حفيظ بورحيم
الحوار المتمدن-العدد: 5057 - 2016 / 1 / 27 - 14:36
المحور:
الادب والفن
اِسمَح لِي يا أبَا العَلاءِ لأَني تَجَرأتُ وطَرقتُ بَابك وأَيقظتك مِن نومِك، فقدْ وَجدتُ أنَّنَا معا أخوين فِي الرِّضَاعة؛ تَجرعْنَا معًا شَرَاب العَلْقم من كَأسِ أُم ذَفْرٍ، فأَدْخِلني إلى بيتكَ حتى أَحْكي لكَ عن المآسي، فلستَ وحدك من يقاسي، وَيحبلُ بالألم والحزن، وينتقد ظلم الحياة والزمن.
أدخلني مع مريديك لننشد مَعا لُزومِيات كَثِيرة نجمعُ فيها كُلَّ مَا قيلَ وما سَيقَالُ.
أدخلني حتى أمزق صدري وأُريك خيوطَ العنكبوت التي تلف القلب، وكل الديدان التي تمتص شباب عمري.
أدخلني، فإن كُنت قد فقدتَ سيدة وجودك فإني قد فقدتُ سيدة قلبي وصرتُ في متاهات الحياة أبحثُ عن جدار آخر حتى أكتب سطراً عن الأيام الماضية.
أدخلني يا سيدي الفيلسوف، فأنا قد نسيتُ علماً اسمه المنطق واختلطتْ علي المُقَدِّماتُ بالنتائجُ، فصَار فِي مِرآة تَصَوري شرخٌ عظيمُ الطولِ تماماً مثل جُرحِي الذي أحمله في أعماقي.
أَدخلني يا سيدي النحوي إلى بيتك فقدْ تفككتِ التراكيبُ وتساقطتِ المفرداتُ في وادي النسيانِ، فضاع الكلامُ وشُلّ اللسانُ.
أَدخلني يا سيدي الصرفي فقد صرتُ أَرطنُ وأنطِقُ بكَلام الأشباحِ فلا أجدُ لهُ وزناً ولا أصلاً.
أَدخلني يا سيدي الشاعر فإني قد كَبَوتُ في بحرٍ بلا قًرارٍ، وختمتُ تاريخَ جنون المُحبينَ من العَربِ، غير أنهم شعراء يطلقونَ شياطينهم لصيدِ المفردات، أمَّا أنا فحسبي صوتُ قَلبي الخافت الذي لا يسمعُه غَيري.
أَرجوكَ لا تَشتمْني مثلَ أم ذفرٍ، ولا تَقلْ لي إنَّ النوحَ والبكاءَ غير مُجْدِيَينِ في مِلتك واِعتقادكِ، فقد ينفعُ البكاءُ حينَما تصيرُ المَعَاني مُجردَ أطيافٍ تُحَلقُ في السمَاءِ فلاَ تقبضُ على الألفاظ ؛ ذلك لأنها تكره اللباس مثلك يا شيخي العزيز .
#حفيظ_بورحيم (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟