|
يوم الشهيد الشيوعي ------ ذكريات مرّة
عبد الجبار نوري
كاتب
الحوار المتمدن-العدد: 5064 - 2016 / 2 / 3 - 20:17
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
يوم الشهيد الشيوعي / ذكريات مرّة عبد الجبار نوري / السويد تعوّد الشيوعيون وأصدقاؤهم الأحتفاء بسيرة هذا الحزب العراقي الصميم في أتراحه وأفراحه ، والعجيب أن يكون التنافس في نيل السبق الصحفي مبكرا قبل أوانهِ ، فالأحتفاء بيوم الشهيد الشيوعي بدأ قبل شهر من موعده في 14- شباط 1949 ، وهو يوم الفاجعة لدى أدبيات الحزب والجموع الغفيرة الكادحة من الشعب العراقي حين فقد فيه ثلاثة من قياديه الأشداء ، يوسف سلمان " فهد" وزكي بسيم " حازم " وحسين الشبيبي " صارم " أضافة إلى أعدام يهودا صديق الكادر القيادي في الحزب في تنفيذ حكم الأعدام فيهم شنقا بمحاكمة صورية في العهد الملكي . الشهيد هو الأنسان الذي يتحدى خشبة الموت ليسمح لحبلها أن يعانق رقبته المقدسة ويوسمها برموز الشرف والوطنية لغايات ساميه مقدسة لأجل الأرض والعرض والمال والوطن بشرعنة قوانين سماوية ووضعية ، فتتحول تلك الشخصنة المميزة ليجد نفسه بين عظماء العالم المضحين من أجل تلك المباديء السامية إلى عالم الخلود الأبدي . وهذه بعض ذكريات الطفولة المرّة ونحن نسكن محلة باب الشيخ في بغداد ، وشاء القدر أن يرسلني أبي لشراء ( التتن ) من دكان حجي برزو في يوم الفجيعة – 14 شباط عام 1949 ، بعمر عشرة سنوات لم أدرك ما يجري في ذلك اليوم المشؤوم لكني أحسست الوجوم والحزن والأستغراب على أوجه المارة ، وسكوت راديو كهوة (العميان) ، وغياب صاحبها الحاج حمودي ، وبين هوس وشغب الطفولة أندفعتُ بسذاجة طفولية بريئة إلى أن أسأل شخصا خمسينيا جالسا على الرصيف ينفذ بدخان سيكارته بشكل هستيري متسارع وكأنه يريد الأنتفام من شخص ما ( صباح الخير عمو – فأجابني بعصبية يا صباح الخير كول صباح الشر--- ليش عمو ؟ أجاب بابه عدموا " الجعيدة " وسكت وكأنه يطردني بدون نزاكه ، فأسرعت راكضا لبيتنا لأسأل والدي المرحوم عن معنى كلمة " الجعيدة " قال بابه تعني شيخ مال عشيره أو قائد كبير ، وأخبرته بأن يكولون الحكومة أعدمت الجعيدة ، أخذ يتمتم نعم الظلاّمْ !!! وأخفى عني الباقي وفهمتُ بعد سنين كون الطفل لا يخفي الأسرار . فأخذت هذه الكلمات الجعيده وخطيه وظلاّمْ تدور في ذاكرتي الطفولية إلى تقدم الزمن والتعلم الشيء الكثير من أدبيات الحزب ومدرسته العريقة ، أن ذلك الشخص هو الزعيم المؤسس " فهد " الذي قال يوما: {كنت وطنيا قبل أن أكون شيوعياً ---- وعندما أصبحت شيوعيا صرت أشعر بمسؤولية أكثر تجاه وطني} ، وهو ذلك القائد الفذ الذي أعتقل في الناصرية في شباط 1933 يقف بشموخ وثقة نادرة أمام المحقق قائلا: {أنا شيوعي وهذا معتقدي } ، ويشير الراحل كامل الجادرجي في مذكراته { لقد أشرف السفير البريطاني بنفسه على المحاكمة وتنفيذ الحكم } ، وكذلك وجدتُ في مذكرات الزعيم الوطني " جعفر أبو التمن " يدعوا العراقيين أنْ ينخرطوا في حزب " الأستاذ " ويقصد به الزعيم الخالد " فهد " ولأنّ هذا الرجل واصل طيلة حياته على تكريس الهوية الوطنية والولاء المطلق للعراق ، وعمل على معالجة الهوس الطائفي ، والتعصب العرقي وأزدراء ومحاربة النازية ذلك التيار السائد في وقتهِ ، وأن أعدام هؤلاء القادة المصلحين تعتبر خسارة للعراق وليس للحزب الشيوعي العراقي وحده لكونهم قادة سياسيين من طرازرفيع يمتازون بالثقافة والعصرنة ، وكرسوا ثقافة المواطنة ، ولم يأتمروا بالمستعمر الأجنبي لذا تركوا بصماتهم على الأرشيف السياسي للذاكرة العراقية . وأختم المقالة ببعض أبياتٍ شعرية لمغرد دجلة الخير " الجواهري " سلامٌ على جاعلين الحتوف جسراً إلى الموكب العابرِ سلامٌ على مثقلٍ بالحديد ويشمخٌ كالقائد الظافر كأنّ القيود في معصميه مصابيح مستقبلٍ زاهر ---------------------------------------------- والمجد كل المجد لشهداء الحزب وشهداء الحركة الوطنية العراقية في / 3-2-2016
#عبد_الجبار_نوري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الأسلمة السياسية ---- تحت المجهر !!!
-
ماراثون بغداد المحبة والسلام
-
كليوباترا/ قراءة نقدية في تجليات الأدب المقارن
-
حديثة ---- مدينة الصمود والتحدي
-
مصروفات - الضيافة - / ضحك على الذقون !!!
-
ناديه مراد / القديسة
-
نقاط ساخنة
-
ملحمة كلكامش/مقاربات سياحة تأريخية في مفهوم - الخلود-
-
رؤية تحليلية موضوعية بين أسقاطات 2015 وفوبيا المجهول في 2016
-
أنّها - طبخة أمريكية - سعودية - بطعم سعودي مُرْ !!!
-
سياسة - التصفير - الغبية لأردوغان !!!
-
سد الموصل / أفقٌ رهيب !!! في ظل الأهمال الحكومي
-
أحذروا الماكر - أحمد داوود أوغلو- !!!
-
الحراك الجماهيري / آفاقه ---- وأمكانية تحقيق مطاليبه
-
الحرية للناشط المدني - عقيل الربيعي -
-
قالت لي العصفوره
-
يا نساء العالم أتحدن / لكسر قيودكن!!!
-
أمنيات وأحلام مشروعه / وشيءٌ من الهذيان !!!
-
قطر ---- والعهر الأعلامي !!!
-
كفى --- كفى Enough Is Enough !!!
المزيد.....
-
ماذا قال وزير خارجية السعودية عن الدولة الفلسطينية واليمن؟
-
-لبحث حملة بايدن الرئاسية-.. -تحركات لسيناتور ديمقراطي- في م
...
-
قطاع غزة.. أزمة الوقود تضرب كل القطاعات
-
مقتل 7 فلسطينيين خلال اقتحام جنين
-
عمان.. تظاهرات تندد بالحرب على غزة
-
-سرايا القدس- تعرض مشاهد من -إغارة- مقاتليها على قوة إسرائيل
...
-
فصيل سوري معارض يهاجم أردوغان
-
مقتل 5 مدنيين جراء قصف القوات الأوكرانية لجمهورية دونيتسك
-
هل ستتغير السياسة الخارجية المصرية بعد تعيين وزير خارجية جدي
...
-
رئيس الوزراء البريطاني الجديد يؤكد لبايدن دعم بريطانيا -الرا
...
المزيد.....
-
فكرة تدخل الدولة في السوق عند (جون رولز) و(روبرت نوزيك) (درا
...
/ نجم الدين فارس
-
The Unseen Flames: How World War III Has Already Begun
/ سامي القسيمي
-
تأملات في كتاب (راتب شعبو): قصة حزب العمل الشيوعي في سوريا 1
...
/ نصار يحيى
-
الكتاب الأول / مقاربات ورؤى / في عرين البوتقة // في مسار الت
...
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
هواجس ثقافية 188
/ آرام كربيت
-
قبو الثلاثين
/ السماح عبد الله
-
والتر رودني: السلطة للشعب لا للديكتاتور
/ وليد الخشاب
-
ورقات من دفاتر ناظم العربي - الكتاب الأول
/ بشير الحامدي
-
ورقات من دفترناظم العربي - الكتاب الأول
/ بشير الحامدي
-
الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة
...
/ ماري سيغارا
المزيد.....
|