احمد محمد الدراجي
الحوار المتمدن-العدد: 5062 - 2016 / 2 / 1 - 11:13
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
الفتوى والخطاب الديني أداة للمفتى والخطيب للبوح عن الافكار ونشر الثقافة والمعارف والأحكام وإيصالها إلى المجتمع، فهي سلاح ذو حدين إما أن يكون أداة إصلاحية تربوية تنشر فكرا وهاجا وثقافة بناءة، وثورة وبركان ضد قوى الشر والفساد والجهل، أو تتحول إلى أفعى قاتلة تنفث سموم العنف والتطرف والكراهية، وسكينا يُقطِّع أوصال المجتمع ويُمزقها.
لم تكن الفتوى والخطاب بمنأى عن قبضة دعاة التطرف الانتهازيين المتطفلين على الدين، الذين اتخذوا منه وسيلة للوصول إلى السلطة والجاه والمال فدخلت في دائرة التوظيف والتسييس التي ينطلقون منها في تحركاتهم وتوجهاتهم، فجردوها عن وظيفتها الإصلاحية التربوية المحركة نحو الحرية والسلم والسلام، وصيَّروها مَصلا يُغذي المجتمع بالأفكار التي تُنمي وتُعمِّق وتُكرِّس الفرقة وتنشر التطرف والعنف والطائفية والتكفير، وأداة لاستقطاب المجتمع طائفيا ومذهبيا تحت شعارات رنانة تثير المشاعر وتُحرك العواطف،
ولقد جدد المرجع العربي الصرخي تحذيره من خطورة تلك الفتاوى والخطابات والتغرير بالناس وزجهم في مطاحن الاقتتال الطائفي تحت تلك الشعارات، وذلك في سياق اللقاء الذي أجرته معه جريدة العربي الجديد حيث قال ما نصه:
((وماذا يفعل الإنسان المغرر به المسلوب الإرادة، غير الانتماء لقوى التكفير والجريمة عندما تكون بشعارات براقة مثيرة للمشاعر، من حماية مذهب أو طائفة أو دين أو خلافة أو مراقد أولياء ومقدسات أو حُرُمات أئمة وصحابة وأمهات مؤمنين؟ وماذا يفعل الإنسان البسيط عندما يكون التغرير على أشدّه فيعتقد ويتيقّن أن عملَه مَرْضِيٌّ عند الله تعالى والمجتمع، من حيث أنه يعمل على تطبيق فتوى من المرجع الديني)).
كما يفعله أصحاب المنهج التكفيري المنتحل للتشيع وذاك المنتحل للتسنن فواحد يغرر بأبناء المذهب الذي ينتحله باسم المذهب ومقدسات المذهب ومراقد المذهب، وفي المقابل نجد الآخر يغرر بأبناء المكون الآخر باسم المذهب والصحابة وأمهات المؤمنين، وكل منهما يُبشر ويوعِد مَن غَرَّر به بالجنان والرضوان، وهكذا يقع الإنسان البسيط الذي يتمنى الجنة والرضوان فريسة التغرير الذي نصبه له الطرفان، والنتيجة هي القتال والتقاتل والزج في محرقة الطائفية لتستعر بنارها أشلاء الناس ،
وما يحصل في العراق من جرائم وقبائح وانتهاكات هو من ثمار فتاوى التطرف الطائفي والداعشي، ففتوى الجهاد الكفائي التي أطلقها السيستاني تحت شعار المذهب والدفاع عن المقدسات والجهاد والرضوان والفوز بالجنان فغررت بأبناء المذهب الشيعي ليكونوا حطب نار صراعات وأجندات ومصالح إيران ومرجعياتها الكهنوتية والتي عمَّقت وكرَّست الطائفية ففتحت الأبواب على مصاريعها لداعش وفقهاء داعش لاستقطاب الناس من شتى البلدان، وأيضا تحت شعار المذهب والصحابة والخلافة والدفاع عن السنة في حين أن أهل السنة هم من وقع تحت سيف وإجرام وبطش داعش، إضافة إلى سيف وبطش وإجرام الحشد الشعبي الذي تأسس على خلفية فتوى الجهاد الكفائي!!!.
فلولا وجود فتاوى وخطابات التغرير والشحن والحقن والقتل والاقتتال الطائفي لما حصل التغرير بالناس وزجهم في محرقة الاقتتال، ومن هنا فان الواجب الشرعي والأخلاقي والإنساني يحكم بأن صاحب الفتوى والخطاب الطائفي هو أول من يُدان ويحاسب قبل غيره....
#احمد_محمد_الدراجي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟