حيدر نضير ابراهيم
الحوار المتمدن-العدد: 5059 - 2016 / 1 / 29 - 21:51
المحور:
الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية
الرصاصة التي جاورت قلبي ولم يستطع الطب استخلاصها ، سعدت هي الاخرى عندما امر الطبيب ان تبقى بالقرب منه . امست وفية عنبرية كصديقتي البندقية ، امست انيستي في سفرها داخل اساور روحي . رصاصة الغدر اسلمت للعراق عندما حلت جارة للنبض لانها بعد عشرة طويلة من مراحل تليفها وحتى استردادها العافية معي كانت تستمع قصص كل واحد من اصدقائي هناك ، تستلذ بهوس الجند بالارض والكرامة . وكنت استمع كذلك الى وجع حكاياها عندما كانت هناك مع العدم والضياع والشيطان .
لكن قلبانا اهوسا ببعضهما ، ودعيا الله ان يستجيب رجائهما في ان يبقيان ينصتان خاشعان لتلاوة مواقف الرجال هناك في الحرب . كنت ميتا سريريا ، لن تاملَ التقاويمُ خيرا على عافيتي عندما مرت على غيبوبتي سبعةُُ اشهر . لكنها استطاعت ان تفهمَ اشارات نطق قلبي كلها ، كانت مثل امي عند طفولتي تستجيب مميزة عبر حبها العفوي صرخات الجوع عن العطش وحاجتي لان اكون امنا بين ذراعيها .
كانت على يقين ببقائها لا اعرف من اين ذلك يقينها ، كانت تحبب لي نفسها لا انسى عندما اتلوع وجعا كانت تسكن الالم فتقرأ فيني وبيني رسائلَ عن زوجتي او اهلي لتولد عندي الاستمرار بوعيي حتى لا اغيب . قبل وداعي بليلتين اسمعتني ماجاء من كلم امي التي لاتعرف عن حالي شيئا حتى اللحظة " لا ترجع حيا يا ولدي فتضع شيبتي امام اعتابِ بابِ الله "سجادتي" في احراجٍ عميقٍ طويل ، لا تعودُ الا حرا ابيا ، او ملفوفا بـ (علم) هلل قبلي لشرف الوطن المستور .. بثمن دمكَ المنثور، وطش الحلوى بدمعِ الفرحِ والعزة ، وهتف هيهاتََ هيهاتَ من العراقِ الذلة " ..
تداعت صحتي وطالبتها ان تخط شيئا للبيت الذي عجن دقيق تكويني ، فملت عني " ان رايتَ الرصاصَ قتلني من الظهر ، لا تَدفني ابدا يا ابتي ، فذلك يعني .. انهزامي خوفا ، ذلك يعني .. ان الموتَ كان كرا وكنتُ منه فرا ، لاتشفقُ على من خان الزمان ، وارتضى بربعِ الايمان ان يخوضَ معاركَ الاوطان .
انتهت حياتي هناك مع عشيقتي ، ما احلى هذه الصورة " شهيدة في كيان شهيد " ، ايها الغيث المتقاطر بالنجوم ان الحب حي يرزق هنا في العراق ، وما اجملك يا وطني عندما تلمم عاشقيك في علم واحد .
#حيدر_نضير_ابراهيم (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟