أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية - مصطفى الجويلي - “حول التّحرّكات الاحتجاجيّة الأخيرة: أزمة التّحالف الحاكم وخيار العنف والفوضى”















المزيد.....

“حول التّحرّكات الاحتجاجيّة الأخيرة: أزمة التّحالف الحاكم وخيار العنف والفوضى”


مصطفى الجويلي

الحوار المتمدن-العدد: 5064 - 2016 / 2 / 3 - 09:12
المحور: الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية
    



“سيلتجؤون إلى العنف كلّما زاد اختناقهم….كلما زادت عزلتهم السياسية وكلّما تقلصت شعبيتهم…”

الشهيد شكري بلعيد

تزامنا مع الذكرى الخامسة لثورة 17 ديسمبر – 14 جانفي، عرفت الجهات الداخلية سلسلة من الاحتجاجات الاجتماعية المطالبة بتحقيق أهداف الثورة في التشغيل والتنمية الجهوية. هذه التحركات الاجتماعية تخلّلتها أعمال نهب وفوضى وتخريب سرعان ما وظّفها الخطاب الرسمي والآلة الإعلامية لتجريم النضالات الاجتماعية المشروعة.

ما من شك أنّ كلّ تحرّك جماهيري، ومنذ أولى الثورات في تاريخ الإنسانية، يستغلّه اللصوص ويتخلّله النّهب. إلاّ أنّ ما حدث في التحركات الأخيرة يحيلنا مباشرة إلى ما حدث في جانفي 2011 ويذكّرنا بالميليشيات التي تمّ توظيفها للاعتداء على مقر اتحاد الشغل في 12 ديسمبر 2012 والمعطّلين عن العمل في 07 أفريل 2012 وعلى المتظاهرين يوم 09 أفريل 2012. هي أيضا نفس الميليشيات التي استعملتها حركة النهضة أيام حكم الترويكا لفك الاعتصامات، وحاولت التشويش على جنازة الشهيد شكري بلعيد. كما وقع استعمالها مؤخّرا في الحمامات. فما حدث إذن ليس مجرد أعمال إجرامية معزولة بل يرتقي إلى مستوى الفعل المنظّم. وإطلاق أيدي مليشيات الحرق والنهب ليس إلاّ إحدى أدوات السلطة المأزومة في مواجهة مسار ثوري ما زال متواصلا.

لن نتوقف هنا عند تفاصيل الأزمة الاقتصادية والاجتماعية، فالمؤشرات والأرقام المتعددة تدل على عمقها. فمنذ 2011 تواصل الحكومات المتعاقبة، بما في ذلك الحكومة الحالية، نفس الخيارات السابقة المبنية على تهميش دور الدولة والخضوع لإملاءات الدائنين. ومن البديهي أن تـؤدّي نفس الخيارات إلى نفس المشاكل بل قد تدفع إلى تعميقها. إلاّ أنّ الأزمة الحقيقية، والتي يقع التعتيم عليها، هي أزمة سياسية. فالتحالف الحاكم يبدو عاجزا تماما عن تصوّر مشروع سياسي جديد قادر على الاضطلاع بمجمل المشاكل الاقتصادية والاجتماعية (وهذا راجع إلى طبيعته) بل أكثر من هذا، فهو لم ينجح حتى في أن يكون تعبيرة سياسية جامعة للائتلاف الطبقي الحاكم.

من حيث طبيعته الطبقية لا يختلف التحالف اليميني الحاكم عن التجمع المنحل. إلاّ أنّ بعض المتغيرات وإن بدت ثانوية قد تساعدنا أكثر على الفهم. فإلى حدود 2010 كان التجمع المنحل يحتكر التمثيل السياسي لمختلف شرائح الكمبرادور وقد مكّنه هذا الموقع، إلى جانب هيمنته الكاملة على كل أجهزة الدولة، من خلق حالة من الاستقرار والتوازن النسبي بين المصالح المتضاربة لمختلف شرائح الكمبرادور. وقد شكلت الجباية والمنظومة البنكية و”الامتيازات القطاعية” أهم الآليات المستعملة لتأمين هذا التوازن. حالة التوازن النسبي هذه، إلى جانب القمع والدكتاتورية مكّنت التجمع المنحلّ من ضمان تواصله في السلطة إلى حدود أواخر 2010.

إلاّ أنّ هذا التوازن اهتزّ بداية من 2011 بتعدد التعبيرات السياسية للكمبرادور (ممثلة أساسا في الأحزاب الحاكمة) وهو ما أبرز على السطح المصالح المتضاربة لمختلف شرائحه التي عجزت الأحزاب الحاكمة أن تكون تعبيرة سياسية جامعة لها. وهو ما يفسر حالة عدم الانسجام بين مكونات التحالف الحاكم وداخلها أيضا. ولعلّ ما حدث داخل نداء تونس من انشقاقات خير دليل على ذلك. أمّا المعطى الثاني فيتمثل في تحول لوبيات الفساد من موقع التابع إلى موقع المتحكّم في الحكومة والأحزاب المكونة لها. وتحوّلت الحكومة إلى حكومة للوبيات التهريب والاقتصاد الموازي وأصبحت بذلك عاجزة عن تصوّر حلول لمشاكل البطالة والتهميش حتى من داخل المنظومة الليبرالية نفسها.

هذا التحالف المأزوم والعاجز عن تقديم مشروع سياسي بديل يجد نفسه في مواجهة مسار ثوري ما يزال، رغم بعض الانكسارات، متواصلا. فموازين القوى لم تُحسم نهائيا لصالح الطبقات الرجعية. في غياب إمكانية اللجوء، على الأقل في الوقت الراهن، إلى القمع المادي المباشر يصبح العنف والفوضى والتخريب الممنهج خيارا تنتهجه السلطة في مواجهة التحركات الاجتماعية.

الهدف الأول هو تجريم النضالات الاجتماعية بتعلّة النّهب والتّخريب. إذ انحصر الحديث في المنابر الإعلامية عن الأعمال التخريبية والسرقة والعصابات الملثّمة، وأطلق المحلّلون العنان لمخيّلاتهم بحثا عن أطراف وجهات داخلية وخارجية تقف وراء هذه العمليات. الهدف واضح: تهميش التحركات وخلق عدوّ وهمي تصبح مسألة التصدي له ملحّة جدّا وتؤجّل بذلك كلّ المطالب والحقوق الاجتماعية. هذا الخطاب رافقه سحب للأمن وإخلاء للمدن حتى تتحوّل المطالب من تشغيل وتنمية إلى توفير للأمن.

أمّا الهدف الثاني فهو عزل القوى الثورية، ولهذا تحديدا تمّ استهداف الجبهة الشعبية وشيطنتها. فالجبهة، رغم أدائها المتواضع أصبحت رقما سياسيا صعبا. وتواصل الاحتجاجات وتركيز الصراع في المجال الاقتصادي والاجتماعي، كمجال لفرز طبقي حقيقي، يؤهلها أن تكود قيادة سياسية لهذا الحراك. إلاّ أنّ الأخطر هو ذلك الاتهام المتزامن للجبهة الشعبية وحزب التحرير في نفس الوقت. هذا يذكّرنا بمقاربة سطحية كثيرا ما تردّدت ومفادها أنّ “التونسي بطبيعته وسطي ومعتدل ويرفض التطرف بكل أشكاله”. ومن هنا نصّبت الأحزاب الحاكمة نفسها في الوسط. ولكي يكتمل المشهد اختارت متطرّفين على يمينها وآخرون على يسارها يسهل ضربهم وفاء “لمزاج عام معتدل”. طبعا المستهدف الرئيسي هو الجبهة الشعبية التي أرادت لها الأحزاب الحاكمة أن تكون “يسارا متطرفا” يجب ضربه حتى وإن اقتضى الأمر التضحية ببعض أصدقاء اليمين.

أخيرا، تفنن المحلّلون في ربط عمليات التخريب بالإرهاب. وهو ما أفضى إلى استنتاج غريب يصبح فيه الإرهاب عدوّا مشتركا لقوى الثورة والثورة المضادة في آن واحد. وبذلك تصبح كلّ التحركات الاجتماعية، حتى وإن اعترفنا بشرعيتها، تواطؤا مع الإرهاب. وما على قوى الثورة إلاّ أن تتحد مع أعدائها في حرب مقدّسة ضدّ الإرهاب قد تطول بما يسمح للتحالف الحاكم بترتيب بيته الداخلي وتجاوز أزمته.

أمام تواصل الأزمة والعجز الواضح للتحالف الحاكم عن تقديم حلول حقيقية قد تتواصل الاحتجاجات الاجتماعية وتتوسع دائرتها. إلاّ أنّ بقاءها دون قيادة سياسية يشكّل خطرا كبيرا على المسار الثوري حيث يسهل جرّ الجماهير المحتجّة إلى مستنقع العنف الذي قد يكون مدخلا لعودة الدكتاتورية. والقيادة هنا لا تحيل إلى زعامات، أي أفراد، بل إلى أداة تنظيمية صلبة لا تكتفي بنقد أداء الجماهير وتبيان أخطائها بل تؤطّرها وتسلّحها بالبدائل وأشكال النضال الملائمة وتقودها في الاتجاه الصحيح.





مصطفى الجويلي: عضو المكتب السياسي لحزب الوطنيين الديمقراطيين الموحد



#مصطفى_الجويلي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- من الحوار الوطني الى قانون المصالحة: الرأسمال الطفيلي الفاسد ...


المزيد.....




- بيان للمكتب السياسي لحزب التقدم والاشتراكية
- «الديمقراطية» ترحب بقرار الجنائية الدولية، وتدعو المجتمع الد ...
- الوزير يفتتح «المونوريل» بدماء «عمال المطرية»
- متضامنون مع هدى عبد المنعم.. لا للتدوير
- نيابة المنصورة تحبس «طفل» و5 من أهالي المطرية
- اليوم الـ 50 من إضراب ليلى سويف.. و«القومي للمرأة» مغلق بأوا ...
- الحبس للوزير مش لأهالي الضحايا
- اشتباكات في جزيرة الوراق.. «لا للتهجير»
- مؤتمر«أسر الصحفيين المحبوسين» الحبس الاحتياطي عقوبة.. أشرف ع ...
- رسالة ليلى سويف إلى «أسر الصحفيين المحبوسين» في يومها الـ 51 ...


المزيد.....

- سلام عادل- سيرة مناضل - الجزء الاول / ثمينة ناجي يوسف & نزار خالد
- سلام عادل -سیرة مناضل- / ثمینة یوسف
- سلام عادل- سيرة مناضل / ثمينة ناجي يوسف
- قناديل مندائية / فائز الحيدر
- قناديل شيوعية عراقية / الجزءالثاني / خالد حسين سلطان
- الحرب الأهلية الإسبانية والمصير الغامض للمتطوعين الفلسطينيين ... / نعيم ناصر
- حياة شرارة الثائرة الصامتة / خالد حسين سلطان
- ملف صور الشهداء الجزء الاول 250 صورة لشهداء الحركة اليساري ... / خالد حسين سلطان
- قناديل شيوعية عراقية / الجزء الاول / خالد حسين سلطان
- نظرات حول مفهوم مابعد الامبريالية - هارى ماكدوف / سعيد العليمى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية - مصطفى الجويلي - “حول التّحرّكات الاحتجاجيّة الأخيرة: أزمة التّحالف الحاكم وخيار العنف والفوضى”