حيدر نضير ابراهيم
الحوار المتمدن-العدد: 5059 - 2016 / 1 / 29 - 21:51
المحور:
الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية
عدد الحروب التي مرت بنا اكثر من الحياة التي نُعِمنا بها ، هكذا هو الامر في المنطق واللامنطق ، في الواقع او الخيال .
صار من البديهي ان يتعلمَ العراقي كيف ينصهرُ في الحربِ فيغورُ اعماقهَا جالبا في عودته بريق نصر وحفنة دماء ، معلقا رففة الامان فوق المكان ، وصار مُسَلَمَا ايضا ان تفقه العراقية كيف تزف شهيدها العائد بكفنه المقدس وهي لم تتجاوز سن العشرين ، وهلاهل الشهادة الممزوجة بالوجع .
لقد استطبع احدنا الاخر ، هي لا ترى رجالا غيرنا يقدمها ونحن لن نعي معان النصر الا بها .. في اللا شعور انغمسنا في الحرب واصبحت سياقا عراقيا ، حالها كحال صحيفة صباحية تقرأها من جهاز هاتفك المحمول .
بينما يرى العالم ان الحرب شيئا كالحا مالحا لا يحتمل ، يرى ابنائنا الحرب صفة نصر سائدة ، يراها فصلا من فصول النشئ العتيد يمتد من عجينة الوجود الاولى وحتى الان .. لقد تاقلمت معنا كما تاقلمنا نهايتها ملحمة اخرى غير كلكامش .
قطار حياتنا مر على محطات عمرنا ، ولم يتوقف طويلا الا في سكة الحرب لينطلق بعدها منحرفا في مسار بعيد ، هناك ومع صفارة الموت المتنقل ، كنا نحرر مدينة ثم نلتحق لاخرى محتلة ، فتبقى تركة المحتل المحرر ، متقدة بداخلنا لا ترقد على رف النسيان والتناسي ، تضغط على قلبنا وعقلنا واعصابنا ، ولهذا اغلب الذي عادوا من الحروب تراهم يحملون تبعات الماضي تراهم منفعلون من لاشيء ومن لا سبب .
لقد طبعت المعارك وشم بارودها الادهم على جبين الابطال .. صاروا يتحادثون بلغة الرصاص ويشربون الشاي مع البنادق .. يستذوقون صوت المدفع عبر مروج مفترضة من الدخان .. يعرفون ان الحرب كالغربة عيشها استطبعوا .. يعودون منها بنمط عيش اخرا عما منه خرجوا ، هناك عند ساعة الجمر ، يرجع المحارب عاقد القران من المر ، فيقدم النصر للوطن مهر .. والشهادة مؤخر صداق كريم ، فالله عليم ، ان لكل امل كتاب ، ولكل عراق .. شمس .. وارطاب .
#حيدر_نضير_ابراهيم (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟