|
لماذا أنت مُتشائم
ليث ناطق
الحوار المتمدن-العدد: 5060 - 2016 / 1 / 30 - 20:20
المحور:
الادب والفن
لمــاذا انــت مُـــتـشــائـم؟
لم اكن اقصد تعكير سوداوية مزاجك ، لكن حقيقةً لا بدّ من اجابة ، اجابة وافية تكفي جميع السائلين ، تملأ الفراغ الذي يخلقه هذا السؤال . فراغ !؟ و هل تحتاج الاجابة استحضارًا لموهبة او تفنّنا و جهدا من نوع خاص ؟ لا اعتقد لماذا الجميع بهذا القدر من الاستسلام؟
مـحـاولات فـي الاجـابـة 1-هنا ، و اقصد بهنا الخراب الذي يجمعنا ، قد تتغلّب على اشباح رأسك التي تستعرض لك انواعا مختلفة من المصائر البشعة دفعة واحدة ، تنتصر و تحتضن انتصارك هذا و تطرّز وجهك بابتسامة و تتجه الى حيث ما اردت صباحاً و تمكنت من اجتياز الاكتظاظات المرورية و اصوات و روائح السيارات و صافرات الانذار و السيارات المظللة التي تأتيك من حيث لا تدري و ليس عليك الّا فسح المجال لها حتى و ان لم تكن انت تتمتع بمجال ، قل انك تمكنت من اجتياز المشاهد التي يرسمها باعة التقاطعات الذين طحنهم الدهر و عجن وجوههم ، تمكنت ايضا من غض بصرك عن حادث مروري و حاجز غير صالح على جانب الطريق ، فوصلت و بنفس الابتسامة ( إن لم يؤثر عليها كل ذلك ) تواجه صديقك عند الباب فترشّه بما لديك من تفاؤل و تبسّم ليقاطعكم احد الاطفال باكفّهم التي عجزت من السماء فتوجهت اليك ، فتجد ما قد يعزز ابتسامتك بتكفّل صديقك و انحنائه الى الطفل ، و سؤاله له : تعال ولدي ، انت سني لو شيعي ؟ ! فإذا بالطفل يجيب بارتباك بأنّه من مذهب غير مذهب صديقك ، فلم يلقَ سوى الطرد و السُباب. ها ؟ حدثني الان عن تفاؤلك. 2-متجها الى حيث اردت ايضاً ، تتأمّل كل ما يستطيع بصرك مسحه تضيع معه مرةً و تحلّق تارة ، تصادف شجرة نبتت عبثا بجانب صاحب (چنبر) و تذهب بخيالك قليلا لتشاهدها شجرةً كبيرة يحتمي بظلها صاحب الچنبر البائعُ هذا. او حبيبين على الجانب الاخر من الطريق الذي يسجنك بزحامه ، تنظر لخطواتهم المتناسقة و تتخيل الموسيقى التي تتولد داخلهم ، تنبئك البهجة بزيارة فتنفرج ملامحك الى الابتسام ، تأخذك لحظة من الاسترخاء و تشهق هواءً منعشا هذه المرة ، و قبل ان تزفره و بلحظة واحدة تشعر بانك و سيارتَك تلقيتما لكمة دفعتكم لرطم السجين الذي يجاوركم بسيارته ، و النار ، النار تتسلق الى السماء و تغطي الاتربةُ كل شيء ، لا اعتقد انك ستتمكن من سماع شيء بعد هذه اللحظة ، انها اخذتهما ، اخذتهم ، الحبيبين و الشجرة و الچنبر و صاحبه ... 3-قد لا تبذل مجهودا بترتيب ذاتك من اجل التفاؤل ، مواقف او حالات و اشخاص، قد يتكفلون هم بذلك ، عندما تركب سيارة النقل الجماعي (كيا-باص) و تجاور ثلاث نساء منطلقين من نقطة قرب احد الجامعات و من صوتهنّ تعرف انهنّ يعملن استاذات فتشعر بانشراح لبساطتهن و من يدري ، قد يأخذنّك بحديث معرفي ممتع و مفيد ، نعم ، انهنّ يتحدّثن عن كتاب ، كتب . يتحدثن بشغف و اهتمام يولد لديك فضولا بمعرفة الكتاب ، فتسمع الاولى تقول : عندي واحد و انا اقرأه و اعتمد عليه . فتردّ الثانية : نعم حدثتيني عنه ، الذي لدي اكثر اهمية و اكبر قيمة و انت بحاجة له في حالتك هذه . فتدخل الثالثة برغبتها باستعارة احد الكتابين ، لأنها و منذ ليلة مضت رأت حلما يحتاج لتدخل هكذا كتاب . حلم ! و كتاب لتفسيره ؟! يا للفاجعة ، صانعات الاجيال ، يحتجن مراجعة صناعية 4-لِلا سببٍ لن ازيد ارقام المحاولات عن هذا ، اجزم انها كافية ، و لسنا بحاجة لاستعراض زقزقة حبيبين و احلام و مساعٍ و عمل بُني بالاشتراك بينهما ، ينتهي بسبب معارضة اهل احدهما على الارتباط بالاخر لمجرد انه كما الاخر من مذهب او دين لم يختره . لسنا بحاجة لقول اننا نجمع على ان نافذة الرياضة و كرة القدم تحديدا نافذةٌ يتنفس من خلالها المجتمع ، نظنّ انها لم توصد للان ، لم يبنِ عليها الفاسدون و الناقمون و القافزون خلفهم ، لم يبنوا عليها و يغلقوها ، و لا ندري انّ الفريق الفلاني يحكمه الحزب الفلاني ، و ان اللاعب (س) يتقوّى بحزب مسلّح يفرضه للعب بفريق ما او حتى بالمنتخب . و و و اشياء اخرى قد تستنفذ طاقة اكمال هذا النص حتى
حـقـيــقـة
هكذا تحاصر المشاهد اليومية ذهن الفرد هنا ، تدفعه للتشاؤم و من ثم التشاؤم فيجد نفسه في تشاؤم ممتد يجعله عاجزا من استنهاض بقاياه المتفائلة ، ما يقلل من صلاحية الفرد لاستكمال بنائية السلم البشري ، لا بل قد يكوّن هذا الفرد فراغاً في السلم ، يُعاني المتفائلُ بعبوره ، و كم فراغ في سلم لم يخترقه الّا الخارقون ؟. خارقون ؟! مفردة ضخمة اخرى ، لا ، هي ليست ضخمة ، من يتمكن من عبور هذا الحطام و النفاذ الى حلم كبير هو خارق من يستطيع العبور و عدم الاشتراك بحفلة التحطيم الكبيرة هذه فهو خارق من يستطيع العبور ، حتى و ان وصل متعبا ، الاهم ان لا يكون سببا باتعاب الاخر و هنا لا بدّ من مصارحة انفسنا بالسؤال : كم خارقا (هنا) ؟ المساحة كل المساحة مفتوحة لاجابة قد يكتفي حاملها بالاحتفاظ بها ، ربما لندرتها .
#ليث_ناطق (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الماضي ملجأ دائم
المزيد.....
-
القبض على مغني الراب التونسي سمارا بتهمة ترويج المخدرات
-
فيديو تحرش -بترجمة فورية-.. سائحة صينية توثق تعرضها للتحرش ف
...
-
خلفيات سياسية وراء اعتراضات السيخ على فيلم -الطوارئ-
-
*محمد الشرقي يشهد حفل توزيع جوائز النسخة السادسة من مسابقة ا
...
-
-كأنك يا أبو زيد ما غزيت-.. فنانون سجلوا حضورهم في دمشق وغاد
...
-
أطفالهم لا يتحدثون العربية.. سوريون عائدون من تركيا يواجهون
...
-
بين القنابل والكتب.. آثار الحرب على الطلاب اللبنانيين
-
بعد جماهير بايرن ميونخ.. هجوم جديد على الخليفي بـ-اللغة العر
...
-
دراسة: الأطفال يتعلمون اللغة في وقت أبكر مما كنا نعتقد
-
-الخرطوم-..فيلم وثائقي يرصد معاناة الحرب في السودان
المزيد.....
-
مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل
/ كاظم حسن سعيد
-
نظرات نقدية في تجربة السيد حافظ الإبداعية 111
/ مصطفى رمضاني
-
جحيم المعتقلات في العراق كتاب كامل
/ كاظم حسن سعيد
-
رضاب سام
/ سجاد حسن عواد
-
اللغة الشعرية في رواية كابتشينو ل السيد حافظ - 110
/ وردة عطابي - إشراق عماري
-
تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين
/ محمد دوير
-
مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب-
/ جلال نعيم
-
التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ
/ عبد الكريم برشيد
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
المزيد.....
|