أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حمزة اسلام ملحس - ثورة النمل














المزيد.....


ثورة النمل


حمزة اسلام ملحس

الحوار المتمدن-العدد: 5066 - 2016 / 2 / 5 - 00:30
المحور: الادب والفن
    


يستيقظ زكريا في الصباح الباكر على صُفارات الجنود في الخارج يرتدي ملابسهُ سريعاً وفي ذلك الوقت تُحضر امراتهُ الفطور ليخرُج سريعاً بعدها ويلتحق بعمله مع صديقهِ ايمن , عملهُ يقوم على الخروج من المملكة ليحمل على ظهرهِ بقايا فُتات الانسان من الاكل , يعود من العمل مساءً وهو لا يقوى على رفع ظهره , تنتظرهُ زوجتهِ على باب المنزل يستحم ويتناول قليلاً من حصة الطعام الذي توزعها وزارة صحة النمل على افرادها , يجلس مع زوجته صفاء ويشكو لها عن الروتين اليومي والملل الذي يشعر به يتحدث معها بصوت خافت حتى لا تلتقط اجهزةِ التنصت المنتشرة في زوايا المنزل .

يهمسُ لها بالقصص التي حدثت لهُ في يومهِ المُتعب الطويل , ويُحدثها عما جرى لصديقهِ ايمن من تهديد الملكة لهُ لتصرفات ابنه المتمرد على السلطة والتي ما زالت تُلاحقه اجهزة النمل من سنتين , ويُحدثها عن مُخططات بعض زملائه في العمل عن التمرد وعدم الذهاب الى العمل حتى يرفعوا الاجور ويسمحون بوقت راحة اكثر , وعن قرار الملكة بزيادة ساعات العمل .

جرت الايام والاحوال على ما عليها كل من تمرد عاقبتهُ الملكة بالقتل او بالسجن المؤبد وكل من يُحرر عقله يُسجن عن ما يقل عشرين سنة , في المملكة مجرى حياة الفرد مخطط لها قبل الوجود , حياتك ان تعمل ليل نهار ليُرمى في وجهك اخر اليوم حِصتك من الاجر التي لا تُطعم الفرد الواحد , ان لا تتكلم في منزلك عن اي موضوع خارج المعقول لأن في كل زاوية اجهزة تنصت تستمع الى كل حرف تنطقهُ فتتهمك مخابرات النمل بأطالة اللسان , ان لا تستطيع السير مع عدد من الافراد حتى لا تًتهم بالتخطيط لتخريب النظام .

في احد الايام عندما كان زكريا مُنهك بالعمل يحمل على ظهرهِ ما تُنبِتُ به الارض من خير سمع صوت صُراخ قريب منهُ , رفع رأسه فرأى مجموعة من العمال تمردت والقت حِملها على الارض , فهجم حُراس المملكة على العمال و انهالوا بالضرب عليهم بالهراوات والاسلحة البيضاء , انضم لهم زكريا وايمن وانضمت مجموعات اخرى يدافعون عن اصدقائهم و انهالوا بالضرب على الحراس , مرت ساعة وهم يتقاتلون حتى توافدات قوافل من الجنود وابتدأ اطلاق النار على العُمال الذي اصبح معظمهم يرقد على الارض اما مصاب واما ميت , ولحسن الحظ زكريا وايمن لم يتعرضوا سوى لبعض الخدشات في الرأس , عاد زكريا للمنزل وصُعقت صفاء من مشهده وبدأت بالبكاء وهي تضع ضمادات على رأسه وهو يحذرها باخفاض صوتها حتى لا تعتقله سلطات النمل .

انتشرت قوات حفظ نظام النمل في الازقة , لم يخرج احد الى عمله في اليوم الذي يليه حداداً على ارواح الشهداء , وفي عصر ذلك اليوم خرجت الملكة في خطاب تطالب العمال العودة الى اعمالهم , لكن الكبت يولد الانفجار والشعلة الاولى للانفجار قد حدثت , وكأن تم الاتفاق المُسبق خرجت الجماهير الى الساحات تُطالب بحق الذين قُتلوا , خرجوا من اجل العدالة ومن اجل المساواة ومن اجل الاصلاح , رفعوا شعارات تجاوزت الحدود تُطالب بأسقاط الملكة , وكان من بين المتظاهرين زكريا صفاء غنوا معاً " اذا النمل يوماً اراد الحياة ... " , لم يمر سوى ساعات حتى هب الجنود بزخ الرصاص الحي على المتظاهرين واعتقال المئات منهم وكان من بين المعتقلين ايمن وابنه . احتلوا الجنود ساحة الاعتصام , انسحب المتظاهرين بين البيوت لم يرفعوا رايات الاستسلام سيعلنوها ثورة للخبز والكرامة , بدأت عملية الكر والفر بين شباب النمل والجنود .

حل المساء والاوضاع الامنية ليست مستقرة , اذاعة الشاشات خِطاب للملكة تُطالب الجماهير بالعودة الى بيتوهم ووعدت بالاصلاح وتعديل الحكومة وتغيير مجلس نواب النمل , فكان ردت فعل الجماهير قذف الملكة بالاحذية .

في اليوم التالي خرجت الجماهير الغفيرة واقاموا المنصة في اكبر الساحاتِ ورفعوا الشِعارات التي تُطالب بسقوط الملكة , صعد زكريا الى المنصة , بدا بالهتاف , نظر الى الجماهير وعينهِ تترقرق بالدموع , كم كان ينتظرُ ان يأتي هذا اليوم ان يرى النمل تخرج عن صمتها تنفجرُ في وجه الاضطهاد , رفع يديهِ الى السماء وترحم على شُهداء الحرية , خطب في الجماهير خطاب حماسي كان من مضمونه ان لا صمت بعد اليوم وان من حق ابنائُنا ان تنعم بالحرية ومن حقنا ان نرى الدُنيا خارج مضمون العمل ان نتعلم وان نحيا ونموت اينما اردنا , بقى الحال على ما عليه عشرة ايام شهدت انشقاقات واسعة في صفوف جيش النمل ونزول بعض من الوزراء معهم , حتى نفذ صبر المتظاهرين وبدأت اقتحامات السجون فخرج ايمن وابنه وقادوا المتظاهرين الى قصر الملكة تعرض الكثير منهم الى القتل والى اصابات لكنها الحرية , كلمة صعبة مرتبطة بالموت , كلمة لا تأتي بتلك السهولة , اقتحموا القصر بدأوا بالبحث عن الملكة فلم يجدونها , فعلموا بعد ذلك انها هربت هي ومن حولها من اصحاب السلطة الى مملكة مجاورة .



#حمزة_اسلام_ملحس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المنابر الصامتة
- الادب الروسي


المزيد.....




- مالية الإقليم تقول إنها تقترب من حل المشاكل الفنية مع المالي ...
- ما حقيقة الفيديو المتداول لـ-المترجمة الغامضة- الموظفة في مك ...
- مصر.. السلطات تتحرك بعد انتحار موظف في دار الأوبرا
- مصر.. لجنة للتحقيق في ملابسات وفاة موظف بدار الأوبرا بعد أنب ...
- انتحار موظف الأوبرا بمصر.. خبراء يحذرون من -التعذيب المهني- ...
- الحكاية المطرّزة لغزو النورمان لإنجلترا.. مشروع لترميم -نسيج ...
- -شاهد إثبات- لأغاثا كريستي.. 100 عام من الإثارة
- مركز أبوظبي للغة العربية يكرّم الفائزين بالدورة الرابعة لمسا ...
- هل أصلح صناع فيلم -بضع ساعات في يوم ما- أخطاء الرواية؟
- الشيخ أمين إبرو: هرر مركز تاريخي للعلم وتعايش الأديان في إثي ...


المزيد.....

- مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- نظرات نقدية في تجربة السيد حافظ الإبداعية 111 / مصطفى رمضاني
- جحيم المعتقلات في العراق كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- رضاب سام / سجاد حسن عواد
- اللغة الشعرية في رواية كابتشينو ل السيد حافظ - 110 / وردة عطابي - إشراق عماري
- تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين / محمد دوير
- مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب- / جلال نعيم
- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حمزة اسلام ملحس - ثورة النمل