عجوز و وحش و نار

سامي رضوان

الحوار المتمدن-العدد: 5061 - 2016 / 1 / 31 - 12:12
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    

رجل عجوز عاش في الظلام لمدة 60 عام . كان يكد و يعمل بشكل يومي ليشتري الطعام لأهل بيته و بمجرد الجلوس و التأهب للأكل يجد أن الطعام ينفذ خلال ثوان قبل أن يحس أيا من الأب أو الأبناء بالشبع .. سأل الرجل إمام المسجد المجاور فأخبره أن هذا من فعل الشيطان و أنه حتما هو أو أحد أبناؤه يغضب الله لهذا لا يبارك له في رزقه . ظل الرجل يتقرب إلى الله لسنوات و يعاقب اولاده حتى وصل به الحال إلى قتل أحدهم ظنا منه أن الله غير راض عنه و أنه سبب اللعنة التي حلت بالبيت . و الحال لم يتحسن بل إزداد سوءا بعد موت الإبن الأكبر جوعا .. سأل الرجل طبيب فأخبره أن كثرة عدد أولاده هو سبب المأساة و أنه لا يستطيع أن يوفر الطعام لكل هذا القطيع من الأبناء "فلا بد أن يموت البعض كي تنجو البقية" .. إتفق الأب و بعض الأبناء على قتل الإبن الثاني . إنه مريض و غير قادر على العمل و الكسب و إن لم يقتله الجوع قتله المرض . تم للأب ما أراد و لم يتبدل الوضع في شئ . ثم جاء دور الإبن الثالي و مات الثالث بشكل مفاجئ و بقي الحال كما هو عليه مجاعة ثم قتل أو موت مفاجئ ثم مجاعة . إلا أن شعر أصغر الأبناء في أحد الأيام بوجود شئ غريب في البيت . جسم ضخم يصدر زمجرة مخيفة لكنها كانت رتيبة معتادة كان التعايش معها ممكنا قبل أن يعهد الإبن الأصغر لأشعال النار فتتضح صورة الوحش و أنيابه الملطخة بالدم و تتميز زمجرته .. فرح الأب و الأبناء في البداية و قرروا التعاون مع الإبن الأصغر لقتل الوحش و بسبب قوة الوحش إستطاع أن يقتل منهم واحدا و أن يبتلع آخر فصار الأب يلعن الإبن الأصغر فلولا أنه أشعل النار و أهاج الوحش لما وصل الحال لنفس الدرجة من السوء و لما إستطاع الوحش قتل أخويه . إستمر الأبن يقاتل الوحش فعنفه الأب و إتهمه بالإرهاب و عاقبه الأب ببناء جدار في ركن من البيت و سجنه وراءه بينما الوحش يتحرك بحرية مطلقة في أرجاء البيت . و كلما خرج أحد الأبناء عن طاعة الأب سجنه في أحد الأركان و بنى من أمامه جدار حتى إختلفت ملامح المنزل و تحول إلى كتلة حوائط متراصة . جنبا إلى جنب . بعضا وراء بعض . تحتجز الحياة من الخلف و من الأمام تتطلع إلى مساحة ضيقة يسكنها رجل عجوز . و وحش . و شعلة نار ..

#سامي_رضوان (هاشتاغ)      

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات