي ولي العهد
-
عدوى الإشريكية القولونية تتفاقم.. سحب 75 ألف كغ من اللحم الم
...
-
فولودين: سماح الولايات المتحدة وحلفائها لأوكرانيا باستخدام أ
...
-
لافروف: رسالة استخدام أوريشنيك وصلت
المزيد.....
-
كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج
/ زهير الخويلدي
-
معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية
/ زهير الخويلدي
-
الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا
...
/ قاسم المحبشي
-
الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا
...
/ غازي الصوراني
-
حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس
/ محمد الهلالي
-
حقوق الإنسان من منظور نقدي
/ محمد الهلالي وخديجة رياضي
-
فلسفات تسائل حياتنا
/ محمد الهلالي
-
المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر
/ ياسين الحاج صالح
-
الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع
/ كريمة سلام
-
سيغموند فرويد ، يهودية الأنوار : وفاء - مبهم - و - جوهري -
/ الحسن علاج
المزيد.....
|